لأنك الله

                                          لأنكَ الله                      12/11/1444هـ

الحمدُ للهِ وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له جلَّ معنىً فليسَ الوهمُ يُدانِيهِ .. وليس في الورى شيءٌ يُضاهِيهِ .. لا كونَ يحصُرهُ، لا عونَ ينصُرهُ، لا عينَ تُبصِرُهُ، لا فِكرَ يحويهِ .. لا نقصَ يلحَقُهُ، لا شيءَ يسبِقُهُ، لا شيءَ يُفنِيهِ .. وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولهُ، عظّم الله ، وأجلَّ الله قدّم المال والأهل والنفس بين يديه يُهديه اللهم صل وسلم عليه وآله وصحبه وأتباعه وبعد : فاتقوا الله فليس شيءٌ كمثل الله {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} ..

اللهُ, يا أعذبَ الألفاظِ في لغتي  .. ويا أَجَلَّ حرُوفٍ فِي مَعَانيها ..

اللهُ يا أروعَ الأسماءِ كم سعُدَت  .. نفسي وفاضَ سروريِ حينَ أرويها

اللهُ يا عِطرَ هذا الكونَ يا مدداً  .. يَفِيضُ لُطفاً وإحسَاناً وتنزِيها

اسمٌ تسمّى به الباري فكان كمَا  .. أرادَ يَعْبِقُ إجلالاً وتألِيها

لأنَّكَ اللهُ .. لا خوفٌ ولا قَلقُ .. ولا (اضطرابٌ) ولا همٌّ ولا أرقُ .. لأنك الله .. قلبي كُلُّه أملٌ .. لأنك الله .. روحي مِلؤها الألقُ ..

من تعلق قلبُه باللهِ سَعُدَ في دنياهُ وأُخراه ، من تعلّم أسماء الله الحسنى سجدَ له تعظيماً وتأليها، وتبتَّل روحهُ إليه خُشوعاً وتنزيها، {الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى } .. أيها الانسان ما غرّك بربك الكريم خلقكَ ضعيفاً، محدودَ القدرةِ كسيرا ، متواضعَ الإمكانِ حسيرا ، أنت وربي محتاجٌ إليه ، وفي كل لحظةٍ مفتقرٌ إليه ، إن لم تُناجهِ في الرخاء، ناديته في الشدَّة .. فلمَ يا مسكينُ تنساه وتغفل عنه عند النعم ، ولا تتذكره إلا عند حلِّ المصائبِ والألم .

أيُّها الإنسان: مع كلِّ نفَسٍ من أنفاسِ صدرِك ، ومع كلِّ نبضةٍ من نبضاتِ قلبِك ، تجد آثارَ بديعِ صُنعِ الرحمانِ جلَّ في عُلاه .. {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} ..

أيُّها الإنسان: إن شكلَ الجنينِ وهو في بطنِ أمهِ، قريبٌ جداً من شكلِ الساجدِ للهِ تعالى .. فكن في دُنياك كلِّها ساجداً لمولاك، كما كنت طوالَ بقاءِك في بطنِ أمِّك، ليرزُقَكَ ويكفيَكَ هُنا .. كما رزقكَ وكفاكَ وأنت وحيدٌ هناك … الله أكبر ترى حِكمتَهُ في دقةِ تركيبِ مخلوقاتِهِ .. وترى عَظيمَ قُدرتهِ في رَفعِ سمواتهِ .. وترى كِبريائهُ وجلالَهُ في شموخِ الجبالِ، وقصفِ الرعودِ، وجريانِ الأودية، وترى رحمتهُ ولطفهُ في إنزالِ المطرِ وإنباتِ الشجر، وإخراجِ الثمر، وترى جبروتَهُ وسَطوتَهُ في الزلازلِ والبراكين، والفيضاناتِ والأعاصير .. {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ..   

تدبّر ثم تفكَّر لم امتلأ القرآن ذكراً لأسمائه وصفاته فكم جاءت بها الآيات وخُتِمت بها الآيات لأن المتدبِّر لها تُكسِبُه التعظيم والإجلال للكبير المتعال .

فأسماءُ العظمةِ والكِبرياء، والمجدِ والجلالِ والهيبة، تملأ القلبَ تعظيماً للهِ وإجلالاً، وخشوعاً وانكساراً .. وأسماءُ الجمالِ والبرِ والإحسان، والرحمةِ والحُلمِ والجود، تملأُ القلبَ محبةً للهِ وشوقاً، وعوناً واقتدارا

 وأسماءُ الـمُلكِ والغنى، والرزقِ والهداية، واللطفِ والحفظ, تملأُ القلبَ افتقاراً واضطرارا {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} بارك الله لي ولكم في القرآن..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ...أما بعد: لله ما أعظم العلمَ بأسمائِه وصفاتِه ، تالله إنه أصلُ الأصول، و من أراد السيرَ إلى الله فهو طريقُ الوصول، في الصحيحين: “إن للهِ تسعةَ وتسعينَ اسماً من أحصاها دخلَ الجنة” ، قال العلماء: أحصَاها يعني: أتقنَها وتدبرَ معانيَها، وعملَ بمقتضَاها .. {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .. إليهِ وإلَّا لا تُشدُّ الركَائِبُ، ومِنهُ وإلَّا فالمؤَمِلُ خَائِبُ .. لديهِ وإلَّا لا قرارَ لساكنٍ، عليهِ وإلَّا لا اعتمادَ لطالب … سبحانهُ وبحمده .. تتابعَ بِرهُ، وتتَامَّ نُورهُ، واتصلَ خَيرُهُ، وصدَقَ خبرهُ، وتحققَ أمرهُ، {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}، {وَمَنْ كَفَرَ, فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}  .. يا عبدالله جاهِد نفسكَ وابذُل كلُّ ما في وسعِك، لتعِشَ في كنفِ صفاته وأسماءه تعِش في وافرِ تعظيمِه وآلائِه .. فاللهم اهدنا واهدِ لنا ويسرِ الهدى لنا اللهم صل وسلم ... 

          

المرفقات

1685670239_لأنكَ الله .docx

1685670239_لأنكَ الله .pdf

المشاهدات 1870 | التعليقات 0