قضية للنقاش : بمناسبة تسونامي جدة
أبو عبد الرحمن
1430/12/14 - 2009/12/01 21:38PM
قضية للنقاش : بمناسبة تسونامي جدة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تثور في المنتديات نقاشات ثرية وساخنة - وأحيانا تنتقل لصفحات الصحف- بعد كل كارثة أو مصيبة ، يكون محورها : هل الذي وقع عقوبة أو نذارة ، أو هو ظاهرة طبيعية لا علاقة لها بما يفعله الناس .
وكان من آخرها الهزات الأرضية في العيص ، حيث عاب بعض الكتاب على الخطباء الذين تناولوا الموضوع وألقوا خلاله باللوم على من وقع عليهم ذلك ، واقترحوا أن يكون المنحى هو التخفيف على من أصيبوا وتذكيرهم بالصبر والاحتساب للأجر ودعوة القادرين على الإغاثة والإعانة والدعاء والقنوت، ونظرا لتوقع عودة النقاش مجددا حوله واحتمال تناول الخطباء له خصوصا في المناطق القريبة من أماكن الحدث ، فما رأيكم في ذلك كله وطريقة التناول المناسبة ، شاكرا مقدرا تفاعلكم مقدما
،،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشاهدات 5706 | التعليقات 9
ابو عمر القرشي
--
--
الأخ عبدالله
من الظاهر أنك غير ملم بالأدلة الشرعية وكلام علماء الأمة
ولا ازكي نفسي فلست بعيداً عنك
إنما أنا متبع
ولولا أنك قُدمت كباحث شرعي لما ذكرت هذا الأمر
لكن الحق أحق أن يتبع
ولو كان الأمر يقف على هذه المقالة
لغضضت الطرف
لكن لما رأيت بعض الملبسين عن الحق يصفقون لك
أوجست خيفة !
لكن لما رأيت بعض الملبسين عن الحق يصفقون لك
أوجست خيفة !
فوجب التنبيه لهذه الحقيقة
تقول وفقك الله للخير /
وعموما فالعقوبة الإلهية المفاجئة والتي تحصد أرواح البشر في ساعات معدودة لها علامات فليس كلما حدثت مصيبة قلنا عقوبة الهية فمن هذه العلامات :
كلام العلماء أخي عبدالله في كونها عذاب
كما نص القرآن عذابي اصيب به من اشاء ..الخ
1 ـ ان تكون هناك مجاهرة بالمعاصي والمجاهرة هي ان تسود برضى تام من اهل هذه البلد بحيث توحي انهم استحلوها فليس معيارها ان تفعل المعصية بلا حاجز يمنع النظر إليها فهذه لا تسمى مجاهرة وليست هذه مقاييس المجاهرة
نقل عن عمر بن عبدالعزيز قوله :
إن الله لايعذب العامة بذنب الخاصة
ولكن يعذبهم إذا ظهر المنكر علانية
ولكن يعذبهم إذا ظهر المنكر علانية
وعمر بن عبدالعزيز ليس جاهلاً
وفي المقال المدرج سابقاً المزيد من الأدلة حول ذلك
وإلا لأصبحت عمليات البيع المحرمة في الحراجات او غيرها مجاهرة ،
البيع المحرم يختلف
منه ما يكون مجاهرة
ومنه ما يكون خفية دون مجاهرة
ومنه ما يكون خفية دون مجاهرة
ولا صبحت المظاهرات الغوغائية التي تضر الناس وتحدث تلفيات مجاهرة
وهذا غير صحيح ، فالمجاهرة هي التي توحي بالاستحلال كما ذكرت
كل مجاهرة من الأصل توحي باستحلال الفاعل لها
استباحة ارتكاب لا تشريع
فإذا فشى في القوم ذلك فقد جاهروا بالمنكر
وقد فشى تبرج النساء والمعاكسات و الغناء والرقص
وفشى ما هو أكثر من ذلك مما يكون في الشاليهات وغيرها
ومع ذلك لا ننكر أن مقابل ذلك خير كثير ولله الحمد
ولكن كثيراً من المنكرات اصبحت ظاهرة
فإذا فشى في القوم ذلك فقد جاهروا بالمنكر
وقد فشى تبرج النساء والمعاكسات و الغناء والرقص
وفشى ما هو أكثر من ذلك مما يكون في الشاليهات وغيرها
ومع ذلك لا ننكر أن مقابل ذلك خير كثير ولله الحمد
ولكن كثيراً من المنكرات اصبحت ظاهرة
اما التضجر منها ومحاربتها ولو بشكل ضعيف او متقطع بين فترة وأخرى فلا يسمى مجاهرة
المجاهرة أن يفعل المنكر جهرة
والإستباحة نوعان 1 - تشريعية 2 - بالفعل وكثرته
فالإستباحة لا تعني المجاهرة ولا يلزم منها
وترك انكار المنكر مسألة أخرى
فهنا عدة أمور :
المجاهرة ، الإستباحة ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومن اسباب اللعن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وفي الحديث : انهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
فالإستباحة لا تعني المجاهرة ولا يلزم منها
وترك انكار المنكر مسألة أخرى
فهنا عدة أمور :
المجاهرة ، الإستباحة ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ومن اسباب اللعن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
وفي الحديث : انهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
ولا أظن ان اهل جدة قد استحلوا المحرمات ورضوا بها وباركوها ،
ظهر المنكر علانية وليس في جدة فقط
يؤكد ذلك انه جاء في الاثر " ان الناس اذا راو الظالم فلم يأخذوا على يديه اوشك الله ان يعمهم بعقاب من عنده " فهذه تؤكد ان العقوبة بسبب ترك الظالم لان تركه دليل استحلال ورضى به وليس بسبب وجوده علنا
قوله : رأوا يدل على العلانية والمجاهرة
وقد يكون العمل وإن لم يكن علانية متفشياً
فيكون مقام المجاهرة لمعرفة الناس به
فإن لم ينكر كان مجاهرة من وجهين
من جهة عدم انكاره ومن جهة معرفتهم به
فيكون مقام المجاهرة لمعرفة الناس به
فإن لم ينكر كان مجاهرة من وجهين
من جهة عدم انكاره ومن جهة معرفتهم به
2 ـ انتشار الموبقات الجسيمة او ما يهدم أسس الدين سواءا أكان بمجاهرة واستحلال ام بدونها ، كالكفر والبدع المكفرة وترك الصلاة بالكلية فلا تقام بها جمعة ولا جماعة وظهور الاكل في نهار رمضان وشرب الخمور علنا وتعاطي المخدرات علنا وانشاء بيوت الدعارة والقمار والزواجات المثلية بحيث يمارس اكثر من نصف السكان لاي مما سبق وهذا هو معنى الانتشار في العرف الشرعي ، فهو ليس بالمعنى الاجتماعي الذي يوحي بفعل الفئة القليلة ، اما ما دون هذه الانواع من المعاصي او مادون هذا المستوى من الانتشار فلا تستوجب مثل هذه العقوبة ولو فعلها اكثر من النصف بالنسبة لما دون تلك المعاصي والا لاصبحت جميع المجتمعات الإسلامية معرضة للعقوبة لأنها ليست ملائكية بحيث يكون نصفهم على الاقل لا يقترف أي معصية فلابد ان تكون هناك معاص يفعلها الكثيرون ، فهل الاختلاط والتبرج المحرم والشاليهات واللبس غير المحتشم والمعاكسات من العقوبات التي تستلزم العقوبة الالهية اذا انتشرت ؟
والمعاكسات هل هي بريئة
وفي الحديث :
والله ما من أحد اغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته
وكلامك فيه محاذير شرعية
فهذات كلامك استهانة بالمعاصي
فهذا ( عين ) الإستباحة الذي تحذر منه
واستباحة هذه الصغائر كبيرة
ومجتمع المدينة خير من مجتمعاتنا قاطبة
ومع ذلك لم يأمن النبي عند هبوب الريح أن يكون فيها عذاباً
قال يا عائشة : ما يؤمني أن يكون فيه عذاب
وقال موسى عليه السلام وهو موسى !
رب لو شئت لأهلكتهم من قبل وإياي حتى قوله سبحانه : عذابي اصيب به من اشاء
والله ما من أحد اغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته
وكلامك فيه محاذير شرعية
فهذات كلامك استهانة بالمعاصي
فهذا ( عين ) الإستباحة الذي تحذر منه
واستباحة هذه الصغائر كبيرة
ومجتمع المدينة خير من مجتمعاتنا قاطبة
ومع ذلك لم يأمن النبي عند هبوب الريح أن يكون فيها عذاباً
قال يا عائشة : ما يؤمني أن يكون فيه عذاب
وقال موسى عليه السلام وهو موسى !
