كَيْف نَعِيشُ مَعَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ؟ 7 رَبِيعٍ الثَّانِي هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1443/04/05 - 2021/11/10 15:18PM

كَيْف نَعِيشُ مَعَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ؟ 7 رَبِيعٍ الثَّانِي هـ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ النُّورُ الْمُبِينُ, أَعْظَمُ كِتَابٍ وَأَصْدَقُ خِطَابٍ وَأَحْسَنُ جَوَابٍ, نِعْمَةٌ أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا وَمِنَّةٌ تَفَضَّلَ الْمَوْلَى بِهَا بَيْنَ يَدَيْنَا, فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَلَهُ الشُّكْرُ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ , وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}, وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( اقْرَؤُوا القُرْآنَ, فَإِنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ ) رَوَاهُ مُسْلِم. وعَنِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنْيَا تَقْدُمُه سورَةُ البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا) رَوَاهُ مُسْلِم. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أَقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ) رَوَاهُ مُسْلِم.

قَالَ عَلِىٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كِتَابُ اللَّهِ: فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ المَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ العُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا : إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ, مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ فَتَعَلَّمُوهُ وَعَلِّمُوهُ أَبْنَاءَكَمُ, فَإِنَّكُمْ عَنْهُ تُسْأَلُونَ, وَبِهِ تُجْزَوْنَ وَكَفَى بِهِ وَاعِظًا لِمَنْ عَقِل.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَنِي بِالْقُرْآنِ طُوَالَ حَيَاتِهِ كُلِّهَا, وَلَا غَرَابَةَ, فَالقُرْآنُ عَلَيْهِ أُنْزِلَ, عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَالَمْ يَكُنْ جُنَبًا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي, فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَأَنَا حَائِضٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَأَمَّا السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ فَلَهُمْ فِي ذَلِكَ قَصَبُ السَّبْقِ, حَيْثُ كَانُوا يُولُونَ الْقُرْآنَ عِنَايَةً عَظِيمَةً فِي التِّلَاوَةِ وَالتَّدَبُّرِ وَالْقِيَامِ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ, وَكَانَ عَامَّتُهُمْ يَخْتِمُونَ الْقُرْآنَ كُلَّ سَبْعِ لَيَالٍ, فَعَنْ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَهُوَ صَحَابِيٌّ أَسْلَمَ مُتَأَخِّرًا - قَالَ: سَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ؟ قَالُوا: ثَلاَثٌ وَخَمْسٌ وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثَ عَشْرَةَ وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَجَوَّدَ إِسْنَادَهُ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ.

فَيَنْبَغِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَنْ يَجْتَهِدَ مَا اسْتَطَاعَ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى مَنَازِلِ أُولَئِكَ, لَكِنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ الذِي يَسْتَطِيعُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ, فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ (أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ) وَقَالَ (اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: اجْعَلْ لَكَ وِرْدًا يَوْمِيًّا مِنَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ لا تَخْلَّ بِهِ لا سَفَرَاً وَلا حَضَرَاً, وَلْيَكُنْ جُزءًا يَوْمِيًّا علَىَ تَرْتِيبِ الشَّهْرِ, وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ: أَنَّ الْقُرْآنَ ثَلاثُونَ جُزْءًا وَالشَّهْرُ 30 يَوْمًا أَوْ 29 يَوْمًا, فَكُنْ مُرَتَّبَاً فَتَقْرَأَ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِتَارِيخِ الْيَوْمِ الذِي أَنْتَ فِيهِ, فَمَثَلَاً نَحْنُ الْيَوْمَ الْجُمْعَةَ 7 مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الثَّانِي, فَيَكُونُ وِرْدُكَ الْيَوْمَ هُوَ الْجُزْءَ السَّابِعَ, وَهَكَذَا.

فَإِذَا نَقَصَ الشَّهْرُ فَاقْرَأْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ جُزْأَيْنِ التَّاسِعَ وَالْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثِينَ, أَوْ تَقْرَأْ مِنْ أَوِّلِ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ الْجَدِيدِ, الْجُزْءَ الثَّلَاثِينَ وَالْجُزْءَ الْأَوَّلَ, وَهَكَذَا تُرِتِّبْ نَفْسَكَ.

ثُمَّ لَوْ وَجَدْتَ نَفْسَكَ يَوْمَاً قَدْ تَخَلَّفْتَ وَنَسِيتَ وِرْدَكَ الْيَوْمِيَّ, فَهُنَا : تَبْدَأَ بِوِرْدِ الْيَوْمِ الذِي أَنْتَ فِيهِ, ثُمَّ مَا فَاتَكَ مِنَ الْأَجْزاءِ تَتَدَارَكَهُ فِيمَا بَعْدُ, لَكِنْ مِنَ الْمُهَمِّ أَنْ تَنْضَبِطَ وَتُجَاهِدَ نَفْسَكَ, وَبِإِذْنِ اللهِ تَجِدْ بَرَكَةً فِي وَقْتِكَ وَانْشِرَاحًا فِي صَدْرِكَ.

