كيف كرم الإسلام المرأة
زراك زراك
1433/04/18 - 2012/03/11 06:46AM
كيف كرم الإسلام المرأة؟
الجمعة 08 مارس 2012 الموافق لـ 16. ربيع الثاني 1433
محمد زراك مسجد أولاد برحيل
لبسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
الحمد لله الذي جعل النساء شقائق الرجال، وأكرمهن أفضل الإكرام في الحال والمآل، فدعاهن إلى أحسن الأخلاق وأفضل الأعمال، وأشهد أن لا إله إلا الله الكبير المتعال، شرع للمرأة حقوقا تحميها من الآلام وسوء الأعمال، وواجبات تحقق لها الأماني والآمال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الكريم المفضال، أول من حرر المرأة من وطأة العبودية والاستغلال، إلى التمتع بالحرية والاستقلال، وهو الذي قال: «إنما النساء شقائق الرجال»، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل والإجلال، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الجزاء على الأقوال والأفعال.
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته
لقد كثر الحديث عن المرأة في هذه الأيام، بسبب ما يسمى باليوم العالمي للمرأة، (وهو اليوم الثامن من شهر مارس) والناس منقسمون قديما وحديثا في قضية المرأة بين نصير لها وعدو لها؛ فمن الناس من يقول:
إن النساء رياحين خلقن لنا وكلنا يشتهي شم الرياحين
ومن الناس من يقول:
إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين
ومنهم من يقول: وراء كل عظيم امرأة، ومنهم من يقول: وراء كل مجنون امرأة، ومنهم من يشيد بالمرأة ويتغنى لها ويحدد فضائلها ويركع لها ويسجد، ومنهم من ينظر إليها بمنظار قاتم أسود، حتى إنهم حملوها خطيئة آ دم حين أخرج من الجنة بإغوائها وإغرائها، وقد وجد ذلك في أسفار العهد القديم عند اليهود والنصارى، وعند العرب في الجاهلية كانوا يفتخرون بدفنها حية فيقولون: دفن البنات من المكرمات!!! ويقولون: المرأة لا تخرج إلا ثلاث مرات في حياتها: من بطن أمها إلى العالم، ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى قبرها.
ولكن الإسلام عندما جاء ارتفع بقيمة المرأة وكرامتها من هذين الاتجاهين المتناقضين المتطرفين، فكان إكرامه لها وسطا بين الإفراط والتفريط،
فأكرمها وهي بنت فاعتبر إكرامها والإحسان إليها مفتاحَ الجنة، والسترَ من النار، يقول النبي فيما أخرجه الخطيب في تاريخه وهو صحيح: «من كان له أختان أو بنتان فأحسن إليهن ما صحبتاه كنت أنا وهوا في الجنة كهاتين». وقرن بين أصبعيه. ويقول فيما روى البخاري ومسلم: «من أبتلى من هذه البنات بشيء، فأحسن إليهن، كن له سترا من النار».
ثم أكرمها وهي زوجة؛ فجعل مقياس الرجال، وميزان الأخلاق، بقدر إكرام الرجل زوجته، فقال فيما روى الترمذي وأحمد بسند حسن: «خيركم خيركم لأهله».
ثم أكرمها وهي أم؛ فجعلها في مرتبة لم يصل إليها أحد قط، حين سأل رجل النبي من أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله؟ فقال : «أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك» رواه البخاري ومسلم. وقال : «الجنة تحت أقدام الأمهات».
ثم اعتبرها الإسلام المرأة عضوا من المجتمع، إنسانة مكلفة مثل الرجل، مخاطبة بأمر الله ونهيه. مثابة على الخير، ومعاقبة على الشر، مثل الرجل سواء بسواء، لها حقوق وعليها واجبات، قال الله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. وأول أمر إلهي صدر للبشر، خوطب به الرجل والمرأة معا، حين قال الله تعالى لآدم وحواء في الجنة: وكلا منها رغدا حيث شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ويقول: «إنما النساء شقائق الرجال». فهي نصف المجتمع، فقد شاركت في جميع الميادين في الإسلام، وكانت بجانب الرجل في أمور الدين والدنيا؛ فقد كن على عهد الرسول ممرضات ومعلمات ومجاهدات في سبيل الله؛ بل للمرأة الأسبقية في كثير من الميادين، ويكفيها شرفا أن أول من أسلم على الإطلاق كان امرأة: خذيجة بنت خويلد وأول شهيد في الإسلام كان امرأة سمية أم عمار بن ياسر.
