كيف تجعل الملائكة تستغفر لك؟ (3)

محمد بن إبراهيم النعيم
1438/07/09 - 2017/04/06 10:43AM
الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها الأخوة في الله

إن من سعادة المرء يا عباد الله أن يستغفر له الناس ويدعون له بظهر الغيب، ولعل مثل هذه السعادة تزداد إذا كانت الملائكة الكرام هم الذين يستغفرون ويدعون لك.

لقد عرض علينا نبينا –صلى الله عليه وسلم- العديد من فضائل الأعمال وذكر أن ثواب بعضها أن تدعو الملائكة لفاعلها وتصلي عليه.

لقد ذكرت لكم في خطبتين سابقتين خمسة أعمال، من عملها جعل الملائكة عليهم السلام يدعون له ويستغفرون، بأن تبيت طاهرا، وأن تمكث في مصلاك تنتظر الصلاة، وبالتوبة إلى الله تعالى وإتباع سنة النبي –صلى الله عليه وسلم-، وبعدم ترك السحور لمن أراد الصيام، وبالحرص على الصلاة في الصف الأول.
وهناك مزيد من الأعمال الصالحة التي أخبر عنها النبي –صلى الله عليه وسلم- بأن فاعلها سيحظى بدعاء الملائكة وصلاتهم عليه، فمن هذه الأعمال لكي تجعل الملائكة تستغفر لك: وهو
العمل السادس: بأن تحرص على سد الفُرَجِ والخلل في الصلاة، فقد روت عائشة رضي الله عنها أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يَصِلُونَ الصُّفُوفَ، وَمَنْ سَدَّ فُرْجَةً رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً) رواه ابن ماجه.

كما أن لسد الفُرَجِ في الصلاة فضل آخر يتمثل ببناء الله له بيتا في الجنة، فهل تصدقون ذلك؟
فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (من سد فرجة رفعه الله بها درجة، وبَنى له بيتا في الجنة) رواه الطبراني وصححه الألباني، إنه عمل يسير وغنيمة باردة أن تسد فرجة في الصف؛ ليبنى لك بها بيت في الجنة، ولكن كثيرا من الناس يزهدون هذا العمل، ولا ينتبهون إلى عظم ثوابه حين يأمرهم الأئمة بتسوية الصفوف وسد الخلل.
نرى بعض الناس لا يهتمون بهذا الأمر، بل إن بعضهم إذا حاولت الاقتراب منه وسد الخلل أو تسوية الصف ابتعد عنك، وجعل بينك وبينه فرجه؛ لذلك ينبغي على أئمة المساجد تعليم الناس وتوجيههم بأهمية تسوية الصفوف وإقامتها، وسد الفرج التي بين المصلين، والاهتمام بالوقوف بين يدي الله تعالى، والمحافظة على المظهر والمخبر أثناء الصلاة.

ألا تعلموا يا عباد الله أن أحب خطوة إلى الله عز وجل؛ خطوة يمشيها العبد لسد فرجة في الصف، لما رواه البراء بن عازب –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله وملائكته يُصَلُّونَ على الذين يَلُونَ الصفوف الأُوَلَ، وما من خُطوة أحب إلى الله من خُطْوَةٍ يمشيها يَصِلُ بها صفا) رواه أبو داود، وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (خياركم ألينكم مناكب في الصلاة، وما من خُطوة أعظمُ أجرا من خُطوة مشاها رجلٌ إلى فُرجةٍ في الصف فسدَّها) رواه الطبراني.

وعندما فطن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إلى هذا الفضل الكبير لسد الفرج في الصلاة قال: لئن تقع ثنيَّتاي أحب إليَّ من أن أرى فرجة في الصف أمامي فلا أصلها.