رب لو شئت لأهلكتهم من قبل وإياي حتى قوله سبحانه : عذابي اصيب به من اشاء
وأنا آتي بهذه المخالفات دون غيرها مما انتشر لان من يسوق لكونها عقوبة يقتصر على هذه المعاصي وخاصة بعد افتتاح جامعة الملك عبد الله ، فان من يقول هذا مثل من يقول ان بلدا قد سلط الله عليه العذاب لان الغيبة او النميمة او السخرية ببعضهم قد انتشرت او ان اهله يبيعون ما ليس عندهم او يبيعون الدين بالدين او ينقصون قدرا يسيرا من الزكاة الواجبة فهذه ولو عمت فإنها لا تستوجب عقوبة لصعوبة الا تكون هناك معاص ، و قد يعاقبون بأشياء طفيفة او معنوية كما جاء في الاثر اذا رضيتم بالزرع وتبعتم اذناب البقر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا يرفعه حتى تعودوا " اذن فقد عاقبهم بذل وهو شئ معنوي وليس بالكوارث الطبيعية ولا شك ان ترك الجهاد مع وجود مقتضياته اقوى من المعاصي التي يرددها أولائك ،
العذاب يقع بمشيئة الله وفقاً لحكمته
وليس للتفريق بين المعاصي
فلم يرد دليلاً شرعياً يفرق بهذه التفريقات
ولا صحة للإحتجاج بترك الجهاد
لأن الجهاد لا يستطيعه المسلمون اليوم
فقد كان النبي في مكة يرى العذاب بالمؤمنين والقتل ولم يجاهد
مع كون نصرة المظلوم واجبة إلا أن الله لم يأذن بذلك
فلما قدر المسلمون وجب الجهاد
فلم يرد دليلاً شرعياً يفرق بهذه التفريقات
ولا صحة للإحتجاج بترك الجهاد
لأن الجهاد لا يستطيعه المسلمون اليوم
فقد كان النبي في مكة يرى العذاب بالمؤمنين والقتل ولم يجاهد
مع كون نصرة المظلوم واجبة إلا أن الله لم يأذن بذلك
فلما قدر المسلمون وجب الجهاد
ثم اذا كانت هناك عقوبات الهية فلماذا لا يجعلها اولائك بسبب الرشوة والفساد الاداري وانتهاك البعض لحقوق العمالة وحرمان النساء من ميراثهن واموالهن
( عذابي اصيب به من اشاء )
وسمى موسى ذلك فتنة وانزل الله بذلك كتابه :
إن هي إلا فتنة تضل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء
فمن كابر في هذه المسائل فقد ضل وحجب نفسه عن الهدى والتوبة
ومن اذعن لله فإنه يستغفر ويتضرع لله كحال موسى عليه السلام
فهذا الخلط منك لعدم التفريق
بين من قُصد بالعذاب كعقوبة و من شملهم العذاب
إن هي إلا فتنة تضل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء
فمن كابر في هذه المسائل فقد ضل وحجب نفسه عن الهدى والتوبة
ومن اذعن لله فإنه يستغفر ويتضرع لله كحال موسى عليه السلام
فهذا الخلط منك لعدم التفريق
بين من قُصد بالعذاب كعقوبة و من شملهم العذاب
والاسراف في الولائم مع وجود المحتاجين فكل هذه اشد حرمة من التبرج والسفور والاختلاط
هذا تهوين ظاهر بشأن السفور الذي هو طريق الزنى
والزنى اشد من الإسراف
وإذا ظهر السفور دل على الفجور
وهذا أمر بين معلوم معروف
وإذا ظهر السفور دل على الفجور
وهذا أمر بين معلوم معروف
وبعضها يقع تحت الظلم المذكور في الحديث السابق فلماذا يركزون على مالا يعجبهم ايدلوجيا ويتركون ما هو اهم دينا ودنيا ،
العبرة بالأدلة الشرعية
ثم من قال ان البلدان الأخرى ليس بها معاصي وانها لم تعاقب وفق مفهومهم فاذا كنا نسمي هذه عقوبة فأفغانستان التي يعتبرونها معقل الجهاد يوجد بها اكبر مجاعة وهي اكبر من سيل جدة فهل يجعلون هذه عقوبة لطالبان والافغان هناك ، وكشمير قد جاءها زلزال قبل سنوات وبها جهاد، والرياض قد جاءها ما هو قريب من هذا المطر في عام 1416 وحدثت وفيات ، واحداث جنوب المملكة واعتداء الحوثيين هل كل ذلك عقوبة الهية ، فاذا كان كل ما يضر الانسان هو عقوبة الهية
هو باتفاق العقلاء ( عذاب ) كقول أيوب عليه السلام :
رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب
وفرق بين من شملهم العذاب ومن قُصد بالعقوبة
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة
فليس من أحد بمأمن من العذاب
وفرق بين من شملهم العذاب ومن قُصد بالعقوبة
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة
فليس من أحد بمأمن من العذاب
فهذا يعني اننا تعيش حياة نرجسية حالمة لا يوجد ما يعكر صفوها او اننا معاقبون الهيا وهذا غير صحيح
لقد حدث في زمن عمر المجاعة التي تعرف بعام الرمادة وحصل طاعون عمواس فهل هي عقوبة إلهية للمسلمين في زمن عمر رغم فتوحاتهم التي قاموا بها ، بل ان طاعون عمواس حصل بعد فتحهم لبيت المقدس مباشرة أي فكأنه عقوبة لفتحهم بناء على نظرتهم لانه حصل بعده مباشرة
هو عذاب والعذاب يكون عقوبة على قوم و كفارة لقوم
وخلافة عمر عشر سنين لم تكن كلها مجاعة ولا طواعين
بل فيها خير كثير من الفتوحات والأرزاق وكثرة النعم
والمجاعة والطواعين في عهدهم متصورة أكثر من زمننا
فلا يقاس ذاك الزمن بهذا الزمن
إنما يقاس زمنهم بأحوال ازمنتهم
بل فيها خير كثير من الفتوحات والأرزاق وكثرة النعم
والمجاعة والطواعين في عهدهم متصورة أكثر من زمننا
فلا يقاس ذاك الزمن بهذا الزمن
إنما يقاس زمنهم بأحوال ازمنتهم
3 ـ ان العقوبة الالهية بسبب المعاصي لابد ان تشمل العصاة اولا ثم يأتي البقية تبعا لهم لصعوبة التحرز من البلاء طالما انهم في مدينة واحدة ولذا جاء في الأثر " أنهلك وفينا الصالحون قال نعم اذا كثر الخبث " فيهلكون بما فيهم الصالحون لا ان يهلك الصالحون لوحدهم ويترك اهل الفساد لانها ستصبح عقوبة للصالحين لأشياء لا نعلمها وليس عقوبة للجميع ، ولا اعلم عقوبة الهية جاءت وقضت على الضعفاء وتركت المجرمين الذين حلت العقوبة بسببهم ، فاذا كان اولائك يقولون انها بسبب الشاليهات فليعلموا انه لا يوجد شاليه واحد تضرر
سبق الجواب على هذه الشبهة في الموضوع المدرج سابقاً
ثم إن تصورك لمكان النزول غير صحيح
فقد ينزل العذاب على أهل القرية أو بعض اهلها
وقد سبق بيان صحة ذلك لغة والتفريق بين ذلك
فقد ينزل العذاب على أهل القرية أو بعض اهلها
وقد سبق بيان صحة ذلك لغة والتفريق بين ذلك
وان كانوا يقولون انها بسبب التبرج والسفور في الأسواق فليعلموا انه لا يوجد مول واحد تضرر ، وان كانوا يقولون انه بسبب جامعة الملك عبد الله فليعلموا انها من اخف الاماكن تضررا ولم يصب واحد ممن كان بها فعجيب ان يكون المطر بسبب المعاصي وتغرق قويزة وهي بلا مولات ولا شاليهات ولا جامعات مختلطة فشئ من التعقل انار الله بصائركم ،
قال الله : عذابي اصيب به من اشاء
ولا أحد يعلم ما كان هناك
ولسنا ملائكة لنزكي انفسنا حتى نزعم أن قوماً لا يستحقون العذاب
فهكذا قال المولى عذابي اصيب به من اشاء
ولسنا ملائكة لنزكي انفسنا حتى نزعم أن قوماً لا يستحقون العذاب
فهكذا قال المولى عذابي اصيب به من اشاء
بقية الرد موجود في المقال المدرج ليوضح ما اشكلت به
ويفرق بالأدلة وكلام العلماء والأئمة بين الأحوال
فأنت تنقد اناس قد خلطوا اموراً ببعضها
وأنت خلطت اموراً ببعضها
يا الله أتهلكنا بما فعل السفهاء
في جدة ؟
أبو عمر القرشي
--
قال سبحانه :
واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا
فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي
فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي
أتهلكنا بما فعل السفهاء منا
إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين
واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة
إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء
فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون
إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين
واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة
إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء
فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون
ويقول :
وما أصابكم من مصيبة فبما ( كسبت أيديكم ) ويعفو عن كثير
وما أصابكم من مصيبة فبما ( كسبت أيديكم ) ويعفو عن كثير
يقول :
أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون
أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون
ويقول :
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة
ويقول :
فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل
فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل
منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد
وأما القطع أن كل فتنة تصيب العباد انها عقوبة من الله فهذا لا يقول به أحد من الأصل
وإن كان الأصل أن مثل هذه الفتن نوع من العذاب
وإن كان الأصل أن مثل هذه الفتن نوع من العذاب
مثل أن يضرب الإنسان في سبيل فقد عذب في سيبله وفتن بذلك
فتنة يميز الله بين الصابرين والصادقين وغيرهم
ويكون ذلك للإنسان كفارة أو رفعة في درجاته
فتنة يميز الله بين الصابرين والصادقين وغيرهم
ويكون ذلك للإنسان كفارة أو رفعة في درجاته
فالجزم بنفي العذاب مطلقاً بما يصيب العباد لا يجوز
لأنه من علم الغيب ولأنه تكذيب لقول الله ورسوله وكفر بالشريعة
لأنه من علم الغيب ولأنه تكذيب لقول الله ورسوله وكفر بالشريعة
والجزم بأن كل مصيبة وعذاب وقع على العباد أنه عقوبة على كل من وقع عليهم لا يصح كذلك
فهناك من يكون شمله العذاب وهناك من يكون مقصوداً بالعذاب
فهناك من يكون شمله العذاب وهناك من يكون مقصوداً بالعذاب
وقال سبحانه:
فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم
فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم
قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم
فمسى الله الريح بالعذاب الأليم
وما يحدث في الأرض من هذه الآيات
كما حدث في مدينة جدة هو عذاب من جهة كونه عذاباً
كما حدث في مدينة جدة هو عذاب من جهة كونه عذاباً
وفرق بين من قُُصد بالعذاب ومن شملهم العذاب
فمن شملهم العذاب فهو ابتلاء ابتلاهم الله به
وقد ورد في الأحاديث أن الغريق شهيد
فقد شمله العذاب وعذب بالغرق
ولا يعني أن ذلك الجزم أنه عقوبة بسبب فساده
بل يعد شهيداً دون تعيين لأعيان الغرقى بالشهادة
فمن شملهم العذاب فهو ابتلاء ابتلاهم الله به
وقد ورد في الأحاديث أن الغريق شهيد
فقد شمله العذاب وعذب بالغرق
ولا يعني أن ذلك الجزم أنه عقوبة بسبب فساده
بل يعد شهيداً دون تعيين لأعيان الغرقى بالشهادة
وفي الحديث :
أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث
فهذا حتى في الصالحين
فكيف بغيرهم ؟
فكيف بغيرهم ؟
وقد فرق الله بين الأمم المصلحة وغيرها
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون
وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون
والمصلح غير الصالح فقد يكون صالحاً إلا أنه لا يصلح
والصالح إذا لم يُصلح ربما كان اقرب للعذاب
ففي الحديث عندما نزل العذاب على قوم قالت الملائكة
أن فيهم عبدك فلاناً
فقال الله به فابدأوا فإنه وجهه لم يتعمر غضباً لمحارمي
والصالح إذا لم يُصلح ربما كان اقرب للعذاب
ففي الحديث عندما نزل العذاب على قوم قالت الملائكة
أن فيهم عبدك فلاناً
فقال الله به فابدأوا فإنه وجهه لم يتعمر غضباً لمحارمي
وحتى المؤمن إذا نزل به البلاء
فإنه يصبر ويحتسب
فينقلب ما نزل به من الشر إلى خير وأجر وكفارة
فينقلب ما نزل به من الشر إلى خير وأجر وكفارة
وكذلك الرحمة ..
قد تشمل اناس في أصلهم لا يضاهون المقصودين بالرحمة
كمن حضر مجلساً يذكر فيه الله لا يبتغي ذات المجلس
كمن حضر مجلساً يذكر فيه الله لا يبتغي ذات المجلس
فمن رحمة الله كتابة أجر حضوره
ومثل الرجل الذي قتل مائة نفس
وقصد بلاد أهلها صالحون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
وقصد بلاد أهلها صالحون يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
ومات بينهما فلما قرب بنيته وقصده لله قُرّب إلى قرية المصلحين فشملته الرحمة
وأما احتجاج الملبسين بالشاليهات التي يحدث فيها فجور
فهي من الأمن بمكر الله
فهي من الأمن بمكر الله
فكيف يحتجون بشيء لقياس فاسد
ثم إن العذاب قد يؤجل
ولا يعلم بحال كل الذين في الشاليهات وما نزل بهم
ولا يشترط أن يكون العذاب بالريح و المطر على كل الأحوال فقد يعذبون بغير ذلك
ولا يعلمون إن عُذب أحد من هؤلاء أو لم يعذب أو من سَيُعذّب
حتى يجزمون (بعدم ) عذاب الله لهم ويحتجون بهم
وقد يعذبون جماعات أو افراداً
وقد يؤجل العذاب في الآخرة
إنما تكون هذه الآيات عبرة وعظة للناس
ثم إن العذاب قد يؤجل
ولا يعلم بحال كل الذين في الشاليهات وما نزل بهم
ولا يشترط أن يكون العذاب بالريح و المطر على كل الأحوال فقد يعذبون بغير ذلك
ولا يعلمون إن عُذب أحد من هؤلاء أو لم يعذب أو من سَيُعذّب
حتى يجزمون (بعدم ) عذاب الله لهم ويحتجون بهم
وقد يعذبون جماعات أو افراداً
وقد يؤجل العذاب في الآخرة
إنما تكون هذه الآيات عبرة وعظة للناس
وقد كان النبي يعظ اصحابه في الكسوف والخسوف والريح وغير ذلك
ويذكرهم بالتوبة والإستغفار والتضرع لله
ويذكرهم بالتوبة والإستغفار والتضرع لله
وقد خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس صلاة طويلة
ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته
فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا
ثم قال يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته
يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته
فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا
ثم قال يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته
يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
وفي الحديث :
بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف
بين يدي الساعة مسخ وخسف وقذف
وفي البخاري :
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف
ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا
فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
فكم وكم من المعاصي في جدة ظهرت في علانية دون نكير !
