كنوز يوم عرفة 1442/12/6هـ

يوسف العوض
1442/12/03 - 2021/07/13 12:14PM

الخطبة الأولى :  

 

  إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مسلمون) ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسِ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقيبا) ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يَصْلُحُ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولُهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عظيماً) ، أما بعد

 

  أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَائِل سيمرُّ عَلَيْنَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، يَوْمٌ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا فِي كِتَابِهِ الخَالِد وهَذَا الْيَوْمُ شَرَّفه اللَّهُ وَفَضَّلَهُ بِفَضَائِل عَظِيمَةٍ ، الْيَوْمُ الَّذِي خَصَّهُ اللَّهُ بِالْأَجْرِ الْكَبِيرِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ عَنْ كُلِّ أَيَّامِ السَّنَةِ ، الْيَوْمُ الَّذِي يَعُمُّ اللَّهُ عِبَادَهُ بالرحماتِ ، وَيُكَفّرُ عَنْهُمْ السَّيِّئَاتِ وَيَمْحُو عَنْهُم الْخَطَايَا وَالزَّلَّاتِ ويعتقُهم مِنْ النَّارِ ، الْيَوْمُ الَّذِي يُرَى فِيهِ إِبْلِيسُ صاغرًا حقيرًا ، الْيَوْمُ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ فِيهِ الدَّيْنَ وَأَتَمّ النِّعَمةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، إنَّهُ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمُ التَّجَلِّيَاتِ والنفحاتِ الْإِلَهِيَّةِ ، يَوْمُ الْعَطَاءِ وَالْبَذْلِ وَالسَّخَاء ، الْيَوْمُ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ النَّاسُ عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ مُجَرَّدَيْن مِنْ كُلِّ آصْرةٍ وَرَابَطَةٍ إلَّا رَابِطَةُ الْإِيمَان وَالْعَقِيدَة ، يَنْشِدُون رَبّاً وَاحِداً ويُناجون إلهًا واحدًا ، إلَهَ الْبَشَرِيَّةِ جميعًا . إنَّه مَوْقِفٌ مُصَغَّرٌ عَنْ مَوْقِفِ الْحَشْرِ ، حَيْث يَقِفُ النَّاسُ فِي عَرَفَات مُجَرَّدَيْن مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَالْكُلُّ وَاقِفٌ إمَامَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَزَّ وَجَلَّ ، يَتَجَلَّى هُنَاك مَوْقِفٌ الْإِنْسَانِيَّة وَالْإِخْوَة وَالْمُسَاوَاة ، فَلَا رَئِيس وَلَا مَرْؤُوس ، وَلَا حَاكِمَ وَلَا مَحْكُومَ ، وَلَا غَنِيَّ وَلَا فَقِيرَ ، وَلَا أَمِيرَ وَلَا مَأْمُورَ ، وَلَا أَبْيَضَ وَلَا أَسْوَدَ وَلَا أَصْفَرَ ، الْكُلُّ عُبَيْدٌ لِلَّه ، الْكُلُّ يُنَاجِي رَبَّهُ الْعَظِيمَ لِيَنَالُوا مَغْفِرَتَه وَرِضْوَانَه ..

فَأَيْن مِن يَتَعَرَّضُون لِنَفَحَات اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ؟ أَيْنَ مِنْ يَتَعَرَّضُون لِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وَكَرَمِهِ ؟ أَيْنَ مِنْ يغتنمون هَذَا الْيَوْمَ بِالتِّجَارَةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يغتنمه أَهْلُ الدُّنْيَا بِتِجَارَةِ الدُّنْيَا ؟ هَذَا يَوْمُ عَرَفَةَ ، يَوْمُ الْمَغْفِرَة ، فَإِذَا كَانَ الْحَجِيجُ وَهُم وَاقِفُون فِي عَرَفَاتِ يَنْعمون برحماتِ اللَّهِ تَعَالَى وَغُفْرَانِه وَرِضْوَانِه ، فَإِنَّ أَبْوَابَ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرِّضْوَانِ مَفْتُوحَةٌ أمَامَنَا وَنَحْنُ فِي بُيُوتِنَا باستغلالنا لِهَذَا الْيَوْمِ بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَتَعَال أَخِي الْمُسْلِمَ لِكَي نَتَعَرّفَ سويًا عَلَى كنوزِ هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ ، وَمَا مَيَّزَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ:

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : الكنزُ الْأُولُ ليَوْمِ عَرَفَةَ نَزَلَ فيه قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ، وهَذِهِ الْآيَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي قَالَ عَنْهَا الْيَهُودُ وَقَدْ فَهِمُوا مَعْنَاهَا، قَالُوا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :( إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ تَقْرَؤونَ فِي كِتَابِكُمْ آيَةً لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمِ عيدًا ، فَقَالَ عُمَرُ لَهُم : وَمَا تِلْكَ ؟ قَالُوا هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ( وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ فِي أَيِّ يَوْمٍ أُنْزِلَتْ وَفِي أَيِّ سَاعَةٍ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ وَأَيْنَ كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُنْزِلَتْ : ( أُنْزِلَت وَرَسُولُ اللَّهِ فِينَا يَخْطُب وَنَحْن وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ ) هَكَذَا قَالَ عُمَرُ ، وَإِكْمَال الدِّينِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ حَصَل لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَكُونُوا حَجُّوا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ قِبَلِ فَكَمُل بِذَلِك دِينُهِم لاستكمالِهم عَملَ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ كُلِّهَا ، وَلِأَنَّ اللَّهَ أَعَادَ الْحَجِّ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ  وَنَفَى الشِّرْك وَأَهْلِه فَلَمْ يَخْتَلِطْ بِالْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَأَمَّا إِتْمَامُ النِّعْمَةِ فَإِنَّمَا حَصَل بِالْمَغْفِرَةِ فَلَا تَتِمُّ النِّعْمَةُ بِدُونِهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لِيَغْفِرَ لَك اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْك وَيَهْدِيَك صراطًا مستقيمًا ).

