كتاب :الأربعون الكتابية

الشيخ السيد مراد سلامة
1440/02/25 - 2018/11/03 09:56AM

Smiley face

  الأربعون الكتابية

ستة وأربعون حديثا تتكلم عن أحكام وآداب المعاملة مع اليهود والنصارى وعن أخبارهم في أخر الزمان 

مقدمة الكتاب 

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } (آل عمران 102) { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)} (النساء 1) وقال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)*} (الأحزاب 71:70)

أما بعد: فإنًّ أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار

أما بعد:

فإن الناظر إلى أحوال الأمة الإسلامية في الفترة الأخيرة ليرى أن كثيرا منهم انقسموا إلى قسمين:

القسم الأول: أفرط في محبة وولاء اليهود و النصارى فأصبح أهل الكتاب قبلة لكثير منهم ينساقون خلفهم و يأتمرون بأمرهم يقلدونهم في جميع أحاولهم حذو القذة بالقذة، بل أرخى بعضهم لنفسه العنان ووصل به الحال إلى عدم تكفير من كفره الله تعالى في كتابه و نبيه –صلى الله عليه وسلم- في سنته فخرجوا علينا بفتاوى غير مخطومة بخطام الشرع و ألبسوا على كثير من المسلمين دينهم و ردوا حكم الله و حكم رسوله فيهم حيث قال الله-تعالى-{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [المائدة: 17] وقال تعالى { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [المائدة: 72، 73]

وردوا حكم النبي –صلى الله عليه وسلم-بالكفر وأنهم من أصحاب النار عن أبي هريرة، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أنه قال: ((والذي نفس محمد بيده، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) ([1])

القسم الثاني: قسم تعنت و تشدد في المعاملة مع أهل الكتاب فهو يحاول أن يوصل إليهم الأذى و التنكيل بشتى الوسائل المتاحة إليه، فهو يحرم و يجرم كل أنواع المعاملة و الإحسان اليهم بدعوى الولاء و البراء، و ربما يكون هؤلاء جيران له في البيت أو الحقل أو الوظيفة أو حتى في المواصلات و هؤلاء هم أيضا ردوا حكم الله و حكم رسوله – صلى الله عليه و سلم- حيث حثنا الله تعالى على المعاملة الحسنة مع من خالفنا قال الله –تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [العنكبوت: 46]

وقال سبحانه {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]

يقول السعدي – رحمه الله-أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة، لا محذور فيها ولا مفسدة كما قال تعالى عن الأبوين المشركين إذا كان ولدهما مسلما: { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا }([2])

وردوا حكم النبي – صلى الله عليه وسلم-حيث أوصى بهم خيرا وحذرنا من أذيتهم إذا أحسنوا

عن صفوانَ بنِ سليم عن عددٍ مِن أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم -قال: ((ألاَ مَن ظلَم معاهدًا، أو انتقصَه، أو كلَّفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طِيب نفس، فأنا حجيجُه ([3]) يوم القيامة))؛ رواه أبو داود والبيهقي.([4])

لذا: رأيت أن أجمع كتابا يجمع بعض الأحاديث التي تتكلم عن أهل الكتاب و عن آداب المعاملة معهم و عن مخالفتهم في أمور العقائد و العبادات و عن أحوالهم مع الأمة في آخر الزمان، فجمعت ستة و أربعين حديثا صحيحا و سميته {الأربعون الكتابية}

وقمت بتخريجها وبيان صحتها، ثم بينت ما يستفاد من أحكام وآداب حتى نزن الأمور بميزان الشرع الحنيف وبذلك نكون وسطا بين طرفي نقيض بين الغالي والجافي يقول الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]

يقول السعدي – رحمه الله-في قوله:{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } أي: عدلا خيارا، وما عدا الوسط، فأطراف داخلة تحت الخطر، فجعل الله هذه الأمة، وسطا في كل أمور الدين، وسطا في الأنبياء، بين من غلا فيهم، كالنصارى، وبين من جفاهم، كاليهود، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك، ووسطا في الشريعة، لا تشديدات اليهود وآصارهم، ولا تهاون النصارى.

وفي باب الطهارة والمطاعم، لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم، ولا يطهرهم الماء من النجاسات، وقد حرمت عليهم الطيبات، عقوبة لهم، ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئا، ولا يحرمون شيئا، بل أباحوا ما دب ودرج. 

بل طهارتهم أكمل طهارة وأتمها، وأباح الله لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، وحرم عليهم الخبائث من ذلك، فلهذه الأمة من الدين أكمله، ومن الأخلاق أجلها، ومن الأعمال أفضلها. ([5])

أسأل أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به كل المسلمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

 وما ذاك مني بل من الله وحده      بعفو وإمداد وفضل ونعم
فإن أَكُ فيها مخطئا أو مغالطا          فمن ذات نفسي كل خطئي وغلطتي
 أتوب إلى الرحمن من كل غلطة       واستغفر الرحمن لي ولإخوتي
 وأسأله جل اسمه بصفاتهوأسمائه الحسني قبول رسالتي
 تأليف
أبو همـــــام / السيد مراد عبد العزيز سلامة
إمام و خطيب و مدرس بوزارة الأوقاف المصرية 
كاتب سلامي طبعة له الكتب عبر دور النشر المصرية و العالمية  
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
جمهورية مصر العربية محافظة البحيرة مركز شبراخيت قرية فرنوى
للتواصل عبر الجميل 

 [email protected]

للتواصل عبر الياهو

[email protected]

[1] - أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1 / 134 / رقم 240) كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[2] - تفسير السعدي (ص: 856)

[3] - حجيجه: الحجيج فعيل من المحاجة: المغالبة وإظهار الحجة.

[4] - أخرجه أبو داود (3/170، رقم 3052)، والبيهقي (9/205، رقم 18511)

[5] - تفسير السعدي (ص: 70)

المرفقات

الكتابية

الكتابية

المشاهدات 1063 | التعليقات 0