قلوبهم كأفئدة الطير ( لين القلب )

إبراهيم الحدادي
1434/02/16 - 2012/12/29 17:31PM
[font="]لـين القـلب[/font]
[font="]( أقوام أفئدتهم كأفئدة الطير )[/font]
[font="]15/2/1434هـ[/font]
[font="] إنَّ الحمدَ لله، نحمَدُه ونستَعِينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونَعُوذ بالله من شُرُور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، ، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا[/font].
[font="]أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون . ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[/font] [font="]﴾[/font] [font="]سورة آل عمران الآية: 102[/font]
[font="] عباد الله : الجنة دار السلام ، دار الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، أهلها في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود، وماء مسكوب ، أهلها يأكلون فيها ويتنعمون ، ولا يمتخطون ، ولا يتغوطون ولا يبولون بل مسك يَرشح ، يحيَوْن ولا يموتون ، ويشبُّون ولا يهرمون ، وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة فيها كل نعيمها دائم ، يخبر صلى الله عليه وسلم عن أقوام يدخلها أفئدتهم مثل أفئدة الطير، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير"أخرجه مسلم .[/font]
[font="]أي في رقتها وعذوبتها، في تأثرها وتواضعها، في تقواها وإنابتها، في خشوعها وخضوعها، في توكلها على ربها ... في كل شيء .. قلوبهم كأفئدة الطير !!![/font]
[font="]إن صاحب القلب اللين الخاشع الوجل عند ذكر الله ورحمته بعباد الله موعود بكل خير من الله في دنياه وأخراه: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا[/font] [font="]ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ[/font] [font="]زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ[/font] [font="]يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ[/font] [font="]الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا[/font] [font="]لَهُم دَرجَاتٌ عِندَ رَبِهم ومَغفِرةٌ ورزقٌ كَريم [سورة الأنفال:2-4].[/font]
[font="]وصاحب القلب الرقيق اللين مبشر بالجنة فعن عياض بن حمار أن رسول الله قال: ((وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال)) رواه مسلم.[/font]
[font="]معاشر المسلمين : القلوب اللينة صفات أنبياء الله وعباده وأوليائه ، فهاهو صلى الله عليه وسلم صاحب القلب الرحيم اللين الخاشع لربه قد وصفه الله ، بالرحمة والرأفة والشفقة فقال : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) ( التوبة : 128 )، ويثني عليه فيقول " فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك " ( آل عمران : 159 ).[/font]
[font="]لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- رقيق القلب رحيم النفس، يعطف على الصغير ويجل الكبير، ويعرف لكل ذي حق حقه، وربما بكى رحمة بالناس عند موتهم، أو خوفاً من عقاب الله تعالى لأمته، أو عند تلاوة كتاب ربه تعالى. لقد بكى وأبكى، وأثر بتلك المواقف في قلوب من رآه عليه السلام، فكانت مواقفه دروساً عملية لأصحابه ومن بعدهم.[/font]
[font="]فهاهم أصاحبه رضوان الله تعالى عليهم يستمعون القرآن والمواعظ فتلين قلوبهم وتذرف عيونهم ، لأنها تقع على قلوب صافية طاهرة ، لينة ، يقول العِرْباضِ بنِ سَاريةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ " وَعَظَنا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْها القُلوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْها العُيُونُ "[/font]
[font="]عباد الله: إن القلوب اللينة الرقيقة الرحيمة الوجلة هي القلوب الصالحة القريبة من الله، التي تخشع إذا سمعت القرآن يتلى؛ فتنتفع بالذكرى، وتزداد من الهدى، وتشتمل على التقوى، وتلكم هي القلوب المرحومة التي تحرم أجسادها على النار، وتفتح لها أبواب الجنة، ونعم دار المتقين الأخيار.[/font]
[font="]ولعل سائلا يسأل وكيف لي بقلب سليم كيف يرق قلبي ، ويلين لأكون ممن يدخلون الجنة بقلوب كأفئدة الطير ؟[/font]
[font="]فالجواب : إن لذلك أسباباً من أهمها تلاوة القرآن الكريم وسماعه ، قال تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق: 37]، وقال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ) [الزمر: 23]. [/font]
[font="]ومن أعظم ما يلين القلوب ويذهب قسوتها ذكر الموت، وشهود الجنائز، وزيارة القبور، قال : ((أكثروا ذكر هادم اللذات)). وجعل الصلاة على الجنازة وتشييعها إلى المقبرة من حقوق المسلم على أخيه؛ لما يترتب عليها من لين القلب، والتزهيد في الدنيا. وقال : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ؛ فإنها تذكركم الآخرة)).[/font]
[font="]ومن أعظم ما يلين القلوب كثرة ذكر الله، وحضور مجالس الذكر؛ فإنها تجلو عن القلوب صداها، وتذكرها بحقوق مولاها، وتحرضها على شكر نعماها، والتوبة إلى الله من خطاياها. (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) [الرعد: 28، 29].[/font]
[font="]عبد الله : الرحمة بالمساكين والأيتام والإحسان إليهم ؛ سبب بإذن الله للين القلب ورقته ، فكلما أحسن العبد للعباد رق قلبه وازداد خيرًا، ولهذا لما شكل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه قال له [/font]" [font="]امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين[/font] "[font="]رواه أحمد[/font]
[font="]فكلما نظر العبد إلى المحتاجين والفقراء والمعوزين، وكلما بذل المعروف لهم، وكلما أحسن إليهم، وكلما نظر إلى حالهم؛ فعطف عليهم رحمة وإحسانًا ورفقًا بهم؛ رق قلبه وازداد خيرًا وإيمانًا، كلما قضى حاجة المحتاج، وكلما شفع لذوي الحاجات، وكلما بذل المعروف والإحسان؛ فإن ذلك علامة رقة قلبه، وقربه إلى الخير، كلما تذكر نعم الله عليه، ثم تذكر حاجة المحتاجين، وعوز المعوزين، ودين المهمومين؛ ففرج همًّا، وكشف غمًّا، ويسر عن معسر، وقضى دينًا عن مدين، وساهم في الخير جهده، كان قلبه رقيقًا لينًا قريبًا للخير.[/font]
[font="]كما أن لأكل الحلال، والتقرب إلى الله بنوافل الأعمال ، ومجالسة أهل العلم والإيمان، والإلحاح على الله بالدعاء ، أثر بالغ في لين القلب وحياته[/font] .
المشاهدات 6961 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا خطبة مؤثرة وفي نفس الوقت مفيدة الله إنا نسألك رقة في القلوب


شكرا لك كريموه