فهذه الربيعٍِ بنت معوذ تقول رضي الله عنها فيما روى البخاري: «كنا نغزو مع النبي نسقي ونداوي الجرحى» ويقول الرسول في غزوة أحد: «ما ألتفت يمينا ولا شمالا إلا ورأيت أم سليط تقاتل دوني».
وهذه عائشة رضي الله عنها كانت مرجع الصحابة في العلوم الشرعية، وكانت تناقشهم وترد على من خالفها، كما ثبت ذلك عنها في عدة أحاديث مشهورة، وكان نساء الصحابة يطالبن بحقهن في التعليم، فيستجيب الرسول لهن، روى البخاري ومسلم أن امرأة قالت للرسول : اجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله. فقال لها: «اجتمعن في يوم كذا وكذا، فعلمهن مما علمه الله».
أيها الاخوة المؤمنون! الإسلام زاد في تكريم المرأة فأجاز لها الخروج والمشاركة في أمور الحياة، ولكنه وضع لهذا الخروج شروطا كلها لصالح المرأة وشرفها وقيمتها، حتى يحفظ نساء الأحرار، شرفهن من شر الأشرار،
فمن هذه الشروط: الحجاب، لقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وفي الحديث أن الرسول قال: «إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلى هذا وهذا». وأشار إلى وجهه وكفيه، والحجاب الشرعي مبني على أسس ثلاثة: لا يصف ولا يكشف ولا يشف؛ أما كونه لا يصف فمعناه ألا يكون ضيقا يصف ما تحته. أما كونه لا يكشف فمعناه أن يغطي جمع الجسد ما عدا الوجه والكفين. أما كونه لا يشف فمعناه أن لا يكون شفافا منفتحا يرى ما تحته.
ومن هذه الشروط: غض البصر، لقول الله عز وجل: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.
ومن هذه الشروط: اجتناب الخلوة بالأجنبي في العمل والبيوت وسيارات الأجرة وغيرها،
ومن هذه الشروط: الجدية في اللقاء والوقار في الحركات، وعدم وضع المكياج والروائح الطيبة للخروج، يقول سبحانه: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن، ويقول الرسول: فيما روى الترمذي وغيره بسند حسن: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية».
أيها الإخوة المؤمنون هذا هو دينكم الإسلام؛ وسط في عقيدته وتصوره، وسط في شريعته وشرائعه، وسط في عاداته وعباداته، وسط في أخلاقه وفضائله؛ لأن الوسطية استقامة وإيمان، قوة وأمان، وأن الإفراط والتفريط ضلال وعصيان، وضعف وهوان، يقول الله تعالى: وكذلك جعلنكم أمة وسطا، وجاء في الأثر: «خير الأمور أوسطها» أقول قولي هذا....
الخطبة الثانية
الحمد لله.....
الله جل وعلا أعز المرأة المسلمة، ورفع قدرها، فنهانا عن ظلمها بكل أنواع الظلم،
ففي مجتمعنا أناس مقصرون في حق المرأة، وهي عند أحدهم كالأمة يتزوجها ليتمتع بها متى شاء، يضربها متى شاء ويكلمها متى شاء ويطلقها متى شاء،
فمنهم من يجعل السب واللعن للمرأة والإذلال والإحتقار لها لأجل كونه قيّماً عليها، ، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"،
ومنهم من يضرب زوجته ضربا شديدا مؤذيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولذلك يا عباد الله لنا في رسول الله قدوة حسنة: تقول عائشة رضي الله عنها ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأةً ولا خادما إلا أن يكون في جهادٍ في سبيل الله.
ومنهم من يمنع المرأة من زيارة أهلها أحياناً والحيلولة بينها وبين الالتقاء بوالديها وإخوانها لأتفه الأسباب التي لا داعي لها،
ومنهم من يحرم بناته عن الميراث، ويكتب تركته بيعا وشراء لأبنائه الذكور دون الإناث، فيستفيد الذكور من أبيهم في حياته وبعد مماته والرسول يقول: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». كل ذلك من الجهل فإن الله جل وعلا أعطى المرأة حقها في الميراث، فأعطى للزوجة ربعاً أو ثمناً، وإن كانت أماً سدساً أو ثلثاً، وإن كانت بنتاً أو أختاً أعطاها النصف أو الثلثين، أو ترث بالتعصيب مع أخيها، فجعل الله ذلك حداً من الحدود لمّا أنهى المواريث، قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فاللذين يحولون بين المرأة وبين نصيبها من الميراث، ويحاولون بكل وسيلة إخفاء حقوقها، أولئك ظالمون لأنفسهم معتدون ، معطلون لحكم من أحكام الله،
ومنهم من يتدخل في حُرِّ مال المرأة الخاص، الذي اكتسبته بوظيفة أو حرفة أو نحو ذلك، فإن بعضاً من الرجال يتصرف في مال زوجته متى وكيف ما شاء، وهذا كله ظلم وعدوان، فمالها المكتسب بعملها حق لها حفظه لها الشارع، فلا يجوز التعدي عليه، ولا الأخذ منه إلا بإذنها، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبةٍ من نفسه"،
فأمثال هؤلاء رجعوا بالمرأة إلى عهد الجاهلية قبل الإسلام فاتقوا الله أيها المسلمون
أحبابي في الله ! ملخص الموضوع: كل واحد منا يتق الله في المراة، فإن كانت أماً فالجنة تحت قدميها وإن كانت أختاً فدخول الجنة موقوف على الإحسان إليها ، وإن كانت بنتاً فمن حقها تربيتها وتزويجها باختيارها ، وإلا فقد ظلمها وأساء إليها ، والويل له من ربه. والنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول فِيمَا رَوَى عَنْ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى, أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمِ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا).
ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله…
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
أمير المؤمنين محمدا السادس اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وأعنه على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر به وعلى يديه، اللهم احفظه في ولي عهده وفي كافة أسرته الشريفة يارب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم انا نعوذ بك من الهم والحزن، ونعوذ بك من العجز والكسل، ونعوذ بك من الجبن والبخل ، ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال،
..لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم إنا نسألك باسمك المبارك الأحب إليك أن تغفر لنا وترحمنا، وان تحفظ أسرنا وأحبتنا، وان تبارك له في أرزاقنا وأعمالنا وذرياتنا، وديننا ودنيانا، وأن تسعد قلوبنا، وأن تفرج كروبنا، وتكشف همومنا وغمومنا، وتيسر أمورنا، وأن تهدي أولادنا، وأن ترحم موتانا، وتغفر ذنوبنا، وتطهر نفوسنا، وأن توفقنا جميعا لما تحبه وترضاه ربنا اغفر لنا.. اللهم أمين يارب العالمين سبحان ربك... والحمد لله رب العالمين.
الجمعة 08 مارس 2012 الموافق لـ 16. ربيع الثاني 1433
محمد زراك مسجد أولاد برحيل
لبسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
الحمد لله الذي جعل النساء شقائق الرجال، وأكرمهن أفضل الإكرام في الحال والمآل، فدعاهن إلى أحسن الأخلاق وأفضل الأعمال، وأشهد أن لا إله إلا الله الكبير المتعال، شرع للمرأة حقوقا تحميها من الآلام وسوء الأعمال، وواجبات تحقق لها الأماني والآمال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الكريم المفضال، أول من حرر المرأة من وطأة العبودية والاستغلال، إلى التمتع بالحرية والاستقلال، وهو الذي قال: «إنما النساء شقائق الرجال»، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل والإجلال، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الجزاء على الأقوال والأفعال.
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته
لقد كثر الحديث عن المرأة في هذه الأيام، بسبب ما يسمى باليوم العالمي للمرأة، (وهو اليوم الثامن من شهر مارس) والناس منقسمون قديما وحديثا في قضية المرأة بين نصير لها وعدو لها؛ فمن الناس من يقول:
إن النساء رياحين خلقن لنا وكلنا يشتهي شم الرياحين
ومن الناس من يقول:
إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشياطين
ومنهم من يقول: وراء كل عظيم امرأة، ومنهم من يقول: وراء كل مجنون امرأة، ومنهم من يشيد بالمرأة ويتغنى لها ويحدد فضائلها ويركع لها ويسجد، ومنهم من ينظر إليها بمنظار قاتم أسود، حتى إنهم حملوها خطيئة آ دم حين أخرج من الجنة بإغوائها وإغرائها، وقد وجد ذلك في أسفار العهد القديم عند اليهود والنصارى، وعند العرب في الجاهلية كانوا يفتخرون بدفنها حية فيقولون: دفن البنات من المكرمات!!! ويقولون: المرأة لا تخرج إلا ثلاث مرات في حياتها: من بطن أمها إلى العالم، ومن بيت أبيها إلى بيت زوجها، ومن بيت زوجها إلى قبرها.
ولكن الإسلام عندما جاء ارتفع بقيمة المرأة وكرامتها من هذين الاتجاهين المتناقضين المتطرفين، فكان إكرامه لها وسطا بين الإفراط والتفريط،
فأكرمها وهي بنت فاعتبر إكرامها والإحسان إليها مفتاحَ الجنة، والسترَ من النار، يقول النبي فيما أخرجه الخطيب في تاريخه وهو صحيح: «من كان له أختان أو بنتان فأحسن إليهن ما صحبتاه كنت أنا وهوا في الجنة كهاتين». وقرن بين أصبعيه. ويقول فيما روى البخاري ومسلم: «من أبتلى من هذه البنات بشيء، فأحسن إليهن، كن له سترا من النار».
ثم أكرمها وهي زوجة؛ فجعل مقياس الرجال، وميزان الأخلاق، بقدر إكرام الرجل زوجته، فقال فيما روى الترمذي وأحمد بسند حسن: «خيركم خيركم لأهله».
ثم أكرمها وهي أم؛ فجعلها في مرتبة لم يصل إليها أحد قط، حين سأل رجل النبي من أحق الناس بحسن صحبتي يا رسول الله؟ فقال : «أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك» رواه البخاري ومسلم. وقال : «الجنة تحت أقدام الأمهات».
ثم اعتبرها الإسلام المرأة عضوا من المجتمع، إنسانة مكلفة مثل الرجل، مخاطبة بأمر الله ونهيه. مثابة على الخير، ومعاقبة على الشر، مثل الرجل سواء بسواء، لها حقوق وعليها واجبات، قال الله تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. وأول أمر إلهي صدر للبشر، خوطب به الرجل والمرأة معا، حين قال الله تعالى لآدم وحواء في الجنة: وكلا منها رغدا حيث شئتما، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ويقول: «إنما النساء شقائق الرجال». فهي نصف المجتمع، فقد شاركت في جميع الميادين في الإسلام، وكانت بجانب الرجل في أمور الدين والدنيا؛ فقد كن على عهد الرسول ممرضات ومعلمات ومجاهدات في سبيل الله؛ بل للمرأة الأسبقية في كثير من الميادين، ويكفيها شرفا أن أول من أسلم على الإطلاق كان امرأة: خذيجة بنت خويلد وأول شهيد في الإسلام كان امرأة سمية أم عمار بن ياسر.
فهذه الربيعٍِ بنت معوذ تقول رضي الله عنها فيما روى البخاري: «كنا نغزو مع النبي نسقي ونداوي الجرحى» ويقول الرسول في غزوة أحد: «ما ألتفت يمينا ولا شمالا إلا ورأيت أم سليط تقاتل دوني».
وهذه عائشة رضي الله عنها كانت مرجع الصحابة في العلوم الشرعية، وكانت تناقشهم وترد على من خالفها، كما ثبت ذلك عنها في عدة أحاديث مشهورة، وكان نساء الصحابة يطالبن بحقهن في التعليم، فيستجيب الرسول لهن، روى البخاري ومسلم أن امرأة قالت للرسول : اجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله. فقال لها: «اجتمعن في يوم كذا وكذا، فعلمهن مما علمه الله».
أيها الاخوة المؤمنون! الإسلام زاد في تكريم المرأة فأجاز لها الخروج والمشاركة في أمور الحياة، ولكنه وضع لهذا الخروج شروطا كلها لصالح المرأة وشرفها وقيمتها، حتى يحفظ نساء الأحرار، شرفهن من شر الأشرار،
فمن هذه الشروط: الحجاب، لقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وفي الحديث أن الرسول قال: «إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلى هذا وهذا». وأشار إلى وجهه وكفيه، والحجاب الشرعي مبني على أسس ثلاثة: لا يصف ولا يكشف ولا يشف؛ أما كونه لا يصف فمعناه ألا يكون ضيقا يصف ما تحته. أما كونه لا يكشف فمعناه أن يغطي جمع الجسد ما عدا الوجه والكفين. أما كونه لا يشف فمعناه أن لا يكون شفافا منفتحا يرى ما تحته.
ومن هذه الشروط: غض البصر، لقول الله عز وجل: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.
ومن هذه الشروط: اجتناب الخلوة بالأجنبي في العمل والبيوت وسيارات الأجرة وغيرها،
ومن هذه الشروط: الجدية في اللقاء والوقار في الحركات، وعدم وضع المكياج والروائح الطيبة للخروج، يقول سبحانه: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن، ويقول الرسول: فيما روى الترمذي وغيره بسند حسن: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية».
أيها الإخوة المؤمنون هذا هو دينكم الإسلام؛ وسط في عقيدته وتصوره، وسط في شريعته وشرائعه، وسط في عاداته وعباداته، وسط في أخلاقه وفضائله؛ لأن الوسطية استقامة وإيمان، قوة وأمان، وأن الإفراط والتفريط ضلال وعصيان، وضعف وهوان، يقول الله تعالى: وكذلك جعلنكم أمة وسطا، وجاء في الأثر: «خير الأمور أوسطها» أقول قولي هذا....
الخطبة الثانية
الحمد لله.....
الله جل وعلا أعز المرأة المسلمة، ورفع قدرها، فنهانا عن ظلمها بكل أنواع الظلم،
ففي مجتمعنا أناس مقصرون في حق المرأة، وهي عند أحدهم كالأمة يتزوجها ليتمتع بها متى شاء، يضربها متى شاء ويكلمها متى شاء ويطلقها متى شاء،
فمنهم من يجعل السب واللعن للمرأة والإذلال والإحتقار لها لأجل كونه قيّماً عليها، ، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"،
ومنهم من يضرب زوجته ضربا شديدا مؤذيا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولذلك يا عباد الله لنا في رسول الله قدوة حسنة: تقول عائشة رضي الله عنها ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأةً ولا خادما إلا أن يكون في جهادٍ في سبيل الله.
ومنهم من يمنع المرأة من زيارة أهلها أحياناً والحيلولة بينها وبين الالتقاء بوالديها وإخوانها لأتفه الأسباب التي لا داعي لها،
ومنهم من يحرم بناته عن الميراث، ويكتب تركته بيعا وشراء لأبنائه الذكور دون الإناث، فيستفيد الذكور من أبيهم في حياته وبعد مماته والرسول يقول: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم». كل ذلك من الجهل فإن الله جل وعلا أعطى المرأة حقها في الميراث، فأعطى للزوجة ربعاً أو ثمناً، وإن كانت أماً سدساً أو ثلثاً، وإن كانت بنتاً أو أختاً أعطاها النصف أو الثلثين، أو ترث بالتعصيب مع أخيها، فجعل الله ذلك حداً من الحدود لمّا أنهى المواريث، قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فاللذين يحولون بين المرأة وبين نصيبها من الميراث، ويحاولون بكل وسيلة إخفاء حقوقها، أولئك ظالمون لأنفسهم معتدون ، معطلون لحكم من أحكام الله،
ومنهم من يتدخل في حُرِّ مال المرأة الخاص، الذي اكتسبته بوظيفة أو حرفة أو نحو ذلك، فإن بعضاً من الرجال يتصرف في مال زوجته متى وكيف ما شاء، وهذا كله ظلم وعدوان، فمالها المكتسب بعملها حق لها حفظه لها الشارع، فلا يجوز التعدي عليه، ولا الأخذ منه إلا بإذنها، يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبةٍ من نفسه"،
فأمثال هؤلاء رجعوا بالمرأة إلى عهد الجاهلية قبل الإسلام فاتقوا الله أيها المسلمون
أحبابي في الله ! ملخص الموضوع: كل واحد منا يتق الله في المراة، فإن كانت أماً فالجنة تحت قدميها وإن كانت أختاً فدخول الجنة موقوف على الإحسان إليها ، وإن كانت بنتاً فمن حقها تربيتها وتزويجها باختيارها ، وإلا فقد ظلمها وأساء إليها ، والويل له من ربه. والنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول فِيمَا رَوَى عَنْ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى, أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمِ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا).
ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله…
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
أمير المؤمنين محمدا السادس اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وأعنه على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام، اللهم انصر به وعلى يديه، اللهم احفظه في ولي عهده وفي كافة أسرته الشريفة يارب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم انا نعوذ بك من الهم والحزن، ونعوذ بك من العجز والكسل، ونعوذ بك من الجبن والبخل ، ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال،
..لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم إنا نسألك باسمك المبارك الأحب إليك أن تغفر لنا وترحمنا، وان تحفظ أسرنا وأحبتنا، وان تبارك له في أرزاقنا وأعمالنا وذرياتنا، وديننا ودنيانا، وأن تسعد قلوبنا، وأن تفرج كروبنا، وتكشف همومنا وغمومنا، وتيسر أمورنا، وأن تهدي أولادنا، وأن ترحم موتانا، وتغفر ذنوبنا، وتطهر نفوسنا، وأن توفقنا جميعا لما تحبه وترضاه ربنا اغفر لنا.. اللهم أمين يارب العالمين سبحان ربك... والحمد لله رب العالمين.