وقَلَّ الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر
بل اريد لهم أن يقلوا !
والأسواق امتلأت بالمعاصي
ووالله أني لا استطيع أن ادخل بعضها مما فيه من المخازي وقلة المروءة
والأسواق امتلأت بالمعاصي
ووالله أني لا استطيع أن ادخل بعضها مما فيه من المخازي وقلة المروءة
و ظهرت الأغاني والرقص في الأسواق والمجمعات محفوفاً برعاية رسمية !
بينما منع أهل الخير من اقامة المخيمات الدعوية
وهذه الشاليهات وما في بعضها من الفسق العلني والإختلاط القبيح
وزادت الجرأة على المحرمات والمعاكسات
وهذه الشاليهات وما في بعضها من الفسق العلني والإختلاط القبيح
وزادت الجرأة على المحرمات والمعاكسات
ولا أنكر أن مقابل هذا المنكر خير كثير كما معروف لأهل جدة
فالأكثرية من النساء ولله الحمد ملتزمات بحجابهن الشرعي
وما يرى في الأسواق فهو من الخراجات الولاجات
بينما الصالحات وهن الأكثرية لا يخرجن إلا للحاجة
فليس الأمر كما يتصور بعض من خارج جدة
بسبب ما يرونه في اماكن يظهر فيها الفساد
سود الله وجه من يقف خلفها وينصرها ومن لا ينكرها
فليس الأمر كما يتصور بعض من خارج جدة
بسبب ما يرونه في اماكن يظهر فيها الفساد
سود الله وجه من يقف خلفها وينصرها ومن لا ينكرها
وكم في جدة من دور للتحفيظ
للصغار والكبار والرجال والنساء
وأهل جدة فيهم حب للدين وأهله
فهم يتلهفون لحضور المحاضرات والدروس و العلوم الشرعية
ويشهد ذلك الأعداد الكبيرة في حضور مجالس الذكر
وفيهم قبول عجيب للنصيحة والموعظة
حتى ممن يظهر عليهم مظاهر الفسق
وأهل جدة فيهم حب للدين وأهله
فهم يتلهفون لحضور المحاضرات والدروس و العلوم الشرعية
ويشهد ذلك الأعداد الكبيرة في حضور مجالس الذكر
وفيهم قبول عجيب للنصيحة والموعظة
حتى ممن يظهر عليهم مظاهر الفسق
لكن للأسف ظهر المنكر علانية !
وحوربت الشريعة لأجل شهوات اقوام ضلوا السبيل
وحوربت الشريعة لأجل شهوات اقوام ضلوا السبيل
ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون
ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون
وقد ظهر في جدة أثر المترفين
والله سبحانه يقول :
وإذا اردنا أن نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها
وإذا اردنا أن نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها
بل أثر المتفرفين لم يقف على جدة
فما هي من الظالمين ببعيد
فما هي من الظالمين ببعيد
وما نريهم من آية إلا هي اكبر من اختها واخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون
فبدأ العذاب بعد أن كنا آمنين مطمئنين والله أعلم بأمور دقيقة
كانت كبعوض ، امراض ، زلزال ، ثم حروب ، ثم فيضان ولا نعلم ما يكون غداً
كانت كبعوض ، امراض ، زلزال ، ثم حروب ، ثم فيضان ولا نعلم ما يكون غداً
وكثرت الفتن والمحن
فنسأل الله أن يتغمدنا برحمته
فنسأل الله أن يتغمدنا برحمته
وقال سبحانه :
ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون
والمخالفون في ذلك من فهم كلام الإخوة خطأ فهذا يعلم وينصح بالرفق واللين
ومن المخالفين من لا يريد ذلك كراهة التوبة و ذكر الموت فهذا يوعظ
ومن المخالفين من لا يريد ذلك كراهة التوبة و ذكر الموت فهذا يوعظ
ومنهم من لا يريد الحق للناس ولا يريد هدايتهم وتذكيرهم بالموت والآخرة
فهذا يزجر وينكر عليه
فهذا مثله كمثل ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً
فهذا يزجر وينكر عليه
فهذا مثله كمثل ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً
ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون
ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون
ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون
ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين
الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون
فلا نكابر ..
ونحن قد قلّ منا من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
ولا بد أن نقول الحق قبل أن تحرف الحقائق
ولا ننظر لكون فلان سيغضب منا أو فلان
ولا ننظر لكون فلان سيغضب منا أو فلان
وقد يكثر المتصيدون في هذا الوقت
لكن بيان الشريعة أولى من مراعاة نظرة الناس واقوالهم
فمن الناس من لا يريد أن يفهم لأنه لا يريد التذكرة والموعظة
ومن الناس من قد يفهم خطأ فهذا هو المؤمل أن يعرف الحق في المسألة
وعند معرفته بالحق فسيعمل بأثر ذلك الحق
وهو أن يتعظ في نفسه وأن يعظ غيره ويذكّر بالله
ويقيم الشريعة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
وهذا ما لا يريده السفهاء واتباعهم
لكن بيان الشريعة أولى من مراعاة نظرة الناس واقوالهم
فمن الناس من لا يريد أن يفهم لأنه لا يريد التذكرة والموعظة
ومن الناس من قد يفهم خطأ فهذا هو المؤمل أن يعرف الحق في المسألة
وعند معرفته بالحق فسيعمل بأثر ذلك الحق
وهو أن يتعظ في نفسه وأن يعظ غيره ويذكّر بالله
ويقيم الشريعة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
وهذا ما لا يريده السفهاء واتباعهم
ولم نعمم على أهل جدة
بل أنا من أهل جدة
بل أنا من أهل جدة
وذكرت الفرق بين من قُصد بالعذاب ومن شملهم العذاب
فمن شمله العذاب يختلف عمن قُصد بالعذاب
فلا يلزم من ذلك أن يكون من المجرمين
وكلنا ليس بمأمن من عذاب الله
فمن شمله العذاب يختلف عمن قُصد بالعذاب
فلا يلزم من ذلك أن يكون من المجرمين
وكلنا ليس بمأمن من عذاب الله
والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه قالت عائشة
يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر
يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر
وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية
فقال يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب عذّب قوم بالريح
وقد رأى قوم العذاب فقالوا : هذا عارض ممطرنا
فقال يا عائشة ما يؤمني أن يكون فيه عذاب عذّب قوم بالريح
وقد رأى قوم العذاب فقالوا : هذا عارض ممطرنا
فليس في ذلك شماته كما يصور السفهاء
وكل مسلم متأثر بما حدث
ولا يعني القول أن ما نزل هو عذاب من كل وجه
أو عذاب قُصد الله به كل أحد لفسقه وجرمه
أو عذاب قُصد الله به كل أحد لفسقه وجرمه
ففرق بين وصف الشيء بالعذاب وبين وصف الناس انهم مستحقون للعذاب
فاعيان الناس منهم المقصود بالعذاب
ومنهم من شمله ذلك لحكم ربانية كثيرة
علمنا منها ما علّمنا الله ورسوله وجهلنا ما جهلنا
فاعيان الناس منهم المقصود بالعذاب
ومنهم من شمله ذلك لحكم ربانية كثيرة
علمنا منها ما علّمنا الله ورسوله وجهلنا ما جهلنا
فمما نعلم أن في ذلك الموعظة وتحذير الناس والتضرع لله
واقامة الأمر بالعروف والنهي عن المنكر وترابط اللحمة
واقامة الأمر بالعروف والنهي عن المنكر وترابط اللحمة
والإنابة لله والعودة إليه
وقد يكون فيها اصلاح لأحوال فسدت واضرت كثير من الناس لا يعلمها إلا الله
وقد يكون فيها اصلاح لأحوال فسدت واضرت كثير من الناس لا يعلمها إلا الله
وفي الختام لا أقول إلا كما قال موسى عليه السلام :
إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء
إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء
إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء
إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين
أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين
فاللهم لا تفتنا ولا تضلنا واهدنا
وارحم امواتنا برحمتك واغفر لهم وتقبلهم في الشهداء
وارحم امواتنا برحمتك واغفر لهم وتقبلهم في الشهداء
يا ارحم الراحمين
بدر الغامدي
بل هي جزما من الذنوب و المعاصي ، و من قال غير هذا فقد غش المسلمين بعلم ، أو تكلم بجهل بنصوص الشريعة !
و المتأمل في حال النبي صلى الله عليه و سلم و السلف يعلم يقينا هذا الأمر
و قد كتبت هذا الموضوع من قبل ليطلع عليه كل مسلم :
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت الخطوب حين تمر على المجتمع المسلم ، يكون الصوت الأول هو صوته ، لا يغيب أو يمكن تغييبه قصرا و قهرا ، ظلما و عدوانا ، لا يمكن تخيل حادثة تهم الناس و تحل بهم إلا و هم يتساءلون عن هذا الصوت : ماذا قال ؟ و ما رأيه ؟
و حين اختلت موازين الإيمان ، و اضطربت بوصلة الفكر و التفكير ، أصبحت لا تشير إلى الشمال ! إلى هذا الصوت !
مرت حادثة جدة الفاجعة علينا ، و كنا ننتظر كلاما شافيا كافيا من علمائنا و دعاتنا أصحاب الصوت الصادق ، الصادق نصحا و توجيها ، ليس صوتا مرتزقا يفتتح الصحيفة بمقال الثناء و التمجيد للإهمال و خيانة الأمانة و إن كان يكتب باسم ( الوطن ) !و ليس صوت تحميل الأمور ما لا تحتمل و اتهام البريء و الأمين .
لقد غاب - أو غيب - في مثل هذه الأحداث صوت ( قال الله تعالى ) و ( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ) ، صوت الشرع المطهر الذي ينقله لنا علماؤنا الثقاة في علمهم ، المأمونون في ديانتهم ، فمثل هذا الحدث الجلل و الخطب العظيم ليس مسألة ( صرف صحي ) فقط ، أو ( أحياء عشوائية ) فقط ، أو غير ذلك ، و إن كانت سببا حقيقيا ، و لكن الأسباب لا تقف في وجه مسببها ! و تمنع تقديره و إن أحكمت و أتقنت !
لقد سمعنا صوت كل من له دخل و من ليس له دخل ، حتى أني سمعت رجلا سعوديا أكاديميا في جامعة الملك عبد العزيز يتحدث في قناة ( العبرية ) عن هذا الحدث فمما قاله : أن الطبيعة عندما قذفت هذه الكمية من الأمطار لم تجعل لنا خيار !
آلطبيعة هي التي أمطرت ؟
آلطبيعة هي التي أغرقت ؟
آلطبيعة هي التي أغرقت ؟
( و ما قدروا الله حق قدره )
( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال :أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) أخرجاه
( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال :أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ) أخرجاه
ليس من المعقول أن تمر هذه الأحداث العظيمة دون تذكير الناس بأن مسببها هو الله عز و جل ، و أن سببها ( المعاصي و الذنوب ) التي يحدثها العباد ، قال تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ )
( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) )
فعلينا الخضوع لقدرة الله ، و الذل بين يديه و التوبة إليه .
( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) )
فعلينا الخضوع لقدرة الله ، و الذل بين يديه و التوبة إليه .
و أصحاب الإنحراف الفكري و الدجل الإعلامي من الليبراليين المنافقين و أضرابهم لا يعجبهم هذا القول و المنطق ، و من منهم يعجبه أن نقول :
يا عباد الله لما شاعت المعاصي فينا عوقبنا فتوبوا و أنيبوا ؟
يا عباد الله لما دعي إلى الاختلاط و الفسق و الفجور علنا عوقبنا ؟
يا عباد الله لما شاعت المعاصي فينا عوقبنا فتوبوا و أنيبوا ؟
يا عباد الله لما دعي إلى الاختلاط و الفسق و الفجور علنا عوقبنا ؟
و كيف يعجبهم و هم يدعون للإختلاط ليل نهار ، و إلى خروج المرأة بأي وسيلة حتى حلت محل الرجل ، و الرجال في عطالة !
