كرونا عافانا الله واياكم
يحيى جبران جباري
الحمد لله يعافي بفضله ، و يبتلي بعدله من شاء بالأسقام ، احمده سبحانه وأشكره على واسع كرمه والإنعام ، و أستعينه وأستهديه وأستغفره ، يعين على حمل العظام ، ويهدي من تاه في الظلام ، ويغفر لمن تاب إليه من المعاصي والآثام ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ، شهادة الواثق برحمته وجوده وأننا في النظر اليه بإذنه لن نظام ، وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله ، كتب الله به للنبوة الختام ، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم القيام .
ثم اما بعد: فأوصيكم اخوة الإسلام ونفسي المقصرة بتقوى الله ذي العزة والملكوت ، والقوة والجبروت ، المتصرف وحده سبحانه بالحياة والموت ، فاتقوه وتوبوا إليه ، وأحسنوا التوكل عليه ، من قبل أن يأتي وقت ، لاتنفع فيه لعل و يا ليت (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) ( لقمان )
اخوة الدين : يقول ربكم في كتابه المبين واسمعوا بآذانكم ، وافقهوا بقلوكم ، وكونوا بالعقول فطنين قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ۗ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18) (الأنعام) وروى ابن ماجة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ) حسنه الألباني رحمه الله . وذكر عبد الله بن أحمد في كتاب الزهد لأبيه يعني احمد بن حنبل رحمه الله ، أصاب بني إسرائيل بلاء ، فخرجوا مخرجا ، فأوحى الله عز وجل الى نبيهم ، أن أخبرهم إنكم تخرجون الى الصعيد بأبدان نجسة ، وترفعون الي أكفا قد سفكتم بها الدماء ، وملأتم بها بيوتكم من الحرام ، الآن حين اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا مني الا بعدا ، يا رب نعوذ بعظمتك ولطفك من كل هذا ،
أيها الأحبة : وفقني الله وإياكم وهداني وهداكم لما أحبه ، تلك أدلة قلت لكم ارعوني لها السمع والفؤاد والعقل ، فمن فعل فذاك صاحب فطنة ، كل العالم يعج ، ويدج ، وتمنع دول من يقصدها أن يدخلها ، وأخرى لا تسمح له أن يخرج ، والسبب جرثومة صغيرة ، اسماها البعض كورونا ، ماهي إلا مما عند الله من جند ، ( وما يعلم جنود ربك الا هو .. 31 (المدثر) وإن فعل ، من أعجب العالم بتقنياتهم ، وذكائهم ، واختراعاتهم ، وتطورهم ، ما قرأتم وسمعتم وشاهدتم ، من احتياطات ، ومعقمات ، وبحوث ، و إخلاءات ، وفي النهاية يقتلون المصابين عنوة خوفا بالمئات ، فلا غرابة أن يصدر ذلك منهم ، لأن الله مولى الذين آمنوا ، أما الكافرين فلا مولى لهم ، ومن أوكل لنفسه أو لمن يساويه هلك ، ولو أن كل من يساويهم في العقيدة ، ويشاركهم في الطاغوت ، عمل ما عملوا ، لأنهم كما قال الله (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) (الفرقان ) فلا عجب ، إنما العجب ، أن من آمن بالفرد الصمد ، وعبد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولد ، وقرأ او سمع قول الله (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) (التوبة) ووقر في قلبه قول نبيه محمد ، صلى عليه ربنا ومجد (وأعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ) كيف بمثل ما يسمعه او يراه يهدد ، ويخشى ان يصاب بمرض ، لوشاء الله أن يبتليه به لابتلاه ، و لأتى إليه ، دون أن يكون في أرضه ، أو له يذهب ، وهذا ما عليه سلف وعلماء الأمة وصحيحي المذهب ، وردفي الحديث الصحيح قول الرسول ﷺ: لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل ) قيل ما الفأل يا رسول الله ؟ قال : الكلمة الطيبة ، قال ابن باز رحمه الله تعالى في شرحه : أنه كان من أمر الجاهلية بأنهم يعتقدون ان المرض ينتقل من المريض الى الصحيح بنفسه ، فأتى النبي صل الله عليه وسلم ، وأبطل ذلك الاعتقاد ، بهذا الحديث ، وبفعله صل الله عليه وسلم ، وبين للأمة ، بأن المرض ، لا يعدي بنفسه ، إنما بأمر الله تعالى ، ولا مانع من الوقاية ، مع بقاء الاعتقاد بأنه لا عدوى إلا بأمر الله ، والوقاية لا تنافي التوكل ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (فر من المجذوم فرارك من الأسد ) يخبرني والدي رحمه الله ، بأنه نزل الجدري في هذه المنطقة سنة من السنين قديما ، واصيب كل أهله بما قدر الله ، إلا هو ، و لشدت تعلقه بهم ، كان يأخذ الشوك يفقأ لهم ما في أجسادهم ، ليصاب معهم به ، لكن ورغم ذلك ، لم يصبه ، وما أصابه إلى أن مات ، كتبه الله من الصادقين المتوكلين عليه ، وجمعنا به في الجنات ، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه (الطلاق)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم اقول ما تسمعون واستغفر الله............
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي إن شاء شدد في العقوبة وإن شاء خفف ، احمده سبحانه وأشكره من ذا الذي بنا منه الطف ، وأشهد أن لا اله الا الله العدل المنصف ، وأن محمدا عبده ورسوله أرحم الخلق وأرأف ، وأحكمهم وأشرف ، صل الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، الى يوم يرى فيه على الحوض فيعرف ، وبعد : يامن بنفسه من غيره أعرف ، اتق الله فمن اتق الله ، أحسن فيما به كلف ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (التوبة) عباد الله : كنت قد قلت مرة في موعظة ، بأن البلاء ، إما عقوبة وإما ابتلاء ، فللكفرة عقوبة ، وأما لأهل الإسلام فيحتمل الأمران ، إلا أن التجرؤ على الله ، وانتهاك حرماته موجب لعقوبته ، وكم من أمة هلكت ، وكم من دولة سقطت ، وكم من قرية أنواع العذاب بسبب المعاصي ذاقت ، فالزلازل والفيضانات والحروب والأمراض وغيرها جند من جنود الله يسلطها على من شاء ، كفى الله هذه الدولة وأهلها والمقيمين فيها وولاة أمرها ، شر البلايا والأدواء ، وحفظها بحفظه مادامت الأرض السماء ، وخلاصة الموعظة في كلمات ، أحسنوا العلاقة مع الله واجتنبوا المحرمات ، اسألوا الله العافية من الأمراض والابتلاءات ، ثقوا بربكم واعلموا أن ما يصيبكم من الله آت ، وأن العدوى والطيرة والشؤم من الجهالات ، وأن الوقاية لا تنافي التوكل على الله ، وانها من الحسنات ، ومن اشتد به الداء ، وكان من عظيم الأدواء التي يخشى من تفشيها في المجتمعات بمشيئة رب البريات ، فليلزم عليه بيته ، أو ما خصص لأمثاله من جهات ، نعوذ بالله من البرص والجنون والجذام وسيء الأسقام ، احفظوه ، وعلموه النساء والفتيات والغلمان .
ثم الصلاة والسلام ،،، مسكا وعطرا لنهايات الكلام ،،، على الشفيع يوم يشتد الزحام .
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد ...