قِصَّتَانِ عَنِ الشَّيْخِ الْعُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ 3 رَجَب 1438هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1438/07/01 - 2017/03/29 19:08PM
قِصَّتَانِ عَنِ الشَّيْخِ الْعُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ 3 رَجَب 1438هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي أَنَارَ بِصَائِرَ أُولِي النُّهَى بِهَدْيِ كِتَابِهِ الْمُبِين، وَأَضَاءَ جَنَبَاتِ نُفُوسِهِمْ بِسُنَّةِ خَاتَمِ النَّبِيِّين، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، حَذَّرَ أُولِي الْأَلْبَابِ مِنَ التَّرَدِّي فِي ظُلْمِ النَّفْسِ أَوْ ظُلْمِ أَحَدٍ مِنَ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِين، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُه، أَوْضَحَ مَعَالِمَ الطَّرِيقِ لِلسَّالِكِين، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ رُؤُوفًا رَحِيمًا بِالْمُؤْمِنِين، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّاهِرِينَ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَيُثِيبَ عَلَى أَدَائِهَا, وَأَنَّهُ يُحِبُّ مَنْ يَنْصَحُ لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَلا يَغُشُّهُم وَلا يَخُونُهُم, وَهَكَذَا كَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُونَ, رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
وَقَدْ وَفَّى الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِهَذَا وَنَصَحُوا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَغُشُّوهُمْ وَلَمْ يَخْدَعُوهُمْ , وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عِنْدَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةً عَجِيبَةً تُعَدُّ مَنْقَبَةً لِجَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, اخْتِصَارُهَا : أَنَّ جَرِيرًا أَمَرَ مَوْلَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فَاشْتَرَى بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجَاءَ بِهِ وَبِصَاحِبِهِ لِيَنْقُدَهُ الثَّمَنَ, فَقَالَ جَرِيرٌ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ: فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ, أَتَبِيعُهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ: ذَلِكَ إِلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ, فَقَالَ : فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ أَتَبِيعُهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ؟ ثُمَّ لَمْ يَزُلْ يَزِيدُهُ مِائَةً فَمِائَةً وَصَاحِبُهُ يَرْضَى وَجَرِيرٌ يَقُولُ فَرَسُكَ خَيْرٌ إِلَى أَنْ بَلَغَ ثَمَانمِائَةِ دِرْهَمٍ, فَاشْتَرَاهُ بِهَا, فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : إِنِّي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَيُثِيبَ عَلَى أَدَائِهَا, وَأَنَّهُ يُحِبُّ مَنْ يَنْصَحُ لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَلا يَغُشُّهُم وَلا يَخُونُهُم, وَهَكَذَا كَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُونَ, رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