و كيف يعجبهم و هم يدعون لاستباحة حرمات الله ، و انتهاك حدود الله باسم ( الاختلاف ) و ( التعددية ) و ( الرأي الآخر ) الذي انتهكوه و ضربوه حتى قتلوه ، و لا زالوا يضربون ( الرأي الآخر ) و هو ميت ( و الضرب في الميت حرام ) !
إن الخطاب النفاقي الليبرالي الذي يواصل الإفساد و هو في نفس الوقت يبرر هذا الإفساد و عواقب هذا الإفساد ، إنه خطاب يغيب الأمة و واقعها الذي نسعى لإصلاحه ، لم يعد الأمر خيانة للعقيدة و الفكر و الهوية ، بل تعدى الأمر إلى الخيانة الاقتصادية و الشعبية ، خيانة للناس تحت شعار ( كل شيء على ما يرام ) !
و هذا الخطاب الإعلامي المغيب للخطاب الشرعي يظهر للعيان النزعة المادية البحتة التي يحملها من يقود مثل هذا الإعلام ، فالإعصار يقع بسبب ( تيار هوائي ) ، و الطوفان بسبب ( زيادة منسوب المياه ) و الغبار بسبب :( منخفض جوي ) و هكذا دواليك ، تبريرات مادية بحتة ،
أين مدبرها ؟ أين مصرفها ؟ أين خالقها ؟
فعل الله القدير الجبار القهار أين هو ؟
أين مدبرها ؟ أين مصرفها ؟ أين خالقها ؟
فعل الله القدير الجبار القهار أين هو ؟
هل يمكن لعاقل أن يتجاهل الأمور و الأحداث المضطربة الاستثنائية التي مرت على السعودية بشكل مستمر دون أن نعهد مثيلها ، منذ شيوع هذا الفكر و استباحته للمحرمات و تجرئتهم الناس على الخوض فيها ؟
لمّا ضيقنا على المسلمين خيرنا الذي وهبه الله لنا ، و قلصنا تبرعاتنا للمستضعفين في العالم ، صارت حياتنا في ضيق !
و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ثلاث أقسم عليهن ما نقص مال من صدقة فتصدقوا ) ، (مَا مِنْ يوم يُصبِحُ فيه العبادُ إلا مَلَكانِ يَنْزِلان ، يقول أحدُهما : اللهم أعْطِ مُنْفِقا خَلَفا ، ويقول الآخر : اللهم أعْطِ مُمْسِكا تَلَفا)أخرجه البخاري ومسلم
و رغم هذا الارتفاع في أسعار النفط التي تعتمد عليه بلادنا ، خسف سوق الأسهم بالناس ، و جاءت موجة الغلاء الفاحش ، و ضربتنا زلازل العيص ، و هبت موجات غبار عاتية على البلاد ، و جفت مناطق في السعودية من الأمطار ، و حصلت فتنة أهل البدع في البقيع ، و تأجج صراع الحوثيين في الجنوب ، و جاء طوفان جدة ،
و أنا هنا لا أستقصي فواجعنا و كوارثنا ، و لكن أتذكر لأذّكر و أُذكر ، أنها ابتلاء من الله لنا و عقوبة على معاصينا ، كي نرجع و نعود لربنا الرحيم ، بدل استكبار أهل الزيغ و الأهواء الذي سيطروا على مداخل الإعلام و مخارجه ، الذين يشنعون على من يقول ( هي ذنوبنا و معاصينا ) و قد قال الله تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ، و لكن الجاهل يعلم فيتعلم ، و المعاند المستكبر لا ينفعه تعليم و لا تذكير ،
و أنا هنا لا أستقصي فواجعنا و كوارثنا ، و لكن أتذكر لأذّكر و أُذكر ، أنها ابتلاء من الله لنا و عقوبة على معاصينا ، كي نرجع و نعود لربنا الرحيم ، بدل استكبار أهل الزيغ و الأهواء الذي سيطروا على مداخل الإعلام و مخارجه ، الذين يشنعون على من يقول ( هي ذنوبنا و معاصينا ) و قد قال الله تعالى : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ، و لكن الجاهل يعلم فيتعلم ، و المعاند المستكبر لا ينفعه تعليم و لا تذكير ،
فأهل الإيمان الذين يعظمون الله حق تعظيمه يفعلون كما فعل قدوتهم صلى الله عليه وسلم فيما أخرجاه في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه فقالت يا رسول الله أرى الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية قالت فقال يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا{ هذا عارض ممطرنا } ) و في رواية : ( وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا مطرت سري عنه فعرفت ذلك في وجهه قالت عائشة فسألته فقال لعله يا عائشة كما قال قوم عاد (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا) )
فهل هناك من هو أتقى و أنقى من النبي صلى الله عليه وسلم و مجتمعه ؟
و قال أيضا كما في الصحيحين : ( إن الله يغار و غيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه ) فصار هذا حال السلف الصالح من بعده : ( كانوا يتهمون أعمالهم وتوباتهم ويخافون أن لا يكون قد قبل منهم ذلك فكان ذلك يوجب لهم شدة الخوف وكثرة الاجتهاد في العمل الصالح قال الحسن أدركت أقواما لو أنفق أحدهم ملء الأرض ما أمن لعظم الذنب في نفسه ) ،
فعجيب غاية العجب كيف جمع أولئك العمل الصالح مع الخوف من الله ، و المنافقون اليوم جمعوا الفجور و الدعوة للفواحش مع غاية الأمن !
فهذه هي سبيل أهل الإيمان كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه ) أما سبيل المنافقين فهي واضحة لنا اليوم ( وإن الفاجر يرى ذنوبه كذبابٍ مر على أنفه فقال به هكذا - أي بيده - فذبه عنه) أخرجه البخاري
أحمد محمد الأحمد
دعني أقول لك... قد تكون ذهبت لقوله : ( و إذا أردنا أن نهلك قرية ) أو ذهبت لتعذيب الله للأقوام السابقة ، و كيف أن الله محقهم و سحقهم و دمرهم تدميرا و لم يبق منهم أحدا، ذهبت للدمار الشامل بالريح و القصف و الخسف و الطوفان و الطير الأبابيل ، و وجدت كلاما للعلماء مفاده متى يستحق القوم عذابا كذاك العذاب !!
و متى يحل غضب الله بالأمة فيأخذها عن بكرة أبيها ؟! فأخذت هذه الضوابط التي أوردها العلماء في ذاك المورد فأوردتها في هذا المورد، و قارنت تلك بهذه ...
كلا يا عزيزي ما هكذا تورد الإبل ، و لكلا الموردين سياق مختلف تماما، و كان السلف يعتبرون تغير خلق الدابة و سوء خلق الزوجة يكون بسبب الذنوب ...!
فما بالك بهذا السيل العرمرم؟
دعني أقول لك... قد تكون ذهبت لقوله : ( و إذا أردنا أن نهلك قرية ) أو ذهبت لتعذيب الله للأقوام السابقة ، و كيف أن الله محقهم و سحقهم و دمرهم تدميرا و لم يبق منهم أحدا، ذهبت للدمار الشامل بالريح و القصف و الخسف و الطوفان و الطير الأبابيل ، و وجدت كلاما للعلماء مفاده متى يستحق القوم عذابا كذاك العذاب !!
و متى يحل غضب الله بالأمة فيأخذها عن بكرة أبيها ؟! فأخذت هذه الضوابط التي أوردها العلماء في ذاك المورد فأوردتها في هذا المورد، و قارنت تلك بهذه ...
كلا يا عزيزي ما هكذا تورد الإبل ، و لكلا الموردين سياق مختلف تماما، و كان السلف يعتبرون تغير خلق الدابة و سوء خلق الزوجة يكون بسبب الذنوب ...!
فما بالك بهذا السيل العرمرم؟
شكرا لك يا أبا عبد الرحمن
لعل من المناسب هنا إيراد مقال خطه الشيخ عبد العزيز الطريفي تناول هذا الموضوع أو حام حوله !
أحمد لله على لطفه الخفي، وفضله وإحسانه الجلي، وأصلي وأسلم على النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وبعد ..
فإن كثيراً من الناس يجهل تنوّع أسباب البلاء والمصائب وحِكم الخالق في ذلك، ويجهل تبعاً لذلك تنوُّع آثار النوازل والمصائب الشرعية والقدرية على من حلت بهم، فثمت أمور مهمة يجب إدراكها وإذا تحقق في الإنسان العلم بها، عرف أن لا تلازم بين نزول المصائب واختصاص من نزلت به بتعاظم ذنوبه على غيره ممن لم تنزل به مصيبة .
فلله حِكم لطيفة منها ما يند عن فهم أكثر الناس، بل منها ما لا يُدركه أحد من الخلق، فيستشكلون كثيراً من النصوص الشرعية من الوحي المبين، وما سمى الله نفسه بـ "الحكيم" إلا لدقة مقاصد ابتلائه الناس دقةً تستوجب طول التأمل، وحدة النظر، ومع ذا فقد لا يُدركها الإنسان وقد يُدرك شيئاً منها، وقد يُوفق الإنسان لإدراك أكثرها، فنحن نرى في "التاريخ" والحاضر الحاكم أو السلطان الذي بسط نفوذه على ولاياته ورعاياه، وتأتيه أخبار القوة والضعف والخير والشر يسوس أمر دُنياه فيَقسم ويُعطي ويمنع، ويَطلب عدوّاً ويَدفع، سياسةَ من عَرف مواضع الزيادة والنقصان، ولا يُدرك هذا أفراد رعاياه الذين سلطانهم على مواضع أقدامهم وبيوتهم، فهؤلاء الأفراد ربما سَخطوا من تلك السياسة، لأنهم لم يُدركوا ما أدرك، فإذا مضى الزمن اتضح لكثير منهم ما خفي عليهم من حِكم السياسة، ولو أُعطي الواحد منهم حسب رغبته وهواه لاضطرب العباد والبلاد، ومن تلك الحِكم التي تخفى عللها على أفراد الرعايا وإن صلحوا، ما روي في الصحيح عن سعد رضي الله عنه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وسعد جالس فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً هو أعجبهم إلي فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال: أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت: ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأى إعطاء المفضول وحرمان الفاضل لحِكمة خفية غالبة للقاعدة الأصلية في إكرام الناس بحسب تفاضلهم، وهي تأليف القلوب وكسب المودة، وهذا كما أنه حكمة بشرية بالغة في أبواب العطاء والمنع، حفظاً لتوازن العباد في الدين والدنيا، فهو في باب الحِكَم الإلهية في المنع والعطاء ألطف وأدق، لأن الخالق ألطف وأحكم وأعلم من العباد بحالهم.
فإذا كان هذا لحاكم يشترك ضعفاً وفاقة وجهلاً مع رعيته في جنب علم الله وقوته وحكمه ولطفه فالواجب أن ندرك أن لله حِكَماً كثيرة في سياسة الخلق تدق عن فهم كثير من العلماء، فضلاً عن العامة، له حكمة تناسب سعة علمه المطلقة، وللإنسان حكمة تليق بقلة علمه.
وكثير ممن ينظر إلى الماديات وأسبابها ولا يتجاوزها في تصرفات المخلوقين مع بعضهم، يطبق ذات النظر بنفس البساطه في تصرف الله في أحوال مخلوقاته، ويجهل أن الحكمة في وضع سير الكون وتنظيمه اقتضت أن يجعل الخالق حجاباً بين تصرفه في المخلوقات وأحوالها، وبين تصرف المخلوقات بإذنه في أنفسهم وأحوالهم بمقتضى الإرادة الممنوحين إياها.
وقد بين الله كثيراً من أصول تلك الحِكم بياناً مجملاً، وأخفى سبحانه أكثر الحِكم في آثار المصائب والمحن على العباد، فتظهر للإنسان حكمة وتخفى عليه حِكم، والإنسان فيها بحسب يقينه بالله وقوة إيمانه بأسماء الله ومعانيها، والتي منها (الحكيم واللطيف والخبير والقوي والعزيز والجبار) فمن صاحب يقينه بالله علم ومعرفة بأسماء الله وصفاته أدرك ما لم يُدركه غيره، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة).
وإن من الأمور المهمة التي يجب إدراكها في هذا الأمر :
أولاً : أن المصائب والمحن بأنواعها دقيقها وجليلها وظاهرها وباطنها لا تنزل إلا بذنب، ولكن تتباين الحِكم من نزولها فلله في المصائب لطف ونكاية، يظهر أثرها لمن تأمل الحال من أهل المعرفة، والإنسان أبصر بنفسه من غيره في الغالب.
وهذا أصل بينه الله في مواضع كثيرة من كتابه، وبينه صلى الله عليه وسلم كذلك، قال تعالى: (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) وقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته .
وقد تقع بعض النوازل والمصائب، فلا يجد المصاب سبباً من أول وهلة يُوجب نزول المصيبة، وربما ضجر، ولم يظهر له سبب البلاء لغفلة جبل عليها الإنسان عن أخطائه، ولذا قال تعالى حاكياً حال الصحابة بعد مصيبة غزوة أُحد: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير).
فالله تعالى استفهم استفهاماً إنكارياً تعجبياً أن يجهل ذلك مثلهم مع سبقهم في الفضل والعلم والديانة.
فالمصائب وإن كانت دقيقة محتقرة هي من العبد وذنوبه، فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف بن عبد الله قال: كان ابن مسعود يمشي فانقطع شسعه فاسترجع فقيل: يسترجع على مثل هذا ؟ قال: مصيبة .
ثانياً : أن المصائب تنزل بالصالحين وبخيار الخلق ولكنها تختلف أثراً وحكمة فيهم، فقد أخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقالت عائشة: لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة.
وقال تعالى في أصحاب نبيه: ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، أخرج عَبد بن حُميد ، وابن جَرير عن عطاء قال: هم أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا تذكير وتعليم للمسلمين أن تمام النعمة وكرامة المنزلة عند الله لا يحول بينهم وبين لحاق مصائب الدنيا، وليستيقنوا أن ثمن الاتباع ليس سلامة الدنيا بل سلامة الآخرة، ولو كانت السلامة الدنيوية بقدر الاتباع لكان المجاهد بماله ونفسه أبعد الناس عن القتل وفقد المال.
ولكن الأثر الدنيوي في نفس الإنسان الصالح من المصيبة أقل، لهذا قال تعالى في الآية السابقة: (ولنبلونكم بشيء) تقليلاً لأثره وتهويناً من شأنه، وتفريقاً بينه وبين ما يشترك به المؤمن مع الظالم من نفس المصيبة نوعاً وقدراً، ففي الآية السابقة ذكر مصيبة المؤمن بالجوع والخوف، التي يعاقب بمثلها الكفرة ولكن بأثر يختلف فقال تعالى عن مصيبتهم: (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) ولكن الأثر اختلف فذكر أن مصيبة الكفر (لباس) أي تستحكم أثراً على جميعهم كاستحكام اللباس على الجسد.
وقد يُصاب الإنسان بمصيبة، وغيره ممن هو أعظم ذنباً منه في سلامة أو تكون مصيبته أدنى، لاختلاف الحِكمة الإلهية ومراتبها من اللطف والنكاية، وقد يجتمعان في شخص.
وهذه الحِكم كلها ليست على مرتبة واحدة بل هي على مراتب متباينة تدق وتجل على قدر لا يُمكن الإحاطة به يليق بسعة علم الله وحكمه ولطفه، فمن الناس من لا يُراد له تكفير جميع ذنوبه فتهون مصيبته مع كثرة ذنوبه، عمن أُريد تكفير جميع ذنوبه فتعظُم مصيبته وإن كانت ذنوبه دون الأول كثرة وعظماً، فهو أحب إلى الله وأقرب في الحالين قبل المصيبة وبعدها.
ومن الناس من تنزل به المصيبة وتَعظم، فيُحرم كمال أجرها لسخطه وعدم صبره، فيَعظُم نزول البلاء بشأنه خاصة ليبقى له من آثاره قدر يكفر به شيئاً من ذنبه ولو قل، لأن عدم الصبر والتكفير يتعالجان والغلبة بحسب مقام الإنسان عند ربه وقُربه من رحمته .
لهذا فأثر المصيبة على الصابر في نفسه أكبر من أثرها على الساخط المتضجر ولو استوت مصيبتهما قدراً بل ربما مع قلة مصيبة الصابر على الساخط.
ومن الناس من تنزل به المصيبة رحمة به ليرجع إلى ربه، روى ابن جرير عَن ابن عباس في قوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون) قال: هي المصائب .
وقال تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون).
ومن أسباب نزول البلاء إظهار ضعف الدنيا وهوانها وسرعة زوالها، وكبح جماح الطمع والجشع واللهث وراءها فإذا رأينا زوال بعضها من أموال وأنفس وزروع فزوالها جميعها كذلك، لأن الدنيا أجزاء وأبضاع فإذا أمكن زوال بعضها أمكن زوالها كلها، (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور).
ثالثاً: أن المصائب تتنوع في الناس ظهوراً وخفاء ونوعاً وقدراً فقد يُبتلى الإنسان بباطن أمره بلاء هو أعظم من ظواهر البلاء في غيره، فيَخصه الله بنوع باطن من البلاء لأنه أليق في تكفير ذنبه كما أخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها.
ومن الناس من تلازمه صغائر البلايا والمصائب وتتنوع عليه، ولو كانت مصيبة واحدة كبيرة عليه لما أطاق، فيلطف الله به ومنهم عكس ذلك، أخرج أحمد والترمذي عن أمية بنت عبد الله قالت : سألت عائشة عن هذه الآية (من يعمل سوءا يجز به) قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير.
ومن الناس من تكون بداية مصيبته بالعطاء، فيُمنح المال أو الولد ويتبعه بقلبه ويُشرب حبه، ويتعلق به حتى إذا استحكم منه سُلبه أو بعضه فعظمت مصيبته أعظم مما لو كان باقياً على فقره وعقمه نكاية به.
ومن الناس من تكون حاله كذلك لكنه عند حلول الرزق لا يتبعه نفسه ويعطيه حقه من شكر المنعم، فزواله منه يختلف عن غيره .
رابعاً: أن كثيراً من العباد يُخطي في اعتبار المصائب وتقدير آثارها، ويقتصر نظره إلى وجوه الحرمان والمنع والسلب، ولا ينظر إليها مع وجوه أخرى كالعطاء ونوعه وقدره في قلب صاحبه، وموازنة ذلك مع المصيبة ونوعها وقدرها، وأثرها عليه، فالمصيبة التي تُرجعك إلى الله خير من النعمة التي تُبعدك عنه، والإنسان مجبول على الاضطراب في هذا التقدير إلا ما رحم الله، قال تعالى: (فإن الإنسان كفور) أي إنه جحود نعم ربه يُعدد المصائب ويجحد النعم، فإذا كان موصوفاً بتغطية النعم "فالكفور" من الكفر وهو التغطية لغة، فهو في ذكر مقاديرها ومراتبها وآثارها في النفوس وغير ذلك من دقائق الموازنة أحرى بالكفر والجحود، وبهذا يكون أبعد عن معرفة ظواهر الحِكم في المصائب فضلاً عن بواطنها.
وقد روى ابن جرير الطبري عن الحسن البصري في قوله تعالى: (إن الإنسان لربه لكنود). قال: هو الكفور الذي يعد المصائب وينسى نعم ربه.
وإذا كان الإنسان بمثل هذا الجحود وعدم العدل حتى فيما هو في حق نفسه، فكيف في حق غيره، وإحصاء الله لتنوع المصائب وتنوع آثارها على الناس يسير، (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) .
وحكمة الله في الثواب والعقاب اقتضت المساواة في الجزاء على تلك الأعمال المتماثلة في الآخرة، وأما في تعجيل الحسنة، واللطف والنكاية في الدنيا عند إنزال البلاء اقتضت حكمته اختلاف البلاء والجزاء، وإن تساوت السيئات نوعاً وقدراً، لاختلاف الحكمة الإصابة عليها.
وعقل الإنسان وإدراكه يميل إلى الاطراد في الأسباب ومسبباتها لضعفه البشري، ولكن الله غرس فيه عقلا يتذكر به ما يغيب عنه، ليخرج عن الاطراد إلى البحث عن الحكم الدقيقة والأسباب الخفية، وكلما أكثر التأمل في الحكم الإلهية ظهر له ما يَخرج عن النسق المستمر المظنون، ويدرك ما يخفى على غيره من عظيم لطف الله، وأما من يريد الاطراد في الحكم الكونية، ففيه شبه من البهائم، فالله خلق العقل البشري على نمط لا يؤمن بالاطراد التام في فهم الحوادث وأسبابها وآثارها فهما لا تتعداه، وأما الحيوان البهيم فإدراكه مخلوق على نمط لا يتخطاه في فهم الحوادث من أول الخلق إلى نهاية العالم، لا يزيد عنه ولا ينقص فالشاة والبعير في زمن آدم لا تختلف عن حالها في زماننا فهماً للحوادث وإن تعددت، وكذلك تكون إلى أن تكون تراباً.
خامساً: أن المصيبة تنزل بالبلد من غرق أو قتل أو فقد المال أو زلازل، فتعم الصالح والفاسد، (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم يبعثون على نياتهم"
والسنة الإلهية في تعميم البلاء بالبلدان بسبب ظهور الشر وعدم ظهور مقاومته ظهوراً يليق بمقدار الشر ووزنه في نظر الشرع وتقديره لا في نظر الناس وتقديرهم، ففي الصحيح قيل: "يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون"؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث".
فالكوارث حينئذٍ تعم في الظاهر، إلا أن آثارها على الأفراد تختلف من حال إلى حال، من لطف إلى نكاية أو بهما جميعاً، ولله في ذلك حِكم دقيقة تحير الألباب لدقة لطفه وكمال علمه وتمام حكمته سبحانه، فيجتمع في النازلة الواحدة في البلد الواحد من دقائق الحِكم قدراً لا يُحصى، فيؤخذ قوم لطفاً ويؤخذ قوم نكاية، ويسلم آخرون لطفاً، ويسلم آخرون إمهالا واستدراجاً، فربما تسقط البيوت على أهلها ويخرج المفسد ويهلك غيره، في حكم بعيدة المدى اقتضتها حكمة الله في تدبير سير هذا العالم .
سبحانه كل شيء عنده بمقدار، بنظام واعتبار، بلا جزاف ولا خلل.
عبدالعزيز الطريفي
17/12/1430
أحمد لله على لطفه الخفي، وفضله وإحسانه الجلي، وأصلي وأسلم على النبي الأمي وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان وبعد ..
فإن كثيراً من الناس يجهل تنوّع أسباب البلاء والمصائب وحِكم الخالق في ذلك، ويجهل تبعاً لذلك تنوُّع آثار النوازل والمصائب الشرعية والقدرية على من حلت بهم، فثمت أمور مهمة يجب إدراكها وإذا تحقق في الإنسان العلم بها، عرف أن لا تلازم بين نزول المصائب واختصاص من نزلت به بتعاظم ذنوبه على غيره ممن لم تنزل به مصيبة .
فلله حِكم لطيفة منها ما يند عن فهم أكثر الناس، بل منها ما لا يُدركه أحد من الخلق، فيستشكلون كثيراً من النصوص الشرعية من الوحي المبين، وما سمى الله نفسه بـ "الحكيم" إلا لدقة مقاصد ابتلائه الناس دقةً تستوجب طول التأمل، وحدة النظر، ومع ذا فقد لا يُدركها الإنسان وقد يُدرك شيئاً منها، وقد يُوفق الإنسان لإدراك أكثرها، فنحن نرى في "التاريخ" والحاضر الحاكم أو السلطان الذي بسط نفوذه على ولاياته ورعاياه، وتأتيه أخبار القوة والضعف والخير والشر يسوس أمر دُنياه فيَقسم ويُعطي ويمنع، ويَطلب عدوّاً ويَدفع، سياسةَ من عَرف مواضع الزيادة والنقصان، ولا يُدرك هذا أفراد رعاياه الذين سلطانهم على مواضع أقدامهم وبيوتهم، فهؤلاء الأفراد ربما سَخطوا من تلك السياسة، لأنهم لم يُدركوا ما أدرك، فإذا مضى الزمن اتضح لكثير منهم ما خفي عليهم من حِكم السياسة، ولو أُعطي الواحد منهم حسب رغبته وهواه لاضطرب العباد والبلاد، ومن تلك الحِكم التي تخفى عللها على أفراد الرعايا وإن صلحوا، ما روي في الصحيح عن سعد رضي الله عنه قال: أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطا وسعد جالس فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً هو أعجبهم إلي فقلت: يا رسول الله ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا فقال: أو مسلما فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي فقلت: ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا، فقال: أو مسلما ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي وعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار .
فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأى إعطاء المفضول وحرمان الفاضل لحِكمة خفية غالبة للقاعدة الأصلية في إكرام الناس بحسب تفاضلهم، وهي تأليف القلوب وكسب المودة، وهذا كما أنه حكمة بشرية بالغة في أبواب العطاء والمنع، حفظاً لتوازن العباد في الدين والدنيا، فهو في باب الحِكَم الإلهية في المنع والعطاء ألطف وأدق، لأن الخالق ألطف وأحكم وأعلم من العباد بحالهم.
فإذا كان هذا لحاكم يشترك ضعفاً وفاقة وجهلاً مع رعيته في جنب علم الله وقوته وحكمه ولطفه فالواجب أن ندرك أن لله حِكَماً كثيرة في سياسة الخلق تدق عن فهم كثير من العلماء، فضلاً عن العامة، له حكمة تناسب سعة علمه المطلقة، وللإنسان حكمة تليق بقلة علمه.
وكثير ممن ينظر إلى الماديات وأسبابها ولا يتجاوزها في تصرفات المخلوقين مع بعضهم، يطبق ذات النظر بنفس البساطه في تصرف الله في أحوال مخلوقاته، ويجهل أن الحكمة في وضع سير الكون وتنظيمه اقتضت أن يجعل الخالق حجاباً بين تصرفه في المخلوقات وأحوالها، وبين تصرف المخلوقات بإذنه في أنفسهم وأحوالهم بمقتضى الإرادة الممنوحين إياها.
وقد بين الله كثيراً من أصول تلك الحِكم بياناً مجملاً، وأخفى سبحانه أكثر الحِكم في آثار المصائب والمحن على العباد، فتظهر للإنسان حكمة وتخفى عليه حِكم، والإنسان فيها بحسب يقينه بالله وقوة إيمانه بأسماء الله ومعانيها، والتي منها (الحكيم واللطيف والخبير والقوي والعزيز والجبار) فمن صاحب يقينه بالله علم ومعرفة بأسماء الله وصفاته أدرك ما لم يُدركه غيره، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة).
وإن من الأمور المهمة التي يجب إدراكها في هذا الأمر :
أولاً : أن المصائب والمحن بأنواعها دقيقها وجليلها وظاهرها وباطنها لا تنزل إلا بذنب، ولكن تتباين الحِكم من نزولها فلله في المصائب لطف ونكاية، يظهر أثرها لمن تأمل الحال من أهل المعرفة، والإنسان أبصر بنفسه من غيره في الغالب.
وهذا أصل بينه الله في مواضع كثيرة من كتابه، وبينه صلى الله عليه وسلم كذلك، قال تعالى: (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) وقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته .
وقد تقع بعض النوازل والمصائب، فلا يجد المصاب سبباً من أول وهلة يُوجب نزول المصيبة، وربما ضجر، ولم يظهر له سبب البلاء لغفلة جبل عليها الإنسان عن أخطائه، ولذا قال تعالى حاكياً حال الصحابة بعد مصيبة غزوة أُحد: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير).
فالله تعالى استفهم استفهاماً إنكارياً تعجبياً أن يجهل ذلك مثلهم مع سبقهم في الفضل والعلم والديانة.
فالمصائب وإن كانت دقيقة محتقرة هي من العبد وذنوبه، فقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف بن عبد الله قال: كان ابن مسعود يمشي فانقطع شسعه فاسترجع فقيل: يسترجع على مثل هذا ؟ قال: مصيبة .
ثانياً : أن المصائب تنزل بالصالحين وبخيار الخلق ولكنها تختلف أثراً وحكمة فيهم، فقد أخرج أحمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقالت عائشة: لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة.
وقال تعالى في أصحاب نبيه: ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، أخرج عَبد بن حُميد ، وابن جَرير عن عطاء قال: هم أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا تذكير وتعليم للمسلمين أن تمام النعمة وكرامة المنزلة عند الله لا يحول بينهم وبين لحاق مصائب الدنيا، وليستيقنوا أن ثمن الاتباع ليس سلامة الدنيا بل سلامة الآخرة، ولو كانت السلامة الدنيوية بقدر الاتباع لكان المجاهد بماله ونفسه أبعد الناس عن القتل وفقد المال.
ولكن الأثر الدنيوي في نفس الإنسان الصالح من المصيبة أقل، لهذا قال تعالى في الآية السابقة: (ولنبلونكم بشيء) تقليلاً لأثره وتهويناً من شأنه، وتفريقاً بينه وبين ما يشترك به المؤمن مع الظالم من نفس المصيبة نوعاً وقدراً، ففي الآية السابقة ذكر مصيبة المؤمن بالجوع والخوف، التي يعاقب بمثلها الكفرة ولكن بأثر يختلف فقال تعالى عن مصيبتهم: (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) ولكن الأثر اختلف فذكر أن مصيبة الكفر (لباس) أي تستحكم أثراً على جميعهم كاستحكام اللباس على الجسد.
وقد يُصاب الإنسان بمصيبة، وغيره ممن هو أعظم ذنباً منه في سلامة أو تكون مصيبته أدنى، لاختلاف الحِكمة الإلهية ومراتبها من اللطف والنكاية، وقد يجتمعان في شخص.
وهذه الحِكم كلها ليست على مرتبة واحدة بل هي على مراتب متباينة تدق وتجل على قدر لا يُمكن الإحاطة به يليق بسعة علم الله وحكمه ولطفه، فمن الناس من لا يُراد له تكفير جميع ذنوبه فتهون مصيبته مع كثرة ذنوبه، عمن أُريد تكفير جميع ذنوبه فتعظُم مصيبته وإن كانت ذنوبه دون الأول كثرة وعظماً، فهو أحب إلى الله وأقرب في الحالين قبل المصيبة وبعدها.
ومن الناس من تنزل به المصيبة وتَعظم، فيُحرم كمال أجرها لسخطه وعدم صبره، فيَعظُم نزول البلاء بشأنه خاصة ليبقى له من آثاره قدر يكفر به شيئاً من ذنبه ولو قل، لأن عدم الصبر والتكفير يتعالجان والغلبة بحسب مقام الإنسان عند ربه وقُربه من رحمته .
لهذا فأثر المصيبة على الصابر في نفسه أكبر من أثرها على الساخط المتضجر ولو استوت مصيبتهما قدراً بل ربما مع قلة مصيبة الصابر على الساخط.
ومن الناس من تنزل به المصيبة رحمة به ليرجع إلى ربه، روى ابن جرير عَن ابن عباس في قوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون) قال: هي المصائب .
وقال تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون).
ومن أسباب نزول البلاء إظهار ضعف الدنيا وهوانها وسرعة زوالها، وكبح جماح الطمع والجشع واللهث وراءها فإذا رأينا زوال بعضها من أموال وأنفس وزروع فزوالها جميعها كذلك، لأن الدنيا أجزاء وأبضاع فإذا أمكن زوال بعضها أمكن زوالها كلها، (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور).
ثالثاً: أن المصائب تتنوع في الناس ظهوراً وخفاء ونوعاً وقدراً فقد يُبتلى الإنسان بباطن أمره بلاء هو أعظم من ظواهر البلاء في غيره، فيَخصه الله بنوع باطن من البلاء لأنه أليق في تكفير ذنبه كما أخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها.
ومن الناس من تلازمه صغائر البلايا والمصائب وتتنوع عليه، ولو كانت مصيبة واحدة كبيرة عليه لما أطاق، فيلطف الله به ومنهم عكس ذلك، أخرج أحمد والترمذي عن أمية بنت عبد الله قالت : سألت عائشة عن هذه الآية (من يعمل سوءا يجز به) قالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير.
ومن الناس من تكون بداية مصيبته بالعطاء، فيُمنح المال أو الولد ويتبعه بقلبه ويُشرب حبه، ويتعلق به حتى إذا استحكم منه سُلبه أو بعضه فعظمت مصيبته أعظم مما لو كان باقياً على فقره وعقمه نكاية به.
ومن الناس من تكون حاله كذلك لكنه عند حلول الرزق لا يتبعه نفسه ويعطيه حقه من شكر المنعم، فزواله منه يختلف عن غيره .
رابعاً: أن كثيراً من العباد يُخطي في اعتبار المصائب وتقدير آثارها، ويقتصر نظره إلى وجوه الحرمان والمنع والسلب، ولا ينظر إليها مع وجوه أخرى كالعطاء ونوعه وقدره في قلب صاحبه، وموازنة ذلك مع المصيبة ونوعها وقدرها، وأثرها عليه، فالمصيبة التي تُرجعك إلى الله خير من النعمة التي تُبعدك عنه، والإنسان مجبول على الاضطراب في هذا التقدير إلا ما رحم الله، قال تعالى: (فإن الإنسان كفور) أي إنه جحود نعم ربه يُعدد المصائب ويجحد النعم، فإذا كان موصوفاً بتغطية النعم "فالكفور" من الكفر وهو التغطية لغة، فهو في ذكر مقاديرها ومراتبها وآثارها في النفوس وغير ذلك من دقائق الموازنة أحرى بالكفر والجحود، وبهذا يكون أبعد عن معرفة ظواهر الحِكم في المصائب فضلاً عن بواطنها.
وقد روى ابن جرير الطبري عن الحسن البصري في قوله تعالى: (إن الإنسان لربه لكنود). قال: هو الكفور الذي يعد المصائب وينسى نعم ربه.
وإذا كان الإنسان بمثل هذا الجحود وعدم العدل حتى فيما هو في حق نفسه، فكيف في حق غيره، وإحصاء الله لتنوع المصائب وتنوع آثارها على الناس يسير، (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) .
وحكمة الله في الثواب والعقاب اقتضت المساواة في الجزاء على تلك الأعمال المتماثلة في الآخرة، وأما في تعجيل الحسنة، واللطف والنكاية في الدنيا عند إنزال البلاء اقتضت حكمته اختلاف البلاء والجزاء، وإن تساوت السيئات نوعاً وقدراً، لاختلاف الحكمة الإصابة عليها.
وعقل الإنسان وإدراكه يميل إلى الاطراد في الأسباب ومسبباتها لضعفه البشري، ولكن الله غرس فيه عقلا يتذكر به ما يغيب عنه، ليخرج عن الاطراد إلى البحث عن الحكم الدقيقة والأسباب الخفية، وكلما أكثر التأمل في الحكم الإلهية ظهر له ما يَخرج عن النسق المستمر المظنون، ويدرك ما يخفى على غيره من عظيم لطف الله، وأما من يريد الاطراد في الحكم الكونية، ففيه شبه من البهائم، فالله خلق العقل البشري على نمط لا يؤمن بالاطراد التام في فهم الحوادث وأسبابها وآثارها فهما لا تتعداه، وأما الحيوان البهيم فإدراكه مخلوق على نمط لا يتخطاه في فهم الحوادث من أول الخلق إلى نهاية العالم، لا يزيد عنه ولا ينقص فالشاة والبعير في زمن آدم لا تختلف عن حالها في زماننا فهماً للحوادث وإن تعددت، وكذلك تكون إلى أن تكون تراباً.
