لا حول ولا قوة إلا بالله
ناصر محمد الأحمد
لاحول ولا قوة إلا بالله
9/5/1439ه
د. ناصر بن محمد الأحمد
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: إن من أيسر الأعمال التي يستطيع المسلم أن يُشغل بها وقته، ويُحيي بها قلبه، ويؤنسُ بها وحشتَه ويرُضي بها ربه، ويَتقرب بها إليه سبحانه: ذكر الله جل وعلا. فذكر الله من أعظم الأعمال، وأجل الطاعات، وأحبِّها إلى ذي الجلال والإكرام، قال الله تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) [العنكبوت: 45].
ذكر الله لا يسئمه الجليس ولا يملّه الأنيس. فيا فوزَ عبدٍ عرفَ ذكر ربه، قد اطمأن قلبه: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28]. ويا خسارة من أغفل قلبه عن ذكر مولاه، قد انفرط أمره: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) الكهف: 28.
هناك يا عبدالله ذكرٌ قليل المبنى، عظيم المعنى، فيها من التوحيد والإجلال والتوقير للرب المتعال، وفيها من التوكل والاستعانة بالله والتفويض إليه ما يُريح البال ويُغَيّر الأحوال. هل تدري ما هذا الذكر؟ إنها الحوقلة، كلمة (لا حول ولا قوة إلاّ بالله).
هذه الكلمة، لها دلالات عظيمةٌ، ومعانٍ جليلةٌ، تشهد بجلالها وتدل على كمالها وعِظم شأنها كثرة فوائدها وفضائلها.
وإنَّ أحسن ما يُستعان به على الوقوف على فوائدها وفضائلها، وفَهْم ومعرفة معانيها ومقاصدها قولُ من لا ينطق عن الهوى، النبيُّ المصطفى صلى الله عليه وسلم. فلِعِظَمِ فضلها عند الله، وكثرة ثوابها عنده، وما يترتب عليها من خيراتٍ متنوعةٍ وفضائلَ متعددةٍ في الدنيا والآخرة، فقد وردت نصوص كثيرة تنوعت في الدلالة على تشريف هذه الكلمة ورِفعة مكانتها، مما يدل على أنها كلمة عظيمة ينبغي على كل مسلم أن يُعنى بها ويَهتم بها غاية الاهتمام، وأن يُكثر من قولها حيثما كان، فهي مفتاح كل خير، ولكن أغلب الناس عنها غافلون، بل هناك من يستخدمها في المكان الخطأ، وليس في المكان الصحيح.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: كنز من كنوز الجنة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّة". رواه الإمام أحمد.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: كنز تحتَ العرشِ: عن أَبي ذر رضي الله عنه قال:"أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِسَبْعٍ .. وذكر منها: أن أُكثِرَ من قولِ لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ فإنَّهنَّ من كنزٍ تحتَ العرشِ". أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: غرسٌ مِنْ غِرَاسِ الجَنَّةِ: عن أَبي أَيوب الأنصارِي رضي الله عنه أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: "مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ، قَالَ: وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ". رواه ابن حبان في صحيحه.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: باب مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أَدُلُّك على بابٍ من أبواب الجنَّةِ؟ قلتُ: بلى، قال: لا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ". رواه الترمذي.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: سبيل لحفظ النعم: قال المؤمن لصاحبه: (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّه) [الكهف: 39]، قال مالك: ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا. عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله". رواه الطبراني.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: تقي صاحبها من شياطين الجن والإنس عند الخروج من البيت: عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، يُقالُ له حسبُك، هُدِيتَ وكُفِيتَ ووُقِيتَ ويتنحَّى عنه الشَّيطانُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ، كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ". رواه الترمذي وأبو داود.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: سبب في تكفير الخطايا: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما علَى الأرضِ أحدٌ يقولُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبرُ ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللَّهِ إلَّا كُفِّرَت عنهُ خطاياهُ ولو كانت مثلَ زبدِ البحر". رواه الترمذي.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: من قالها بعد الحيعلتين دخل الجنة: ففي صحيح مسلم عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم:"إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: جعلها النبي صلى الله عليه وسلم مع ما معها من الأذكار الأخرى بدلًا عن القرآن في حق من لا يحسنه: روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن أبي أوفى قال: أَتَى رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَعَلِّمْنِي شَيْئًا يُجْزِئُنِي مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: قُلْ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ"، قَالَ: فَذَهَبَ أَوْ قَامَ أَوْ نَحْوَ ذَا، قَال: هَذَا لِلَّهِ، فَمَا لِي؟ قَالَ: قُلْ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي".
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: سبب لإجابة الدعاء، وقبول العبادة: روى البخاري في صحيحه من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيك لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُم اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ"
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: أنها كلمة استسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعتراف بالإذعان له، وأنه لا صانع غيرُه، ولا رادَّ لأمرِه، وأن العبد لا يملك شيئًا من الأمر.
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: كلمة شاملة وعامة، وهي استسلام وتفويض وتبرؤ من الحول والقوة إلا بالله، وأن العبد لا يملك من أمره شيئًا وليس له حِيلة في دفع شر، ولا قُوة في جلب خير إلا بإرادة الله تعالى، فلا تحوُّل للعبد من معصية إلى طاعة، ولا تحول من مرض إلى صحة، ولا تحول من وهن إلى قوة، ولا قوة له على القيام بشأن من شؤونه إلا بالله العظيم، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا رادَّ لقضائه، ولا معقب لحكمه.
