كيف نتعامل مع وسائل التواصلِ-22-2-1437ه-عنان-الملتقى-بتصرف

محمد بن سامر
1437/02/21 - 2015/12/03 19:49PM
[align=justify]
أما بعد: فإنَّ مِنْ فضلِ اللهِ علينا، ونِعمهِ التي لا تُعدُّ ولا تُحصى هذه الآلاتُ التي في أيدينا، فكمْ قربتْ مِنْ بعيدٍ، وهونتْ مِنْ عسيرٍ، وأحدثتْ مِنْ جديدٍ، وسهلتْ مِنْ وعْرٍ، وهيَ مما سخرَهُ اللهُ-تعالى-لنا وجعلَهُ لِخدمَتِنا، بعدَ أنْ كانتْ الرسالةُ تحتاجُ إلى وقتٍ طويلٍ ومسافاتٍ طويلةٍ حتى تصلَ، أصبحتْ تَصِلُ في ثوانٍ محدودةٍ، فالواجبُ علينا أنْ نَشكُرَ اللهَ على هذهِ النِّعمِ الوفيرةِ التي سخَّرَها لنا، قالَ-تعالى-: [وإذْ تأذَّنَ ربَّكم لئنْ شكرتُم لأزيدنَّكم]، وقالَ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ-رضيَ اللهُ عنهُ-: "إنَّ النِّعمةَ موصولةٌ بالشكرِ، وإنَّ الشُكرَ مُتَعَلِّقٌ بالمزيدِ، فإذا انقطعَ الشُكرُ مِنَ اللهِ، انقطعَ المزيدُ مِنَ اللهِ".
ومِنْ تِلك الآلاتِ التي انتشرتْ في هذا العصرِ، ما يُعرفُ بوسائلِ التواصلِ الاجتماعي: تويتر، والواتس أب، والفيسْ بوك، واليوتيوب، وغيرِها مِنَ المواقعِ الاجتماعيةِ، فهيَ وسائلٌ مفيدةٌ جدًا، وفي الوقتِ نفسِه ضارةٌ جدًا، وإنَّما تكونُ مضارُها ومنافعُها بحسبِ استخدامها، فهيَ كالسكينِ التي بإمكانِ الإنسانِ أنْ يستخدِمَها في تقطيعِ اللحمِ وحزِّ الفاكهةِ وغيرِ ذلكَ مِنَ الانتفاعِ المباحِ، كما أنَّ بإمكانهِ أنْ يستخدِمها لإزهاقِ الأرواحِ البريئةِ، وقتلِ الناسِ وانتشارِ الفتنةِ في المجتمعِ، وهكذا الحالُ في استخدامِ هذه المواقعَ، فالشخصُ الموفقُ من يستخدمُها في الخير: ِمن أمرٍ بمعروفٍ، ونهيٍ عَنِ منكرٍ، وصلةٍ لرحمٍ، وتواصلٍ مع أقاربَ، ونشرِ لعلمٍ، ودعوةٍ في سبيلِ اللهِ فيدخلُ في قولِه-تعالى-: [ومَنْ أحسنُ قولًا ممنْ دعا إلى اللهِ وعمِلَ صالحًا وقالَ إنني مِنَ المُسلمينَ].
وآخر-هداهُ اللهُ-جعلها وسيلةً لنشرِ الرذائلِ، وبثِّ الأخبارِ الكاذبةِ، ونقلِ المعلوماتِ الخاطئةِ، وتبادلِ المواقعِ المحرمةِ، والصورِ الساقطةِ والفاضحةِ، وترويجِ الشرِّ والفسادِ، وإشاعةِ الفاحشةِ بينَ النَّاسِ، والاستهزاءِ بالقبائلِ، والسُخريةِ بالأممِ والشُعوبِ،
وأدمنَها بعضُهم، فتجدهم مُنْكَبينَ عليها في مجالسِهم ولقاءاتِهم، قد غلبَ عليهم الصمتُ، حتى أثَّرتْ على كثيرٍ من الأُسرِ، فقلَّ حديثُهم وتواصلُهم معَ بعضِهم، وتجدُ بعضَ الموظفينَ انشغلوا بها عَنِ القيامِ بواجباتِهمُ الوظيفيةِ فأصبحوا يؤخرونَ أعمالَ المراجعينَ، وتجدُ كثيرًا من النساءِ أدمنوها فأهملوا أزواجَهم وأطفالَهم وبيوتَهم، ونجدُ كثيرًا من الطلابِ تدنتْ مستوياتُهم، وانخفضتْ درجاتُهم، وكثرُ غيابُهم، بل ربما تركَ الدراسةَ، وأصبحَ عاطلًا عن كلِّ شيءٍ، عبئًا على أهلِه ومجتمعِه بسببِها.
