قصه أصحاب الجنة..خذو العبرة

ناصر ناصر
1435/03/01 - 2014/01/02 19:10PM
خذوا العبرة
أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً كَثِراً، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.. أما بعد:نقِف اليومَ مع قصَّة من قَصص القرآن العظيم، مع قصَّة تُحدِّثنا عن خُلُق من أخلاق أهل النار، عن خلُق تَدعو الملائكة على أهله كلَّ صباح، فضلاً عما يجلبه لأهله مِن اللَّوم والحسْرة في الدنيا، والعقاب الأليم في الآخرة، ألا وهو البُخل.هذه القصة تُعلِّمنا درسًا عظيمًا؛ أنَّ مِن أسباب دوام النِّعم وازديادها، ونموِّها والبرَكة فيها - الإحسانَ إلى خَلْق الله، ومن أسباب زَوال النعم وحلول النِّقم في الدنيا، فضلاً عن العذاب الشديد في الآخرة - الإساءة إلى خَلْق الله وظُلمهم. مع قصة يُواسِي الله بها نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويُذكِّر بها القُرشيِّين ويُحذِّرهم من مغَبَّة أمرهم الذي هم فيه مِن شِرْك وضلال، وكفر وعناد، إنها قصة أصحاب الجنَّة، الذين ابتلاهم الله بالخيرات والنِّعم.
أخوة الاسلام: إنَّ في قصة أصحاب الجنة عِبرةً ضربَها الله لأهل قريش، الذين كفروا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع أنَّ الله - تعالى - أنعم عليهم ببَعثته - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيهم هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا، وأنعم عليهم بالمال والجاه، والولَد والسِّيادة، وأطعمهم مِن جوع، وآمنَهم من خوف، لكنهم لم يُقدِّموا لذلك شُكرًا؛ لذلك قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ﴾ ؛ أي: يا محمد، إنا بلَوْنا أهل قريش كما بلوْنا أصحاب الجنة.فيا تُرى، ما هي قصَّة أصحاب الجنة الذين وسَّعَ الله عليهم؟ وماذا كان موقِفُهم مِن الفقراء والمساكين؟ في أرْض اليمن عاش أحدُ الصالحين الأغنياء، وكان على دِينِ أهل الكتاب، وكانت له جَنَّة فيها أنواع من الأشجار المثمِرة، وجداوِلُ الماء العَذْب تسقيها، فتُعطي تلك الأشجارُ فواكهَ لذيذةً، وكثيرةً ومتنوِّعة.وكان هذا الرجلُ الصالح لا يُدخِل بيتَه ثمرةً منها حتى يقسمَ الثمار ثلاثة أقسام: قسم للفقراء والمساكين، وقسم لأهل بيته، وقسم يردُّه في المحصول؛ لِيزرعَ به الأرض؛ لذلك بارك الله له في رِزْقه وعياله. فلمَّا مات الشيخ ووَرِثه بَنُوه - وكان له خمسة من البنين - فحَملت جنَّتُهم في تلك السَّنة التي هلَك فيها أبوهم حملاً لم تكن حملَتْه مِن قبل ذلك، فراح الفِتية إلى جنَّتهم بعدَ صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرٍ ورِزق فاضل، لم يُعايِنوا مِثلَه في حياة أبيهم. فلمَّا نظروا إلى الفضل طَغَوا وبَغَوا، وقال بعضُهم لبعض: لقد كان أبونا أحْمَق؛ إذْ كان يَصرِف من هذه الثمار للفقراء، دَعُونا نتعاهد فيما بيننا ألاَّ نُعطيَ أحدًا من فقراء المسلمين في عامِنا هذا شيئًا؛ حتى نَستَغنِيَ وتَكثر أموالنا.فرضِي بذلك منهم أربعة، وسَخِط الخامس، ونصَحَهم أن يَسيروا على ما سار عليه أبوهم؛ حتى يبارِكَ الله لهم في رِزقهم وجنَّتهم، لكنَّهم بَطَشوا به، فضربوه ضرْبًا مبرحًا. فلمَّا أيقن الأخُ أنهم يريدون قتْلَه، دخل معهم في مَشُورتهم كارِهًا لأمرهم، غيرَ طائع، فراحوا إلى منازلهم، ثم أقْسموا على قَطْف ثمارِ مزرعتهم دون إعطاء الفقراء شيئًا منها، وتعاهَدُوا على ذلك، ورَفَعوا شعارًا: "لا للفقراء بعدَ اليوم، لا للمساكين بعدَ اليوم، لا للمحتاجين بعدَ اليوم". لقد غفَل أصحاب الجَنَّة عن أنَّ الله يَسمع سِرَّهم ونجواهم، وأنَّ الله علاَّمُ الغيوب، لقد غاب عنهم أنَّ الله - سبحانه - يُثِيب أصحابَ القلوب الطيِّبة، الذين في قلوبهم رِقَّة ورَأفة ورحمة للمؤمنين، ويرْحم الله من عباده الرُّحماءَ ويثيبهم. لقد غاب عن أصحابِ الجنة الذين يُدبِّرون ويُخطِّطون لحرمان الضعفاء والمساكين - أنَّ الجزاء مِن جنس العمل؛ فمَن أكرَمَ الناس أكرَمه الله، ومَن حرَمَهم حرَمه الله، ومَن منعهم الخير منعه الله، فجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مثلُها. ما الذي حدَث لجنَّتهم وبُستانهم وحديقتهم؟ ﴿ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ﴾ ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ ﴾
يَا رَاقِدَ اللَّيْلِ مَسْرُورًا بِأَوَّلِهِ
إِنَّ الْحَوَادِثَ قَدْ يَطْرُقْنَ أَسْحَارَا
لاَ تَفْرَحَنَّ بِلَيْلٍ طَابَ أَوَّلُهُ
فَرُبَّ آخِرِ لَيْلٍ أَجَّجَ النَّارَا
واسمع إلى كتاب الله وهو يُحدِّثنا عنهم:﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ﴾ حتى كلمة "إن شاء الله" لم يقولوها.وهم نائمون جاء القرارُ الإلهي بتدمير جميع ثمار ذلك البُستان‏، ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾.قيل: إنَّ جبريل - عليه السلام - اقتلعها، وقيل: أصابتها آفةٌ سماوية، وقيل: إنَّ الله أرسل عليها نارًا من السماء فاحترقت.قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - ﴿ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾: "صارتِ الجنة محترقةً كالليل المظلِم".
