كن سفيرا لدينك ثم لبلدك
إبراهيم بن سلطان العريفان
1435/05/06 - 2014/03/07 08:34AM
الحمد لله الذي هدانا لدين الإسلام، وأتم علينا نعمته بكتابه ونبيه الكريم، وجعل المسلمين أخوة في الدين. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين ..
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة... إن رابطة الأخوة في الله أعظم رابطة على وجه الأرض، وهي التي تبقى إذا ذهبت بقية الروابط والصلات، سواء كان ذلك في الدنيا أم في الآخرة، فأما في الدنيا فقد شاهد الناس وعايشوا أمماً ودولاً وقوميات ارتبطت بعنصريات ضيقة ودويلات محدودة، وقبائل متناحرة، سرعان ما ذهبت إلى غير رجعة ولم يبق منها إلا ذكر الديار والأطلال، وبقيت الأخوة الإيمانية منذ أن خلق الله آدم إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.. وأما في الآخرة فإن كل رابطة على غير الإسلام تصبح لعنة على أصحابها، كما قال تعالى ( الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ).
والأخوة في الله من أوثق عرى الإيمان، وقد ثبتت رابطة الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) فهي رابطة عقدت بعقد الله سبحانه وتعالى. ويصف الله تعالى حال المؤمنين الصادقين بقوله ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ).
أيها المسلمون ... ما أجمله من شعور، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا، له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى، فالأخوة الإيمانية فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية، وفي هذا إلماح إلى ضلال أولئك الذين يفرقون المسلمين والموحدين على أساس ولاءات عصبية، وجنسيات وتابعيات مقيتة، تفتت الأمة وتمزقها، وتضع الحدود التي تفصل بين أبنائها.
يا أخي المسلم في كل مكان وبلد ** أنت مني وأنا منك كروح في جسد
وقد شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخوة الإيمانية بالجسد الواحد فقال ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)1، فهي فوق أخوة النسب، وأخوة القبيلة والوطن . هي فوق كل الأخوات الأرضية .تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية.
وامتن الله تعالى على المسلمين بهذه الرابطة العظيمة فقال ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ).
عباد الله .. لقد دلت الأدلة الشرعية على عظيم فضل الأخوة في الله، وأنها طريق لمحبة الله تعالى، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الأخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ ).
واعلموا – عباد الله - أن المتآخين في الله يستظلون في ظل الله تعالى يوم القيامة ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.. -وذكر منهم-: وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ )
ويكفى المتاحبين والمتآخين في الله شرفاً وفضلاً أن المتآخين يغبطهم النبيون والشهداء، كما قال صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ ( هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )).
أيها المسلمون... إن الأخوة الإيمانية واجب ديني، وفريضة شرعية، وليست مجرد موقف نفسي أو تنظير فلسفي، فتلك المحبة ليست أمراً اختيارياً بل هي من صميم إيمان المسلم، قال صلى الله عليه وسلم ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ).
وأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يتعاهدوا هذه المحبة وينموها بطرق متعددة، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ )
وأرشدهم إلى السلام لإدامة المحبة فقال صلى الله عليه وسلم ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ).
الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام، وبصرنا بالحلال والحرام، وأسبغ علينا نعماً كثيرة على الدوام، وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
معاشر المؤمنين ... فإن الأخوة في الله منة ينعم بها الله -تعالى- على عباده الصالحين، فتأتلف قلوبهم وتتوثق روابطهم؛ كما أنعم على الجيل الأول والرهط المبارك من الصحابة رضوان الله عليهم ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُم) جاء هذا التأليف بعد امتحان للقلوب واختبار للنوايا، فلما صدقوا نزلت عليهم النعمة وغشيتهم الرحمة.
وإن أول عمل قام به الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلي المدينة -بعد بناء المسجد- هو مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، إذ بهذه المؤاخاة شدت لبنات المجتمع الإسلامي إلى بعضها البعض، وارتفع صرح الجماعة الإسلامية عالياً متيناً، فاستعصى على محاولات الهدم والتخريب التي سعى بها يهود المدينة وأعوانهم من المنافقين والمرجفين، وقد ضربوا في ذلك أروع الأمثلة
ولا عجب، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- معهم يسدد خطواتهم ويوجه أعمالهم، والقرآن الكريم يبني بهذه المجموعة المباركة مجتمع القدوة ومنارة التأسي ليستضئ المسلمون من بعدهم بنورهم الساطع، ويقتفوا آثارهم الواضحة، كلما ادلهمت بهم الخطوب، ونابتهم نوائب الحياة.