ونحنُ زمنٍ جُلُّهُ فراغٌ، والنفسُ إنْ لمْ تُشغلْها بالطاعةِ شغَلَتكَ بالمعصيةِ، والفراغُ مُهْلِكٌ، قالَ عُمرُ بنُ الخطابِ-رضيَ اللهُ عنهُ-: "الفراغُ غَفلةٌ للرجلِ، وغُلمةٌ للمرأةِ-أي يزيدُ شهوتَها-"، فإذا كانَ استخدامُنا لِهذهِ المواقعِ على هذا الشكلِ، فقدْ أفسدنا الأممَ والأخلاقَ، وضيعنا الأوقاتَ، وأمتْنا القِيمَ، وثبَّطنا الهِممَ، فإلى اللهِ المُشتكى.
أخي المبارك: نحنُ جميعًا مسؤولونَ عَنْ أعضائنا وجوارِحِنا، فالعينُ يسألهُا اللهُ عَنِ النظرِ، والاذنُ يسألُها عن السمعِ، واللسانُ عن الكلامِ، قالَ-تعالى-: [مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ]، وَقَالَ-سبحانه-: [وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا].
فكلُّ عضوٍ مِنْ أعضاءِ جسدِكَ سوفَ يشهدُ عليكَ أمامَ اللهِ يومَ القيامةِ، قالَ-تعالى-: [يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، يومئّذٍ يُوفيهم اللهُ دينهَم الحقَ ويعلمونَ أن اللهَ هو الحقُ المبينِ]، وكُلُّ عُضوٍ مِنْ جسدِكَ يزني، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ-: "كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنْ الزِّنَا، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أوَ يُكَذِّبُهُ".
ألا يستحي العبدُ مِنْ ربِّهِ وهوَ يتصفحُ الروابطَ والمواقعَ المحرمةَ، وينظُرُ إلى الصورِ والأفلامِ الجنسيةِ؟!، وهو يعلمُ أنَّ اللهَ مُطَّلِعٌ عليهِ لا تخفى عليهِ خافيةٌ، لا في السرِّ ولا في النجوى، ولا في وضحِ النَّهارِ ولا في الظُلمةِ، [ألمْ يعلمْ بأنَّ اللهَ يرى]،[ما يكونُ مِنْ نجوى ثلاثةٍ إلَّا هوَ رابِعُهم ولا خمسةٍ إلَّا هوَ سادِسُهم ولا أدنى مِنْ ذلكَ ولا أكثرَ إلَّا هو معهم أينَما كانوا ثمَّ يُنَبِئُهُمْ بما عملوا يومَ القيامةِ إنَّ اللهَ بكل شيءٍ عليمٍ]، اللهُ مطلعٌ عليكَ، اللهُ يراقبُكَ، الله يُمهلُكَ مرةً ثُمَّ مرةً ثُمَّ مرةً، ولكنْ اعلمْ أنَّهُ يُمهِلُ ولا يُهملُ، ألا تستحي وأنتَ تستخفي مِنَ النَّاسِ ولا تستخفِي مِنَ اللهِ؟!، قالَ-سبحانه-: [يستخفونَ مِنَ النَّاسِ ولا يَستخفونَ مِنَ اللهِ وهوَ معهم]، أما تخجلُ وأنتَ جعلتَ اللهَ أهونَ الناظرينَ إليكَ.
وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظُلمةٍ***والنفسُ داعيةٌ إلى العصيانِ
فاستحيِ مِنْ نَظَرِ الإلهِ وقلْ لها***إنَّ الذي خَلَقَ الظلامَ يراني
أخي الحبيب: استمعْ معي إلى هذا الحديثِ العظيم، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمِّ-: "لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَلَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا"، "اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَتَذْكُرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ".
أيها الكرامُ: ومما ابتلينا بهِ في هذا الزمنِ، العَلاقاتُ المحرمةُ بينَ الشبابِ والبناتِ، عبرَ هذهِ الوسائلِ الاجتماعيةِ، فيخلو الرجلُ مع المرأةِ في المراسلةِ الخاصةِ، فيدخلُ الشيطانُ بينهم، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "ما خلا رجلٌ بامرأةٍ إلَّا وكانَ الشيطانُ ثالثهُما"، والشيطانُ يكونُ مسيطرًا على الإنسانِ أشدَّ السيطرةِ في ثلاثةِ مواطنٍ، منها خَلوةِ الرجلِ بالمرأةِ، فتبدأُ بمراسلةٍ دينيةٍ وتنتهي إلى مراسلةٍ جنسيةٍ، وهذهِ مِن خُطواتِ الشيطانِ، قالَ-تعالى-: [يا أيها الذينَ آمنوا لا تتبعوا خُطواتِ الشيطانِ ومنْ يتبعْ خُطواتِ الشيطانِ فإنَّهُ يأمرُ بالفحشاءِ والمنكرِ].
ومما ابُتلينا به نساءٌ متزوجاتٌ يَعْقِدْنَ علاقاتٍ مَعَ الرجالِ، ويحصلُ بينهم تبادلاتٌ وعلاقاتٌ جنسيةٌ، وحجتُهُن-هداهُن اللهُ-أنَّهنَّ يدخُلْنَ هذهِ المواقعِ بحثًا عَنِ الحُبِّ والرومانسيةِ لأنَّ الزوجَ يفتقدُ ذلكَ، إنَّ المرأةَ العفيفةَ لا تفعلُ هذا الفعلَ الفاضحَ الشنيعَ، ولا تَعصي اللهَ مِنْ أجلِ شهوةٍ زائلةٍ حقيرةٍ، والعجبُ مِنْ رجلٍ يغارُ على حبيبتهِ مِنْ زوجها، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "ليسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ-أيْ أفسدَ امرأةً على زوجِها"، وقالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ: "إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم حرامٌ عليكم كحرمةِ يومِكم هذا في بلدِكم هذا في شهرِكم هذا."
