لا تغرنكم الحياة الدنيا
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
الْحَمْدُ لِلَّهِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ وَلَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلُهُ وَمُصْطَفَاهُ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاغْتَنِمُوا فُرْصَةَ الْحَيَاةِ فِيمَا يُقَرِّبُكُمْ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ وَتَأَمَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْت فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )) وَقَولُهُ سُبْحَانَهُ (( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ )) إنَّهُ مَآلٌ جَدِيرٌ بالتَّأمُّل (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ) نجَّاهُمُ اللهُ مِنَ النَّار وكَتَبَ لهمُ الفَوْزَ والنَّجَاة والسَّعَادَةَ الأبَدِيَّة وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ يُعَذَّبُون (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخفَى مِنكُمْ خَافِيَة ))
فَرِيقٌ مَنَّ اللهُ عَليهِمْ بالهِدَايَة وشَرَحَ صُدُورَهُمْ للإسلام ووَفَّقَهُمْ لِطَاعَةِ الرَّحمن وفَرِيقٌ في البَاطِلِ يَتَقَلَّب وعَنْ عِبَادَةِ ربِّهِ مُعرِض (( فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ))
ومَنْ نَسِيَ لِقَاءَ الله ورَضِيَ بالحَيَاةِ الدُّنيا واطْمَأنَّ بها ورَكَنَ إليها وانْشَغَلَ بِمَلَذَّاتِها عَنِ الحَيَاةِ البَاقِيَة والمَصِيرِ الحَقِيقي فهُوَ في غَفْلَة ومَآلُهُ إلى خَسَارَة (( إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) رَضُوا بالدُّنيَا بَدَلاً عَنِ الآخِرَة وجَعَلُوهَا غَايَةَ سَعْيِهِم ونِهَايَةَ قَصْدِهِم فأَكَبُّوا علَى لَذَّاتِها وشَهَوَاتِها وبَأيِّ طَرِيقٍ حَصَّلُوهَا ومِنْ أيِّ وَجْهٍ ابْتَدَرُوهَا فكأنَّهُمْ خُلِقُوا لِلْبَقَاءِ فيهَا ونَسُوا أنَّ مَآلَهُمُ الرَّحِيل
والنَّجَاةُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ هِيَ في صَلَاحِ العَمَل والقَلْبِ السَّلِيم وحُسْنِ العِبَادَة والخُلُقِ الكَرِيم وحُسْنِ السِّيرَة وصَفَاءِ السَّرِيرَة ونَفْعِ الخَلْق والصَّبْرِ علَى كُلِّ ذلك (( وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ))
نفعني اللهُ وإيَّاكم بهَدي كتابِه وبسنة نبيِّه أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائرِ المُسلمين من كلِّ ذنبٍ فاستغفِروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الحَمْدُ لِلهِ حَمْداً كَثِيراً كَمَا أَمَرْ وَأَشْكُرُهُ وَقَدْ تَأَذَنَ بِالزِيَادَةِ لِمَنْ شَكَرْ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِرْغَاماً لِمَنْ جَحَدَ بِهِ وَكَفَرْ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اَللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ السَّادِةِ الغُرَر أَمَّا بَعْدُ فاتَّقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )
عِبادَ الله حَاسِبُوا أَنْفُسَكُم واعْرِفُوا حَقِيقَةَ دُنْيَاكُم وتَأمَّلُوا في مَآلِكُم فَالأَعْمَارَ قَصِيرَة (( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ )) وأيَّامُكُمْ خَزَائِن مَا مَضَى مِنهَا فإنَّهُ لا يَعُود (( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ))
اللهم أحسن خاتمتنا واجعل خير أيامنا وأعمالنا خواتيمها وأحسن وقوفنا بين يديك ولا تـُخزنا يوم العرض عليك
اللهُمَّ هَوِّنْ علينا سَكَرَاتِ الموت وتوَفَّنا وأنتَ رَاضٍ عنَّا
برحمتك وإحسانك يا أرحم الراحمين يا ذا الجلال والإكرام
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ عَلَى نَبِيّكُمْ مُحَمَّدٍ ﷺ فَقَدْ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ فقالَ سُبِحَانَهُ (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا )) وَقَدْ قَالَ ﷺ ( مَنْ صَلَى عَلَيّ صَلَاةً صَلَى اللهُ عَلَيهِ بِهَا عَشْرًا ) اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاَحْمِ حَوْزَةَ اَلْدِّيْنَ وَاَجْعَلْ بَلَادَنَا آمِنَةً مُطْمَئِنَةً رَخَاءً سَخَاءً وَسَاْئِرَ بِلَاْدِ اَلْمُسْلِمِيْنَ يَا رَبَ العَالَمِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا اللَّهمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) عِبَاْدَ اَللهِ اذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (( وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون ))
الشيخ فهد بن حمد الحوشان
خطبة الجمعة الثالث من ربيع الأول 1446هـ بعنوان لا تغرنكم الحياة الدنيا
المرفقات
1725591292_لاتغرنكم الحياة الدنيا.pdf
تعديل التعليق