يا الله! أيُّ كارثةٍ هذه؟! الإنسان ينام وهو يملك الملايين، ويستيقظ في الصباح ليجد نفسه لا يملك شيئًا!كم مِن إنسان في دنيا الناس اليوم كان يَملِك ما يملِك، لكن بسبب الذنوب ضاع كلُّ شيء، وكم من إنسان كان يملِك العقاراتِ والسيارات، وبسبب الرِّبا ضاع كلُّ شيء، وكم من إنسانٍ كان يملك الملايين، فعندما رفَض إخراج الزكاة من ماله، ضاع هذا المال .وفي الصباح الباكر نادَى بعضُهم على بعضٍ أنْ هلُمُّوا لتنفيذ المخطَّط الذي أجمعوا كلمتَهم عليه‏، ‏ ثم تحرَّكوا في تسَتُّر وصمت كاملَيْن؛ حتى لا يُدرِكَهم أحد من الفقراء والمساكين، فيتبعهم إلى البستان؛ أمَلاً في الحصول على شيء مما يجمعون، كما كانوا ينالُون ذلك على زمان أبيهم مِن قَبلُ.
وفي ذلك يقول الله - تعالى -: ﴿ فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ * أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ * فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ * أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ * وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ﴾ [
يتنادون فيما بينهم ﴿ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ ﴾: اخْرُجوا إلى جنَّتكم صباحًا مبكِّرين، ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴾: إن كنتم تريدون اجتناءَ الثَّمر.﴿ فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾: وبعضهم يُحدِّث بعضًا في السِّر والخفاء؛ حتى لا يَسمع بهم أحد، انطلَقوا فَرِحين مسرورين مستبشِرين، يُوصي بعضُهم بعضًا ﴿ أَنْ لاَ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴾!لآن سنجتني ثمرةَ جنتنا ونستحوذ عليها، الآن لن يشارِكَنا فيها أحد.﴿ وَغَدَوْا ﴾: انطلقوا في الصباح الباكِر ﴿ عَلَى حَرْدٍ ﴾: على جِدٍّ وحرْص وتعمُّدٍ لحِرْمان الفقراء والمساكين.
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا ﴾: لمَّا سلكوا الطريقَ، طريق جنَّتهم، ووجدوها قد حلَّ بها ما حلّ، ونزل بها ما نزل، ظَنُّوا أنهم أخطَؤوا الطريق، وأنَّ هذه الجنة ليست بجنتهم.﴿ قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴾: إنا لتائهون، لقد أخطأنا الطريق، ولكنَّهم أعادوا النظر وأعادوا، فإذا بالطريق هو الطريق، وإذا بالجنة هي جنَّتُهم وقد احترقَتْ، وقد حلَّ بها ما حلّ.
فاستفاقوا فقالوا: ﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾: فالجنة جنتنا، ولكنَّا حُرِمنا لِعَزمنا على حرمان الفقراء المساكين، فالجزاء مِن جنس العمل.
