قياس كورونا على الكسوف .. الشيخ علي القاضي

الفريق العلمي
1441/08/20 - 2020/04/13 16:02PM

سألني البعض عن مشروعية الصوم والصلاة الخ الطاعات بنية رفع وباء كورونا أو السلامة منه ابتداءا

فكان الجواب:

 

والله أعلم أنه يجوز ذلك بل ويجوز أيضا لو صلى الناس في المناطق غير الموبوءة بهذا الوباء صلاة كصلاة الكسوف !! بنية دفع هذا الوباء

والأدلة حسب علمي ما يلي:

أولا: أنه من التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة لرفع البلاء وهو جائز اتفاقا كما في حديث أصحاب الغار في البخاري ولعموم الأدلة الآمرة بالتقرب إلى الله بالطاعات لرفع البلاء قال تعالى: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)[الأنعام:43].

 

ثانيا: لأنه أمر للناس بالطاعات عند حلول المخاوف والمهالك وهي سنة دل عليها قوله -صلى الله عليه وسلم- لما كسفت الشمس في عهده فقال عليه السلام "فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة، وإلى ذكر الله، والصدقة" صحيح ابن خزيمة وسنده حسن، وفي البخاري: "فإذا رأيتم ذلك، فادعوا الله، وكبروا وصلوا وتصدقوا"، وفي رواية للبخاري أيضا: "فافزعوا إلى ذكر الله، ودعائه واستغفاره".

قال الامام ابن بطال: "وقد تقدم أن السنة عند نزول الآيات -أي المخوفة-: الاستغفار والذكر والفزع إلى الله تعالى، بالدعاء وإخلاص النيات بالتوبة والإقلاع، وبذلك يكشف الله تعالى، ظاهر العذاب قال الله تعالى: (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعا" (شرح صحيح البخاري ٤٧/٣لابن بطال المالكي).

 

ونحوه قال الامام الباجي في المنتقى شرح الموطأ ٢٢٥/٧، والامام ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام ٣٥٥/١

وغيرهم من شراح حديث الكسوف

فلا وجه إذا لإنكار دعوة الناس إلى الصوم والصلاة الخ بنية رفع وباء كورونا وغيره.

 

ثالثا: كثير من العلماء على جواز الصدقة والصوم أو الصلاة الخ في البيوت لدفع البلاء قال الامام ابن رجب الحنبلي: "واعلم؛ أن الشغل بالصلاة في البيوت فرادى عند الآيات -أي المخاوف كالكسوف والزلازل الخ- أكثر الناس على استحبابه، وقد نص عليه الشافعي وأصحابه.كما يشرع الدعاء والتضرع عند ذلك؛ لئلا يكون عند ذلك غافلا"(فتح الباري ٢٥٠/٩لابن رجب).

 

رابعا: لو اجتمع المسلمون للصلاة جماعة أو الصوم الخ لدفع وباء كورونا فإنه يجوز على الراجح لفعل بعض السلف لذلك عند حصول زلازل او رياح شديدة او ظلمة ونحوها من الكوارث الطبيعية.

 

قال الامام ابن رجب: "وإنما محل الاختلاف: هل تصلى جماعة، أم لا؟ وهل تصلى ركعة بركوعين كصلاة الكسوف، أم لا؟" وظاهر كلام مالك وأكثر أصحابنا: أنه لا تسن الصلاة للآيات جماعة ولا فرادى. وفي " تهذيب المدونة " أنكر مالك السجود للزلزلة. ولا وجه لكراهة ذلك، إلا إذا نوى به الصلاة لأجل تلك الآية الحادثة دون ما إذا نوى

به التطوع المطلق.

وقد روي عن طائفة من علماء أهل الشام، أنهم كانوا يأمرون عند الزلزلة بالتوبة والاستغفار ويجتمعون لذلك، وربما وعظهم بعض علمائهم وأمرهم ونهاهم، واستحسن ذلك الإمام. -أي الامام احمد بن حنبل- وروي عن عمر بن عبدالعزيز، أنه كتب إلى أهل الأمصار: إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به العباد، وقد كنت كتبت إلى أهل بلد كذا وكذا أن يخرجوا يوم كذا وكذا؛ فمن استطاع أن يتصدق فليفعل" (فتح الباري ٢٥٠/٩-٢٥١ للإمام ابن رجب).

 

وقال الإمام ابن عبد البر الأندلسي: "وكان مالك والشافعي لا يريان الصلاة عند الزلزلة ولا عند الظلمة والريح الشديد ورآها جماعة من أهل العلم منهم أحمد وإسحاق وأبو ثور وروي عن بن عباس أنه صلى في الزلزلة وقال بن مسعود إذا سمعتم هذا -صوت له دوي- من السماء فافزعوا إلى الصلاة. وقال أبو حنيفة من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج" (الاستذكار:2-٤١٨).

 

فلا حاجة إذا لتشنيع البعض على الدعوة إلى ما سبق فهو أمر يسوغ فيه الاجتهاد على أقل تقدير؛ فكيف وقد فعله بعض السلف وحددوا لفعله الزمان والمكان؟!.

 

بل واجتمع بعض السلف للصلاة في غير المخاوف؛ كالصلاة في ليلة النصف من شعبان كما في لطائف المعارف للإمام ابن رجب كما جوز العلماء القراءة على الموتى والاجتماع عليها كما في فتاوى الامام ابن تيمية والفتح الرباني في فتاوى الإمام الشوكاني فأصل الاجتماع على الطاعة مشروع في الجملة وإن حصل اختلاف في بعض متعلقاته.

 

ولا شك أن وباء كورونا أخطر من كل ما صلى السلف لدفعه؛ فالتوسل إلى الله بالطاعات لرفعه مشروع؛ والله أعلم.

المشاهدات 414 | التعليقات 0