كلماتُ زندقةٍ وزيغٍ وضلالٍ تقيأها أخيراً كتَّابٌ في بلاد الحرمين

احمد ابوبكر
1434/07/16 - 2013/05/26 07:46AM
كلماتُ زندقةٍ وزيغٍ وضلالٍ تقيأها أخيراً كتَّابٌ في بلاد الحرمين

لفضيلة الشيخ عبدالمحسن العباد البدر حفظه الله




بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أما بعد؛ فسبق أن كتبت كلمة بعنوان: «لن يضر السحاب في السماء نباح الكلاب التي تحميها الديمقراطية الزائفة» نشرت في 7/11/1433هـ، أشرت فيها إلى تطاول حثالة من أسفه سفهاء الدانمارك على جناب الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وسخريتهم منه عليه الصلاة والسلام، وكذا إخراج فيلم في أمريكا سخر فيه مخرجوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان نصيب هؤلاء الساخرين في الدانمارك وفي أمريكا من ديمقراطية الغرب الزائفة سلامتهم من العقاب على هذا الإجرام المتناهي في الإجرام؛ لأن ذلك من حرية الرأي الذي تحميه ديمقراطيتهم المزعومة، وقد كتبت رسالة بعنوان: «العدل في شريعة الإسلام وليس في الديمقراطية المزعومة» طبعت مفردة، وطبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (6/329ـ375) عام 1428هـ.



ومع الأسف فقد ابتليت بلاد الحرمين في الآونة الأخيرة بحثالة من السفهاء تطاولوا على الله جل جلاله وعلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ورد بعض أحاديثه الصحيحة والنيل من صحابته الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وتفوَّهوا بكلمات ساقطة منافية لشرع الله، ومن هؤلاء السفهاء:

1. تركي الحمد الذي وصف الله بأنه مسكين، وقال: «دع الله وشأنه»، وقال: « الانتحار نصر على الله، في الانتحار تفوت الفرصة على الله أن يختار لك مصيرك»، وقال: «إبداع الشيوعيين ليس مثله إبداع»، وقال: «فالله والشيطان واحد هنا وكلاهما وجهان لعملة واحدة»، وقال: «هناك جنة ونار معاً، الله وشيطان، نبي وفرعون، وكل في قدر يسبحون»، وقال: «فنحن لا ندري إلى أي عالم سنكون، وإلى أي حياة أو فناء سنؤول»، وقال: «وقد يكون ما يسير الدنيا هو القدر أو العبث أو الحتم أو الصيرورة لا ندري»!! وكتبت في زندقته ست كلمات آخرها بعنوان: «الزنديق تركي الحمد ثعبان ينفث سمومه في بلاد الحرمين» نشرت في 20/2/1434هـ.

2. حسن فرحان المالكي له كلام قبيح في الصحابة وفي أهل السنة والحديث، ومنه زعمه أن العباس وابنه عبدالله ومعاوية وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم ليسوا من الصحابة ذوي الصحبة الشرعية وأن صحبتهم لغوية شبيهة بصحبة المنافقين، وقد رددت عليه برسالتين إحداهما بعنوان: «الانتصار للصحابة الأخيار في رد أباطيل حسن المالكي» والثانية بعنوان: «الانتصار لأهل السنة والحديث في رد أباطيل حسن المالكي»، طبعتا مفردتين وطبعتا ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/33ـ393) سنة 1428هـ، وكتبت عنه كلمة بعنوان: «أفعى تعود إلى رفع رأسها من جديد لنفث سمومها» نشرت في 15/1/1431هـ، وكلمة بعنوان: «الزنديق الرافضي حسن المالكي يفضل الخميني على كاتب الوحي معاوية رضي الله عنه» نشرت في 16/2/1434هـ.

3. حمزة كشغري له كلام قبيح في الاستهزاء بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم نشر في شبكة المعلومات في 13/3/1433هـ، وقد كتبت عنه وعن تركي الحمد وحسن المالكي كلمة بعنوان: «من أمن العقوبة أساء الأدب حتى مع الله والرسول والصحابة» نشرت في 30/3/1433هـ.

4. نجيب عصام يماني أنكر الحوض والصراط ورؤية الله نشرت صحيفة عكاظ هذيانه في ذلك في 14/6/1432هـ، ورددت عليه بكلمة بعنوان: «صحفي ينكر الحوض والصراط ورؤية الله وصحيفة عكاظ تنشر هذا الإنكار» نشرت في 12/7/1432هـ.

5. ليلى أحمد الأحدب نشر في بعض الصحف الالكترونية أن ثلاثين من المبتعثين من هذه البلاد ارتدوا عن الإسلام ودخلوا في النصرانية، وقد أشارت إلى هذا الخبر هذه المرأة في صحيفة الوطن في 27/4/1431هـ وهوَّنت من شأن الردة وقالت: «اختلف الفقهاء في حكم المرتد عن الإسلام، والآراء الأقوى هي التي تترك (كذا) للإنسان حرية الاختيار حتى ولو ولد من أبوين مسلمين، وما دام لا يقوم بأية خيانة للجماعة المسلمة فليس عليه أية عقوبة»!! ذكرت ذلك في كلمة بعنوان: «خطر التوسع في الابتعاث على بلاد الحرمين» نشرت في 18/7/1431هـ، وقلت: «وهذا القول من هذه الكاتبة يبيِّن التناهي في الفوضى في الكلام في الأحكام الشرعية؛ إذ يُقْدم على الكلام فيها بجهل كل من هب ودب».

6. فهد عامر الأحمدي نشرت له صحيفة الرياض في 20/10/1431هـ هذياناً بعنوان: «سعوديلوجيا»، ذكر فيه أصل هذا المصطلح، ثم قال متهكماً متندراً ماكراً: «وطالما أن المسألة «لوجيا في لوجيا» يمكننا نحن أيضا ابتكار مصطلحات محلية تفسر علوماً ونظريات ودراسات لم يسبقنا إليها أحد من العالمين»، ثم ذكر سبع عشرة كلمة ختمها بـ(لوجيا)، منها: (الاختلاطلوجيا) و(الكرسيلوجيا) و(التطرفلوجيا) و(العلمانلوجيا) و(المرأة لوجيا)، ثم قال متهكما بقاعدة سد الذرائع: «وأخيرا أيها السادة هناك مصطلح صعب النطق يدعى (سدالذرائعلوجيا) الذي يهتم بإغلاق كافة أبواب التيسير وضم حتى المباح والمسكوت عنه تحت مظلة سوء الظن واحتمال الانحراف!».

وأقول تعليقاً على هذا الهذيان: كفى بالجهل بشرع الله داء، وكفى باتباع الأهواء والشهوات بلاء، والله الهادي إلى سواء السبيل، وقد ذكر ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين (3/147) تسعة وتسعين دليلاً على اعتبار هذه القاعدة الشرعية، ذكرت ذلك في كلمة بعنوان: «قاعدة سد الذرائع إلى المحرمات ومقاومتها من هواة الانفلات المتبعين للشهوات» نشرت في 14/11/1431هـ.

7. أحمد قاسم الغامدي كتب مقالين، أحدهما في تأييد انفلات النساء واختلاطهن بالرجال في الدراسة والعمل وغير ذلك وأن لكلٍّ من الجنسين النظر إلى الآخر ومصافحته وأن الأجنبية تفلي رأس الأجنبي وتقص شعره وتحلقه، وتخبط في هذا المقال في التصحيح والتضعيف لبعض الأحاديث وقد رددت عليه في كلمة بعنوان: «أسوأ هذيان ظهر حتى الآن في فتنة اختلاط الجنسين في بلاد الحرمين» نشرت في 10/1/1431هـ، ومقاله الثاني في تهوين أمر صلاة الجماعة مما فيه قوله: «وزيادة: (إن أثقل الصلاة على المنافقين...) وإن كان الشيخان أخرجاها في صحيحيهما إلا أن في النفس منها شيء» و«حديث الأعمى وابن أم مكتوم رُويا من عدة طرق لم يثبت منها شيء بإسناد صحيح ولا حسن»!