نعم، ﴿ وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ ﴿ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ﴾ فحينئذٍ ﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ ﴾ تكلَّم العاقل فيهم الذي نصَحَهم في بداية الأمر، ولكنَّهم لم يستجيبوا له، فقال مذكِّرًا: ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾: ألم أذكِّرْكم من قَبل بقولي لكم: ﴿ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾: هلاَّ قُلتم: "إن شاء الله".ألم أقلْ لكم: اتَّقوا عذاب الله، ألم أقلْ: لا تحرموا الفقراء والمساكين من حقِّهم، ألم أقل لكم: تَصدَّقوا على الفقراء كما كان يفعل أبونا؟!وحينئذٍ عرَفوا أنَّ أباهم كان يَحمي أموالهم بالصَّدقات على الفقراء والمساكين، وعرَفوا أنَّ الله بارك لأبيهم في هذه الجنة؛ لإخراجه حقَّ الفقراء، وهم بسبب بُخْلهم ومَنْعهم حقَّ الفقراء والمساكين، عاقَبهم الله - تعالى - بهذه العقوبة. فراح بعضهم يَلوم بعضًا: أنت الذي كنتَ صاحبَ هذه الفِكرة، والآخَر يقول: وأنت الذي وافقتَ عليها، والثالث يقول: وأنتَ الذي شجَّعْتنا عليها.﴿ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ * كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ واللهِ، إنها قصَّة تستحقُّ التأمُّل والتدبُّر، فالله - تعالى - أراد مِن خلال هذه القِصَّة أن يقول: يا أهل قريش، مثلما جرَى العذاب على أصحاب الجنة، سيَجري عليكم، وعلى كلِّ أمَّة من الأمم تتكبَّر وتَمنع حقوق الفقراء والمساكين - سيكون مَصِيرها كمصير أصحاب الجنَّة، هكذا يعاقِب الله - عزَّ وجلَّ - مَن بَخِل واستغنى، وكلَّ مَن أضمر الشرَّ ونوى السوء.
أخوة الإسلام أروي لكم هذه القصَّة في هذه الجمُعةِ؛ لأذكِّر الأغنياء بحقوق الفقراء والمساكين، لأذكِّر الأغنياء أنَّنا نعيش في ايام البرد تذكروا في هذا البرد أحوال الفقراء والمعدمين من إخوانكم؛ فإنهم لا يجدون كساء يحمي أجسادهم، ولا فراشا يقيهم صقيع الأرض، ولا طعاما يُقوِّي عودهم على البرد، ولا يملكون وسائل للتدفئة، ومنهم مَنْ في بيوتهم مداخلُ ومخارج للهواء البارد من قلة ذات اليد، ومنهم من يسكنون صفيحا يجمدهم وأسرهم وأولادهم, وتذكروا أن الراحمين يرحمهم الرحمن.
ما أجمل أن تذهب لوحدك أو مع أولادك أو أصحابك, وتشتري لوازم للتدفئة من ملابس شتوية أو بطانيات أو مدافئ, ثم تتلمس حاجات المحتاجين, من جيرانك أو ممن يسكن الأحياء الفقيرة, أو من العمالة الوافدة الذين لا يجد بعضهم بطانية يستدفئ بها, افعل ذلك, وأعطهم بنفسك, سلمهم صدقتك بيدك, واحتسب أجرها عند ربك, وستجد أثرها في قلبك..
اذهب إلى خزانة ملابسك وابحث عن ملابس الشتاء التي لم تعد أنت أو أهلك بحاجة إليها, وهي بحالة جيدة, وأخرجها من بطون الخزائن إلى ظهور المحتاجين.ابحث بنفسك عن المحتاجين, واسألهم عن فواتير الكهرباء, وحاول أن تتكفل بسداد كامل قيمة هذه الفواتير أو جزء منها, فالحاجة إلى التدفئة بالأجهزة الكهربائية في شدة الشتاء لا تقل عن الحاجة للمكيفات في فصل الصيف. للفقراء علينا حقٌ دائم، ويتأكد هذا الحق في الأزمات والملمّات، وفي النكبات والصعوبات، ومن ذلك أن نرحمهم ونعطف عليهم مع برد الشتاء،
هل سمعتَ برجل تَدعو عليه الملائكةُ كلَّ صباح ومساء؟ وبماذا تدعو عليه؟ تدعو عليه بتَلَف ماله، ولماذا؟ لأنَّه لم يُخرِج زكاةَ ماله، ولم يُنفِق منه في سبيل الله. اجعلْ في بالك تلك الساعةَ التي ستفارق فيها الدُّنيا، وستترك أموالك كلَّها، وستتمنَّى ساعتَها لو ترجع إلى الدُّنيا؛ مِن أجْل أن تفعل صالحاً وأن تتصدَّق في سبيل الله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاَ أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ بارك الله لي ولكم بما فيه من الىيات والذكر الحكيم ونفعني وإياكم بهدي خير المرسلين أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية: الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله وأطيعوه (وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ)

قصَّة أصحاب الجنة ما هي إلا رسالة من الله - تعالى - يُذكِّر الناس فيها: إنَّ كلَّ مَن ينفق مالَه في سبيل الله، ويعطي حقَّ الفقراء والمساكين، فإنَّ الله سيبارك له في ماله ونفسه وعِياله، كما فعَل مع الرجل الصالح صاحبِ الجنة.وإنَّ كل أمَّة تَمنع الزكاة، وكلَّ غنِيٍّ يَبخل بأمواله عن الفقراء، وكل مَن يتفَنَّن في الهروب مِن إخراج الزكاة، فعقوبتُه الهلاك والدَّمار، وضياعُ المال - كما حصل لأصحاب الجنة.




المشاهدات 2410 | التعليقات 0