كيف نستثمر وقت الإجازة؟

محمد سعيد صديق
1436/08/17 - 2015/06/04 20:11PM
الخطبة الأولى العنوان / كيف نستثمر وقت الإجازة؟
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّ أَيَّامَكُمْ مَعْدُودَةٌ , وَأَنْفَاسَكُمْ مَحْدُودَةٌ , فَمَنِ اغْتَنَمَهَا رَبِحَ وَسَلِمَ , وَمَنْ فَرَّطَ فِيهَا خَسِرَ وَنَدِمَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أقبلَتِ (الإجازة) الصيفيَّة؛ واللهُ -تعالى- وحْدَه أعلمُ بما تَحمِل مِن أقدار وأخبار، فمِنَ الناس مَن يُودِعُها خَيْرًا وإحسانًا ومنهم غيرُ ذلك، فالله -تعالى- وحْدَه أَعلَمُ مَنِ السعيدُ في هذه الإجازةِ ومَنِ الشقيُّ فيها.
عِبَادَ اللهِ، لَيْسَ كلُّ الناس يُدرِكون قيمة العُمْر وأهميَّته، ليس كلُّ الناس يُحسِنون استثمارَ حياتهم استثمارًا يَعُود عليهِم بالنفع والفائدة..
ها هي ذي (الإجازة) الصيفيَّةُ بأيَّامها وليالِيها تَقتَحِم حياتَنا وحياة أبنائنا، ها هي ذي تُخيِّم علَينا بفَراغها الكبير الذي إذا لم نُحسِنْ مَلأَه بالعِلْم وبالعَمَل الصالح فسيَنكَبُّ بآثاره وسلبياته؛ لا يَعْرِف مَعروفاً، ولا يُنكِر مُنكَراً، ولا يَنفَع عندها عَضُّ أصابعِ الندم، ولومُ زماننا والعيبُ فينا.
إن الكثيرَ مِن عباقرة التاريخ على امتداده، والكثيرَ مِنَ الحضاراتِ والأُمَم الناهضةِ لا تَعرِف في حياتها الإجازةَ أو الفراغَ، وإذا ما انتهى العامُ الدارسيُّ وأَقْبَلَ ما يُسَمُّونه الإجازةَ هُرِعوا إلى أعمال أُخرى، ونشاطات جديدة غيرِ ما سَبَق، وهكذا طَبَقٌ عن طَبَقٍ، حتى غَيَّروا وطَوَّروا... وأَجادوا وأَفادوا... وعلا شأنُهم في الأُمَم، وذَكَرَهُمُ التاريخُ فيمَن عنْدَه؛ فإنه الوقت الذي مَتَى ما نظر إليه بأنه الحياة دَفَعَ ذلك إلى الاهتمام به، والتفكيرِ في الاستثمار الأفضل له.
إن المسلم يَنظُر للوقت على أنه الحياة.. الحياةُ التي يَجِب أن تكون كُلُّها لله؛ فيَأخُذُ لله ويُعطِي لله، يَتعبَّد اللهَ في كل شُؤونه وأعماله.
إن كل يَوْم يَمُرُّ مِن عُمُر الإنسان هو نَفَسٌ يَتنفَّسه مِن عُمُره، وكل يوم تُشرِق علَيه شمسُه لا يَعُود إلَيه أَبَداً.
وَكُلُّ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ يُعْجِبُنَا فَإِنَّمَا هُوَ نُقْصَانٌ مِنَ الْعُمُرِ
قال مجاهِدٌ: ما مِن يَوْم إلا ويَقولُ: ابنَ آدمَ، قد دَخَلْتُ علَيك اليَوْمَ، ولسْتُ أَرجِع بعْد اليَوْم. فانظُرْ ما تَعمَل فِيَّ".
وَنُسَرُّ بِالْعَامِ الْجَدِيدِ وَإِنَّمَا تَسْرِي بِنَا نَحْوَ الرَّدَى الْأَعْوَامُ
فِي كُلِّ يَوْمٍ زَوْرَةٌ مِنْ صَاحِبٍ مِنَّا إِلَى بَطْنِ الثَّرَى وَمُقَامُ
أَحبْتِي الْكرَام، إن الوقت هو الحياة، وحياتُنا هي غِراس حياتِنا الأُخْرى والكُبْرى، والذِين يُضَيِّعون أوقاتَهم في هذه الحياةِ إنما همُ المُفلِسون حقّاً في الحياة الأُخْرى. قال الله:(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إن الفراغ إذا اجتاح أُمَّة مِنَ الأُمَم أَفسَدَها، وأَفسَدَ أهلَها، إذ تَتَفشَّى فيها البطالةُ وتَزِيد الرذائلُ، وتَسُوء الأخلاقُ ويَعُمُّ الخلل حياةَ الناس.
وقديماً قال الشافعيُّ -رحمه الله-: "إذا لم تَشغَل نفسَكَ بالحق شَغَلَتْكَ بالباطل".
