قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا
أحمد عبدالله صالح
خطبــــة جمعــــــة بعنــــــــوان :
[ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ ]
إعـــــــداد وتنظيــــم وإلقـــاء :
الاستـــاذ/ احمــــد عبـداللَّـه صــالح
خــطيب مسجــــد بـــلال بـن ربــاح/
الجمـــهوريـه اليمنيـــه - محــافظـة إب .
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
ايهـــا الأحبــــاب الكــــــرام روّاد مـسجد بـــلال : يمنحُ الله الصائمين من الأجر والثواب ما تقر به أعينهم في الدنيا والآخرة كما في الحديث : ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)..
بشريات كثيرة ومفرحات عديدة لايسع المقام لذكرها ولا الوقت لسردها ولهذا اقتصرت لكم على بعضٍ من هــذه البشـــريات والمفــــرحات وهـي:-
أولاً : يفــــــرح الصائمـــــــون :
لأنهم أطاعـــوا الله ورســـوله :
لأنهم فازوا بطاعة ربهم و الاقتداء بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم فقد شاهدوا فجر الأجر قال الله تعالى ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].
أنعم بها من معية فقد صار الصائمون مع كواكب العارفين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ،فهل استشعرتم تلك المعية أيها الصائمون؟
روى الطبراني وابن مردويه بسند قال السيوطي:
لا بأس به عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي، وإنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإني ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية :
" ومن يطع الله والرسول ".
طاعة الله تجلت في ذلك الشهر لتشمل شتى مناحي الحياة.
وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلمكانت قرة عيون الصائمين والصائمات في الأقوال والأفعال.
فهو يوم الجائزة لكم أيها الطائعون الصائمون قال الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
ثانيــاً : يفــــــرح الصائمـــــــون :
لأنهـم اتصفـــوا بصفـات المتقــين ..
هذا هو الفرح حيث اتصفتم بصفات المتقين الذين حققوا التقوى في أعلى معانيها حيث العمل بطاعة الله على نور من الله وترك معصية الله على نور من الله.
فقد حققتم التقوى عباد الله و هي الغاية المنشودة و الدرة المفقودة قال الله تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ ﴾
[آل عمران: 102].
يفــــــرح الصائمـــــــون عندما يشاهدون أجر و جزاء المتقين عند رب العالمين :
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].
وقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].
وقال تعالى ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].
يفــــــرح الصائمـــــــون عندما يشاهدون الجنان وقد زينت والحور وقد أعدت والقصور وهيئت
قال الله تعالى ﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا* لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ﴾ [النبأ: 31 -36].
ثالثـــاً : يفــــــرح الصائمـــــــون :
لأنهم قامــوا رمضــان ، لأنهم قاموا الليل واتصفوا بصفات عباد الرحمن و أنعم بها من صفات قال الله تعالى :
﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 67].
بشـــراكم أيها القائمون بهذه العطايا التي لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولا خطرت على قلب بشر قال الله تعالى :
﴿ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 15 -17].
عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يُسمعُ الخلائق: سيعلم أهل الجمع اليوم مَن أولى بالكرم. ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ الآية، فيقومون وهم قليل(ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده ، وأبو يعلى).
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر".
قال أبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم :
﴿ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾.
رابعــــــاً : يفــــــرح الصائمـــــــون :
لأنهــم وصلـــوا أرحامهــــم :
فكم وكم من عداوت وبغضاء كانت بين ذوي الأرحام فلما دخل عليهم رمضان تقاربت القلوب وتواصلت الأرحام وتعددت الزيارات واستبدلوا القطيعة بالصلة والبغضاء بالمحبة، فقد رأينا كيف ألف الصيام بين الإخوة والأخوات وبين الأبناء والإباء وبين جميع ذوي الأرحام بشراكم أيها الواصلون صلة الرحمن قال الله تعالى :
﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 20 - 24].
ولهـــذا ينبغي علينا أن نعود إلى حياة الحب والتراحم، ولنجعل هذا العيد بداية انطلاق للتسامح والتغافر والتآخي فيما بيننا، هذه الأخوة التي كانت سببًا في عزة المسلمين وقوتهم وسعادتهم في يومٍ من الأيام...
لو كبّرت في جموع الصين مئذنة *
سمعت في المـغرب تهلـيل المصـلين
إذا اشتـكى مسلم في الهند أرَّقني *
وإن بكـى مسـلم في الصين أبكاني
أرى بُخَـارَى بلادي وهي نائية *
وأستـريح إلى ذكـرى خُـرَاسـانِ
وأينـما ذُكـر اسـم الله في بلدٍ *
عددت ذاك الحمى من صُلْب أوطاني
شريعـة الله لَمَّـتْ شملـنا وَبَنَتْ *
لنـا مـعـالم إحسـان وإيـمانِ
بشــراكم أيها الواصلــون سعة الأزرق والبركة في الأعمار وتعمير الديار فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه "
وقد أخرجاه عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" صلة الرحم، وحسن الخلق يعمرن الديار ويزدن في الأعمار " أخرجه البيهقي.
فيأيها المسلمون صلوا أرحامكم تدخلوا جنة ربكم فعن عبد الله بن سلام قال : لما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه و قيل قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
فجئت في الناس لأنظر إليه فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته بتكلم أن قال :
" يا أيها الناس أفشوا وأطعموا و صلوا الأرحام و صلوا الناس نيام تدخلوا الجنة بالسلام " أخرجه البيهقي.
أقـــــــول مـا سمـعتـــم واستغفـــروا اللـَّه لـي ولــكم مــــن كل ذنـب فيـــا فــــــوز المستغفـــريـــن ويــا نجــــــاة التـــــائبــــــين ..
الخطبــــــــــــــــــــــــــــه الثانيــــه :
أمــا بعــــــــــــــــــــــــــــــد :ــ
احبتــــــي الگـــــــرام .. روّاد مســجد بــلال :
خامســـاً : يفــــــرح الصائمـــــــون :
لأنهم ادخلـــوا البسمـة على الفقـراء والمساكين :
بارك الله لكم معاشر أيها الصائمون فقد رسمتم البسمة على أفواه الفقراء وكم أدخلتم البهجة على قلوب المساكين، وكم أطعمتم بطونا جائعة، وكم كسوتم أجسادا عارية، بشراكم معاشر الصائمين بعطاء رب العالمين.
واسمعوا : وفد رجل على علي فطلب له حاجة، فقال: الحمد لله الذي جعلك صاحب الحاجة ولم يجعلني صاحب الحاجة، لأقضينها إن شاء الله.
قال الرجل :
كسوتني حلة تبلى محاسنها
لأكسونك من حسن الثنا حللا.
• كاد الجميل أن يكون رجلاً، ولو كان رجلاً لكان حسناً، وكاد أن يكون نبتاً، ولو كان نبتاً لكان ورداً.
• قال أبو جعفر المنصور لجلاسه وسماره:
ما أحسن بيت قالته العرب؟
قالوا: ما ندري.
قال: قول القائل :
الخير يبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زادِ
كيف يضيّع الله من كفل الأيتـام وقـام على الأرامل ورعـى ضعفةَ المسلــمين؟
كيف يضيّع الله من فـــرّج الكــربات؟
كيف يضيّع الله عبداً فـرّج الكربات وتنافس في المرضاة وتسابق إلى الطاعـــات؟!
كيف يضيّع عند الله سعيه؟
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من فرج عن مؤمنٍ كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة) أخرجه مسلم.
فيأخي المسلـم يا من خـرجت من رمضـــان :
بر والديك، وخصهما منك بالدعاء، وأكثر لهما من الاستغفار، ففي التنزيل العزيز :
﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [نوح: 28] ويقول سبحانه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ﴾ [الإسراء:24].
صل من قطعك، وأعط من حرمك، واعف عمن ظلمك، وعف عن المحارم تكن عابداً، وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً ارحم المسكين، وأكرم الغريب، واسع على الأرامل فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ) ولذلك كان عبد الله كما يقول أبو بكر بن حفص لا يأكل طعاماً إلا وعلى خوانه يتيم، لابد أن يدعو يتيماً في كل وجبة من وجبات طعامه ليأكل معه إحساناً إلى اليتامى.
أرزقنا اللهم الرحمـة بالفقـراء والمحتاجين وحبُّ المساكين يارب العالمين ..
ثم اعلمــوا انّ الله أمركــم بأمــرٍ بدأ به نفسه وثنـى به ملائكته المسبحــةِ بقدسه وثلّثَ به عبــاده من جنِّـه وإنســه فقــال :-
(( إنَّ اللّهَ وملائِكتَه يُصلونَ على النَّبي يا أيَّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ))....
اللهــم صـلِّ وسلّــم وبـارك علـى نبينا محمــد وارضَ اللهــم عـــن خـلفــائـه الــراشـــــــدين
وعــن الصحــابة أجمعـــين، وعــن التابعـــين
ومــن تبعهــم بإحســــانٍ إلـى يــوم الــــــدين
وعنـا معهــم بمنك ورحـــمتك، يا أرحـم الراحمين.
------------------------------------
-----------------------------------
اللهــــم اجعلـــها صــــدقةً جـــاريــةً لــــــي ولــوالــدتي المرحــــــومه..
وأنفــــع بهــا عبــــادك المسلمــين اجمعـــين ...
واجعلنـــــــي خـــــــيراً ممّـــــا يظنــــــــــون
واغفــــــــــــر لــــي مـــــالا يعلمـــــــــــــون..
--------------------------------
والحَمْـــــــدُ للّــه رَبِّ العَـــــــالَمِــين