خامساً: أن المصيبة تنزل بالبلد من غرق أو قتل أو فقد المال أو زلازل، فتعم الصالح والفاسد، (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) جاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم يبعثون على نياتهم"
والسنة الإلهية في تعميم البلاء بالبلدان بسبب ظهور الشر وعدم ظهور مقاومته ظهوراً يليق بمقدار الشر ووزنه في نظر الشرع وتقديره لا في نظر الناس وتقديرهم، ففي الصحيح قيل: "يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون"؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث".
فالكوارث حينئذٍ تعم في الظاهر، إلا أن آثارها على الأفراد تختلف من حال إلى حال، من لطف إلى نكاية أو بهما جميعاً، ولله في ذلك حِكم دقيقة تحير الألباب لدقة لطفه وكمال علمه وتمام حكمته سبحانه، فيجتمع في النازلة الواحدة في البلد الواحد من دقائق الحِكم قدراً لا يُحصى، فيؤخذ قوم لطفاً ويؤخذ قوم نكاية، ويسلم آخرون لطفاً، ويسلم آخرون إمهالا واستدراجاً، فربما تسقط البيوت على أهلها ويخرج المفسد ويهلك غيره، في حكم بعيدة المدى اقتضتها حكمة الله في تدبير سير هذا العالم .
سبحانه كل شيء عنده بمقدار، بنظام واعتبار، بلا جزاف ولا خلل.
عبدالعزيز الطريفي
17/12/1430
لا أدري ما ذا يقصد هؤلاء الذين يصرون على أن يربطوا الناس بالأسباب المادية البحتة ويُنسوهم ما ذُكِّرُوا به ؟!
أيريدون أن يُخدِّرُوا الناس ويخدعوهم ليتمادوا في عصيانهم ويمضوا في غيهم إلى أن يؤخذوا بغتة ويؤتوا على غرة من حيث لا يشعرون ؟!
إننا حينما نعظ الناس بعد كل نازلة ، أو نذكرهم بخطر المعاصي بعد كل مصيبة ، لا نزعم بذلك أن كل مصيبة تحل بنا فهي بالضرورة عقوبة ، لكننا نريد للناس أن يكونوا على هدي نبيهم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويحملوا ما كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ يحمله إزاء هذه الظواهر من خوف من أن تكون عذابًا ، مع ما كان عليه هو ومجتمعه من صلاح وطاعة وتقوى وخير وبر ، وجهاد في سبيل الله وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر .
ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر ، فإذا مطرت سري عنه ، فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال : " لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : " فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا : هذا عارضٌ ممطرنا "
فليس الخوف من العذاب خاصًّا بمن انتشرت فيهم الموبقات وظهرت منهم الكبائر وجاهروا بالمعاصي واستمرؤا السيئات وعم فيهم الفساد وطم ، وانقطع فيهم الخير بالكلية وصارت حالهم كلها شرًّا ، كما ذكر ذلك بعض الكتاب أعلاه ، ولو كان الأمر كذلك لما كان لخوف أعرف الخلق بربه معنى إلا سوء الظن بربه ، وحاشاه ذلك بأبي هو وأمي .
وهل يستطيع أحد من هؤلاء المتحذلقين اليوم ، والمبتلين بامتداح أنفسهم والإعجاب بما هم عليه أن يزعم أن مجتمعًا أنى كانت صفته أفضل من مجتمع محمد وأصحابه ؟!
وهل كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ بخوفه من العذاب متهمًا لأصحابه بالسوء أو حاكمًا عليهم بالفساد ؟!
سبحانك ، هذا بهتان عظيم !!
سبحانك ، هذا بهتان عظيم !!
نحن نقول : يا مسلمون ، إن العبد في جميع أحواله عُرضَةٌ لِسِهام القدر ، فينبغي أن يستشعر الخَوفَ في كلِّ لحظة من الإصابة بها ، وألاَّ يأمنَ مَكْرَ الله في أي وقت ، وكيف يكون حاله الأمن التام وقد قال ربه ـ سبحانه ـ : " أَفَأَمِنُوا مَكرَ اللهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللهِ إِلاَّ القَومُ الخَاسِرُونَ "
ولأن يعيش المؤمن ويده على قلبه خوفًا من أن تصيبه مصيبة بسبب ذنوبه ومعاصيه خير من أن يسرح في دنياه ويمرح غافلاً عما يجري حتى تطرقه الحوادث وهو نائم كما قيل :
يا راقدَ الليل مسرورًا بأَوَّلِه *** إن الحوادثَ قد يَطرُقْنَ أسحارا
والقدر الذي نتفق عليه جميعًا أن هذه الحوادث نوع من البلاء الذي نصاب به ، لنعتبر ونتعظ ، ولعلنا أن نراجع أنفسنا ونتوب ، فيرحمنا الله بذلك ويعفو عنا .
وأمر المؤمن كله خير ما دام مؤديًّا ما يجب عليه في الحال التي هو فيها من شكر أو صبر ، كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : " عجبا لأمر المؤمن ، إن أمره كله له خير ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر وكان خيرًا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له "
نسأل الله أن يجنب بلادنا وبلاد المسلمين المنكرات ويقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
@عبدالله البصري 1678 wrote:
إننا حينما نعظ الناس بعد كل نازلة ، أو نذكرهم بخطر المعاصي بعد كل مصيبة ، لا نزعم بذلك أن كل مصيبة تحل بنا فهي بالضرورة عقوبة .............
والقدر الذي نتفق عليه جميعًا أن هذه الحوادث نوع من البلاء الذي نصاب به ، لنعتبر ونتعظ ، ولعلنا أن نراجع أنفسنا ونتوب ، فيرحمنا الله بذلك ويعفو عنا .
كيف نفرق بين الابتلاء والعقوبة؟!
كيف نُفرق بين الابتلاء والعقوبة ؟!إذا وقعت مصيبة على مسلم ، يتساءل الناس ، بل حتى من وقعت عليه : هل هذا ابتلاء ؛ لإيمانه ؟أو هو عقوبة له على ذنوب قد لا نعلمها ؟يتردد هذا كثيرًا في الأذهان عند المصائب .
وقد رأيتُ كلامً امتعلقًا بهذا التساؤل في رسالة قيّمة - لم تُطبع بعد - للدكتور حسن الحميد – وفقه الله - : عنوانها " سُنن الله في الأمم من خلال آيات القرآن " قال فيها ( ص 386-388 ) :
( هل يُعد كل ابتلاء مصيبة جزاء على تقصير؟ وبالتالي فهل كل بلاء ومصيبة عقوبة؟وتلك مسألة قد تُشكل على بعض الناس. ومنشأ الإشكال فيما أرى : هو الاختلاف في فهم النصوص المتعلقة بهذه المسألة، وكيف يكون الجزاء على الأعمال.
فعلى حين يرد التصريح في بعضها بأن كل مصيبة تقع فهي بسبب ما كسبه العبد،كقوله تبارك وتعالى: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) .
نجد نصوصاً أخر تصرح بأن (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل). كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.
وبأن البلاء يقع –فيما يقع له- على المؤمنين ليكشف عن معدنهم ويختبر صدقهم (و لنبلونكم حتى نعلم الجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم).
فلو كان كل بلاء يقع يكون جزاء على تقصير ؛ لكان القياس أن يكون أشد الناس بلاء الكفرة والمشركين والمنافقين، بدليل الآية السابقة ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم...) !.
والذي يزول به هذا الإشكال بإذن الله تعالى، هو أن ننظر إلى هذه المسألة من ثلاث جهات:
الأولى: أ نفرق بين حال المؤمنين وحال الكفار في هذه الدنيا.
فالمؤمنون لابد لهم من الابتلاء في هذه الدنيا، لأنهم مؤمنون، قبل أن يكونوا شيئاً آخر، فهذا خاص بهم،وليس الكفار كذلك. ( ألـم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) .
الجهة الثانية: أنه لا انفصال بين الجزاء في الدنيا والجزاء في الآخرة.
فما يقع على المؤمنين من البلاء والمصائب في الدنيا، فهو بما كسبت أيديهممن جهة، وبحسب منازلهم عند الله في الدار الآخرة من جهة ثانية.
فمنهم من يجزى بكل ما اكتسب من الذنوب في هذه الدنيا، حتى يلقى الله يوم القيامة وليس عليه خطيئة. وهذا أرفع منـزلة ممن يلقى الله بذنوبه وخطاياه، ولهذا اشتد البلاء على الأنبياء فالصالحين فالأمثل فالأمثل؛ لأنهم أكرم على الله من غيرهم.
ومن كان دون ذلك فجزاؤه بما كسبت يداه في هذه الدنيا بحسب حاله.
وليس الكفار كذلك؛ فإنهم ( ليس لهم في الآخرة إلا النار) ، فليس هناك أجور تضاعف ولا درجات ترفع، ولا سيئات تُكفّر. ومقتضى الحكمة ألا يدّخر الله لهم في الآخرة عملاً صالحاً،بل ما كان لهم من عمل خير، وما قدّموا من نفع للخلق يجزون ويكافئون به في الدنيا،بأن يخفف عنهم من لأوائها وأمراضها. وبالتالي لا يمن عليهم ولا يبتليهم بهذا النوع من المصائب والابتلاءات.
فما يصيب المؤمنين ليس قدراً زائداً على ما كسبته أيديهم، بل هو ما كسبوه أو بعضه، عُجل لهم، لما لهم من القدر والمنـزلة عند الله.
وهذه يوضحها النظر في الجهة الثالثة وهي:
أن نعلم علم اليقين أن أيعمل نافع تقوم به الجماعة أو الأمة المسلمة، فإنها لابد أن تلقى جزاءه في الدنيا،كما يلقى ذلك غيرها، بل أفضل مما يلقاه غيرها. وهذا شيء اقتضته حكمة الله، وجرت به سنته. كما سبق بيانه في أكثر من موضع.
ولهذا صح من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة. يُعطى بها في الدنيا ويُجزى بها في الآخرة. وأما الكافر فيُطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يُجزى بها).
والخلاصة :
أنه لا يكون بلاء ومصيبة إلا بسبب ذنب.
وأن المؤمنين يجزون بحسناتهم في الدنيا والآخرة، ويُزاد في بلائهم في الدنيا ليكفر اللهعنهم من خطاياهم التي يجترحونها، فلا يُعاقبون عليها هناك، وحتى تسلم لهم حسناتهم في الآخرة.
وأما الكفار فيُجزون بحسناتهم كلها في الدنيا، فيكون ما يستمتعون به في دنياهم – مما يُرى أنه قدر زائد على ما أعْطيه المؤمنون- يكون هذا في مقابلة ما يكون لهم من حسنات. وليس لهم في الآخرة من خلاق. والله أعلم
حقيقة الابتلاء- لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ
ملخص الخطبة
1- مقادير الناس بيد الله ووفق حكمته. 2- الابتلاء يكون بالخير والشر. 3- العطاء للعاصي الكافر إنما هو استدراج. 4- البلاءات التي تصيب الناس متنوعة. 5- ما يصيب المؤمن اختبار من الله. 6- قصة أصحاب الجنة. 7- ارتباط الأحداث الكونية بقدر الله.
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا أيها المؤمنون اتقوا الله حق التقوى، عظموا أمر الله وعظموا نهي الله باستجابتكم لأوامر الله وبالبعد عن مناهي الله فبذلكم تكون التقوى.
أيها المؤمنون: إن الله جل جلاله بيده ملكوت السموات والأرض فله الملك كله، يقدر ما يشاء على عباده فيفيض عليهم الخيرات ويمنع عنهم المسرات ويفيض تارة ويمنع تارة، يبسط الرزق لمن شاء، ويقدر على آخرين أن يضيق، وهذا ابتلاء من الله جل وعلا.
ولذلك الابتلاء حكم عُليا جليلة يجب على المؤمنين أن يرعوها وأن يتعلموا ويعْلموا الأصول الشرعية التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تبين حقيقة الابتلاء والقصد منه كما أخبر الله جل وعلا أنه يبلو الناس بالشر تارة وبالخير تارة، وكل ذلك فتنة، يكون فتنة لمن أصابه الخير والسراء، ويكون فتنة لمن أصابه السوء والضراء وكل ذلك داخل في ابتلاء الله، في اختبار الله للناس.
فعلى هذا، الناس أفراداً وجماعات تارة يبتلون بالخير وتارة يبتلون بالمصائب، وكل ذلك هو في حكمة الله جل وعلا، فهو الذي يقدر ما يشاء ويقضي بما يشاء، له الملك كله وله الحكم كله، في كل ما يجري في ملكوته.
كل ما يجري في ملكوته بدون استثناء فإنما هو صادر عن أمره، موافق لحكمته، موافق لمشيئته جل وعلا، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فطائفة من الناس يفيض عليهم الله جل وعلا الخيرات والنعم والمسرات.
والقرآن العظيم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم يبينان لنا أن ذلك له حكمة كما قال جل وعلا: وألّوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقا لنفتنهم فيه [الجن:16-17]. فمن أفيضت عليه المسرات، والخيرات حلت عليه والنعم، وأفيض عليه ما يسره يجب عليه أن يقف وقفة متأملاً متدبراً في هذه النعم التي حلت عليه، فينظر أولاً هل حاله حال المستقيمين؟ هل حاله حال الذين استقاموا على الطريقة؟ هل حاله حال المؤمنين بالله الذين استجابوا لله فامتثلوا أمره واجتنبوا نهيه؟ فإن كانت حاله تلك من الاستقامة والإيمان والصلاة وأنعم الله عليه من الخير فليعلم أن ما أعطاه الله جل وعلا له ليبلوه وليفتنه هل يشكر تلك النعم أم لا يشكرها فإن من الناس من كانت أحوالهم مستقيمة فلما أفيض عليهم المال وكملت لهم النعم انحرفوا وضلوا ولم يشكروا الله على نعمه الجزيلة وعلى ما وسع وأفاض من الخيرات، فمن كان مستقيماً وكانت حاله في رغد من العيش وسلامة وصحة وأمن ونحو ذلك فليعلم أن ذلك اختبار هل يشكر أم يكفر؟ كما أخبر الله جل وعلا عن سليمان عليه السلام حيث قال بعد أن أنعم عليه: ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم [النمل:40]. بعد أن أُتي له بعرش بلقيس وتمت له تلك النعم عرف أن ذلك ابتلاء، وأن ذلك ليختبر هل يشكر أم يظن أنه إنما أوتيه بقواه، وأنه إنما أوتي ذلك بمحض قوته وتفكيره، صنف آخر من الناس يبتلى بالنعم ويفاض عليه من الخيرات فيجب عليه أن ينظر في نفسه إذا كان غير مؤمن بالله الإيمان الكامل إذا كان مفرطاً بالواجبات، مفرطاً بحقوق الله جل وعلا وبحقوق الخلق، مقبلاً على المحرمات لا يرعى لله حرمة ولا يرعى للخلق حقاً وأنعم عليه بالنعم، فليعلم أنما ذلك ابتلاء واستدراجٌ من الله كما ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا رأيت الله يعطي العبد وهو مقيم على معاصيه فليعلم أن ذلك استدراج))[1] لأنه استدراج حيث قال تعالى: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين [القلم:44].
إن الله جل جلاله يغار على حرماته ومع ذلك يفيض الخير على من لم يستقم على أمره، ليبتليه وليختبره.
ثم ليعلم أولئك أنما ذلك استدراج لكي ينظر الناس في حالهم بعد أن تأخذهم العقوبة.
والمؤمن عليه أن يرجع إلى ربه دائماً بما أعطاه الله من النعم وأفاض عليه من الخيرات، فإن كان مؤمناً سليم الإيمان مقيماً على الطاعات مبتعداً عن المحرمات، سعى في شكر ذلك باستعمال النعم في مراضي الله وبأن يضيفها وينسبها إلى من أولاها وأسداها ثم إنه ينعم بها على من حرمها.
من كان على غير استقامة، على معصية، على موبقات وعلى تفريط في الواجبات وأنعم عليه فليعلم أن ذلك استدراج، فعليه أن يستيقظ من الغفلة، وأن يستيقظ من السِنَة التي غشيت عقله وعلى فؤاده، فإن المرء إذا أصابته الغفلة خسر ثم خسر خسراناً مبيناً.
الطائفة الأخرى من الناس لا تبتلى بالنعم إنما تبتلى بالمصائب من الله جل وعلا، بأنواع المصائب، إما بنقص في الأموال، وإما بمصائب بدنية وإما بمصائب عامة أو خاصة، وتلكم المصائب موافقة لحكمة الله، موافقة لقدر الله، موافقة لسنة الله التي أمضاها في خليقته منذ خلق السموات والأرض، ومنذ دب آدم على وجه الأرض، فتارة يكون الذي ابتلي بالمصائب ابتلي بالأمراض ابتلي بالموت ابتلي بالجوع، ابتلي بنقص المال، فتارة يكون مؤمناً فرداً أو جماعةً أو أمة، تارة يكون مؤمناً مسدداً كما حصل في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث ابتلي الناس في وقته وهم الكملة المنتقون ابتلي الناس في وقته بعام المجاعة المشهور الذي سمي عام الرمادة، كان الناس لا يجدون ما يأكلون وذلك لينظر الله جل وعلا في فعل أولئك بذلك الابتلاء وذلك الاختبار هل يقبلون على ربهم ويعلمون أن بيده ملكوت كل شيء أن في يده ملكوت كل شيء وأنه جل وعلا ماض حكمه في خليقته ثم إنهم يبذلون ويضحون أم أنهم يشحون على أنفسهم وعلى إخوانهم، وأنواع من الاختبار والابتلاء بل وكما ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته بما حدث لهم في أحد حيث قال الله جل وعلا لهم: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم [آل عمران:165].
أولئك ابتلوا واختبروا بأنواع من المصائب المؤلمة مع ما هم عليه من السداد في الإيمان وكمال الأقوال والأعمال والبعد عن الشرك والبدع والبعد عن المحرمات صغيرها وجليلها إلا ما شاء الله أن يقع، أولئك كانت لهم المصائب ابتلاءً واختباراً لإيمانهم هل يصبرون على ذلك أم يتشككون في يقينهم وفي إيمانهم كما يحصل لبعض السفهاء ممن ضعف دينه وضعف إيمانه وقل يقينه.
طائفة أخرى من الناس تبتلى بالمصائب، تبتلى بالمصائب من عند الله جل وعلا بأنواع من المصائب إما بغرق يحيطهم من فوقهم من السماء وإما أن تزلزل الأرض من تحتهم، ثم إنهم إذا كانوا على نقص من الأموال ونقص في الأنفس ونقص من الثمرات فنظروا في حالهم فوجدوا أنهم مفرطون في أمر الله، مفرطون في حق الله، مفرطون في أعظم الحقوق لله، وهو توحيد الله بأن يظهر الشرك فيما بينهم ولا ينكرونه، وتظهر المحرمات ولا ينكرونها، يشيع الفحش والفجور ولا ينكر، بل يقر، ويتخلف الناس عن أداء فرائض الله، إذا كانت تلك الحال وأصابهم ما أصابهم من عذاب الله أو من الابتلاء من الله جل وعلا فقد يكون ذلك في حق البعض المؤمنين الذين أصيبوا في ذلك، يكون ابتلاء واختباراً، وفي حق الذين تنكبوا عن صراط الله وعن دين الله وغَشَوا المحرمات والكبائر وما هو أعلى من ذلك يكون في حقهم عقوبة من الله جل وعلا كما أخبر الله جل وعلا عن قصة أصحاب الجنة فقد قالوا متعاهدين فيما بينهم: أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين [القلم:44]. حرموا الناس حقوقهم، فكانت تلك معصية في حقهم وكان ذلك مؤذناً ببلاء من الله جل وعلا قال تعالى: فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين [القلم:19-21]. الآيات، حتى قالوا معترفين: يا ولينا إنا كنا طاغين لما ظلموا أصابتهم العقوبة، هذه هي طوائف الناس في المسلمين ممن ابتلوا بأنواع المصائب وممن ابتلوا بأنواع المسرات والخيرات، وهذه هي الأصول الشرعية إن أصابت المصائب المؤمنين فليصبروا وليحتسبوا، وإن أصابت من فرط في أمر الله فليعلم أن ذلك نوع من العقوبة يخوف الله به عباده المؤمنين كما أخبر عليه الصلاة والسلام لما كسفت الشمس في عهده قال عليه الصلاة والسلام: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد ولا حياته))[2] وقال عليه الصلاة والسلام: ((يخوف الله بهما عباده))[3]، ((إن الله ليغار أن يزني عبده، إن الله ليغار أن تزني أمته))[4]، وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان للأمة لكي تعلم أن الآيات موافقة لحكمة الله، وكون أن لها أسباباً يعلمها بعض البشر لا ينافي أن فيها الحكمة البالغة من الله، فما من شيء يحدث إلا هو من الله موافق لحكمة الله، ماضٍ فيه أمر الله جل وعلا.
أيها المؤمنون اعتبروا في هذه الأصول الشرعية، كل بحسب حاله، من كان ذا نعمة فليشكر نعمة الله وليستقم على أمر الله، ومن كان ذا مصيبة فليتفكر في نفسه، إن كان مقيماً على الإيمان فليصبر وليحتسب وليعلم أن ذلك زيادة في إيمانه واختبار لتصديقه ويقينه، ومن كان على ضد ذلك فليعلم أن تلك العقوبة يعاقب بها من خالف أمر الله فيها إما ابتلاء وإما عقوبة، نسأل الله جل وعلا أن يجنبنا المكاره ما ظهر منها وما بطن وأن يجنبنا الفتن في أنفسنا وفيمن نحب وفي بلادنا وفي بلاد المسلمين عامة واسمعوا قول الله جل وعلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ولنبولنكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم [محمد:31].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من جميع الذنوب والخطايا وأتوب إليه فاستغفروه حقاً وتوبوا إليه صدقاً إنه هو الغفور الرحيم.
[1] صحيح ، أخرجه أحمد (4/145) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.
[2] أخرجه البخاري ح (1042)، ومسلم ح (901) عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم.
[3] أخرجه البخاري ح (1048)، عن أبي بكرة رضي الله عنه.
[4] أخرجه البخاري ح (1044) عن عائشة رضي الله عنها.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة نزدلف بها إلى جنة الله وأشهد أن محمداً رسول الله شهادة نقترب بها من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحابته وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة فإن بالتقوى فخاركم ورفعتكم وسعادتكم في هذه الدنيا وفي الآخرة العظمى، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
واعلموا رحمني الله وإياكم برحمته الواسعة أن الله جل جلاله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال قولاً كريماً :إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?t=2990
http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?t=2990
أبو عبد الرحمن
لقد حدث في زمن عمر المجاعةالتي تعرف بعام الرمادة وحصل طاعون عمواس فهل هي عقوبة إلهية للمسلمين في زمن عمررغم فتوحاتهم التي قاموا بها ، بل ان طاعون عمواس حصل بعد فتحهم لبيت المقدس مباشرة أي فكأنه عقوبة لفتحهم بناء على نظرتهم لانه حصل بعده مباشرة
عبد الله محمد العلويط ـ باحث شرعي وعضو هيئةالتحقيق سابقا
تعديل التعليق