من داوم عليها وجد قوة في بدنه، قال ابن القيم رحمه الله: "وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يذكر أثرًا في هذا الباب، وهو أن الملائكة لما أُمروا بحمل العرش، قالوا: يا ربنا كيف نحمل عرشك وعليه عظمتك وجلالك؟ فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلما قالوها حملوه.
قال ابن القيم رحمه الله: "وهذه الكلمة لها تأثير عجيب في معاناة الأشغال الصعبة، وتحمل المشاق، والدخول على الملوك، ومن يُخاف، وركوب الأهوال".
ولها أيضاً تأثير عجيب في دفع الفقر، ولها تأثير عجيب في دفع الشياطين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "هذه الكلمة بها تُحمل الأثقال، وتكابد الأهوال، وينال رفيع الدرجات". يقول ابن القيم: "ولقد لمست أثرها شخصياً في كثير من المواقف في عملي وحياتي الخاصة".
وكان حبيب بن مسلمة يستحب إذا لقي عدوًا، أو ناهض حصنًا يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإنه ناهض يومًا حصنًا فانهزم الروم، فقالها المسلمون وكبروا، فانصدع الحصن.
وقد جربها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حصول الفرج وكشف الكرب ودفع البلاء فحصل لهم ذلك على وجه المطلوب وفوق المطلوب.
فعجباً لمن يُحرم باب الجنة وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وعجباً لمن لا تُكفّر خطاياه وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وعجباً لمن لا يغرس لنفسه في الجنة وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وعجباً لمن يقنط وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وعجباً لمن يقلق وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وعجباً لمن استثقل شيئاً أو استبطأه وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وعجباً لمن لا يقارع خصوم الشريعة وأعداء الملة وعنده لا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك هو التفريط بقضه وقضيضه.
أيها المسلمون: هناك أقوام يخطئون مع هذه الكلمة العظيمة خطأين بيّنين:
أولهما: أنهم يجعلون هذه الكلمة تقال في المصائب والمحن التي ينبغي أن يقال فيها "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وهذا خلاف ما دلت عليه النصوص من موضع إيرادها، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وذلك أي أن كلمة لا حول ولا قوة إلا بالله هي كلمة استعانة لا كلمة استرجاع، وكثير من الناس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع، ويقولها جزعاً لا صبراً".
وأما الخطأ الآخر: فهو إهمال بعضهم وتساهلهم في نطقها إما جهلاً أو كسلاً فيقولون "لا حول الله" وفي هذا إخلالٌ كما لا يخفى حيث لا تحمل إلا معنى النفي وحسب، وهذا خطأٌ ظاهر فالكلمة نفي وإثبات.
ثبتنا الله وإياكم على طاعته وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عليه توكلنا وإليه المصير.
بارك الله ..
الخطبة الثانية :
الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: لابد أن نكبر مولانا ونمجده، ونثني عليه ونحمده، ونحن بين هذا الذكر وذاك، نتقلب في رياض نضرة، ونقف على مواعظ مؤثرة، نأخذ من الزمان أجمل أوقاته، ونستعمل اللسان في أفضل حركاته وهمساته، ونسرح بالقلب في أرقى ميادين مناجاته، وتلكم والله الكياسة والفهم والرشد، والعزم والغُنم، وغير ذلك ضياع وانفراط وغرم. نتزين ب"سبحان الله"، ونتزي ب"الحمد لله"، ونتعلق بـ "لا إله إلا الله"، ونستعين ب"لا حول ولا قوة إلا بالله".
لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه: اعتراف العبد بعجزه عن القيام بأي أمر إلا بتوفيق الله له وتيسيره، وأما حوله ونشاطه وقوته فمهما بلغت من العِظم فإنها لا تغني عن العبد شيئاً إلا بعون الله الذي علا وارتفع على سائر المخلوقات، العظيم الذي لا يعظم معه شيء، فكل قوي ضعيف في جنب قوة الله، وكل عظيم صغير ضعيف في جنب عظمته سبحانه. فهذه الكلمة العظيمة لا تنقضي فضائلها، فعلى المسلم أن يلازمها حيثما كان، فهي لا تحتاج منا كثير جهد. وتقال هذه الكلمة إذا دهم الإنسان أمر عظيم لا يستطيعه، أو يصعب عليه القيام به.
فمن المواضع التي تقال فيها هذه الكلمة: إذا تقلب العبد في الليل: فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُه" رواه البخاري.
وتقال هذه الكلمة أيضاً بعد الصلاة: فعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: "لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَلا نَعْبُدُ إِلا إِيَّاهُ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" وَقَالَ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاة" رواه مسلم.
إنها كلمة، لكنها من تحت العرش، إنها غرس وباب، لكن من غراس الجنة وأبوابها، إنها كنز لكنها من كنوز الجنة، إنها: لا حول ولا قوة إلا بالله.
أيها المسلمون: إن الإنسان إذا وُكل إلى نفسه، وكل إلى ضياع وانهزام وانفراط وبوار. وإن العبد إذا انقطع عنه مدد ربه ضل وذل، وكلّ وملّ وقلّ. لذلك فإن لزوم هذا الذكر: "لا حول ولا قوة إلا بالله" فيه استغاثة بالله، واستعانة به جل في علاه، وفيه إظهار للتذلل والعجز والفاقة.
اللهم ..