قيادةٌ رشيدةٌ لحياةٍ آمنةٍ-26-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد القرعاوي

محمد بن سامر
1444/12/24 - 2023/07/12 16:28PM

قيادةٌ رشيدةٌ لحياةٍ آمنةٍ-26-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد القرعاوي

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

احفظوا وصيةَ اللهِ لكم في أولادِكم؛ فإنَّهم من أعظَمِ أماناتِكُم، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "مَنَ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".

أيُّها الكرام: إنَّ هناكَ صُورًا تدلُّ على العَبَثِ بأمنِ البلدِ ومُقدَّراتِه، وهي دليلٌ على امتهانِ أنظمتِه وإجراءاتِه، وخُذْ غيضًا مِنْ فيضٍ: السُّرعةُ الْمُفرِطَةُ داخلَ الأحياءِ، وقطعُ الإشاراتِ، والعبثُ والتَّفحيطُ، وعكسُ اتجاهِ السيرِ، والوقوفُ الخاطئُ، والانشغالُ بالجَوَّالِ، وحَمْلُ السائقِ للطِّفْلِ، وإطفاءُ الأنوارِ ليلًا، والقِيَادَةُ أَثنَاءَ الإرهاقِ والسَّهَرِ، وقيادةُ السُفهاءِ وصغارِ السِّن، وقيادةُ ضعفاءِ البصرِ من كبارِ السنِّ وغيرِهم، والتجمهرُ لقيادةِ الدَّراجاتِ النَّاريَّةِ في كلِ وقتٍ، وقيادةُ من لا يُحسنُ القيادَةَ ليتعلمَ في أرواحِ الناسِ وممتلكاتِهم، ويَكْتُبُ كفيلُه: السَّائِقُ تَحتَ التَّجربَةِ، كلُّ تلكَ المخالفاتِ وغيرُها تحتاجُ منَّا إلى وقفةٍ حازمةٍ، وتَعَاوُنٍ لِلقَضَاءِ عَليها، واتْرُكوا السلبيةَ بقولِ: لا أحَدَ يَقتَرِبُ من الشَّبَابِ المُتَهَوُّرِ أو المُخالِفِ فَيُصابُ بِأذَاهُم، هَذا غيرُ صحيحٍ فالشبابُ فيهم خيرٌ كثيرٌ، واحتِرامٌ لِمَنْ عامَلَهُم بالحُسنى بحكمةٍ ورِفقٍ، وإنْ لَم يَستَجيبوا فلا أقلَّ مِن البَلاغِ عن المُخالِفِ، فَلنَترُكِ السَّلبيةَ ولنُبلغْ عن المُخالِفِ، وَلْنأْطُرْهُ على الحقِّ أطرًا، ألَمْ يَقُل رَسُولُنا-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "َكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"، فَعلى الخُطَبَاءِ والواعظينِ، والآباءِ والمربينَ دورٌ عظيمٌ، ومَسؤولية ٌكبرى، وعلى رجالِ الأمنِ حِملٌ ثقيلٌ، وعلى الجميعِ أنْ يتَّقوا الله-تعالى-ويَحرصُوا على تخفيفِ تلكَ الظواهرِ والقَضَاءِ عليها.

أيُّها الآباءُ: أنتم مسؤولونَ عن أولادِكُم أوَّلًا وأخيرًا فلا تُؤتُوا السُّفهاءَ أموالَكم، واحفظوهم ووجِّهوهم، وانْصحوهم وَأدِبُوهم، فَمَا نَحَلَ-أعطى-والدٌ ولدَهُ خَيرًا مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ يُؤدِّبُه به.

ويا رجالَ الأمنِ: خُذوا الأمرَ بحزمٍ وقوُّةٍ، ولا تأخذنَّكم في اللهِ لَومَة ُلائِمٍ، فلا مُحابَاةَ لِقَريبٍ ولا صَدِيقٍ، كثـِّفوا جُهودَكَم، فالمجتمعُ بِحاجَةٍ إليكم، فَخذوا على يدِ السَّفيهِ بمعاقبتِهِ، جزاكم اللهُ خيرًا، وأعانكم على أداءِ أمانَتِكُم، وحَمْلِ رسالَتِكُم.

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فيا إخواني وأبنائي الشبابُ: أنتم عمادُ الأُمَّة وتاجُها وعِزُّها وفخارُها، فاحمدوا اللهَ على نعمةِ الصِّحةِ والأمنِ، والرَّخاءِ والعَافِيَةِ، وكونوا رحمةً على أهليكُم والناسِ، واحذروا الأذى لأنفسِكم وغيرِكم، فاللهُ-تعالى-حذَّرَ فقالَ: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).

في إحصائيةٍ لمنظمةِ الصحةِ العالميةِ: تتسببُ الحوادثُ المروريةُ في وفاةِ أكثرَ من مَليونِ إنسانٍ سنويًا، وخمسينَ مليونِ إصابةٍ في جميعِ أنحاءِ العالمِ، فَأَسأَلُكُم بالله، بأيِّ ذنبٍ قُتِلوا، وبأي جُرْمٍ أصيبوا؟

النَّاسُ يُريدونَ أنْ يعيشوا حياةَ آمِنَةً، وأنْ يَسيروا عَبْرَ طُرقٍ آمِنَةٍ، يأمَنُونَ فيها على أنفسِهم وأموالِهم وأولادِهم، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ"، "مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ"،  فكم فُجعنا بشبابٍ راحوا ضحايا مَزحٍ بالسَّيَّاراتٍ، وعبثٍ لا طائلَ من ورائِهِ، وتَحدٍّ في غيرِ مَحلِّهِ؟!

أخي الكريمُ: وأنت تَقُودُ سيارتَك، الخطرُ مُحدِقٌ بك في كلِّ لحظةٍ، فإيِّاكَ والعجلةَ والتهوُرَ، "ولا تَمشِ في الأرضِ مَرحًا-تكبُرًا-إنَّ الله لا يحبُ كلَّ مُختالٍ فخورٍ".

قدْ يُدرِكُ المتأنِّي بعضَ حاجتِه*

                      وقدْ يكونُ مع الـمُستعجلِ الزَّللُ

 قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "أَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ، قالوا: وما حَقُّهُ؟ قَالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ".

أخي الكريمُ: السَّعيدُ من وُعظَ بغيرِه، فاحذرْ أنْ تكونَ عبرة ًلغيرِك، ولا تكن سببًا في شقاءِ أُسَرٍ وتعاستِها، فلا يَستغفِلنَّكَ شياطينُ الإنسِّ والجنِّ، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يُروِّع مسلمًا"، إِذا خرجتَ من بيتِك فقلْ كما قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "باسم اللهِ، توكلتُ على اللهِ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ"، فإنَّ الملائكةَ تقولُ لك: هُديتَ وكُفيتَ ووقيتَ، ويتنحَّى عنك الشيطانُ، وإِذا ركبتَ سيارَتَك فقلْ كما قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ-: "بِاسْمِ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ للَّهِ، (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ)، الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلّا أَنتَ".

ومما يُؤْسَفُ له عندَ نُزُولِ الأَمطَارِ أن ترى سلوكاتٍ خطيرةً تَقعُ من بعضِ الشبابِ وغيرِهم، دَافِعُها التَّهوُّرُ وحُبُّ المُغَامَرَةِ، فَبعضُهم يُغامِرُ بِالدُّخُولِ إلى الشـِّعابِ والأَودِيَةِ، أو يَصعَدُ أعالِيَ الجبالِ، ممَّا يَنتُجُ عنه خُطورة ٌبَالِغَةٌ، فَخُذُوا حِذركم، "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، جَعَلَنا اللهُ وإياكم والمسلمينَ قرَّةَ عينٍ لأمتنِنا وأهلِنا.

يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللهم إنَّا نسألكَ أن تهديَ شبابَ الإسلامِ والمسلمينَ إلى طريقِ الرشادِ، وأن تُجنِّبهم أسبابَ الشِّر والفسادِ وأن تجعلَهم رحمة ًعلى الناسِ.

اللهم أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ، اللهم إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ، اللهم يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ، اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، اللهم إنَّا والمسلمينَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.

اللهم أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.

اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمين.

المرفقات

1689168520_قيادةٌ رشيدةٌ لحياةٍ آمنةٍ-26-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد القرعاوي.docx

1689168521_قيادةٌ رشيدةٌ لحياةٍ آمنةٍ-26-12-1444هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد القرعاوي.pdf

المشاهدات 277 | التعليقات 0