الكنزُ الثَّانِي : أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ يَوْمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ ، وَالْعَظِيمُ لَا يُقَسَّمُ إلَّا بِعَظِيمِ ، فَهُو الْيَوْمُ الْمَشْهُودُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ) ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ هُوَ الْوِتْرُ الَّذِي أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ : وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الشَّفْعُ يَوْمَ الْأَضْحَى ، وَالْوِتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ .

الكنزُ الثَّالِثَُ : أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ ، أَنَّهُ يَوْمُ مَغْفِرَة الذُّنُوب وَالْعِتْقِ مِنْ النَّارِ وَالْمُبَاهَاةِ بِأَهْلِ الْمَوْقِف ، وَهَذَا مَا أَخْبَرَ عَنْهُ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ، فَعَن جَابِر ، قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْ أَيَّامِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، قَال : فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هُنّ أَفْضَلُ أَمْ عِدَّتَهُنّ جهادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَال : هُنّ أَفْضَلُ مِنْ عِدَّتَهٍنّ جهادًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَمَا مِنْ يَوْمِ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلُ اللَّهُ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْل الْأَرْض أَهْلَ السَّمَاءِ ، فَيَقُول : اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي شعثًا غبرًا ضاحين جاؤوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي ، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي ، فَلَمْ يُرَ يَوْمٌ أَكْثَرَ عتقًا مِنْ النَّارِ مَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ ) ، صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ  نَعَم ، هَكَذَا يُبَاهِي اللَّهُ بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَةَ السَّمَاءِ ، وَيَقُولُ لَهُمْ بِكُلِّ حُبٍّ وَفَخْرٍ:(اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضاحين جاؤوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي ، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي ).

الكنزُ الرَّابِعُ : أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ صِيَامَه يُكَفِّرُ ذُنُوبَ سَنَتَيْن ، وَهَذَا مَا أَخْبَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا الْعَظِيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِأَنَّ صِيَامَه فِيهِ الْأَجْرُ الْعَظِيمُ وَالثَّوَابُ الْكَبِير ، هَذَا الْأَجْرُ وَهَذَا الثَّوَابُ هُو مَغْفِرَةُ ذُنُوبِ سَنَتَيْن ، ولنسمع سَوِيًّا إلَيْه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَهَذَا إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الْحَاجِّ ، أَمَّا الْحَاجُّ فَلَا يُسَنُّ لَهُ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَك صَوْمَه ، فليحرص الْمُسْلِمُ عَلَى صِيَامِهِ ، وليأمر كُلٌّ مِنَّا أَهْلَه ، ولنجعله يومًا مميَّزا مِنْ أَجْلِ أَنَّ نَنَال مَغْفِرَةَ اللَّهِ تَعَالَى .  

 

  الخطبة الثانية :  

 

  الْحَمْدُ لِلَّهِ حمدًا يَلِيقُ بِجَلَالِ وَجْهَه وَعَظِيم سُلْطَانِه وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدًا عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ومَن سَارَ عَلَى نَهْجِهِ إلَى يَوْمِ الدِّينِ .



أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : ومِن كُنوزِ يومِ عَرفةَ الكنزُ الْخَامِسُ : أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ يَوْمٌ يُغِيظ الشَّيْطَانَ ، يَوْمٌ يَعُمُّ اللَّهُ عِبَادَهُ بالرحماتِ وَيُكَفّرَُ عَنْهُمْ السَّيِّئَاتِ ، وَيَمْحُو عَنْهُم الْخَطَايَا وَالزَّلَّات ، مِمَّا يَجْعَلُ إبْلِيسَ يندحرُ صَاغِرًا ، يَقُول حبيبنا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُو يَصِف الشَّيْطَانَ وَحَالَته فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ يَقُول : ( ما رُئِيَ الشّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَام إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَّا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الملائكة ) ، رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْبَيْهَقِيِّ وعبدالرزاق وَابْن عبدالبر .
فَأَيْن الْمُسْلِمُ الَّذِي يدحرُ الشَّيْطَانَ وَيَجْعَلُه يَتَصَاغَرُ وَذَلِك بِتَقْدِيم الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي يَوْمِ عَرَفَةَ ؟! أَيْن الْمُسْلِمُ الَّذِي يَحْفَظُ جَوَارِحَه مِنْ الْمَعَاصِي فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَك كَي يَغِيظ الشَّيْطَان ؟


الكنزُ السَّادِسُ : أَنَّ يَومَ عَرَفَةَ يَوْمٌ يُرْجَى إجَابَةُ الدُّعَاءِ فِيهِ ، وَهَذَا أَخْبَرَنَا بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال : ( خيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْت أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدير) ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيّ ، فَعَلَى الْمُسْلَمِ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيم ، وَلْيَدْعُ لِنَفْسِهِ وَلِوَالِدَيْهِ وَلأهْلِه وَلِلْمُسْلِمِين . 

المشاهدات 1381 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


نفع الله بك وفتح عليك 


مستفادة جزيتم خيرا