لا حج إلا بتصريح طاعة لولي الأمر

محمد البدر
1433/11/19 - 2012/10/05 20:38PM
[align=justify]الخطبة الأولى :[/color]
أما بعد:عباد الله قال تعالى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة 196]إن الحجاج يؤدّون عبادة من أَجَلِّ العبادات،لا يريدون بها فخرًا ولا رياءً ولا سمعه، إنما يريدون بذلك وجه الله والدار الآخرة، عباد الله اعلموا أن الحج على ثلاثة أنساك ( التمتع القرانالإفراد )وسنذكر اليوم بمراحل حج التمتع .
عباد الله فإذا وصلتم الميقات فاغتسلوا كما تغتسلون للجنابة وطيِّبوا أبدانكم والبسوا ثياب الإحرام غير مطيَّبة إزارًا ورداءً أبيضين للذكور، وأما النساء فلْيلبسْنَ ما شئنَ من الثياب غير متبرجات بزينة أحْرموا من أي ميقات تَمُرّون به سواء كان ميقات بلدكم أم غيره، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ. قَالَ « فَهُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ »متفقٌ عليه.
ومَن كان في الطائرة فلْيتأهب للإحرام قبل محاذاة الميقات ثم يُحرِم إذا حاذاه بدون تأخير، وهنا ننبِّه أن الطائرة لا تعطي فرصة:فلو أنكم تأهبتم تأهبًا كاملاً ثم أحرمتم قبل محاذاة الميقات احتياطًا فإنه لا حرج،لأنه إذا كان يريد النسك ولم يُحْرم إلا من بعد الميقات فإن عليه عند أهل العلم فدية يذبحها في مكة ويوزّعها على فقراء الحرم.أحْرموا بالنسك من غير تردّد ولا شرط ولا تقولوا:إن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني؛إلا من عذر مثل إذا كان الإنسان خائفًا من أمر يمنعه من إتمام النسك إما امرأة تخاف أن تحيض أو إنسان مريض يخاف أن يشتدّ به المرض فلا يستطيع أن يكمّل النسك فحينئذٍ يُشرع له أن يقول:إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فمتى حصل الحابس فإنه يتحلل من إحرامه ولا شيء عليه .أحْرموا بالعمرة قائلين: لبّيك اللهم عمرة، لبّيك اللهم لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، ارفعوا أصواتكم بالتلبية ، أما النساء فلا يرفعنَ أصواتهنّ فإذا وصلتم المسجد الحرام فطوفوا طواف العمرة سبعة أشواط ابتداءً من الحجر الأسود وانتهاءً به ، ولا تدخلوا من بين الحِجْر والكعبة فمَنْ فعل ذلك - أي: دخل من بين الكعبة والحِجْر - فإن هذا الشوط الذي حصل فيه ذلك لا يصح .ولا تشقّوا على أنفسكم بمحاولة الوصول إلى الحجر الأسود لاستلامه أو تقبيله، وأشِيروا إليه عند المشقة فإن ذلك هو السنّة، فإذا أتممتم الطواف فصلّوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسَّر وإلا ففي أي مكان من المسجد ثم اسعوا بين الصفا والمروة سعي العمرة سبعة أشواط، ابدؤوا بالصفا وانتهوا بالمروة؛ فإن الله عزَّ و جل - بدأ بالصفا﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ .فإذا أتممتم السعي سبعة أشواط من الصفا إلى المروة شوط ومن المروة إلى الصفا شوط آخر فقصّروا رؤوسكم ،و المرأة تقصّر بقدر أنملة ، وبذلك تمَّت العمرة فتحلّون الحِلَّ كله، فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحْرموا بالحج من مكانكم الذي أنتم فيه، واصنعوا عند الإحرام بالحج كما صنعتم عند الإحرام بالعمرة قولاً وفعلاً إلا أنكم تقولون: لبّيك حجًّا بدل لبّيك عمرة، ثم صلّوا بمنى ظهر اليوم الثامن والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرًا بلا جمع، تُصَلُّون الرباعية ركعتين، كلُّ صلاة في وقتها اتّباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .فإذا طلعت الشمس فسيروا إلى عرفة وصلّوا بها الظهر والعصر قصرًا وجمعًا بالتقديم ثم اشتغلوا بذكر الله ودعائه والتضرّع إليه مستقبلي القبلة، وكلُّ عرفة موقف إلا بطن عُرَنَة، وانتبهوا – ياعباد الله - لحدود عرفة؛ فإن مَن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له .فإذا غربت الشمس من اليوم التاسع فسيروا إلى المزدلفة مُلَبِّين ، وصلّوا بها المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين متى وصلتم إليها إلا أن ينتصف الليل قبل وصولكم إليها فصلّوا ولا تؤخّروا الصلاة إلى منتصف الليل؛ ثم إذا صليتم الفجر في مزدلفة فقِفوا عند المشعر الحرام أو في أي مكان منها واذكروا الله عزَّ وجل وادعوه حتى تُسفروا جدًّا؛لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند المشعر الحرام وقال:«وَقَفْتُ هَا هُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ »رواه مسلم.ثم سيروا إلى منى مُلبِّين وابدؤوا بجمرة العقبة وهي:الأخيرة التي تلي مكة فارموها بسبع حَصَيات متعاقبات،كبِّروا مع كل حصاة، كلُّ حصاة منها أكبر من الحمَّص قليلاً، وتلتقط الحصى من أي مكان، وأما استحباب بعض السلف أن تُلقط الجمار من مزدلفة فإنه استحباب صادر عن رأي وليس فيه سنّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل السنّة عن رسول الله أن تلتقطوا الحصى من حيث ما شئتم ، واعلموا – يا عباد الله - أن الحكمة من هذه الجمار تمام التعبّد لله وإقامة ذكْره واتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم، فارموها معظِّمين لله بقلوبكم وألسنتكم، فإذا رميتم جمرة العقبة فاذبحوا الهدي واحلقوا رؤوسكم، والمرأة تقصّره قدر مفصل الاصبع، فإذا رميتم وحلقتم أو قصّرتم حلَّ لكم كل شيءٍ من محظورات الإحرام سوى النساء، فالبسوا الثياب وتطيّبوا ثم انزلوا إلى مكة وطوفوا بالبيت واسعوا بين الصفا والمروة وذلك للحج، وبهذه الأفعال الأربعة وهي: الرمي، والحلق أو التقصير، والطواف، والسعي تحلّون من محظورات الإحرام كلّها حتى النساء .
عباد الله واعلموا أن الحاج يفعل يوم العيد خمسة أشياء وهي: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي مرتَّبةً هكذا،ولكنْ لو قدّم الإنسان بعضها على بعض فإنه لا حرج عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُسأل يوم العيد عن التقديم والتأخير فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَالَ «افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ »متفقٌ عليه .وهذا من نعمة الله وتيسيره على عباده ورحمته بهم. ثم بيتوا بمنى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر وارموا الجمرات الثلاث في اليومين بعد الزوال،ابدؤوا برمي الجمرة الصغرى - بسبع حصيات تكبِّرون مع كل حصاة ثم تقدّموا عن الزحام واستقبلوا القبلة وارفعوا أيديكم وادعوا الله دعاءً طويلاً ثم ارموا الوسطى كذلك وقِفوا بعدها للدعاء كما فعلتم بعد الأولى ثم ارموا الجمرة الكبرى جمرة العقبة ولا تقِفوا بعدها للدعاء اتّباعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولا ترموا في هذين اليومين قبل الزوال، فمَن رمى قبل الزوال فلْيعده،ولكم تأخير الرمي إلى الليل في حال الزحام والمشقة في النهار. وارموا – ياعباد الله - بأنفسكم؛لأن الرمي من الحج، وقد قال الله عزَّ وجل ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ ولا توكِّلوا أحدًا في الرمي عنكم؛ فالرم متأكّد أن يفعله الإنسان بنفسه، ولكن لو كان الإنسان لا يستطيع الوصول إلى الجمرات لمرض، أو كِبَرٍ،أو نحو ذلك من الأعذار فله أن يوكِّل؛لفعل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين؛وعلى هذا فيجوز للوكيل أن يرمي عن نفسه أولاً ثم عن موكِّله ثانيًا ولو في موقف واحد، ومَنْ سقطت منه حصاة وهو يرمي فله أن يأخذ بدلها من مكانه ولا حرج عليه في ذلك . فإذا رميتم الجمار الثلاث يوم الثاني عشر فإن شئتم فانزلوا إلى مكة وإن شئتم فتأخروا لليوم الثالث عشر لترموا الجمرات الثلاث كما رميتموها في اليومين السابقين وهذا أفضل لقوله تعالى ﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى﴾ولأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه أكثر عملاً؛ حيث يحصل له المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر .فإذا أتممتم أفعال الحج كلها وأردتم السفر إلى بلادكم فلا تخرجوا من مكة حتى تطوفوا للوداع إلا من كانت حائضًا أو نفساء فإنه لا وداع عليها لقول ابن عباس رضي الله عنهما «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ - يعني:الطواف - ، إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ »رواه البخاري.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية:
عباد الله قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}.
نوجه تنبيه هام للجميع وهو أنه يجب علينا جميعاً التقيد بالأوامر والتعليمات المنظمة للحج ومن تلك الأوامر التي صدرت وقررتها هيئة كبار العلماء وعلى رأسهم مفتي عام المملكة العربية السعودية بأنه لا يجوز لأحد أن يحج دون الحصول على تصريح لأن ذلك مخالف لأوامر ولاة الأمر حفظهم الله وذلك مبني على ما يرفع لهم من تقارير عن زحام الحجيج وضيق المشاعر المقدسة وتعطل حركة السير بسبب الافتراش ،والملاحظ وأظن الجميع قد رأى أو لاحظ أن الشوارع الفسيحة تضيق رويدا رويدا نظرا لكثافة أعداد المفترشين وازدياد المخلفات والمياه المتسربة من المفترشين الشارع وتنبعث روائح كريهة بسبب اختلاط المياه بالمخلفات مما قد يسبب انتشار لبعض الأمراض وتعطل حركة سيارات الإسعاف وغيره كذلك تعطيل الخدمات الخاصة بالمخيمات ،وأن الحصول على تصريح منظم للحج فيه حل جزئي للإشكاليات وإن الناظر في حال كثير من الحجاج الذي يأتون للحج من غير تصريح وما يبدر منهم من تحايل وكذب قد تصل الأمور إلى حد الرشوة فبعضهم يدفعون لبعض السائقين أجرة كبيرة لقاء إدخالهم إلى مكة بمساعدة بعض ضعاف النفوس والذين همهم الوحيد جمع المال بأي طريقة كانت مما يجعل العاقل يحرم مثل تلك الأمور فضلاً عن العالم وقد صدرت الفتاوى من المفتي العام وهيئة كبار العلماء بضرورة الحصول على التصريح وأن ذلك من طاعة ولي الأمر .
ألا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 2145 | التعليقات 1

جزاكم الله خيرا وأثابكم على هذه الخطبة
لكن هناك من ليس له حيلة او سبيل غير الحج بدون تصريح ؟!
ونسأل الله ان ييسر لكل معسر الحج