أقول: والأعمى هو ابن أم مكتوم، والحديث أخرجه مسلم في صحيحه (1486) وأبو داود في سننه (552) وكثر احتجاج أهل العلم به على وجوب صلاة الجماعة، فكيف يقول الكاتب عنه إنه لم يثبت بإسناد صحيح ولا حسن مع أنه في صحيح مسلم؟! وقد رددت عليه بكلمة بعنوان: «تحذير أهل الطاعة من الهذيان المثبط عن صلاة الجماعة» نشرت في 20/5/1431هـ.

8. إبراهيم بن سليمان المطرودي نشرت له صحيفة الرياض في 24/4/1434هـ مقالاً امتداداً لمقال سابق يقدح فيه بصحة حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيحين في عظة النبي صلى الله عليه وسلم النساء يوم العيد، قال فيه: «لم تكن الجملة التي أوردتها من حديث أبي سعيد هي المشكلة فقط، فثمة عبارة أخرى هي أكثر إشكالا وأعظم غرابة، وهي تُساعدني مرة أخرى على تأكيد الشك في الحديث، وفي نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن رواه البخاري ومسلم وغيرهما من علماء سلفنا الماضين، لقد جاء في صدر هذا الحديث: «خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أَضْحَى أو فِطْرٍ إلى الْمُصَلَّى فَمَرَّ على النِّسَاءِ فقال: يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ؛ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ. فَقُلْنَ: وَبِمَ يا رَسُولَ الله قال: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ...»، أتدرون أيها السادة ما الغريب حقا في حديث أبي سعيد السالف؟إن الغريب حقا والمحزن للمرء المسلم، أن تكون هذه العبارة: «أُريتكنّ أكثر أهل النار» خطابا للنساء المؤمنات القانتات في يوم عيد «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فِطر إلى المصلى»! إنها عيدية أبي القاسم عليه الصلاة والسلام لتلك النسوة، اللاتي آمنّ بالله، وصدقن رسوله، وجاهدن معه(!!)، فهل نقبل نحن أهل الإسلام اليوم أن تكون هذه هي عبارة المعايدة لنساء المسلمين؟! وهل نقبل قبلُ أن تكون هذه العبارة هي خطاب الرسول الرحيم؟ وبعد هذا وذاك أتنسجم هذه الجملة مع ما شُهِر به من امتلاك ناصية البلاغة، وإمساك زِمامها، والقبض على جوامع الكلم؟! هذا ما أسعى لكشفه في هذا المقال؛ رداً على كل من يسعى بجد إلى عزو هذا الحديث إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وحجته أن أصحاب الحديث رووه عنه، وتركوه لنا في مدوناتهم، إن الرسول صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأبلغهم، والبلاغة مراعاة مقتضى الحال! والأعياد مواسم فرح، وأزمان سرور، ينتظر فيها الناس أن يسمعوا ما يبعث في نفوسهم الارتياح، ويملؤها بالاطمئنان! وهو ما يصنعه الناس اليوم، فلم أذكر منذ وعيت على خطب العيدين أن خطيبا قام يُهدد الناس ويتوعدهم في الأعياد؛ فكيف نقبل أن يكون أبو البلاغة وفارسها الأول غافلًا عن مقتضى الحال، وهو الذي لو أراد أن يقول مثل هذا القول لوجد له وقتا آخر خيرا من هذا؟!».

أقول: هذا الكلام الذي ذكرته من كلامه وغيره مما لم أذكره كله يدور على تحكيم العقل وتقديمه على النقل، وهو خلاف ما كان عليه سلف الأمة من تقديم النقل على العقل، قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية (ص227): «فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه. أي: سلم لنصوص الكتاب والسنة، ولم يعترض عليها بالشكوك والشبه والتأويلات الفاسدة، أو بقوله: العقل يشهد بضد ما دل عليه النقل! والعقل أصل النقل!! فإذا عارضه قدمنا العقل!! وهذا لا يكون قط, لكن إذا جاء ما يوهم مثل ذلك, فإن كان النقل صحيحا فذلك الذي يدعى أنه معقول إنما هو مجهول، ولو حقق النظر لظهر ذلك, وإن كان النقل غير صحيح فلا يصلح للمعارضة، فلا يتصور أن يتعارض عقل صريح ونقل صحيح أبدا ...»، ولشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك كتاب واسع وهو: «درء تعارض العقل والنقل»، وقال أيضاً (ص242): «وكل من قال برأيه أو ذوقه أو سياسته مع وجود النص أو عارض النص بالمعقول فقد ضاهى إبليس حيث لم يسلِّم لأمر ربه بل قال: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}»، ومن العجب أن يقال بتقديم العقل على النقل مع أن العقول متفاوتة، فما يقبله عقل هذا ينكره عقل هذا، وما ينكره عقل هذا يقبله عقل هذا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في الفتوى الحموية ضمن مجموع الفتاوى (5/29): «ويكفيك دليلاً على فساد قول هؤلاء ـ يعني المتكلمين ـ أنه ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوّز أو أوجب ما يدّعي الآخر أن العقل أحاله! فيا ليت شعري بأي عقل يُوزن الكتاب والسنة؟! فرضي الله عن الإمام مالك بن أنس حيث قال: «أوَكلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم لجدل هؤلاء؟!»»، وقد نقل الإمام إسماعيل التيمي الأصبهاني في كتابه «الحجة في بيان المحجة» (1/314ـ322) كلاماً لأبي المظفر السمعاني مما جاء فيه: «فقد جعلوا ـ يعني المتكلمين ـ عقولهم دعاة إلى الله ووضعوها موضع الرسل فيما بينهم، ولو قال قائل: لا إله إلا الله، عقلي رسول الله، لم يكن مستنكرا عند المتكلمين من جهة المعنى، وظهر فساد قول من سلك هذا المسلك»، ومما جاء فيه أيضاً: «واعلم أن فصل ما بيننا وبين المبتدعة هو مسألة العقل فإنهم أسسوا دينهم على المعقول، وجعلوا الاتباع والمأثور تبعا للمعقول، وأما أهل السنة؛ قالوا: الأصل في الدين الاتباع والمعقول تبع، ولو كان أساس الدين على المعقول لاستغنى الخلق عن الوحي، وعن الأنبياء، ولبطل معنى الأمر والنهي، ولقال من شاء ما شاء».

وقد اطلعت أخيراً على كلام في غاية القبح لحصة آل الشيخ نشرته صحيفة الوطن بتاريخ 9/10/2010م تهكمت فيه بأحاديث صحيحة وقالت في آخرها: «ونحن في زمن سيادة العقل»، وكل ما نقلته في ما تقدم في التعويل على العقل يصدق عليها بل هي أولى.

9. محمد بن عبداللطيف آل الشيخ له تغريدة في تويتر في 6/7/1434هـ قال فيها: «حديث العلاج ببول الإبل لا أعترف بصحته؛ لأن البول وشربه ضد الفطرة السليمة»!! وقد سبق هذه الكلمة كلمات سيئة للكاتب، والسيئة تجر إلى السيئة، ومن العقوبة على السيئة ابتلاء صاحبها بسيئة أخرى؛ وقد قال الله عز وجل: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ}، ولن يضر حديث العلاج بأبوال الإبل عدم اعتراف من هو أجنبي عن الحديث بصحته بعد ما صححه البخاري ومسلم وغيرهما وهو في كثير من دواوين الإسلام، وقد خرجه أصحاب الكتب الستة وأحمد وابن خزيمة وابن حبان وعبدالرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي.

10. عبدالله محمد الشهيل كتب مقالاً عنوانه: «الملك عبدالله: عمق بالرؤية ووضوح في المواقف وإبصار ما كان وما هو كائن وما سيكون»!! نشرته صحيفة الجزيرة في 10/7/1434هـ معتنية بإبرازه حيث جعلت هذا العنوان في سطرين بحروف مكبرة، وقد أساء الكاتب إلى نفسه بكتابته وأساءت الصحيفة بنشره وإبرازه، وأساءا جميعاً إلى خادم الحرمين الملك عبدالله حفظه الله ووفقه لما فيه رضاه بهذا الكلام الذي لا يرضاه ولا يرضاه كل مسلم؛ لأن علم الغيب مما اختص الله به كما قال عز وجل: {إِنَّ الله عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ الله وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} الآية، وفي صحيح البخاري (5147) عن خَالِد بْن ذَكْوَانَ قَالَ: قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ: «دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ»، ومن حكم الشعر الجاهلي قول زهير بن أبي سلمى في معلقته:

وأعلم علم اليوم والأمس قبله *** ولكنني عن علم ما في غد عَمِي

وعنوان مقال هذا الكاتب له شبه بغلو الرافضة في أئمتهم، فقد جاء في أبواب كتاب «أصول الكافي» (1/260) ـ وهو من أصح كتبهم إن لم يكن أصحها ـ: «باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم شيء صلوات الله عليهم»!! ذكرت ذلك في رسالة «أغلو في بعض القرابة وجفاء في الأنبياء والصحابة؟!» طبعت مفردة عام 1425هـ وطبعت ضمن مجموع كتبي ورسائلي (7/7ـ31) عام 1428هـ، رددت فيها على رافضي جديد يدعى ياسر الحبيب وهو عاسر بغيض في كلام له شتم فيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وزعم ـ عليه من الله ما يستحق ـ أنهما يعذبان في النار أشد من تعذيب إبليس فيها!!!

وهؤلاء السفهاء وناشرو كلامهم حصل منهم ما حصل بسبب عدم حصول التأديب لأوائلهم في حينه، التأديب الذي يكون فيه ردعهم وردع من جاء بعدهم، والطريقة المثلى أن كل من حصل منه اعتداء على شرع الله ودينه يحال في حينه إلى محكمة شرعية ويُنفَّذ فيه حكم الله، وبذلك ينقطع دابر الإجرام والمجرمين.

ومن أهم المهمات لسد باب هذا الإجرام أن يخصص في رئاسة الإفتاء إدارة تتولى متابعة كل ما يُقذف في وسائل الإعلام وغيرها من أمور منكرة في حق الله ورسوله ودينه، ورفع دعوى إلى المحاكم الشرعية ضد كل من يحصل منه زندقة أو زيغ وضلال ثم تطبيق الحكم الشرعي فيه، وقد وُجد مؤسسة هي: هيئة حقوق الإنسان، فمن باب أولى أن يوجد جهة تدافع عن حقوق رب الإنسان ورب كل شيء وعن حقوق من أرسله الله إلى كل إنسان وجانّ من حين بعثته صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، ويدخل في ذلك اليهود والنصارى الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده! لا يسمع بي احد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار» رواه مسلم (386)، وكل من له قدرة من المسئولين على القضاء على هذه المنكرات إذا لم يقم بما أوجب الله عليه فيها شريك في الإثم لمن فعلها؛ فقد قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم (177)، وإنما أقدم المسئولون عن الصحف على نشر مثل هذه القبائح لعدم إحالتهم إلى محاكم شرعية، والاكتفاء بإحالتهم ـ إن أحيلوا ـ إلى لجنة في وزارة الإعلام.

وأسأل الله عز وجل أن يحفظ بلاد الحرمين حكومةً وشعباً من كل سوء، وأن يوفقها لكل خير، وأن يري الجميع الحق حقاً ويوفق لاتباعه، والباطل باطلاً ويوفق لاجتنابه، إنه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
المشاهدات 2408 | التعليقات 1

ماشاء الله ، والله نستبشر خيرًا مادامَ في الأمّةِ وفي المملكة مثلُ هذا الاحتساب العِلمي المتين ، و مثل فضيلة الشيخ العلاّمة عبد المحسن العباد حفظه اللهُ وسائرَ علمائنا الأفاضل ، وهذا الاحتسابُ يحتاجُ إلى احتسابِ السُّلطان - كما قال فضيلة الشيخ - حتّى نسُدّ البابَ بعصا صبيغ بن عسل لمن لم تكفِهِ هدايةُ البيان للإذعان . نسأل الله لنا ولكم العافية .