عباد الله ... لقد سمعنا ما جرى قبل أيام من سحب سفراء بعض دول مجلس التعاون من دولة قطر .. وهذا أمر سياسي بين الدول، له رجاله يدركون مصلحة البلاد والعباد ... ولا يعني هذا أن العلاقة قد انقطعت بيننا وبينهم .. بل تبقى العلاقة الأخوة الإيمانية والإسلامية باقية إلى يوم القيامة .. فمما أحزنني تدخل بعض الأفراد من هذه البلاد وغيرها مما لا علاقة به في أمر سياسة البلاد .. فنجد رسائل تحمل في طياتها الاتهامات وسوء الظن هنا وهناك، وأخرى تحمل السخرية والاستهزاء.. مما يقوي شوكة الأعداء الذين يخططون ليل نهار للإفساد في العلاقات بين هذه الدولة المباركة وبين الدول المجاورة العربية والإسلامية
عباد الله ... إن أولى علامات العافية لهذه المجتمعات هو الشعور بالجسد الواحد، والتداعي بالتالي إلى سد الثغرات وإزالة التشوهات.
ما أسعد الإنسان عندما يعيش هذه المعاني الإيمانية الرفيعة، تلك المعاني التي لا تقف دونها لغة ولا أرض ولا بلد ولا لون، إنها معاني الأخوة في الله على دين الإسلام..
اللهم ألف على الخير بين قلوبنا، واجمع ما تفرق من أمرنا، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظنا بحفظك وانصرنا على القوم الكافرين..
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة... إن رابطة الأخوة في الله أعظم رابطة على وجه الأرض، وهي التي تبقى إذا ذهبت بقية الروابط والصلات، سواء كان ذلك في الدنيا أم في الآخرة، فأما في الدنيا فقد شاهد الناس وعايشوا أمماً ودولاً وقوميات ارتبطت بعنصريات ضيقة ودويلات محدودة، وقبائل متناحرة، سرعان ما ذهبت إلى غير رجعة ولم يبق منها إلا ذكر الديار والأطلال، وبقيت الأخوة الإيمانية منذ أن خلق الله آدم إلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.. وأما في الآخرة فإن كل رابطة على غير الإسلام تصبح لعنة على أصحابها، كما قال تعالى ( الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ).
والأخوة في الله من أوثق عرى الإيمان، وقد ثبتت رابطة الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) فهي رابطة عقدت بعقد الله سبحانه وتعالى. ويصف الله تعالى حال المؤمنين الصادقين بقوله ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ).
أيها المسلمون ... ما أجمله من شعور، أن نشعر بأن كل موحد على وجه الأرض هو أخ لنا، له من الحقوق ما له وعليه من الواجبات ما عليه، في أي بقعة كان ومن أي شعب أو لغة كان ما دام على عقده وميثاقه التوحيدي مع الله سبحانه وتعالى، فالأخوة الإيمانية فوق كل الحواجز والعلائق الأرضية، وفي هذا إلماح إلى ضلال أولئك الذين يفرقون المسلمين والموحدين على أساس ولاءات عصبية، وجنسيات وتابعيات مقيتة، تفتت الأمة وتمزقها، وتضع الحدود التي تفصل بين أبنائها.
يا أخي المسلم في كل مكان وبلد ** أنت مني وأنا منك كروح في جسد
وقد شبه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخوة الإيمانية بالجسد الواحد فقال ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)1، فهي فوق أخوة النسب، وأخوة القبيلة والوطن . هي فوق كل الأخوات الأرضية .تسمو عليها وترتقي لتلتقي على نفحة الوحي السماوية.
وامتن الله تعالى على المسلمين بهذه الرابطة العظيمة فقال ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ).
عباد الله .. لقد دلت الأدلة الشرعية على عظيم فضل الأخوة في الله، وأنها طريق لمحبة الله تعالى، وقد بينت النصوص أن محبة الله تعالى تتحصل بمحبة الأخوان وحسن عشرتهم ومواساتهم وموالاتهم والتزاور بينهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمتزاورين فيَّ، والمتباذلين فيَّ ).
