لا تَكُنْ قَاعِدًا أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ 7/7/1445هـ

خالد محمد القرعاوي
1445/07/05 - 2024/01/17 21:59PM
لا تَكُنْ قَاعِدًا أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ 7/7/1445هـ
الحَمْدُ للهِ، تَفَرَّدَ عزًّا وكمَالًا، نَسْأَلُهُ صَلاحَ الشَّأْنِ حَالًا وَمَآلًا. وَأَشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، أَمَرَنَا بِعِبَادَتِهِ غُدُوًّا وَآصَالًا، وَحَذَّرَنَا التَّفْرِيطَ لَهْوًا وَإِغْفَالا، وَأَشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ بُعِثَ لِلنَّاسِ بِالهُدَى وَالنُّورِ، الَّلهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَليهِ، وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ أَخْلَصَ للهِ بِعَمَلٍ يَرْجُو بِهَا تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ.أَمَّا بَعْدُ: فَيا مُسْلِمُونَ أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالى وَطَاعَتِهِ، فاعْمُرُوا أَوقَاتَكُمْ بِالطَّاعَةِ, وَعَليكُمْ بالسُّنَّةِ والجَمَاعَةِ, فَإنَّ يَدَ اللهِ وَتَوفِيقَهُ مَعَ الجَمَاعَةِ, وَمَنْ شَذَّ عَنها شَذَّ فِي النَّارِ. فالزَمُوا تَقَوى اللهِ تَعَالى فَإنَّهَا عِزٌّ وَغِنًى، وَأُنْسٌ وَرِضَى.
عِبَادَ اللهِ: فِي مِثْلِ هَذَا الشَّهْرِ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ يَتَجَدَّدُ حَدَثٌ نَغْفُلُ عَنْهُ كَخُطَبَاءَ وَقَلَّ مَا نَطْرَحُهُ فِي إعْلامِنَا وَمَنَابِرِنَا! مَعَ أَنَّهُ حَدَثٌ يَمَسُّ مِئَاتِ، بَلْ الآلافِ مِنْ إِخْوَانِنَا وَأَخَوَاتِنَا، إحْصَائِيَّاتُ هَذَا العَامِ لَهُمْ بَلَغَتْ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مِليونٍ على مُسْتَوَى المَمَلَكَةِ! أَتَدْرُونَ مَنْ هَؤُلاءِ إنَّهُمْ مَنْ أَفْنَوا زَهْرَةَ شَبَابِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ، طَلَبًا لِعَيْشٍ كَرِيمٍ، وَتَعَفُّفًا وَكَفًّا عَنْ الخَلْقِ، وَسَعْيًا لِخِدْمَةِ بَلَدِهِمْ وَجَمِيعَ الْمُرَاجِعِينَ, هَا هُمْ بَعْدَ عَشَرَاتِ السِّنِينَ يَحُطُّونَ رِكَابَهُمْ، وَيُسَلِّمُونَ الزِّمَامَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ. نَعَمْ فِئَةٌ غَالِيَةٌ عَلينَا إِنَّهُمُ الْمُتَقَاعِدُونَ! وَحِينَ يَأتِي الحَدِيثُ عَنْ الْمُتَقَاعِدِينَ نَتَذَكَّرُ, سُنَّةَ اللهِ فِي خَلْقِهِ, أَنَّهَا أَجْيَالٌ يَعْقُبُهَا أَجْيَالٌ، لِتَتِمَّ سُنَّةُ الاسْتِخْلافِ فِي الأَرْضِ. فَاللهُ تَعَالَى هُو القَائِلُ: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}.
فَحَيَاةُ الإنْسَانِ مَرَاحِلُ، وَعُمُرُهُ مَنَازِلُ، يَعِيشُ وَيَعْمَلُ, وَلِكُلِّ مَرْحَلَةٍ أَعْمَالٌ تَلِيقُ بِهَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُنا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ" رَواهُ البُخَارِيُّ.
أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ الكَرِيمُ: مَبْرُوكٌ عَليكَ رَاحَةُ بَدَنِكَ, وَطُمَأنِينَةُ نَفْسِكَ, فَإيَّاكَ أنْ تَخْشَى فَقْرًا أَو نَقْصًا فَرِزْقُكَ مَكْتُوبٌ وَمَوفُورٌ وَمَضْمُونٌ. فَاللهُ تَعَالَى هُو القَائِلُ: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}. وَنَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ هُو القَائِلُ: «إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، أَلا فَاتَّقُوا اللَّهَ، وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ» صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ.
فَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا. فَاحْمَدِ اللهَ أوَّلا وَأخيرًا على سلامَةِ دِينِكَ وَعَقْلِكَ وَبَدَنِكَ, فَبَعْدَ الكَدِّ وَهُمُومِ العَمَلِ وَصَلْتَ إلى الطُّمَأْنِينَةِ وَالْهَنَاءِ.
أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ الكَرِيمُ: لَئِنْ حُكِمَ عَليكَ بِالتَّقَاعُدِ وَشَعُرْتَ بِضَعْفِ بَدَنِكَ, فَلْتَعْلَمْ أنَّهُ قَدْ قَوِيَ عَقْلُكَ وَازْدَادَ فَهْمُكَ! وَلَئِنْ لاحَ الشَّيْبُ فِي رَأْسِكَ فَلَقَدْ ظَهُرَتْ الحِكْمَةُ فِي رَأْيِكَ!
أَيُّهَا الأَخُ الْمُتَقَاعِدُ: لا تَظُنَّنَّ أَنَّ تَقَاعُدَكَ دَعْوَةٌ لِلقُعُودِ وَالرُّكُودِ، كَلاَّ، بَلْ إلى مَيدَانٍ فَسِيحٍ فِي كُلِّ مَجَالٍ. فَاعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. وَتَفَكَّرْ فِي حَالِ مَنْ كَبُرَتْ أَعْمَارُهُمْ, وَكَبُرَتْ مَعَهُمْ هِمَمُهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ وَإنْجَازَاتُهُمْ, فَسَتَكُونُ أَكْبَرَ دَافِعٍ لَكَ على البَذْلِ والإنْجَازِ! حَقًّا:
وَإذَا كَانَتِ النُفوسُ كِبارًا * تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجْسَامُ
فَالإنْسَانُ مُكَلَّفٌ مَا دَامَ مُتَمَتِّعًا بِقُوَّتِهِ وَعَقْلِهِ، جَمَعَ اللهُ ذَلِكَ بِقَولهِ تَعَالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ الْمُبَارَكُ: قَدْ كُنْتَ تَنْتَظِرُ تِلْكَ الفُرْصَةِ بِفَارِغِ الصَّبْرِ، وَهَذِهِ هِيَ مَرَاحِلُ الحَيَاةِ فِي تَنَقُّلاتِهَا وَتَقَلُّبَاتِهَا: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ . لِذا يَنْبَغِي لَكَ أنْ لا تَكُونَ أَسِيرَ مَوَاقِفَ سَيِّئَةٍ مَضَتْ عَليكَ أَثْنَاءَ عَمَلِكَ, تَسْتَجِرُّهَا فِي كُلِّ مَوقِفٍ وَمَوطِنٍ. فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا وَاطْووا فَالسَّلامَةُ والرَّاحَةُ النَّفْسِيَّةُ لا يُعَادِلُهَا شَيْءٌ.
أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ الكَرِيمُ: يَقُولُ نَبِيُّنَا الكَرِيمُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ». حَسَّنَهُ الألبَانِيٌّ. فَتَوَاصَلْ مَعَ زُمَلائِكَ وَلا تَهْجُرْهُمْ وَلا تَنْفُرْ مِنْهُمْ فَمَا أَجْمَلَ أَنْ تُتَابِعَ الحَسَنَاتِ بالحَسَنَاتِ, وَكَمَا قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ». رَواهُ البُخَارِيُّ.
أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ الكَرِيمُ: كَمْ مْنَ الْمَشَارِيعِ الدِّينِيَّةِ أو الدُّنْيَوِيَّةِ التي كُنْتَ تَتَمَنَّى تَحْقِيقَهَا فَها هِيَ فُرْصَتُكَ.
فاحْرِصْ علَى ما يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ باللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ.
وَاعْلَمْ أخي الْكَرِيمَ أَنَّ مَفْهُومَ العِبَادَةِ وَاسِعٌ، لا يَنْحَصِرُ بِكَثْرَةِ صَلاةٍ ولا قِرَاءَةِ قُرْآنٍ فَهُنَاكَ أَعْمَالُ بِرٍّ أُخْرَى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ .فَالعَمَلُ الصَّالحُ وَاسِعُ الْمَعَانِي, رَحْبُ الْمَيَادِين, فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكِمُ» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «خِيارُكُمْ أَطْوَلُكُم أَعْمَارًا وَأَحْسَنُكُمْ أَعْمَالًا». صَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ.
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُمَتِّعَ إخْوَانَنَا الْمُتَقَاعِدِينَ على طَاعَتِهِ وَأَنْ يُحْسِنَ أَعْمَالَنَا وَأَعْمَالَهُمْ وَأَنْ يَخْتِمَ لَنَا وَلَهُمْ بِخَيرٍ. أَقَولُ مَا سَمَعْتُمْ وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ فاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إليهِ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، يَسَّرَ عَسِيرًا، وَجَبَرَ كَسِيرًا، وَكَانَ اللهُ عَلِيمَاً قَدِيرًا، أَشْهَدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا وَتَدْبِيرًا، وَأَشهدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، بَعَثَهُ اللهُ بِالحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَصَلَوَاتُ رَبِّي عَليهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا.أَمَّا بَعْدُ. فَاتَّقُوا عِبَادَ اللهِ وَتَفَكَّروا فِي تَقَلُّبِ الَّليَالِي والأَيَّامِ, وَتَغَيُّرِ الأَشْخَاصِ وَالأَحْوالِ, فَهَذِهِ الأَّيَّامُ دُوَلٌ, وَخَزَائِنُ وَمُسْتَودَعَاتٌ!
وَالحَيَاةُ يَا مُسْلِمُونَ: عَمَلٌ وَجِدٌّ وكِفَاحٌ، وَبَذْلٌ وَعَطَاءٌ فَنَجَاحٌ. لَمْ يُحَدَّ بِزَمَنٍ وَلا بِعُمُرٍ مُعَيَّنٍ, وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ دُعَاءِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنَهُ كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». رَواهُ مُسْلِمٌ إنَّهَا أَدْعِيَةٌ نَبَوِيَّةٌ تُسُوقُنَا نَحْوَ الأَفْضَلِ وَالأَنْفَعِ, لِتُؤكِّدَ أَنَّ الْمُسْلِمَ ذُو هِمَّةٍ عَالِيَةٍ. وَعَمَلٍ صَالِحٍ وَدَؤوبٍ. وَمَا أَحْكَمَ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ قَالَ: "إِنِّي لأَمْقُتُ الرَّجُلَ أَنْ أَرَاهُ فَارِغًا لَيسَ فِي شَيءٍ مِنْ عَمَلِ الدُّنْيَا وَلا عَمَلِ الآخِرَةِ". أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ الكَرِيمُ: لا تَنْظُرْ إلى الخَلْفِ، بَلْ عَليكَ أَنْ تَسْعَى فِي بِنَاءِ حَيَاةٍ جَدِيدَةٍ سَعِيدَةٍ، وَاحْذَرْ أَنْ تَنْسَاقَ خَلْفَ الْمُثَبِّطِينَ وَالْمُخَذِّلِينَ, أَوْ أَنْ تَنْشَغِلَ بِوَسَائِلَ تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ, وَتَهْدِمُ وَلا تَبْنِي, أوَ مَجَالِسٌ يَكْثُرُ فِيهَا القِيلُ وَالقَالُ, خَالِيةٌ مِنْ ذِكْرِ اللهِ, وَأَحْسَنِ الفِعَالِ. وَخُذْ بِوَصِيَّةِ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ قَالَ: «إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ». فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَدَقَ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
أَيُّهَا الْمُتَقَاعِدُ: لا تَسْتَسْلِمْ لِلكَسَلِ وَكَثْرَةِ النَّومِ والْبَطَالَةِ. بَلْ اعْمَلْ وَتَحَرَّكْ وَمَارِسْ رِيَاضَةً وَجَدِّدْ نَشَاطَكَ.
أَيُّهَا الكِرَامُ: مِنْ حَقِّ إخْوَانِنَا الْمُتَقَاعِدينَ عَلينَا, أَنْ لا نَغْمِطَهُمْ حَقَّهُمْ وَجُهْدَهُمْ, وَأَنْ نَحْفَظَ لَهُمْ مَا قَدَّمُوا، وَأَنْ نَعْتَرِفَ بِفَضْلِهِمْ وَحَقِّهِمْ كَمَا عَلينَا أَنْ نُدْرِكَ: أَنْ إتْقَانَ العَمَلِ, والسَّيرَةَ الطِّيِّبَةَ, هِيَ التي تَبْقَى وَيَدُومُ أثَرُهَا, وَيُذْكَرُ صَاحِبُهَا بِخَيرٍ. وَلنَحْذَرْ أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ عَنَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ:" مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ". وَلَمَّا سُئِلَ فَمَا الْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: "الْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلَادُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ". أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ. فَالَّلهُمَّ اهْدِنَا لِصالِحِ الأَقْوَالِ والأعْمَالِ والأخْلاقِ لا يَهْدِي لأحْسَنِهَا إلَّا أنْتَ, واصرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنَا سَيِّهَا إلَّا أَنْتَ. الَّلهُمَ حَبِّبْ إلينَا الإيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا وَكَرِّهْ إلينَا الكُفْرَ والفُسُوقَ والعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا منْ الرَّاشِدِينَ . الَّلهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي أَعْمَارِنَا وَأَعْمَالِنَا وَأمْوَالِنَا وَاجْعَلنَا أغْنى خَلْقِكَ بِكَ وَأَفْقَرَ عِبَادِكَ إليكَ ياربَّ العَالَمينَ. اللهمَّ لا تَجعل الدُّنيا أَكبرَ هَمِّنا ولا مَبلَغَ عِلمِنَا، ولا تَجعَلْ مُصِيبَتَنا في دِينِنا، اللهمَّ وأَصلِح لَنا دِينَنا الذي هو عِصمَةُ أَمرِنا, وَدُنيانا التي فيها مَعَاشُنا، وَآخِرَتَنا التي إِليها مَعَادُنا، واجعَل الحَيَاةَ زِيادَةً لنا في كُلِّ خَيرِ، والْمَوتَ رَاحَة لَنا مِن كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وجَمِيعِ سَخَطِكَ اللَّهمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، اللَّهُمَّ أدم علينا نعمةَ الأمنِ والإيمانِ والرَّخاءِ والاستقرارِ, وأصلحْ لنا وُلاتَنَا وهيئ لِهُم بِطَانةً صَالحةً نَاصِحَةً واجعلهم رَحمةً على رعاياهم. اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ. ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرة حَسَنَةً وقِنَا عذابَ النَّارِ. وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ .
 
المشاهدات 1044 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا