كَيْفَ تُذْكَرُ عِنْدَ اللهِ

محمد بن مبارك الشرافي
1442/11/20 - 2021/06/30 07:34AM

كَيْفَ تُذْكَرُ عِنْدَ اللهِ 22 ذِي القَعْدَة 1442هـ

الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا , وَهُوَ الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَن يَّذَّكَرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورا، وَهُوَ الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا, وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الْمَبْعُوثُ مِنْ رَبِّهِ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَأَوْضَحَ اللهُ بِهِ الْمَحَجَّةَ وَأَقَامَ بِهِ الْحُجَّة، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 أَمَّا بَعْدُ  فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ خَصَّ أَرْبَعًا مِنَ الْكَلَامِ بِفَضَائِلَ عَظِيمَةٍ وَمِيزَاتٍ جَلِيلَةٍ، تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهَا وَرِفْعَةِ قَدْرِهَا, تُمَيِّزُهَا عَلَى مَا سُوَاهُنَّ مِنَ الْكَلَامِ، وَهُنَّ  سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ, وَلا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَاللهُ أَكْبَرُ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِ هَذِهِ الكَلِمَاتِ الأَرْبَعِ نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى عِظَمِ فَضْلِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا مِنْ أُجُورٍ عَظِيمَةٍ وَأَفْضَالٍ كَرِيمَةٍ، وَخَيْرَاتٍ مُتَوالِيَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

فَمِنْ فَضَائِلِ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ  أَنَّهُنَّ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ، فَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ. لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ فَضَائِلِهِنَّ  أنَّهنَّ أحبُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهِا، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ فَضَائِلِهِنَّ: أَنَّهُنَّ مُكَفِّرَاتٌ لِلذُّنُوبِ، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ. وَالْمُرَادُ بِالذُّنُوبِ الْمُكَفَّرَةِ هُنَا أَي: الصَّغَائِرِ، لِأَنَّ الْكَبَائِرَ لا يُكفِّرُهَا إِلَّا التَّوْبَةُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ فَضَائِلِ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ: أنَّهنَّ غَرْسُ الْجَنَّةِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

وَمِنْ فَضَائِلِهِنَّ  أنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ يُكْثِرُ تَكْبِيرَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَتَهْلِيلَهُ وَتَحْمِيدَهُ: رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ ثَلَاثَةً، أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ يَكْفِينِيهِمْ؟) قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا, فَكَانُوا عِنْدَه، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا فَخَرَجَ فيه أَحَدُهُمْ فَاسْتُشْهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ بَعْثًا فَخَرَجَ فِيهِ آخَرُ فَاسْتُشْهِدَ، قَالَ: ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ طَلْحَةُ: فَرَأَيْتُ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدِي فِي الْجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ الْمَيِّتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَمَامَهُمْ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَخِيرًا يَلِيهِ، وَرَأَيْتُ الَّذِي اسْتُشْهِدَ أَوَّلَهُمِ آخِرَهُمْ، قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلامِ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْأَرْنَاؤُوط.

وَمِنْ فَضَائِلِهِنَّ: أنَّهنَّ جُنّةٌ لِقَائِلِهِنَّ مِنَ النَّارِ، وَيَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدِّمَاتٍ لَهُ، رَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَصَحَحَّهُ الْأَلْبَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خُذُوا جُنَّتَكُمْ، خُذُوا جُنَّتَكُمْ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ (لَا، وَلَكِنْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ, فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُسْتَقْدِمَاتٍ وَمُجَنَّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ)

وَمِنْ فَضَائِلِهِنَّ  أنَّهنَّ يَنعَطِفْنْ حَوْلَ عَرْشِ الرَّحْمَنِ وَلَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، يُذّكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ، فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الَّذِي تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ، وَتَسْبِيحِهِ، وَتَحْمِيدِهِ، وَتَهْلِيلِهِ تَتَعَطَّفُ حَوْلَ الْعَرْشِ، لَهُنَّ دَوِيٌّ، كَدَوِيِّ النَّحْلِ، يُذَكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ، أَفَلَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ لَا يَزَالَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ شَيْءٌ يُذَكِّرُ بِهِ؟) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ الْبُوصِيرِي رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ فَضَائِلِ هَؤُلاءِ الْكَلَمَاتِ الْأَرْبَعِ أنَّهنَّ ثَقِيلَاتٌ فِي الْمِيزَانِ، عَنْ أَبِي سَلْمَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (بخٍ بخٍ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ بِخَمْسٍ - مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي الْمِيزَانِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ, وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يُتَوَفَّى لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فَيَحْتَسِبَهُ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ, وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ (بَخٍ بَخٍ) هِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ الْإِعْجَابِ بِالشَّيْءِ وَبَيَانِ تَفْضِيلِهِ.

وَمِنْ فَضَائِلِ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ: أَنَّ لِلْعَبْدِ بِقَوْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَدَقَةٌ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ (أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ)

وَقَدْ ظَنَّ فُقَرَاءُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنْ لا صَدَقَةَ إِلَّا بِالْمَالِ، وَهُمْ عَاجِزُونَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ فِعْلِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ صَدقَةٌ، وَذَكَرَ فِي مُقَدِّمَةِ ذَلِكَ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ.

فَهَكَذَا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ كَمَا سَمِعْتِمُ شَيْئًا مِنْ الْفَضَائِلِ لِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِنَّ , وَلا يَغْفَلُ مَعَ الْغَافِلِينَ وَيَلْهُوَ مَعَ اللَّاهِينَ, أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: فَنَخْتِمُ فَضَائِلَ هَذَهِ الْكَلِمَاتِ بِفَائِدِةٍ نَادِرَةٍ لِهَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ , فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُنَّ عَنِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي حَقِّ مَنْ لا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بَنْ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئَاَ، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ, قَالَ (قُلْ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذِهِ بَعْضُ الْفَضَائِلِ الْوَارِدَةِ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ لِهَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ، وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ - وَاللهُ أَعْلَمُ – مَا ذَكرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَسْمَاءَ اللهِ تَبَاَرَكَ وَتَعَالَى كُلَّهَا مُنْدَرِجَةٌ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْأَرْبَعِ ، فَ(سُبْحَانَ اللهِ) يَنْدَرِجُ تَحْتَهَا أَسْمَاءُ التَّنْزِيهِ كَالْقُدِّوسِ وَالسَّلَامِ، وَ(الْحَمْدُ للهِ) مُشْتَمِلَةُ عَلَى إِثْبَاتِ أَنْوَاعِ الْكَمَالِ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَ(اللهُ أَكْبَرُ) فِيهَا تَكْبِيرٌ اللهِ وَتَعْظِيمِهِ، وَأَنَّهُ لا يُحْصِي أَحَدٌ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ، وَ(لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) فِيهَا إِثْبَاتُ اسْتِحَقَاقِ اللهِ بِالْعِبَادَةِ دُونَ مَنْ سُوَاهُ, فِفِيهَا الْإِخْلَاصُ  وَتَوْحِيدُ اللهِ وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشَّرْكِ.

فَللّه مَا أَعْظَمَ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ وَمَا أَجَلَّ شَأْنَهُنَّ، وَمَا أَكْبَرَ الْخَيْرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِنَّ، فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْمُحَافَظَةِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِنَّ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِهِنَّ الَّذِينَ أَلْسِنَتُهُمْ رَطْبَةٌ بِذَلِكَ , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَعَمَلاً صَالِحًا, اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ, اللَّهُمَّ انْصُرْ جُنُودَنَا المرَابِطِينَ عَلَى الحُوثِيِّينَ المشْركِينَ المعْتَدينَ الظَالمينَ, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِمَوتَاهُمْ وَاجْعَلْهُمْ عِنْدَكَ شُهَدَاء, اللَّهُمَّ اشْفِ مَرْضَاهُمْ, وَكُنْ لِأَهَالِيهِمْ وَاخْلُفْهُمْ بِخَيرٍ فِيهِمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.

المرفقات

1625038390_كَيْفَ تُذْكَرُ عِنْدَ اللهِ 22 ذِي القَعْدَة 1442هـ.doc

1667389787_مستند Microsoft Word جديد.docx

المشاهدات 2568 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا