كيف تكون شهيدا
الشيخ السيد مراد سلامة
الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابًا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجَل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أيِّ الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدلِه، ولا اعتراض على الملك الخلاق.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، إلهٌ عزَّ مَن اعتز به فلا يضام، وذلَّ مَن تكبر عن أمره ولقي الآثام.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه، وسيد أصفيائه، المخصوص بالمقام المحمود، في اليوم المشهود، الذي جُمع فيه الأنبياء تحت لوائه.
ثم أما بعد:
أحباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إن سألتم ما هي الثمرات التي يهبها الله تعالى للشهداء في سبيله.
يقول جل في علاه - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصف: 10 - 13].
عن المقدام بن معدي كرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه - أو يرى مقعده من الجنة - ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، يشفع في سبعين من أقاربه ([1])
عرس الشهيد:
ومن تكريم الله تعالى للشهداء الذين ضحوا بأنفسهم وتركوا زوجاتهن أن يزوجهم الله تعالى من الحور العين اللاتي ذكرهن الله تعالى في كتابه فقال في شانهن ﴿ فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: 56 -58].
اسمعوا إلى تلك البشارة قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم - (ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين).
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشهداء على بارق نهر باب الجنة في قبة خضراء، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشية ([2]) رواه أحمد.
عبد الله بن عبيد بن عمير قال " إذا التقى الصفان أهبط الله الحور العين إلى السماء الدنيا فإذا رأين الرجل يرضين قدمه قلن: اللهم ثبته، وإن فر احتجبن منه فإن هو قتل نزلنا إليه فمسحتا التراب عن وجهه وقالت: اللهم عفر من عفرة وترب من تربة([3])
إذا كيف تكون شهيدا؟
الجواب بحول الملك الوهاب :
الأول الإيمان بالله تعالى واتباع رسوله
اعلم بارك الله فيك ا ناول شرط للشهادة إيمان بالله تعالى وحده لا شريك له لان الشهادة منزلة علية و مكانة سمية فهي المنزلة الثانية بعد النبوة قال الله تعالى {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا } [النساء: 69، 70]
فأول خطوة في سبيل الشهادة أن يكون الذي استشهد مسلما موحدا لله عز وجل، فكون المقتول مشركا بالله أو كافرا ثم ما لبث أن انطلق للجهاد والقتال ثم قتل لا يعتبر شهيدا ولا ينتفع بذلك بشئ من جهاده وقتاله حتى لو كان ذلك القتال مع المسلمين وضد الكفار، وذلك لأن الشرك بالله والكفر يحبط مضمون ومطلق العمل وذلك لقوله صلى الله عليه وسلـم بهذا الشأن عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ أَشْرَكَ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ، عَمَلًا حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ» ([4])
ثانيا: النية الصالحة
اعلم علمني الله و إياك :أن من شروط الشهادة النية الصادقة الصالحة و هي أن تكون من أجل إعلاء كلمة الله تعالى و الزود عن دينه
فالذي يتمنى أن يلقى ربه شهيدا في يوم من الأيام فأساس العمل المقبول للإنسان المسلم إخلاص النية لله عز وجل، وعدم إشراك أي مصلحة أو غرض أو أي حاجة من حوائج الدنيا في هذه النية، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ ([5]).
عن أبي هريرة قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى العِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ، فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ المَالِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ: أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ المَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ المَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ المَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: أُمِرْتُ بِالجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ لَهُ المَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيءٌ , فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ "، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» ([6])
وبالنية الصادقة ينال المرء اجر الشهادة وإن مات على فراشه
عن سَهْل بْنَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ مِنْ قَلْبِهِ صَادِقًا بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ»([7])
لذلك كان الصحابة يحرصون على الموت في سبيل الله ويسألون الله ذلك في دعائهم وصلاتهم .فهذا سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش الموت يقول ( والله لقد شهدت مائة زحف أو زهائها وما في جسدي إلا ضربة سيف أو طعنة رمح وها أنا ذا أموت على فراشي كما تموت العير فلا نامت أعين الجبناء)
وعن ابن سيرين؛ استلقى البراء بن مالك فترنم، فقال له أنس: (اذكر الله يا أخي)، فاستوى جالساً، فقال: (أي أنس! - ابن أبي - لا أموت على فراشي وقد قتلت مائة من المشركين؛ مبارزة، سوى من شاركت في قتله).
قال الزبير رضي الله عنه ( نحن أمة لا نموت إلا قتلا , فمالي أرى الفرش قد كثر عليها الأموات)
وقد خرّج ابن المبارك بإسناده عن صفوان؛ أن أبا هريرة قال: (أيستطيع أحدكم أن يقوم فلا يفتر و يصوم فلا يفطر ما كان حيا؟) فقيل: (يا أبا هريرة من يطيق هذا؟)، قال: (والذي نفسي بيده إن نوم المجاهد في سبيل الله أفضل منه).
ثالثا سؤال الله تعالى الشهادة بصدق :
أن يلح المسلم على أن ينال منزلة الشهداء ويسأل الله تعالى فتلك منزلة الصفوة من عباد الله تعالى
لذا كان الأخيار من أصحاب النبي المختار – صلى الله عليه وسلم يسألون الله تعالى الشهادة و يلحون في الدعاء
وانظروا إلى حال الصحابي عبد الله بن جحش ماذا يدعوا وماذا يتمنى وماذا يريد؟
عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: " أَلَا نَأْتِي نَدْعُو اللهَ " فَخَلَوْا فِي نَاحِيَةٍ، فَدَعَا سَعْدٌ قَالَ: يَا رَبِّ، إِذَا لَقِينَا الْقَوْمَ غَدًا، فَلَقِّنِي رَجُلًا شَدِيدًا بَأْسُهُ شَدِيدًا حَرْدُهُ؛ فَأُقَاتِلَهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفَرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلَبَهُ، فَأَمَّنَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَحْشٍ ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ ارْزُقْنِي غَدًا رَجُلًا شَدِيدًا حَرْدُهُ، شَدِيدًا بَأْسُهُ، أُقَاتِلُهُ فِيكَ وَيُقَاتِلُنِي، ثُمَّ يَأْخُذُنِي فَيَجْدَعُ أَنْفِي، فَإِذَا لَقِيتُكَ غَدًا قُلْتَ: يَا عَبْدَ اللهِ، فِيمَ جُدِعَ أَنْفُكَ وَأُذُنُكَ؟ فَأَقُولُ: فِيكَ وَفِي رَسُولِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَقُولُ: صَدَقْتَ "، قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: يَا بُنِيَّ، كَانَتْ دَعْوَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ خَيْرًا مِنْ دَعْوَتِي، لَقَدْ رَأَيْتُهُ آخِرَ النَّهَارِ وَإِنَّ أُذُنَهُ وَأَنْفَهُ لَمُعَلَّقَانِ فِي خَيْطٍ
عن أبيه : أن عمر بن الخطاب ، قال : اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ووفاة في مدينة رسولك .
(وكان صلاح الدين إذا سمع أنَّ العدو قد داهم المسلمين خرَّ إلى الأرض ساجداً لله، داعياً بهذا الدعاء: اللهم قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك ولم يبق إلا الإخلاد إليك ، والاعتصام بحبلك والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعم الوكيل)
ويقول: (ورأيته ساجداً ودموعه تتقاطر على شيبته ثمَّ على سجَّادته ، ولا أسمع ما يقول ، ولم ينقض ذلك اليوم إلاّ ويأتيه أخبار النصر على الأعداء، وكان أبداً يقصد بوقفاته الجمع ، سيما أوقات صلاة الجمعة تبركاً بدعاء الخطباء على المنابر، فربما كانت أقرب إلى الاستجابة)([8])
رابعا: أن يكون الأمر الذي يقتل من أجله أمر شرعي
أن يكون غرضك الذي يستشهد من دونه أمرا شرعيا، كأن يقتل دون ماله وعرضه ونفسه أو دون أهله أو دون المسلمين دفاعا عنهم ونحو ذلك، لما ورد في الحديث " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ مَظْلُومًا فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ جَارِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَكُلُّ قَتِيلٍ فِي جَنْبِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ([9])
فالذي يدافع عن نفسه أو عرضه أو وطنه ضد المعتدين المخربين إذا قتل فهو شهيد بإذن الله تعالى
رابعا التضحية بالنفس والمال
التضحية هي البذل والعطاء من أجل تحقيق غاية سامية عظيمة ، ففي الإسلام :الغاية هي نصرة دين الله عز وجل ونصرة رسوله ، ونصرة تطبيق شرعة حتى يعيش الناس جميعا في أمن وسلام .
وبكلمات أخرى هي دعم فريضة الجهاد من اجل جعل كلمه الله هي العليا وكلمة الكافرين السفلى ويكون ذلك بالنفس والمال والكلمة والوقت وبكل شيء عزيز، فلا جهاد بلا تضحية.
التضحية بالمال في سبيل الله
نماذج من التضحية بالمال في سبيل الله (غزوه تبوك)
- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لغزو الروم وذلك في وقت فيه عسرة علي الناس وشدة الحر وجدب البلاد ، وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام علي ثمارهم و ظلالهم ... سمي جيش العسرة
- حض رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الغنى علي النفقة في سبيل الله وأعلن وقال "من جهز جيش العسرة فله الجنة" فتسابق المسلمون رجالا ونساءََ في التبرع بحليهم وبمالهن والرجال بما يستطيعون .
- أبوبكر: تبرع بكل ماله وكان 4000 درهم، ويسأله رسول الله هل أبقيت لأهلك شيئا؟ فيقول رضي الله عنه ، أبقيت لهم الله ورسوله.
- عبد الرحمن بن عوف: 100 أوقيه من الذهب الخالص.
- عثمان بن عفان : 300 بعير وألف دينار ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم اللهم ارضى عن عثمان فاني راض عنه.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد:
التضحية بالنفس
يقدم المسلم نفسه رخيصة في سبيل جعل كلمه الله هي العليا وكلمه الكافرين السفلى.
وورد في القرآن الكريم آيات كثيرة عن التضحية بالنفس منها قوله تبارك وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } التوبة(111) ويقول تبارك وتعالى: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} النساء (95)
هذه صور من تلك النماذج على سبيل المثال لا الحصر:
روى ابن إسحاقَ عن أبيه إسحاقَ بنِ يسار، عن أشياخ من بني سلمة، أن عمرَو بنَ الجموحِ كان رجلًا أعرجَ شديدَ العرَج، وكان له بنونَ أربعةٌ مثلُ الأُسْد، يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد، فلما كان يومُ أُحُدٍ أرادوا حَبْسَه، وقالوا له: إن الله عز وجل قد عَذَرَك، فأتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن بنِيَّ يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه، والخروجِ معك فيه، فوالله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمَّا أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك "، وقال لبنيه: " ما عليكم ألّا تمنعوه، لعل الله أن يرزقه الشهادة "، فخرج معه فقتل يوم أحد.
غسيل الملائكة
** حنظلة بن عامر غسيل الملائكة : تزوج " حنظله " جميلة بنت عبد الله بن أبي سلول فأدخله في الليلة التي صبيحتها كان قتال أحد وكان ، قد استأذن الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يبيت عندها فأذن له ، فلما صلي غدا يريد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بأحد ثم مال إلى جميلة فأجنب منها جامعها ، وكانت أرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه دخل بها فقيل لها في ذلك فقالت : رأيت كأن السماء قد فرجت له فدخل فيها ثم أطبقت فقلت هذه الشهادة ، وعلقت بعبد الله بن حنظلة لأبي سفيان بن حرب فضرب عرقوب فرسه فوقع أبو سفيان فحمل رجل منهم علي حنظلة فأنفذه بالرمح فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن عامر بين السماء والأرض بماء المزن في صحاف الفضة . قال أبو سيد الساعدي : فذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء فرجعت إلى رسول الله rفأخبرته أنه خرج وهو جنب ، فولده يقال لهم : " بنو غسيل الملائكة " وفي رواية " فسألوا صاحبته عنه زوجته فقالت : انه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب)
عمير بن الحمام رضي الله عنه -.
عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَ وَمَا فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِي، وَغَيْرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا أَدْرِي مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ، قَالَ: فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ، قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ لَنَا طَلِبَةً، فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا»، فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِي ظُهْرَانِهِمْ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: «لَا، إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا»، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَيْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ»، فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ»، قَالَ: - يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: - يَا رَسُولَ اللهِ، جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: بَخٍ بَخٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ؟» قَالَ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا»، فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، قَالَ: فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ ([10])
خامسا: اخلف غازيا في أهله أو جهز غازيا
عن زيد بن خالد -رضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: ((من جهَّز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في سبيل الله بخيرٍ فقد غزا))؛ متفق عليه.
عَنْ أَبي أُمامة، قَالَ: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: أفْضَلُ الصَّدَقات ظِلُّ فُسْطَاطٍ في سَبِيلِ اللَّه، ومَنِيحةُ خادمٍ في سَبِيلِ اللهِ، أَوْ طَروقهُ فحلٍ في سَبِيلِ اللَّه رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
الدعاء ...................................................ز
[1] - أخرجه أحمد (4/131، رقم 17221) ، والترمذي (4/187 ، رقم 1663)
[2] - أخرجه أحمد (1/266، رقم 2390) قال الهيثمي (5/294): رجاله ثقات
[3] - مصنف عبد الرزاق (5/ 258)
[4] - أخرجه النسائي (5/82 ، رقم 2568) ، والحاكم (4/643 ، رقم 8774) . وأخرجه أيضًا : أحمد (5/4 ، رقم 20049) .
[5] -أخرجه أحمد انظر صحيح الترغيب والترهيب: 1331
[6] - أخرجه ابن المبارك (1/159 ، رقم 469) ، والترمذى (4/591 ، رقم 2382) صحيح الترغيب والترهيب: 22
[7] - سنن الترمذي (4/ 183) قال الشيخ الألباني : صحيح
[8] - سيرة صلاح الدين الأيوبي للقاضي ابن شدَّاد ص ـ8 وما بعده.
[9] - أخرجه النسائي في الكبرى (2/309 ، رقم 3549) . وأخرجه أيضًا : أحمد (2/223 ، رقم 7084) ، والبيهقي
(8/335 ، رقم 17412) .
[10] - أخرجه : مسلم 6/44 (1901) (145
المرفقات
تكون-شهيدا
تكون-شهيدا