كن مع الله

د عبدالعزيز التويجري
1442/06/29 - 2021/02/11 09:30AM
الخطبة الأولى / كن مع الله                      30/6/1442ه
الحمد لله الكبير المتعال، وله الشكر بالغدو والآصال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شديد المحال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه  وسلم تسليما مزيدا. أما بعد .
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .
أخرج الترمذي بسننه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ rلأَبِي: يَا حُصَيْنُ كَمْ تَعْبُدُ اليَوْمَ إِلَهًا؟ قَالَ أَبِي: سَبْعَةً ، سِتَّةً فِي الأَرْضِ وَوَاحِدًا فِي السَّمَاءِ. قَالَ: «فَأَيُّهُمْ تَعُدُّ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟ قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ. قَالَ: يَا حُصَيْنُ أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَتَيْنِ تَنْفَعَانِكَ. قَالَ: فَلَمَّا أَسْلَمَ حُصَيْنٌ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلِّمْنِيَ الكَلِمَتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَعَدْتَنِي، فَقَالَ: قُلْ: اللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي، وَأَعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسِي».
لا فوز ولا نجاة ، ولافلاح ولا نجاح ، إلا بالإقبال على الله
   وأجدر خلق الله بالفوز مؤمن    ***   إلى الله أدى فرضه وتطوعا
أمش في مناكب الأرض ، وكل من رزق ربك ، وابتغ من فضله.. ما أخطأك تسلط على الخلق، وإعراض عن الخالق {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}
 
امش إلى الله سراعا في طاعاتك وإخباتك ، ليهرول إليك في خيره ورضاه ، وليكن الله تجاهك في أمورك ، ومفزعك عند ملماتك .. وإليه الحول والقوة عند ضعفك وعجزك .. لاتلتجأ لمخوق فتذل نفسك ، ولا تنس ربك فينساك.
       يا أيها الإنسان إنك كادح    **    إلى الله كدحا ما خلقت لتلعبا
   فإن طبت سعيا تلقه عنك راضيا  **  وان سؤت سعيا تلقه عنك مغضبا
   وحولك آفات من الخلق جمة     **     تنوشك فاحذر أن تصاب وتعطبا
   ومن فر من بعض العباد لبعضهم  **    فقد فرمن أفعى ليقرب عقربا
   فكن هاربا منهم الى الله وحده     **      ولم أر غير الله للمرء مهربا
من اهتدى بهدى الله واستعمل ما وهبه الله من مَلَكات ومواهب استعمالا رشيدا، واتجه بها اتجاه خير وصلاح كان مهتديا وفائزا حقا وصدقا {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} ومن أعرض عن ذكر ربه واستعمل ما وهبه الله من مَلَكات ومواهب استعمالا سفيها، واتجه بها اتجاه شر وفسق وفساد كان ضالا وخاسرا {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
الصبر على الطاعات ، والمجاهدة في الثبات عند التنازلات ، واليقين بنصرة الحق وقت الشدائد والأزمات .. رمز البقاء ، وبشرى بورد الحوض مع المصطفى ..  دعا النبي r الأنصار فقال لهم " إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً شَدِيدَةً ، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ " متفق عليه.
 الحق ابلج والمنجاة عن كثب      **     والأمر لله والعقبى لمن صلحا 
 يا ويح نفس توانت عن مراشدها  **   وطرفها في عنان الغي قد جمحا
ترجو الخلاص ولم تنهج مسالكها   **     من باع رشدا بغي قلما ربحا
من أراد محبة الله فليلزم فرائضه.. ومن أراد قربه فليلذ بجنابه، ولايضعف عن دعائه ، ومنافذ القربات كثيرة "فاسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةَ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ .. الصَّلاَةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا".
هذه مقومات النجاح لمن أرادها ، وبراهين الفوز لمن تمسك بها ، "فمَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةُ".
بلغنا الله وإياكم منازل الأبرار ، بجوار النبي المختار ، فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (*) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ .
 
أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات فاستغفروه إن ربي غفور رحيم
 
الخطبة الثانية .. الحمدلله على إحسانه والشكر له على فضله وامتنانه وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وآله وأصحابه أما بعد
من أراد أن تكتمل سعادته فاليسعَ في فكاك نفسه من تعلق الحقوق على رقبته فهي من كمال الخشية وصدق الإقبال على الله.. وللرسول وصحابتِه القدحَ المعلى في ذلك..
لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم  قدم على أبي بكر مالُ البحرين، فأمر مناديا فنادى: من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم دينُ أو عِدةُ فليأتني ، قال جابر: فجئت أبا بكر فأخبرته: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا» قال: فأعطاني، خمس مائة. متفق عليه.
لايمكن أن يكون الإنسان مخبتا حتى يكون لحقوق الخلق مؤديا «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» أخرجه مسلم
ولايمكن أن ينجو المرء بصلاحه وعبادته وهو لأسرته وأهل بيته مضيعًا ، ولتربيتهم مهملا «وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ».«مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ» متفق عليه
اللهم اهدنا بهداك واجعل أعمالنا في رضاك اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا ...
 
المرفقات

1613035848_كن مع الله 2.pdf

المشاهدات 1498 | التعليقات 0