ثُمَّ مَعَ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي سَتَجِدُ نَفْسَكَ مُنْشَرِحَةً لِزَيَادَةِ الْوِرْدِ فَزِدْهُ إِلَى جُزْأَيْنِ لَكِنْ أَيْضًا (عَلَى تَرْتِيبِ الشَّهْرِ), بِحَيْثُ تَخْتِمُ كُلَّ أُسْبُوعَيْنِ , فَمَا أَجْمَلَ هَذَا, وَمَا أَحْسَنَ مَرْدُودِهِ عَلَى إِيمَانِكَ وَطُمَأْنِينَةِ نَفْسِكَ وَسَعَادَةِ قَلْبِكَ, وَمَنْ جَرَّبَ عَرَفَ وَمَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ حَصَّلَ خَيْرًا, وَمَنْ تَرَكهَا ضِيَّعَتْهُ وَقَتَلَهُ الْكَسَلُ وَتَفَلَّتَتْ عَلَيْهِ أَوْقَاتُهُ وَضَاعَتْ عَلَيْهِ سَاعَاتُهُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ مِنْ آدَابِ تِلاوَةِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ عَلَى طَهَارَةٍ, فَإِنْ كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ حِفْظِهِ فَالطَّهَارَةُ مُسْتَحَبَّةٌ, وَإِنْ كَانَ يَقْرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَالطَّهَارَةُ وَاجِبَةٌ, فَإِنْ كَانَ الإِنْسَانُ عَلَى جَنَابَةٍ فَلا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا لا مِنَ الْمُصْحَفِ وَلا مِنْ حِفْظِهِ. وَأَمَّا الْحَائِضُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ, وَهَذَا اخْتَيَارُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ.

وَتُسْتَحَبُّ الاسْتِعَاذَةُ عِنْدَ بِدَايَةِ الْقِرَاءَةِ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم}, ثُمَّ إِنْ كَانَ يَقْرَأُ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ إِلَّا سُوْرَةَ التَّوْبَةِ, وَإِنْ كَانَ مِنْ وَسَطِ السُّورَةِ فَلا تُشْرَعُ لِلْبَسْمَلَةِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, ثُمَّ إِذَا انْتَهَى مِنَ الْقِرَاءَةَ سَكَتَ, وَلا يَقُولُ: صَدَقَ اللهُ الْعَظِيم, لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, وَقَدْ نَصَّ الشَّيْخَانُ ابْنُ بَازٍ وَالْعُثَيْمِينُ رَحِمَهُمَا اللهُ عَلَى أَنَّهَا بِدْعَةٌ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَيَنبَغِي لِلْقَارِئِ اسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَّهُ كَلامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ, فُيُرَتِّلُ وَيُحَسِّنُ صَوْتَهَ قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا}, وَلا يَصْلُحُ أَنْ يَعْبَثَ بِنَظَرِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا أَثْنَاءَ الْقِرَاءَةِ وَيَرَى الْغَادِيَ وَالرَّائِحَ أَوْ يُطَالِعُ فِي الْجَوَّالِ لِيَقْرَأَ الرَّسَائِلَ أَوْ يَرُدُّ عَلَى الْمُكَالَمَاتِ إِلَّا لِحَاجَةٍ شَدِيدَةٍ, فَلَيْسَ هَذَا مِنَ احْتِرَامِ الْقُرْآنِ.

فَإِذَا مَرَّ بِسَجْدِةِ تِلاوَةٍ سَجَدَ وَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى, كَسُجُودِ الصَّلاةِ, وَإِنْ حَفِظَ شَيْئًا مِنَ الأَدْعِيَةِ الْوَارِدَةِ قَالَهَا وَإِلَّا كَفَاهُ التَّسْبِيحُ, وَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَتَدَبَّرَ مَعَانِيَ كَلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتَأَثَّرَ بِهِ, فَإِذَا مَرَّ بِآيَاتٍ فِيهَا رَحْمَةٌ سَأَلَ أَوْ عَذَابٌ اسْتَعَاذَ باِللهِ مِنْه, فَعَنْ حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا: إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَاللَّهُمَّ اجْعَلِ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قُلُوبِنَا وَنُورَ صُدُورِنَا وَذَهَابَ غُمُومِنَا وَهُمُومِنَا , اللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مِنْهُ مَا جَهِلْنَا وَذَكِّرْنَا مِنْهُ مَا نُسِّيْنَا, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ أَحَلَّ حَلالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ, وَعَمِلَ بِمُحْكَمِهِ وَآمَنَ بِمُتَشَابِهِهِ, اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَاهِدًا لَنَا لا شَاهِدًا عَلَيْنَا, اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ شَفِيعًا لَنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, اللَّهُمَّ اهْدِ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَشيَّابَهُمْ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ رِجَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ, اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الإِسْلامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَأَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ, اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ, اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرًا لَهُ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, وَاحْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خَيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ, اللَّهُمَّ وَأَصْلِحْ لَهُمْ وُلاتَهُمْ وَأَصْلِحْ لِوُلاتِهِمْ بِطَانَتَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, اللَّهُمَّ كُنْ لِإخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَوْنًا وَنَصِيرًا, اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِم, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

المرفقات

1636557532_كَيْف نَعِيشُ مَعَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ؟ 7 رَبِيعٍ الثَّانِي هـ.doc

المشاهدات 1527 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا