كشفُ الكربة عن المسلم ( 3 )

أحمد عبدالله صالح
1443/04/15 - 2021/11/20 13:06PM

خطبــة جمعــة بعنــوان

 ((  كشفُ الكربة عن المسلم ) (( 3 )

ثم امابعد ايها الكرام :

أذكركم مرةً اخرى بحديث احب الاعمال الى عزوجل الذي رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال:

جاء رجلٌ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال:

أيّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( أحبُّ الناسِ إلى الله تعالى أنفعُهم للنّاس، وأحبُّ الأعمال إلى الله :-

- سرورٌ تُدخِله إلى مسلمٍ، أو تكشِف عنه كربةً، أو تقضِي عنه دينًا، أو تطرُد عنه جوعًا، ولأن أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبَّ إليّ مِن أن أعتكِفَ في هذا المسجد شهرا ))..

ولقد بدأت معكم في جمعةٍ مضت مع العمل الاول الذي يحبه الله ويحب صانعه وهو:

(( سرور تدخله الى مسلم ))

واليوم نحن على موعد مع العمل الثاني من احب الاعمال الى الله وهو:(( كشف الكربة عن المسلم ))

ايها الأحباب الكرام :                   

يُعرفُ ابن منظور تفريج الكربات بأنه: كَشفُ الهمِ وإذهابُ الغمِ ودفعُ الضرر، والكربات جمعُ كربة، وهي تدل على الشدة والقسوة..

 والكرب هو الحزن والغم، لذلك قال ربنا عزوجل: (قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) [الأنعام:64] ..

وقال سبحانه : (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) [الأنبياء:76].

وقال جل ثناؤه: (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ * وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ )[الصافات:75-76].

وقال عز من قائل: (وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) [الصافات]

ولذلكم                              

- السعي في تفريج الكربات وقضاء الحاجات من أعظم الطاعات والقربات ..

وهي سببٌ لنيلِ الرضى من الله والمحبةِ من الناس.

والإنسان بطبعه كائنٌ اجتماعي ومصالحه لا تتم إلا بالتعاون مع الآخرين، فاحتياجاته كثيرة وكرباته عديدة.

 والسعي في تفريج الكربات عملٌ عظيم عند الله..

عظيم في نفوس الناس ..

إذِ الحياةُ مليئةٌ بالمشقاتِ والصعوبات، مطبوعة على التعب والكدر، وقد تستحكم كُرَبَها على المؤمن، حتى يحارَ قلبه وفكره عن إيجاد المخرج وحينها ما أعظم أن يسارع المسلم في بذل المساعدة لأخيه، ومد يد العون له، والسعي لإزالة هذه الكربة أو تخفيفها، وكم لهذه المواساة من أثر في قلب المكروب ..

ولهذا حثّنا النبي صلى الله عليه وسلّم في أوّل وصيّته على تنفيس الكرب عن المؤمنين فقال صلى الله عليه وسلم :« مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ )..

 والكُربة : هي الشِّدَّةُ العظيمة التي تُوقعُ صاحبَها في الكَرب، وتنفيسُها أن يُخفَّفَ عنه منها، وفي حديث ابن عمر رضى الله عنهما : ” وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ “..

والتفريجُ أعظمُ، وهو أنْ يُزيلَ عنه الكُربةَ، فتنفرج عنه كربتُه، ويزول همُّه وغمُّه .                              فمن سعى في تفريج كربات الآخرين يسعى في واقع الأمر وحقيقته في تفريج كربة نفسه، وقوله صلى الله عليه وسلم : ” نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ ” أي :

خفف أو كشف وأزال ” كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ”..

وعن عبد الله بن أبي قتادة كما روى ذلك مسلم 

أنّ أبا قتادة طلب غريمًا له فتوارى عنه، ثم وجده فقال: إني معسر. فقال: آلله .!! قال: آلله ..! قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سرّه أن يُنجيه الله من كرب يوم القيامة فليُنفّس عن معسرٍ أو يضع عنه"..

ولذلكم                            

أهوال الموت والقبور والآخرة والميزان والصراط وتطاير الصحف أهوال عظام، وأوقات عصيبه.

يشيب لهولها الصغار، وتضع لأجلها كل ذات حَمْلٍ حملها، ومن أعظم أسباب الخلاص منها السعي في تفريج كربات الآخرين..

والجزاء الرباني من جنس العمل، المكافأة بتنفيس كربة من جنس هذه الكرب هي مكافأة الله جل جلاله لهذا الإنسان ولكن متى ؟!

يوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم..

فما اصعب ذلكم الموقف ؟؟!!

وما اشدّ أهوال يوم القيامة ؟؟!!

وما اشدّ حر يوم القيامة ؟؟!!!

وما اشدّ عرق يوم القيامة ؟؟!!                   

يوم تدنو الشمس على رؤوس العباد بمقدار ميل وهناك يعرق الناس عرقاً شديداً فمنهم من يعرق الى كعبيه، ومنهم من يعرق الى ركبتيه، ومن يعرق الى حقويه، ومنهم من يعرقه الى منتصفه، ومنهم من يعرق الى رقبته، ومنهم من يلجمهم العرق إلجاماً ...

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : ” يَجْمَعُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمْ الْبَصَرُ ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنْ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُونَ ؛ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ : أَلَا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ، أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلَا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ ؟ ”                              

حينها يكون صانعوا المعروف، وكاشفي كربات

النّاس، وقاضيي حوائجهم، ومزيلي همومهم وغمومهم في الدنيا هم الناجون وهم الفائزون

وهم الآمنون حين يتجاوز الله عنهم ويكشف كربهم مقابل كشفهم لكربات النّاس في الدنيا...

فجزاءُ التَّنفيسِ التَّنفيسُ، وجزاءُ التَّفريجِ التَّفريجُ .

 وفي الحديث الذي ورد في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ

اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَــــوْمِ الْقِيَامَةِ، .....))

 فهذا الحديث الشريف الصحيح أصلٌ في المعاملات بين المسلمين، بل انّه يؤكد قاعدةً كلية من كبريات قواعد الجزاء الرباني الذي يعتمد على مبدأي العدل والفضل، في انّ السيئة بمثلها، وأما الحسنة فيضاعف الله الجزاء عليها، إلى عشرة أضعاف في الحد الأدنى، ثم إلى سبعمائة ضعفٍ في المقدار المعدود، ثمّ إلى ما يشاء الله من فضل في المقدار غير المحدود.

 نعم دققوا معي في هذه الآيات: ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ ....ما الجزاء: (( حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [ سورة الأعراف: 147]، الجزاء بقدر العمل، وقال تعالى:                   

﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ... ما الجزاء؟ : (( فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آَمِنُونَ ﴾ [ سورة النمل: 89]

وآية ثالثة: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ....ما الجزاء؟ : (( فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )) (( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ ...فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾[ سورة الأنعام: 160]

وآية رابعة: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى .. ما الجزاء !؟(( وَزِيَادَةٌ.. والزيادة هنا هى ( النظر الى وجه الله الكريم))، كذلك (( وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[ يونس: 26]، وآية خامسة: ﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ ...

ما الجزاء؟: (( جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾[سورة يونس:27]، وآية سادسة: ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ...ما الجزاء؟: (( فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا)) ((  وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ما الجزاء: ((فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [سورة غافر: 40]

انًه قانون الجزاء الرباني الذي يقوم على مبدأي العدل وعدم الظلم، ومبدأ الفضل من عشرة أمثال إلى ما لا نهاية له..

فمن فضل الله عزوجل انّ الإنسان إذا أيقن أنّ لكل سيئة عقابها، وأنّ لكل حسنة ثوابها، تعامل مع الله عزوجل وفق هذا القانون، لا يُعد عندئذ المسيء ذكياً، ولا المنحرف شاطراً، عندئذ يحاسب الإنسان نفسه حساباً عسيراً.

ولذلكم

من أجلّ الأعمال الصالحة، ومن أعظم الأعمال التي تتقرب بها إلى الله عزوجل أن ترى بأخيك المؤمن كربةً فتزيلها عنه، وتُنفس عنه كربته.

 وما أكثر الكرب التي تحيط بالمؤمن، فكن معواناً لهم في حياتهم، قدم لهم يد العون والمساعدة المادية والمعنوية، ارحمهم، ارحم ضعفهم، تولى قضاء حوائجهم، ارحم ما هم فيه من مشكلة، وأبعد القلوب عن الله عزوجل القلب القاسي، القلب المتصحر، القلب الصلد، القلب المتحجر، القلب المتصلب..

القلب الذي لايرق ولا يلين ولا يَشفق ولا يرحم.

القلب الذي لو نزلت كلمات الله وآياته على سهول الارض وجبالها لمادت ولسكنت خشيةً لله وهذا القلب حجر على حجر لا يتعظ ولا يعتبر ولا يرحم.

ولهذا علامة اتصالك بالله رحمة في قلبك، وعلامة انقطاع الإنسان عن الله قسوة في قلبه، القسوة من علامات الانقطاع عن الله، والرحمة من علامات القرب منه، والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: (( إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي ))

وعنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ))..

اللهم اجعلنا من عبادك الرحماء..

ارزقنا اللهـم عيناً دامعاً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً..

اقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انّه هو الغفور الرحيم ....

الخطبـة الثانيـة                         

ثم اما بعد ايها الاحباب الكرام :

كشفُ الكربة عن المسلم او تنفيس الكربة عن المسلم في الدنيا وإزالتها يكون جزاء صانعها من الله يوم القيامة ان ينفس الله عنه من كربات وأهوال يوم القيامة ...

يكون جزاؤه من الله أن يفرّج عنه كربة هي أعظم من ذلك وأشد، إنها كربة الوقوف والحساب، وكربة السؤال والعقاب، فما أعظمه من أجر، وما أجزله من ثواب. يقول الإمام النووي   :                       

 (؟وَيَدْخُل فِي كَشْف الْكُرْبَة وَتَفْرِيجهَا مَنْ أَزَالَهَا بِمَالِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مُسَاعَدَته، وَالظَّاهِر أَنَّهُ يَدْخُل فِيهِ مَنْ أَزَالَهَا بِإِشَارَاتِهِ وَرَأْيه وَدَلَالَته ) .

ولو بكلمةٍ طيبة ولو حتى بشربهِ ماء، يجد صاحبها ثوابها واجرها وغنمها يوم القيامة .

 فقد أخرجَ البيهقيُّ من حديثِ أنسٍ مرفوعًا:

( أنَّ رجلاً من أهلِ الجنةِ يُشرِفُ يوم القيامةِ على أهلِ النار، فيُناديهِ رجلٌ من النار يا فلانُ هل تعرفني؟

فيقولُ لا واللهِ ما أعرفكَ من أنتَ؟

 فيقولُ : أنا الذي مررتَ به في دارِ الدنيا، فاستسقيتني شُربةً من ماء فسقيتُكَ قالَ عرفتُ، فقالَ : فاشفعْ لي بها عندَ ربّكَ، قال : فيسألُ اللهَ تعالى فيقولُ شفّعني فيهِ، فيُشَفَّعُ فيه فَيأمر به فيُخرجُ من النار ) .

نعم احبابي الكرام:               

تفريج الكروب والسعي في مصالح المسلمين أمانٌ وضمان، وأصل حياة المؤمن قائمة على العطاء..

 أصل حياة المؤمن قائمة على البذل، أصل حياة المؤمن قائمة على إشاعة الأمن بين الناس،على إشاعة الطمأنينة، على حلّ مشكلات الناس، على تطمينهم، على إسعادهم، على رأب الصدع، على تحقيق آمالهم، ليجد ذلك كله عند الله وافياً مضاعفاً، يقول خير الخلق صلى الله عليه وسلم:

(صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) .

فما أحوجنا اليوم ونحن نعيش تلك النكبات في بلدنا الحبيب أن نمسح دمعة اليتيم، وأن نؤوي الشريد والطريد، وأن نفك الأسير، وأن نعطي المحتاج ولو أن نبذل له الابتسامة.

فــ (من استطاع منكم أن ينفع اخاه فليفعل)

(وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف

في الآخرة) ..

ووالله إنه لأمر عظيم ولشرف وفخر كبير بأن يختارك الله لقضاء حوائج عباده؛ ليقضي حاجتك.

وحيا الله من قال :

وأكرم الناس ما بين الورى رجلٌ 

                      تُقضى على يده للناسِ حاجاتُ

لا تقطعنَّ يدُ المعروفِ عن أحدٍ      

                            ما دمتَ تقدرُ والأيامُ تاراتُ

واذكر فضيلةَ صنعَ اللهِ إذ جُعلت

                        إليك لا لكَ عِنْدَ النَّاسِ حاجاتُ

لنعلم احبتي الكرام أنّ تفريج الكربة عن المسلمين من الطاعات المتعدية وثواب الطاعة المتعدية أعظم قدراً من ثواب الطاعة القاصرة..

 فصلاة العبد وصيامه وذكره له..

ولكنَّ خيره الذي يتعدى إلى إخوانه وسعيه في إعانتهم ودعوتهم ونصحهم وتعليمهم يكون أكبر أثراً وأعظم أجراً عند رب العالمين.

وهذا من عظمة هذا الدين المجيد الذي يُخلِّص الإنسان من أنانيته ويجعله نبعاً للخير وظِلاً يأوي إليه الآخرون من تعب الحياة ونصبها.

وقد مدح الله عزوجل الأنصار ورضي عنهم وذكر من نعوتهم : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9].

هذا هو الإيثار الذي ينفي الأثرة ويتغلب على شح النفس، ويسمو بالإنسان إلى أفق الإنسانية الحقة، التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال فيما رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ)..

- اللهم  فرّج عن المسلمين كروبهم واكشف ضائقاتهم وارفع آلآمهم وهمومهم وغمومهم.

- اللهم من فرّج عن المسلمين كرباتهم ففرّج عنه.

ومن ضيق عن المسلمين فضيق عليه..

ومن يسر على المسلمين فيسر له..

ومن عسر على المسلمين فعسر عليه..

هذا وصلّوا رحمكم الله على من بعثه الله هاديًا ومبشرًا ونذيرًا فقد أمركم الله بذلك، فقال عز من قائل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين.                             

المشاهدات 2132 | التعليقات 0