كلامك أحد أقسامٍ ثلاثة فانتبه !

رشيد بن ابراهيم بوعافية
1434/05/22 - 2013/04/03 11:20AM
[FONT="]خطبة الجمعة: كلامك أحد أقسامٍ ثلاثة فانتبه ! [/FONT][FONT="]. [/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="]الاستفتاح بخطبة الحاجة، ثم أما بعد[/FONT][FONT="] : معشر المؤمنين : ربنا سبحانه أنعم على العبدِ بنعمة الكلام والإفهام ، وهو سائلُهُ يوم القيامة عن هذه النعمة حفظَها أم ضيَّعها، مصداقُ ذلك قولهُ تعالى : [/FONT][FONT="]﴿ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد﴾ (ق:18).و قوله تعالى:﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون﴾(النور:24).[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه حين سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن العمل الذي يُدخلُ الجنَّة ويباعدُ عن النار، صنَّفَ له صلى الله عليه وسلم جملةَ أعمال ورتَّبها، ثمَّ قال له :" ألا أخبرك بمِلَاكِ ذلك كلِّه ؟ "، قال : قلت بلى، فأخذ صلى الله عليه وسلم بلسانه فقال :" تكف عليك هذا "، قال : قلت يا نبي الله وإنا لَمؤاخذون بما نتكلم به ؟!، قال :" ثكلتك أمك يا معاذ هل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم[/FONT][FONT="] "(صحيح الجامع: 5136). [/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="] فحقٌّ على كلّ مسلم يخافُ مقامَ ربّه أن يُحاسبَ نفسهُ على كلام اللسان وما أدراكَ مت كلامُ اللسان ، حتى يسلمَ ويطمئِنَّ يوم الحساب . [/FONT]
[FONT="]هذا وقد فصَّل العلماءُ في أحكام الألفاظ وبيَّنُوا ما يتعلَّقُ باللسان فقالوا :[/FONT][FONT="] الكلامُ ثلاثةُ أقسام : - فما كانت مصلحتُهُ ظاهرةً بيّنَة فالمشروع النُّطقُ به تحقيقًا للأجر : كالذّكر والنصيحة وقراءة القرآن الكريم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلقاء السلام وردّه وما شابه ذلك . [/FONT]
[FONT="]-ومنهُ كلامٌ مفسدتُهُ ظاهرةٌ بيّنة فالواجبُ تركُهُ والسُّكوتُ عنه : كالحديث في أعراض الناس والكذب والنميمة وإفساد ذات البين والكلام الفاحش وما شابه ذلك .[/FONT]
[FONT="]- ومنه كلامٌ يستوي فيه قولهُ والسُّكوتُ عنهُ ،لأنَّهُ لا مصلحةَ فيه ولا مفسدة،وهذا النوعُ هو اللغوُ الزائدُ وفضولُ الكلام الذي ابتُليَ به جمهورُ الناس، فالسنَّةُ الإمساكُ عن هذا النوع إلا لحاجة لأنه قد ينجرُّ عنه حرامٌ أو مكروه وخاصَّةً في مثل هذا الزَّمان، ومع مثل الناس الذين نعيشُ معهم ، هذا التفصيلُ الذي سبق مأخوذٌ ومستنبطٌ من قول النبي صلى الله عليه وسلم :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمُت" متفق عليه . [/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] :[/FONT][FONT="] على هذا التفصيل ينبغي للمسلم أن يحاسبَ لسانهُ، وإنَّها لعبوديَّةٌ عظيمةٌ جدًّا تحتاجُ إلى محاسبة ومراقبة ومشارطة مع صدق وإخلاص، وثمنُها الجنَّةُ ،كما قال صلى الله عليه وسلم :" من يضمنُ لي ما بينَ لحييه ومابين رجليه أضمنُ لهُ الجنَّة " أخرجه البخاري . [/FONT]
[FONT="]فأما القسم الأول من أقسام العبودية في الكلام[/FONT][FONT="] : [/FONT][FONT="]فهو اشتغالُ اللسان بما يُحمدُ من الأقوال وما يُرجَى أجرُه عند الله تعالى، وأعظمُ ذلكَ ذكرُ الله تعالى، وقد بسطَ اللهُ تعالى في أنواع الذكر اللساني حتَّى يستأنسَ العبدُ بجميع الأنواع ويكونُ لهُ في كلّ نوع نصيب، فمن الذكر قراءةُ القرآن الكريم فقد كتب اللهُ على تلاوة كلّ حرف منه عشرَ حسناتٍ كاملات : قال النبي صى الله عليه وسلم :"من قرأ حرفًا من كتاب الله كتب الله له به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها" ( صحيح الجامع 6469 ). [/FONT]
[FONT="] ومن أنواع الذكر المحمودة التسبيحُ والتحميدُ والتكبيرُ والتهليل ، جعل الله كلَّ كلمة منها شجرةً تُغرسُ في الجنَّة ومع ذلك فرَّطَ الناسُ في أشجار الآخرة وبساتينها لأنَّهم مشدُودون إلى أشجار الدنيا وحرثها وزرعها وبهائمها : قال صلى الله عليه وسلم :" تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يُغْرَسُ لك بكل كلمةٍ منها شجرةً في الجنة".(صحيح الجامع:2613).و في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". و قال النبي صلى الله عليه وسلم :"إن سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر،تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها"[FONT="][1][/FONT]. [/FONT]
[FONT="] ومنها الاستغفارُ والحوقلةُ والدعاء والصلاةُ على النبي صلى الله عليه وسلم كلُّ ذلك من أنواع الذكر، بل إنَّ الكلمةَ الطيّبةَ ذكرٌ وصدقة، والإصلاحُ بين الناس ذكر وصدقة، والنصيحةُ الحسنةُ ذكر، وتعليمُ الناس العلومَ النافعةَ ذكرٌ لله عز وجل، وإلقاءُ السلام على الناس ذكرٌ، وردُّ ذلك ذكر . . ، وهكذا كلُّ معروف من أقوال اللسان ذكرٌ وصدقة . . ! لو ألزمَ الناس أنفسَهم بهذا ، ورَبَّو ألسنتهم على ما يُحمدُ من الأقوال لكان لهم في ذلكَ الكفايةُ والبُلْغَة ، ولمَاَ وجدَ اللسانُ مجالاً لسوء القول والكلام ..! [/FONT][FONT="]نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه غفور رحيم [/FONT][FONT="]. [/FONT]
[FONT="]الخطبة الثانية[/FONT][FONT="] :[/FONT]
[FONT="]معشر المؤمنين[/FONT][FONT="] : [/FONT][FONT="]و أما القسم الثاني من أقسام العبودية في الكلام[/FONT][FONT="] : [/FONT][FONT="]فهو اجتنابُ ما حُرِّمَ من الكلام لسوئِهِ وقبحه ومفاسده على النفس والآخرين، هذا النوعُ من الكلام في الجُملة يشتهيه الإنسانُ ويُحبُّهُ لأنَّهُ على موافقةٍ للطبع والهوى، يجدُ فيه الناسُ راحةً ومتنفَّسا، ولكنَّهُ يومَ القيامةُ عذابٌ ووبال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة "(صحيح الجامع:1619) .وفي رواية : "لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم "(صحيح الجامع :1502).[/FONT]
[FONT="] [/FONT][FONT="]فمن هذا الكلام الذي يجبُ إمساكُ اللسان عنه : الغيبةُ والنميمة والكلامُ في أعراض الناس، فهي فاكهةُ المجالس، لا يخلو منها مجلسُ رجال ولا نساء، لما في ذلك من موافقةٍ للطبع والهوى،ومحبَّّةٍ للنفس التي تطمحُ في العلُوَّ والزّينَةِ للنَّفس، ولا تحبُّ أن يفوقَها غيرُها في ذلك ، فلذلك تنشُرُ العيوبَ وتُفسدُ المَوَدَّات وتفضحُ العَورات، باللسان على الأقل مادامت لا تقدرُ على ذلك بالسلاح واليد .[/FONT]
[FONT="] هذا وقد اعتبرَ الشرعُ انتهاكَ اللسان للعرض بابًا من أشدّ أبواب الربا ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم :" إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق " (صحيح الجامع :2203). وصدقَ صلى الله عليه وسلم وهو الصادقُ المصدُوق ؛ فإنَّ الربا ظاهرهُ الربحُ والزيادةُ ونهايتُهُ إلى الإفلاس والفقر، وانتهاكُ الأعراض كذلك ظاهرهُ التشبُّعُ والزيادةُ في النفس والارتفاعُ على الآخرين ونهايتُهُ إهداءُ الصدقات للغير وبالتالي الإفلاس يوم القيامة أحوجَ ما يكونُ العبد إلى الحسنات . . ! [/FONT]
[FONT="] وكلُّ ما حُرّمَ على اللسان يدخلُ في هذا الباب، وآفاتُ اللسان كثيرةٌُ لا تُحصى عدَّها العلماء بالعشرات : منها الكذبُ والزور والبهتان والشتم والاحتقارُ والمنُّ والافتخارُ واللعنُ و ذمُّ الطعام وغيرُ ذلك . .[/FONT]
[FONT="] و أما القسم الثالث من أقسام العبودية في الكلام[/FONT][FONT="] [/FONT][FONT="]: فهو اجتنابُ اللغو من الكلام ، وما لا مصلحةَ فيه، ذلكَ أنَّ الأعمارَ نفيسةٌ وصرفُها فيما لا طائلَ منه إضاعةٌ و إسراف، وقد وصف سبحانهُ حال المؤمنين وما هم عليه من الآداب فقال :[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="] وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُون[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="](المؤمنون:3) ، وقال تعالى :[/FONT][FONT="][FONT="])[/FONT][/FONT][FONT="] وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِين[/FONT][FONT="][FONT="]([/FONT][/FONT][FONT="] (القصص: 55).[/FONT]
[FONT="] هذه مجالات الكلام و أحكامها في الإسلام ، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمنّ علينا بصدق القول والعمل ، [/FONT][FONT="]ونسأله تعالى الله التوفيق إلى[/FONT][FONT="]حسن العلم والعمل ،اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . [/FONT][FONT="] [/FONT]

[FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="] - السلسلة الصحيحة(3168).[/FONT][FONT="][/FONT]
المشاهدات 1891 | التعليقات 0