الخطبةُ الثانيةُ
فيا أيها الرائعون: مِنَ التعاملِ السليمِ عبرَ هذه الوسائلِ الاجتماعيةِ، ألا نُحدِثُ بكُلِّ ما نعلمُ، قالَ رسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"، وقالَ الإمامُ مالكٌ: "ليسَ كلُّ ما يُعلمْ يُقالُ"
فكلُّ شخصٍ منَّا لديهِ معارفُ وأسرارٌ وعلومٌ، وليس مِنَ المناسبِ أنْ يَبوحَ أوْ يتحدَّثَ بكُلِّ ما يعلمُهُ، ومما ابُتلينا بِهِ في هذا الزمانِ، أنَّ بعضَ الرجالِ والنساءِ يُفشون أسرارَهم الزوجيةَ وما يَحصلُ بينهم في الجِماعِ، وهؤلاءِ مِنْ أشرِ النَّاسِ يومَ القيامةِ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا".
ومِنَ التعاملِ السليمِ عبرَ هذه الوساِئلِ الاجتماعيةِ، التثبتُ فيَتَثَبَتُ فيما يحكيهِ، ويحتاطُ فيما يرويهِ، لأنَّ الاخبارَ تَحتمِلُ الصدقَ والكذِبَ، خاصةً في هذا الزمنِ الذي كَثُرَ فيهِ الكذبُ، وقلَّ فيهِ الصدقُ، قالَ-تعالى-: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ]، وقالوا: "لاَ يَكْذِبُ الْمَرْءُ إِلَّا مِنْ مَهَانَتِهِ، أَوْ عَادَةِ السُّوءِ، أَوْ مِنْ قِلَّةِ الأَدَبِ".
ومِنَ التعاملِ السليمِ عبرَ هذهِ المواقعِ الاجتماعيةِ، أنْ يكونَ لربِّكَ عليكَ حقًا، فلا تُضيعْ حقَّ ربِّكَ بسببِ إدمانِك على هذه الوسائلِ، ولا تضيعْ الصلواتِ الخمسِ، وخصوصًا صلاةَ الفجرِ بسببِ سهرِك بالليل عليها، قالَ رسولُ الله-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "إنَ لربِكَ عليك حقًا، ولِأهلكَ عليك حقًا، ولِنفسِكَ عليكَ حقًا، فأعطِ كُلَّ ذي حقٍ حقَّهُ".
ومِنَ التعاملِ السليمِ عبرَ هذه الوسائلِ الاجتماعيةِ، عدمُ إيذاءِ المسلمينَ والخوضِ في أعراضِهم، وفضحِ أسرارِهِم، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ"، وصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ: لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ"، وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى الْبَيْتِ أَوْ إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: "مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالْمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللَّهِ مِنْكِ".
وأخيرًا تقولُ القاعدةُ الفقهيةُ: مَنْ غلبَ شَرُّهُ على خيرِهِ، ومفسدتُهُ على منفعتهِ، وجبَ تركُهُ، لأنَّ في تركهِ السلامةَ، وفي فِعلهِ الإثمَ والنَّدامةَ، قالَ رسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ-لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً-يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ-لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً- يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ".
ومِنَ الأُصولِ والضوابطِ، أنَّ السلامةَ لا يَعدِلُها شيءٌ، وهيَ علامةُ التوفيقِ والعلمِ والخشيةِ، كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-يَسْأَلُهُ عَنِ الْعِلْمِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عُمَرَ: "إِنَّكَ كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْعِلْمِ، فَالْعِلْمُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ أَكْتُبَ بِهِ إِلَيْكَ، وَلَكِنْ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْقَى اللهَ كَافَّ اللِّسَانِ عَنْ أَعْرَاضِ الْمُسْلِمِينَ، خَفِيفَ الظَّهْرِ مِنْ دِمَائِهِمْ، خَمِيصَ الْبَطْنِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، لَازِمًا لِجَمَاعَتِهِمْ: فَافْعَلْ".
فاحذرْ-أخي الكريم-أنْ تأتيَ يومَ القيامةِ بحسناتِ أمثالِ الجبالِ، أو أعمالٍ كالرمالِ، لكنَّها تذهبُ هباءً منثورًا أوْ تكونَ لفلانٍ ولِفلانٍ وليستْ لكَ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلَّمَ-: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ".
[/align]
المرفقات

كيف نتعامل مع وسائل التواصلِ-22-2-1437ه-عنان-الملتقى-بتصرف.docx

كيف نتعامل مع وسائل التواصلِ-22-2-1437ه-عنان-الملتقى-بتصرف.docx

المشاهدات 1420 | التعليقات 0