قل هو الله أحد

عبدالله اليابس
1440/06/23 - 2019/02/28 19:24PM

قل هو الله أحد                          الجمعة 24/6/1440هـ

الحَمْدُ للهِ الذِيْ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَتَكَفَّلَ بِأَرْزَاقِ العِبَادِ تَصْرِيفًا وَتَدْبِيرًا، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللُه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللهُ لِلنَّاسِ هَادِيًا وَمُبَشِرًا وَنَذِيرًا، وَدَلعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرًا, صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .. كَمْ عُمُرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا فِي الإسْلامِ؟

مُنْذُ مَتَى حَفَظْتَ سُوْرَةَ الإِخْلَاصِ والفَلَقِ والنَّاسِ؟ كَمْ مَرَّةً قَرَأْتَهَا فِي الصَّلَاةِ؟ وَكَمْ مَرَّةً قَرَأْتَهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ مَعَ أَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالمَسَاءِ أَو عِنْدَ النَّوْمِ؟

السُّؤَالُ الآنَ: هَلْ تَعْرِفُ تَفْسِيْرَ هَذِهِ السُّوَرِ التِي أَكْثَرْتَ مِنْ تَرْدِيْدِهَا؟ هَلْ تَعْرِفُ مَعْنَى (الصَّمَدِ)؟ (الفَلَقِ) أَو (غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)؟ أَو (الخَنَّاسِ)؟

دَعُوْنَا إِذَاً فِي هَذَا اليَومِ نَتَذَاكَرُ سَوِيَةً تَفْسِيْرَ سُوْرَةِ الإِخْلَاصِ اليَوْمَ .. لِنَتَعَلَمَ كِتَابَ رَبِّنَا .. وَلِنَعْبُدَ اللهَ تَعَالَى عَلَى بَصِيْرَةٍ.

أَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِرْمِذِيُّ وَحَسَنَهُ الأَلْبَانيُّ عَن أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهً أَنَّ الـمُشْرِكِيْنَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اِنْسِبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ}.

هَذِهِ السُّوْرَةُ هِيَ سُورَةُ التَّوْحِيْدِ وَالتَنْزِهِ لله رَبِّ العَالَمِينَ..

وَتُسَمَّى هَذِهِ السُّورَةُ سُورَةَ الإِخْلَاصِ؛ لِأَنَّهَا تَضَمَّنَتْ إِثْبَاتَ وَحْدَانِيَةِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّهُ هُوَ الـمَقْصُودُ وَحْدَهُ فِي قَضَاءِ الحَوَائِجِ, وَهَذَا يَقْتَضِي الإِخْلَاصَ فِي عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ.

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: أَيْ {قُلْ} يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ قَوْلَاً جَازِمًا بِهِ لِمَنْ سَأَلَكَ عَنْ صِفَةِ رَبِّكَ وَنِسْبَتِهِ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الأَحَدُ.. قَدْ انْحَصَرَتِ فِيْهِ الأَحَدِيَةُ، فَهُوَ الأَحَدُ الـمُنْفَرِدُ بِالكَمَالِ، الذِيْ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى، وَالصِّفَاتُ الكَامِلَةُ العُلْيَا، وَالأَفْعَالُ الـمُقَدَسَةُ، الذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا مَثِيْلَ.

{اللَّهُ الصَّمَدُ} أَيْ: الـمَقْصُودُ فِي جَمِيع ِالحَوَائِجِ. فَأَهْلُ العَالَمِ العُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ مُفْتَقِرُونَ إِلَيهِ غَايَةَ الافْتِقَارِ، يَسْأَلُونَهُ حَوَائِجَهُمْ، وَيَرْغَبُونَ إِلَيهِ فِي مٌهِمَّاتِهِمْ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الصَّمَدِ: يَعْنِي الذِّي يَصْمُدُ إِلَيهِ الخَلَائِقُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَمَسَائِلِهِم. وَهُوَ السَّيدُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالعَظِيمُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، العَلِيمُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، الحَلِيمُ الذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، الرَّحِيم الذِيْ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيءٍ، وَهَكَذَا سَائِرُ أَوْصَافِهِ

 وَمِنْ كَمَالِهِ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لِكَمَالِ غِنَاهُ, لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ وَلَدٌ، وَلَمْ يَصْدُرْ هُوَ عَنْ شَيٍء لِأَنَّهُ لَا يُجَانِسُهُ شَيءٌ, {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ}, وَفِي هَذِهِ الآيَةِ رَدٌّ عَلَى الـمُشْرِكِينَ الذِّينَ يَقُولُونَ: الـمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللهِ، وَعَلَى النَّصَارَى وَاليَهُودِ الذِّينَ يَقُولُونَ: عُزَيرٌ وَالمـَسِيحُ أَبْنَاءُ اللهِ، وَلَمْ يَكُنِ اللهُ مَوْلُودَاً كَمَا قَالَتِ النَّصَارَى: الـمَسِيحُ ابنُ اللهِ ثُمَّ عَبَدُوه ُكَأَبِيهِ.. تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًا كَبِيرًا.

جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ ويعافيهم).

 {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} نَعَمْ.. مَا دَامَ وَاحِدًا فِي ذَاتِهِ لَيْسَ مُتَعَدِدًا، وَلَيسَ وَالِدًا لِأَحَدٍ وَلَا مَوْلُودًا لِأَحَدٍ، فَلَيسَ يُشْبِهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَثِيلٌ أَوْ نَظِيرٌ أَوْ نِدٌ, لَا فِي أَسْمَائِهِ وَلَا فِي أَوْصَافِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

فَهَذِهِ السُّورَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَوْحِيدِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ.

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: "هَذِهِ السُّورَةُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، مِثْلَ سُورَةِ الكَوْثَرِ فِي حَقِّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، لَكِنَّ الطَّعْنَ فِي حَقِّ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِسَبَبِ أَنَّهُم قَالُوا: إِنَّهُ أَبْتَرُ لَا وَلَدَ لَهُ، وَهُنَا الطَّعْنُ بِسَبَبِ أَنَّهُم أَثْبَتُوا لِلَّهِ وَلَدًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الوَلَدِ فِي حَقِّ الإِنْسَانِ عَيْبٌ، وَوُجُودَ الوَلَدِ عَيْبٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَاَلى، وَلِهَذَا السَّبَبِ قَالَ هُنَا:{قُلْ} لِيُدَافِعَ عَنِ اللَّهِ، وَفِي سُورَةِ إِنَّا أَعْطَينَاكَ لَمْ يَقُلْ (قُلْ) وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ ذَلِكَ مُبَاشَرَةً، حَتَّى يُدَافِعَ بِنَفْسِهِ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الإِخْلاصِ: أَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَفِي صَحِيحِ البُخَارِيِ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلاً عَلَى سَرِيَّةٍ, فَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِم فَيَخْتِمُ بـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرَوا ذَلِكَ لِلنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: (سَلُوهُ: لِأَيِّ شَيءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟)، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لِأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقرْأَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّه يُحبُّهُ).

وَمِنْ فَضَائِلِ سُورَةِ الإِخْلَاصِ أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ, رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلَّ يَوْمٍ ثُلُثَ القُرْآَنِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: (إِنَّ اللهَ جَزَّأَ القُرْآَنَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ, فَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ثُلُثَ القُرْآَنِ).

وَقِيلَ فِي وَجْهِ كَونِهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ: أَنَّ القُرْآَنَ اشْتَمَلَ عَلَى ثَلَاثَةِ مَقَاصِدٍ أَسَاسِيَّةٍ، أَوَّلُهَا: عُلُومُ الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ. وَثَانِيهَا: مَا فِيهِ مِنْ قَصَصٍ وَأَخْبَارٍ عَنْ أَحْوَالِ الرُّسُلِ مَعَ أُمَمِهِمْ. ثَالِثَاً: عُلُومُ التَّوحِيدِ وَمَا يَجِبُ عَلَى العَبْدِ مَعْرِفَتُهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ, وَهَذَا هُوَ أَشْرَفُهَا وَأَجَلُّهَا، وَهَذِهِ السُّورَةُ تَضَمَّنَتْ أُصُولَ هَذَا العِلْمَ وَاشْتَمَلَتْ عَلَيهَا إِجْمَالِيَّاً, فَهَذَا وَجْهُ كَوْنِهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآَنِ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآَنِ العَظِيمِ, وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآَيَاتِ وَالذِكرِ الحَكِيمِ, قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ, إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّـهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اِعْلَمُوا أَنَّهُ يُسْتَحَبُ قِرَاءَةُ سُورَةِ الإِخْلَاصِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ صًبَاحٍ وَمَسَاءٍ, رَوَى أَبُو دَاوودَ وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ خُبَيبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِيَ لَنَا، فَأَدْرَكْنَاهُ ، فَقَالَ: (أَصَلَّيْتُمْ؟) فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ: (قُلْ). فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ). فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: (قُلْ): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالـمُعَوِّذَتَيْنِ حِيْنَ تُمْسِي وَحِيْنَ تُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ).

كَمَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مُدَاوَمَةُ قِرَاءَتِهَا قَبْلَ النَّومِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, كَمَا رَوَى البُخارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ, وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ, وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ, يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.

وَرَوَى المُنْذِرِيُّ فِي التَرغِيبِ وَالتَرْهِيبِ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانيُّ عَنْ مُعَاذِ بنِ أَنَسٍ الجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ).

أَيٌّهَا الإِخْوَةُ.. مَا تَقَدَّمَ هُوَ نُتَفٌ مِنْ تَفْسِيْرِ سُورَةِ الإِخْلَاصِ وَبَعْضِ فَضَائِلِهَا.. وَأَخْتِمُ بِفَضِيْلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهَا .. وَهِيَ أَنَّ حُبَّهَا سَبَبٌ لِدُخُولِ الجَنَّةِ.. رَوَى البُخَاريُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُباءٍ، وَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بها لهمْ في الصَّلاَةِ ممَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ: بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ حتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أصْحَابُهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِه السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أَنَّها تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا وَإِمَّا أنْ تَدَعَهَا، وَتَقْرَأَ بأُخْرَى فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إَنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّه مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أتاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: (يَا فُلاَنُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ به أصْحابُكَ، وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَة)» فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ: (حُبُّكَ إيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ).

فاللهُمَّ اِجْعَلْنَا مِنْ أَهلِ القُرآَنِ الذِينَ هُمْ أَهْلُكَ وَخَاصَّتُكَ, يَارَبَّ العَالَمِينَ.

يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.. اعلموا أن الله تعالى قد أمرنا بالصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجعل للصلاة عليه في هذا اليوم والإكثار منها مزية على غيره من الأيام, فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المرفقات

الاخلاص-24-6-1440

الاخلاص-24-6-1440

المشاهدات 4937 | التعليقات 0