أيها الأخوة في الله
إن المتأمل في هذه الأحاديث يفهم منها: أن الذي سيفرط في سد فرجة سيخسر مغفرة، ورحمة، ودرجة عند الله تعالى، ويخسر قصرا مشيدا، فما بالكم بالذي يترك الصلاة بالكلية؟ فماذا عساه أن يخسرَ يا ترى؟ ألا يخسرُ الجنةَ بكاملها؟

فلا شك إذا أن تارك الصلاة بالكلية ليس بمسلم؛ لأنه سيخسر الجنة برمتها ولن يدخلها، ومن هذا الحديث النبوي لعلنا ندرك خطورة ترك الصلاة وأن من تركها فقد كفر كما قال –صلى الله عليه وسلم-.
ولك أن تسأل يا عبد الله: ما الحكمة أن تكون كل هذه الفضائل لأجل سد فرجة صف في الصلاة؟ والجواب: لأن سد الفُرج في الصلاة له فوائد عديدة، أذكر منها ثلاث فوائد فقط:
الفائدة الأولى: حتى لا يدخل الشيطان بين المصلين، فيقلُّ بذلك وسواسه عليهم، فعن أبي أمامة –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: (سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل؛ فإن الشيطان يدخل فيما بينكم بمنزلة الحَذَف) رواه أحمد وأبو داود، والحذف هي أولاد الضأن الصغير.

الفائدة الثانية من سد الخلل في الصف: لكي تزداد المحبة والألفة بين المسلمين فلا تختلف قلوبهم، فعن البراء بن عازب –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يأتي الصف من ناحية إلى ناحية، يمسح مناكبنا أو صدورنا ويقول: (لا تختلفوا؛ فتختلف قلوبكم) رواه مسلم وأصحاب السنن، وعن النعمان بن بشير –رضي الله عنه- قال: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يُسَوِّي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أنا قد عَقَلْنا عنه، ثم خرج يوما فقام حتى كاد يكبر، فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: (عباد الله لتسوُّنَ صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) متفق عليه، فكأنَّ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ربط أحد أسباب اختلاف القلوب لاختلاف مواضع الأقدام وعدم تراصها في الصف للصلاة، وهذا أمر غاب عن كثير من المسلمين عموما والمصلحين خصوصا، قال النووي رحمه الله تعالى: والأظهر والله أعلم أن معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال تَغَيَّرَ وَجْه فلان عَلَيَّ أَي ظَهَرَ لِي مِنْ وَجْهه كَرَاهَة لِي وَتَغَيَّرَ قَلْبه عَلَيَّ، لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سببٌ لاختلاف البواطن اهـ.

الفائدة الثالثة من سد الخلل في الصف: لكي نتشبه بصفوف الملائكة حيث أنها تصف وتتراص في الصف أمام ربها عز وجل، فعن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- فقال: (أَلا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا)؟ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: (يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الأُوَلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ) رواه مسلم وأصحاب السنن.

فهل سنحرص على وصل الصفوف وسد الفرج فيها كي نحظى بدعاء الملائكة لنا؟


أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل، لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ للهِ فاطر السموات والأرض، جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء، إن الله على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، اللطيف الخبير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي التقوى والشرف الكبير، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الحشر والمصير، أما بعد: فاتقوا الله تعالى حق التقوى واعملوا صالحا تدركوا فضلا من ربكم كبير. أيها الأخوة في الله:
وأما العمل السابع لكي تجعلوا الملائكة عليهم السلام يدعون لكم ويستغفرن لكم: الحرص على عيادة المرضى، ومن فعل ذلك دعا واستغفر له سبعون ألف ملك، وكلكم تعرفون ذلك، حيث روى سعيد بن علاقة الهاشمي قَالَ أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي قَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ، فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَبَا مُوسَى، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلام أَعَائِدًا جِئْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَمْ زَائِرًا؟ فَقَالَ: لا، بَلْ عَائِدًا، فَقَالَ عَلِيٌّ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً، إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلاَّ صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ) رواه الترمذي.

وتخيل يا عبد الله هذا العدد الكبير، سبعون ألف ملك مسخرين ليستغفروا لك؛ لأنك عُدتَ مريضا فآنسته ورفعت من معنوياته وخففت عنه مصابه، ولا شك أن العلاج النفسي جزء من العلاج العضوي. إن عيادة المرضى توطد العلاقات الاجتماعية بين الناس، وتزيد من ألفتهم ومحبتهم، وكل ذلك ينشده الإسلام ويدعُ إليه، ولذلك رغب الإسلام في عيادة المرضى وأغدق على من فعل ذلك الأجور العظيمة، فمن فضائل عيادة المرضى أن من عاد مريضا سيبشر بمكان للضيافة في الجنة حيث قال –صلى الله عليه وسلم- (مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً) رواه الترمذي وابن ماجه.
ولذلك من عاد مريضا لا يزال يخرف من ثمار الجنة حتى يرجع، حيث روى ثَوْبَانُ –رضي الله عنه- مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- (مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ) رواه مسلم.

ومن عاد مريضا دخل في رحمة الله لما رواه جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (من عاد مريضا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها) رواه أحمد.

كما أخبر النبي –صلى الله عليه وسلم- بأن من مات في يوم قد عاد فيه مريضا، كان ضامنا على الله تعالى بدخول الجنة ونجاته من النار، ولا شك أن هذه علامة على حسن خاتمته، حيث روى معاذ بن جبل –رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (خمسٌ من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله: من عاد مريضا، أو خرج غازيا، أو دخل على إمامه يريد تعزيره – أي نصرته- وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس) رواه أحمد.

كما أن عيادة المرضى وسيلة تذكر بنعمة العافية التي يرفل فيها كثير من الناس وهم لا يشعرون، بل إن عيادة المرضى تذكر أيضا بالآخرة، لقوله –صلى الله عليه وسلم- (عُودُوا الْمَرِيضَ وَاتَّبِعُوا الْجَنَازَةَ تُذَكِّرُكُمْ الآخِرَةَ) رواه أحمد وابن حبان، أي أن كلاهما يذكرنا الرحيل إلى الآخرة.

ألا تعلموا أن الله تعالى سيعاتب يوم القيامة من لم يعُدْ أخاه المريض؟ فقد روى أبو هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي قَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي) رواه مسلم.

واليوم -يا عباد الله- نرى انشغال الكثير من المسلمين بأمور الدنيا والتفريط في حق الأخوة الإسلامية، التي منها زيارة المريض.

يمرض أحدهم ويُشفى وربما يدخل المستشفى ويخرج منه ولم يسأل عنه أحد، وقد يكون السبب ليس الانشغال بالدنيا وإنما لأن المريض فقير أو بلا منصب، فبعض الناس تراه يسارع لعيادة المريض، لماذا؟ لأنه غني، ولو كان فقيرا ما عاده، أو لأنه صاحبُ منصب، ولو أعفي عن منصبه ما عاده، فليكن همُ عائدِ المريضِ ثوابُ الله عز وجل، وليخلص عمله لله.

ويستحب تكرار الزيارة للمريض؛ ولذا سميت زيارة المريض: عيادة، من العودة مرة بعد مرة، وكما قيل: الصحيح يزار والمريض يعاد.

ويستحب عند عيادة المريض أيضا الدعاء له، فهي أفضل هدية تقدم له؛ لأن الملائكة تحضر هذا المجلس وتؤمن على الدعاء، وليس هذا بغريب؛ لأن مع كل عائد سبعون ألف ملك يستغفرون له، وقد يكونوا هم الذين سيؤمنون على دعاءه، حيث روت أم سلمة رضي الله عنها قالت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم- (إِذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ) رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله تعالى: فِيهِ النَّدْب إِلَى قَوْل الْخَيْر حِينَئِذٍ مِنْ الدُّعَاء وَالاسْتِغْفَار لَهُ وَطَلَب اللُّطْف بِهِ وَالتَّخْفِيف عَنْهُ وَنَحْوه, وَفِيهِ حُضُور الْمَلائِكَة حِينَئِذٍ وَتَأْمِينهمْ اهـ.

وأما ما يفعله بعض الناس أنهم يطلبون من المريض أن يدعو لهم بحجةِ أن دعاءه مستجاب ويستدلون بما روي عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (عودوا المرضى ومروهم فليدعوا لكم) فهذا حديث غير صحيح، فالمريض هو الذي يحتاج إلى الدعاء وليس العكس.

أيها الأخوة في الله ذكرنا في هذه الخطبة عملين من الأعمال التي تجعل الملائكة -عليهم السلام- يدعون لنا ويستغفرون لنا، هما سد الفرج في الصلاة وعيادة المرضى، وبقي أعمال أخرى نرجئها إلى خطب قادمة بإذن الله.

اللهم اشفنا، واشف مرضانا، وارحمنا وارحم موتانا، وتوفنا مسلمين، اللهم ألهمنا رشدنا، وبصرنا بعيوبنا وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا--- اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت--- ارزقنا الثبات حتى الممات، أصلح لنا ديننا
احفظ علينا أمننا واستقرارنا، وأصلح ولاة أمرنا،

المشاهدات 1348 | التعليقات 0