وإلى هذا أشار النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُنبِّهاً الذين لا يَكترِثون بفَواته، ولا يَعبؤُون بذهابه، الذين يَتعمَّدون قَتْلَه، ويُسيؤُون شَغْلَه، داعياً إلى اغتنام فُرصة الحياة والتزوُّد منها ليوم المَعاد؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((اغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ؛ حياتَكَ قبْلَ مَوْتِكَ، وصِحَّتَكَ قبْلَ سُقْمِكَ، وفَراغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وشبابَكَ قبْلَ هَرَمِكَ، وغِناك قبْلَ فَقْرِكَ))؛ رواه الحاكم في مستدركه.
وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري: ((نِعمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كثيرٌ مِنَ النَّاس؛ الصحة والفراغَ)).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إن الدنيا مَزرَعة الآخرة، وفيها التجارة التي يَظْهَر رِبْحُها في الآخرة، فمَنِ استعمَلَ فَراغَه وصحَّتَه في طاعة الله فهو المَغبُوط، ومَنِ استعمَلَهما في معصية الله فهو المَغبُون؛ لأن الفَراغَ يَعقُبُه الشُّغْلُ، والصِّحة يَعقُبُها السُّقْمُ، ولو لم يَكُن إلاَّ الهَرَم لكَفَى.
ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُسوةٌ حسنة، وسِيرتُه العَطِرةُ تَحكِي قصَّةَ العمل المُستمِرِّ، والاجتهاد الدؤوب، والجهاد الذي لا يَهْدَأ، والتيقُّظ الدائب، وما عُرِفَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه شَعَرَ بفراغ، بل كان يَملأُ أوقاتَه بالنافع المُفِيد: عابداً، ذاكراً، يَقضِي حَوائج الناس، يَبنِي مَسجِداً، يُصلِح بَيْن اثنَيْنِ، يُناجِي ربَّه، يُحارِب الكفار، يرقع ثوبه، يَخصِف نعْلَه، يُعِين أهْلَه وأصحابه.. وغيرها الكثير مِن أعمال الخَيْر والبِرِّ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَقَدْ اقْتَفَى سَلَفُ الأُمَّةِ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ أَثَرَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِفْظِ وَقْتِهِ وَاغْتِنَامِ حَيَاتِهِ , فَجَاءَ عَنْهُمْ مِنَ الأَخْبَارِ مَا يَقِفُ الإِنْسَانُ أَمَامَهُ مُتَعَجِّبَاً كَيْفَ حَفِظُوا أَوْقَاتَهُمْ وَبَارَكَ اللهُ فِي أَعْمَارِهِمْ !
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : لَقَدْ أَدْرَكْتُ أَقْوَامَاً كَانُوا أَشَدَّ حِرْصَاً عَلَى أَوْقَاتِهِمْ مِنْ حِرْصِكُمْ عَلَى دَرَاهِمِكُمْ وَدَنَانِيرِكُمْ !
وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٌ الْخَوْلانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : لَوْ قِيلَ لِي إِنَّ جَهَنَّمَ تُسَعَّرُ الآنَ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَزِيدَ فِي عَمَلِي شَيْئاً ! وَذَلِكَ لِأَنَّ أَوْقَاتَهُ مَعْمُورَةٌ بِالطَّاعَاتِ .
وَمَرَّ الْعَبْدُ الصَّالِحُ " عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْكَسَالَي وَالْبَطَّالِينَ وَهُمْ جُلُوسٌ يَتَحَدَّثُونَ ، فَقَالُوا لَهُ : تَعَالَ اجْلِسْ مَعَنَا ! فَقَالَ لَهُمْ : أَمْسِكُوا الشَّمْسَ عَنَ الْمَسِيرِ حَتَّى أُكَلِّمَكُمْ !
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ رَحِمَهُ اللهُ : أَتَيْتُ الإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللهُ أَعُودُهُ فَوَجَدْتُهُ مُغْمَىً عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ لِي : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا ؟ فَقُلْتُ لَهُ : فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ ؟! فَقَالَ : لا بَأْسَ بِذَلِكَ لَعَلَّهُ يَنْجُو بِهِ نَاجٍ !
ثُمَّ قُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَمَا بَلَغْتُ بَابَ دَارِهِ حَتَّى سَمِعْتُ الصُّرَاخَ عَلَيْهِ ، وَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ رَحِمَهُ اللهُ .
ويُذكر أن الشيخَ جمالَ الدينِ القاسمي رحمه اللهُ مَرّ بمقهى .. فرأى روادَ المقهى وهم منهمكونَ في لِعبِ الورقِ والطاولةِ وشربِ المشروباتِ ويمضون في ذلك الوقتَ الطويلَ .. فقال رحمَه الله: لو كان الوقتُ يُشترى لاشتريتُ من هؤلاءِ أوقاتِهم.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَكَذَا كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ كَانَ نَهْجُ سَلَفِنَا الصَّالِحِ عَلَيْهِمْ رَحْمَةُ اللهِ فِي اسْتِغْلالِ أَوْقَاتِهِمْ وَفِي حِفْظِ أَعْمَارِهِمْ ,,, فَهَلْ نَحْنُ مُقْتَدُونَ بِهِمْ ؟
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ .


الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نبيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلَى آلِهِ وصَحْبِهِ والتابعينَ .
أمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ الإِجَازَةَ الصَّيْفِيَّةَ قَدْ بَدَأَتْ , وَفِيهَا وَقْتُ فَرَاغٍ كَثِيرٌ , ولا يَحْسُنُ بِالْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ أَنْ يَقْضِيَ إِجَازَتَهُ فِي النَّوْمِ أَوْ كَيْفَ مَا اتَّفَقَ , بَلْ يَنْبَغِي لَهُ اغْتِنَامُهَا بِمَا يَنْفَعُهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ بِحَسَبِ أَعْمَارِهِمْ وَإِمْكَانِيَّاتِهِمْ وَقُدُرَاتِهِمْ فِي اسْتِغْلالِ الأَوْقَاتِ , وَهَذِهِ بَعْضُ الاقْتِرَاحَاتِ التِي يُمْكِنُ قَضَاءُ الإِجَازَةِ فِيهَا !
فَمِمَّا تُقْضَى الإِجَازَةُ فِيهِ : الْقِيَامُ بِمَصَالِحِ النَّفْسِ وَالأَهْلِ وَالْوَالِدَيْنِ , وَأَخْذُ الأَهْلِ لِلْعُمْرَةِ وَزِيَارَةِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ , وَكَذَلِكَ : الذِّهَابُ بِهِمْ لِلنُّزْهَةِ وَالْفُرْجَةِ فِي مَصَايِفِ بِلادِنَا السَّعُودِيَّةِ , وَمِمَّا تُقْضَى فِيهِ الإِجَازَةُ : صِلَةُ الأَرْحَامِ بِزِيَارَةِ الأَقَارِبِ وَالأَهْلِ، وَمِنْ ذَلِكَ : الاشْتِرَاكُ فِي الدَّوْرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ , سَوَاءٌ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ وَالْمُتُونِ الْعِلْمِيَّةِ , أَوْ الدَّوْرَاتِ التِي تُشْرَحُ فِيهَا الْكُتُبُ الْعِلْمِيَّةُ.
وَمِمَّا تُقْضَى فِيهِ الإِجَازَةُ وَلا سِيِّمَا لِلشَّبَابِ : الاشْتِرَاكُ فِي مرَاكزِ الحي والأَنديةِ الصَيْفِيِّةِ التِي تُقِيمُهَا وَزَارَةُ التَّعْلِيمِ , وَمِمَّا تُقْضَى فِيهِ الإِجَازَةُ : أَنْ يَتَعَلَّمَ الإِنْسَانُ مِهْنَةً أَوْ حِرْفَةً , أَوْ يَطْلُبَ الرِّزْقَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي السُّوقِ.
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : تِلْكُمْ بَعْضُ الاقْتِرَاحَاتِ التِي يَسْتَطِيعُ الإنْسَانُ مِنْ خِلالِهَا أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهَا فِي قَضَاءِ إِجَازَتِهِ , وَيُمْكِنُ مَعَ التَّفْكِيرِ إِيْجَادُ غَيْرِهَا , وَأَمْا قَضَاءُ الإِجَازَةِ بِالسَّهَرِ بِاللَّيْلِ وَالنَّوْمِ بِالنَّهَارِ فَهَذِهِ حَيْاةُ أَهْلُ الْغَفْلَةِ وَالْكَسَلِ , وَلا يَصْلُحُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِ الْحَازِمِ , وَالشَّخْصِ النَّاجِحِ !
وختَاماً: أُوصِي آبائي الْكرَام، أَن ينتَبِهُوا لأَولادِهم خلَالَ هَذهِ الإِجَازةِ، ويَحْرصُوا علَى الَّصحبةِ الصَالحةِ لهم، ويُحيطُوهم برقَابتِهم وتوجيههِم، ويأَخذُوا علَى أَيدِيهم بمَا يعُودُ علِيهم بالنفعِ في العَاجلِ والآجلِ.
هَذَا وَصَلُّوْا رَحِمَكُمُ الْلَّهُ عَلَىَ مَنْ أُمِرْتُمْ بِالْصَّلاةِ عَلَيْهِ حَيْثُ يَقُوْلُ الْلَّهُ تَعَالَى:( إِنَّ ٱلَلَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَىَ ٱلَنَّبِىِّ يُٰأَيُّهَا ٱلَّذِيَنَ ءَامَنُوا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْما). وَيَقُوْلُ عَلَيْهِ الْصَّلاةُ وَالْسَّلامُ :"مَنْ صَلَّىَ عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرَا ". الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَىَ عَبْدِكَ..

المشاهدات 1694 | التعليقات 0