واعلموا – عباد الله - أن المتآخين في الله يستظلون في ظل الله تعالى يوم القيامة ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ؟ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ.. -وذكر منهم-: وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ )
ويكفى المتاحبين والمتآخين في الله شرفاً وفضلاً أن المتآخين يغبطهم النبيون والشهداء، كما قال صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ ( هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )).
أيها المسلمون... إن الأخوة الإيمانية واجب ديني، وفريضة شرعية، وليست مجرد موقف نفسي أو تنظير فلسفي، فتلك المحبة ليست أمراً اختيارياً بل هي من صميم إيمان المسلم، قال صلى الله عليه وسلم ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ).
وأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يتعاهدوا هذه المحبة وينموها بطرق متعددة، فقد قال صلى الله عليه وسلم ( تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ )
وأرشدهم إلى السلام لإدامة المحبة فقال صلى الله عليه وسلم ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ).
الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام، وبصرنا بالحلال والحرام، وأسبغ علينا نعماً كثيرة على الدوام، وصلى الله على عبده ورسوله نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
معاشر المؤمنين ... فإن الأخوة في الله منة ينعم بها الله -تعالى- على عباده الصالحين، فتأتلف قلوبهم وتتوثق روابطهم؛ كما أنعم على الجيل الأول والرهط المبارك من الصحابة رضوان الله عليهم ( وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُم) جاء هذا التأليف بعد امتحان للقلوب واختبار للنوايا، فلما صدقوا نزلت عليهم النعمة وغشيتهم الرحمة.
وإن أول عمل قام به الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلي المدينة -بعد بناء المسجد- هو مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، إذ بهذه المؤاخاة شدت لبنات المجتمع الإسلامي إلى بعضها البعض، وارتفع صرح الجماعة الإسلامية عالياً متيناً، فاستعصى على محاولات الهدم والتخريب التي سعى بها يهود المدينة وأعوانهم من المنافقين والمرجفين، وقد ضربوا في ذلك أروع الأمثلة
ولا عجب، فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- معهم يسدد خطواتهم ويوجه أعمالهم، والقرآن الكريم يبني بهذه المجموعة المباركة مجتمع القدوة ومنارة التأسي ليستضئ المسلمون من بعدهم بنورهم الساطع، ويقتفوا آثارهم الواضحة، كلما ادلهمت بهم الخطوب، ونابتهم نوائب الحياة.
عباد الله ... لقد سمعنا ما جرى قبل أيام من سحب سفراء بعض دول مجلس التعاون من دولة قطر .. وهذا أمر سياسي بين الدول، له رجاله يدركون مصلحة البلاد والعباد ... ولا يعني هذا أن العلاقة قد انقطعت بيننا وبينهم .. بل تبقى العلاقة الأخوة الإيمانية والإسلامية باقية إلى يوم القيامة .. فمما أحزنني تدخل بعض الأفراد من هذه البلاد وغيرها مما لا علاقة به في أمر سياسة البلاد .. فنجد رسائل تحمل في طياتها الاتهامات وسوء الظن هنا وهناك، وأخرى تحمل السخرية والاستهزاء.. مما يقوي شوكة الأعداء الذين يخططون ليل نهار للإفساد في العلاقات بين هذه الدولة المباركة وبين الدول المجاورة العربية والإسلامية
عباد الله ... إن أولى علامات العافية لهذه المجتمعات هو الشعور بالجسد الواحد، والتداعي بالتالي إلى سد الثغرات وإزالة التشوهات.
ما أسعد الإنسان عندما يعيش هذه المعاني الإيمانية الرفيعة، تلك المعاني التي لا تقف دونها لغة ولا أرض ولا بلد ولا لون، إنها معاني الأخوة في الله على دين الإسلام..
اللهم ألف على الخير بين قلوبنا، واجمع ما تفرق من أمرنا، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظنا بحفظك وانصرنا على القوم الكافرين..
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
الله يفتح عليك شيخ إبراهيم عنوان جذاب ومضمون ومتعوب عليه أجدت وأفدت
صحيح امتهنوا الأخوة في الدين وأقاموا بدلا منها الإخوة الوطنية والقومية ومع ذلك لا انتصرنا للوطنية ولا للعربية ولا لإسلامية تنصلنا من الكل وما يرفعوه اليوم وينادون به هي الإخوة لأنظمة غريبة والتعاون لأفكار مستوردة.
تعديل التعليق