وَقَدْ وَفَّى الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِهَذَا وَنَصَحُوا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَغُشُّوهُمْ وَلَمْ يَخْدَعُوهُمْ , وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عِنْدَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ قِصَّةً عَجِيبَةً تُعَدُّ مَنْقَبَةً لِجَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, اخْتِصَارُهَا : أَنَّ جَرِيرًا أَمَرَ مَوْلَاهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا فَاشْتَرَى بِثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجَاءَ بِهِ وَبِصَاحِبِهِ لِيَنْقُدَهُ الثَّمَنَ, فَقَالَ جَرِيرٌ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ: فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ, أَتَبِيعُهُ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ: ذَلِكَ إِلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ, فَقَالَ : فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ أَتَبِيعُهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ؟ ثُمَّ لَمْ يَزُلْ يَزِيدُهُ مِائَةً فَمِائَةً وَصَاحِبُهُ يَرْضَى وَجَرِيرٌ يَقُولُ فَرَسُكَ خَيْرٌ إِلَى أَنْ بَلَغَ ثَمَانمِائَةِ دِرْهَمٍ, فَاشْتَرَاهُ بِهَا, فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : إِنِّي بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
اللهُ أَكْبَرُ ! تَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هَذَا الْعَمَلَ وَهَذَا النُّصْحَ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَارِنُوهُ بِحَالِنَا الْيَوْمَ , فَمَاذَا نَقُولُ ؟ وَبِمَاذَا نُعَبِّرُ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ, بَعْضُ النَّاسِ يَعْتَبِرُ مِثْلَ هَذَا خَوَرَاً أَوْ أَنَّهُ غَبَاءً , وَيَعْتَبِرُ أَكْلَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالطُّرُقِ الْمُلْتَوِيَةِ شَطَارَةً وَذَكَاءً, أَفَلَا نَتَّقِي اللهَ وَنُعَامِلُ النَّاسَ كَمَا نُحِبُّ أَنْ يُعَامِلُونَا ؟
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اسْتَمِعُوا لِهَذِهِ الْقِصَّةِ لِعَالِمٍ كَبِيرٍ تُوُفِّي قَرِيبَاً, جَعَلَ اللهُ لَهُ الْقَبُولَ فِي الْأَرْضِ, وَلَعَلَّ مِنْ أَسَباِبِ ذَلِكَ صِدْقَهُ وَوَرَعَهُ وَخَوْفَهُ مِنَ اللهِ, مَعَ مَا أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ الْعِلْمِ الْوَاسِعِ, أَلَا إِنَّهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ الْعُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ, قَالَ أَحَدُ طُلَّابِهِ (1) كُنْتُ أَقُدِّمُ لِشَيْخِنَا رَحِمَهُ اللهُ مُحَاضَرَةً فِي إِحْدَى كُلِّيَّاتِ الْبَنَاتِ, فَأَحْضَرْتُ مَعِي الْقَهْوَةَ وَقَلِيلاً مِنَ الرُّطَبِ لِكَيْ أُقَدِّمَهُ لِلشَّيْخِ رَيْثَمَا تَتَهَيَّأ الطَّالِبَاتُ فِي الصَّالاتِ الدَّاخِلِيَّةِ لِلْمُحَاضَرَةِ, وَأنَا وَالشَّيْخُ فِي غُرْفَةٍ خَارِجِيَّةِ لِتَقْدِيمِ الْمُحَاضَرَةِ عَنْ طَرِيقِ مُكَبِّرِ الصَّوْتِ, فَتَنَاوَلَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ الْقَهْوَةَ وَأَكَلَ بَعْضَ الرُّطَبَاتِ, ثُمَّ سَأَلَنِي مُتَعَجِّبَاً مِنْ وُجُودِ الرُّطَبِ فِي هَذَا الْوَقْتِ, فَقَالَ : مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ بِالرُّطُبَ يَا فُلَان؟ هَلْ مِنْ مَزْرَعَتِكُمْ ؟ قُلْتُ : لا , قَالَ : اشْتَرَيْتَهُ مِنَ السُّوقِ ؟ قُلْتُ : لا , قَالَ : مِنْ أَيْنَ إِذَنْ ؟ قُلْتُ : يَا شَيْخَنَا عِنْدَنَا فِي سُورِ الْمَسْجِدِ نَخْلَةٌ أَخَذْتُهُ مِنْهَا ! فَلَمَا سَمِعَ الشَّيْخُ جَوَابِي اسْتَاءَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَاسْتَرْجَعَ, وَقَالَ لِي : اللهُ يْهَدِيكَ يَا فُلان , تُعْطِينِي مِنْ نَخْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ لَكَ وَلا لِي ! وَصَارَ يَلُومُنِي , حَتَّى تَمَّنَيْتُ أَنِّي لَمْ أُحْضِرِ الْقَهْوَةَ ... ثُمَّ لَمْ يَهْدَأِ الشَّيْخُ حَتَّى أَخْرَجَ مِنْ جَيْبِهِ عِشْرِينَ أَوْ ثَلاثِينَ رِيَالاً وَقَالَ : اجْعَلْهَا فِي الْمَسْجِدِ بَدَلَ الرُّطَبَاتِ التِي أَكَلْتُهَا مِنْ نَخْلَةِ الْمَسْجِدِ ... فَتَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ هَذَا الْوَرَعَ وَهَذَا التَّوَقِّي مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مَا لَيْسَ لَهُ , فَأَيْنَ هَذَا الْيَوْمَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ ؟
وَأَمَّا الْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ عَنْ وَرَعِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللهُ : فَقَدْ رَوَاهَا أَحَدُ مُحِبِّيهِ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي جَامِعَةِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ سُعُودٍ فِي الْقَصِيمِ, وَكَانَ الشَّيْخُ مُتَوَاجِدَاً فِيهَا, وَغَالِبُ الْمُحَاضِرِينَ وَالْأَسَاتِذَةُ مِنْ طُلَّابِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللهُ, فَطَلَبُوا مِنَ الشَّيْخِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ بَعْضَ الْأَوْرَاقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَمَلِ الْجَامِعَةِ, فَطَلَبَ مِنْهُمْ حِبْرَاً لِيُعَبِئَ قَلَمَهُ , وَكَانَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ يَسْتَعْمِلُ قَلَمَاً أَسْوَدَ يَحْتَاجُ لِلتَّعْبِئَةِ بِشَكْلٍ مُسْتَمِرٍّ – خِلَافَاً لِأَكْثَرِ أَقْلَامِ النَّاسِ الْيَوْمَ الْحِبْرُ فِيهَا جَاهِزٌ – فَأَحْضَرُوا لَهُ قِنِّينَةً فِيهَا حِبْرٌ فَعَبَّأَ قَلَمَهُ, ثُمَّ لَمَّا انْتَهَى طَلَبَ قِنِّينَةَ الْحِبْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً, فَظَنَّ بَعْضُهْمْ أَنَّ الشَّيْخَ رَحِمَهُ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُعَبِّئَ قَلَمَهُ لِأَنَّ الْحِبْرَ انْتَهَى فِيهِ, لَكِنَّهُمْ تَفَاجَأُوا أَنَّ الشَّيْخَ صَارَ يَضْغَطُ عَلَى قَلَمِهِ وَيُهُزُّهُ لِيَخْرُجَ مَا فِيهِ مِنَ الْحِبْرِ, لِأَنَّهُ حِبْرُ الْجَامِعَةِ وَلا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ الْخَاصَّةِ !
فَهَلْ نَحْنُ نَتَعَامَلُ هَكَذَا الْيَوْمَ مَعَ الْحَاجَاتِ الْخَاصَّةِ بِالدَّوَائِرِ الْحُكُومِيَّةِ أَوِ الْمَدَارِسِ أَوِ الْمُؤَسَّسَاتِ ؟ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَتَأَمَّلُ نَفْسَهُ.
أَيّهَا الْمُسْلِمُ : إِنَّكَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى وَظِيفَتِكَ, وَمُطَالَبٌ بِالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ, فَأَنْتَ تَأْخُذُ رَاتِبَاً مُقَابِلَ دَوَامِكَ, فَلا تَتَأَخَّرْ عَنِ الْحُضُورِ أَوْ تَخْرُجْ قَبْلَ وَقْتِ الانْصِرَافِ, أَوْ تُقَصِّرْ أَثْنَاءَ الدَّوَامِ فِي مُهَمِّتِكَ , فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّ رَاتِبَكَ يَحْرُمُ عَلَيْكَ مِنْهُ قَدْرَ مَا قَصَّرْتَ فِي الْعَمَلِ.
أَيُّهَا الْمُوَظَّفُ : إِنَّ تَلاعُبَ مُدِيرِكَ أَوْ رَئِيسِكَ فِي الْعَمَلِ لا يُبَرِّرُ لَكَ الانْفِلَاتَ أَوْ عَدَمَ الانْضِبَاطِ, فَأَنْتَ مَسْؤُولٌ أَمَامَ اللهِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ, وَوَاجِبُكَ إِذَا قَصَّرَ مُدِيرُكَ أَوْ تَلَاعَبَ أَنْ تُنَاصِحَهُ بِقَدْرِ اسْتِطَاعَتِكَ, وَلَيْسَ أَنْ تَتَّخِذَ تَقْصِيرَهُ عُذْرَاً لِتَتَلَاعَبَ وَتَخْرُجَ مِنَ الدَّوَامِ, هَذَا خَطَرٌ عَلَيْنَا جَمِيعَاً, قَالَ اللهُ تَعَالَى (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ), وَفِي الْأَثَرِ: لا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هَلَكَ كَيْفَ هَلَكَ وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى مَنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا !
إِنَّ كَثِيرَاً مِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ يَتَعَاوَنُونَ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ, وَيَلُومُ بَعْضُهُمْ بَعْضَاً عَلَى الصِّدْقِ, فَكَثِيرٌ مِنَ الْمُوَظَّفِينَ –وَيَا أَسْفَاهُ – يَتَأَخَّرُ عَنِ الدَّوَامِ ثُمَّ إِذَا وَقَّعَ كَتَبَ الْوَقْتَ كَذِبَاً, فَلَوْ كَانَ مُطَالَبَاً بِالْحُضُورِ السَّاعَةِ السَّابِعَةِ وَجَاءَ السَّاعَةَ السَّابِعَةَ وَالرُّبْعَ , كَتَبَهَا السَّابِعَةَ, وَهَذَا كَذِبٌ وَتَزْوِيرٌ, وَيَا حَسْرَتَا أَنْ يَقَعَ هَذَا مِنْ مْسْلِمٍ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ, وَلَمَّا اسْتُحْدِثَتِ الدَّوَائِرُ التَّوْقِيعَ الالِكْتُرُونِي بِالْبَصْمَةِ صَارَ يَحْضُرُ وَيَبْصُمُ ثُمَّ يَخْرُجُ وَلا يَرْجِعُ إِلَّا آخِرَ الدَّوَامِ لِيَبْصُمَ وَكَأَنَّهُ قَدْ حَضَرَ يَوْمَهُ, وَهُوَ خَائِنٌ لِلْأَمَانَةِ كَاذِبٌ فِي دَوَامِهِ مُتَلَاعِبٌ بِوَظِيفَتِهِ, فَأَيْنَ الْوَرَعَ وَالْأَمَانَةُ , أَفَلَا نَتَّقِي اللهَ وَنَخَافَ سَطْوَتَهُ وَعِقَابَهُ ؟ هَلْ أَمِنْتَ أَيُّهَا الْمُتَلَاعِبُ أَنْ يَبْتَلِيَكَ اللهُ فِي نَفْسِكَ بِالْأَمْرَاضِ أَوْ فِي أَهْلِكَ, أَوْ يُسَلِّطَ اللهُ عَلَيْكَ مَا يَذْهَبُ بِمَالِكَ الذِي اكْتَسَبْتَهُ بِالْحَرَامِ؟ إِنَّ هَذَا التَّلَاعُبَ يُفَسِّرُ شِكَايَةَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُوَظَّفِينَ بِعَدَمِ بَقَاءِ الرَّاتِبِ وَعَدَمِ الْبَرَكَةِ فِيهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ اكْتَسَبَهُ بِالْحَرَامِ, فَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ, أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ يَتُبْ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أُذَكِّرُكُمْ وَنَفْسِي بِاللهِ وَالْخَوْفِ مِنْهُ وَالْحَذَرِ مِنْ عِقَابِهِ, إِنَّ الدُّنْيَا زَائِلَةٌ وَإِنَّنَا سَائِرُونَ إِلَى اللهِ, وَغَدَاً نَوُاجِهُ الْحِسَابَ, قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : نَخْتِمُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَسْأَلَةٍ خَطِيرَةٍ صَارَ يَقَعُ فِيهَا بَعْضُ النَّاسِ حَتَّى مِمَّنْ هُمْ مِنَ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاحِ, أَلَا وَهِيَ كَثْرَةِ السَّفَرِ إِلَى خَارِجِ الْبِلَادِ بِقَصْدِ السِّيَاحَةِ وَالْفُرْجَةِ, وَهَذَا خَطَأٌ وَخَطَرٌ , لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْبُلْدَانِ التِي يَرْتَادُهَا النَّاسُ لِلسِّيَاحَةِ وَجُودُ الانْحِلَالِ وَكَثْرَةُ الْفِتَنِ, وَالْإِنْسَانُ لا يَأْمَنُ نَفْسَهُ, وَقَدْ يَذْهَبُ مَعَ أُنَاسٍ يَقَعُونَ فِي الْحَرَامِ ثُمَّ يَجُرُّونَهُ, فَكَمْ مِنَ النَّاسِ انْجَرَّ إِلَى الْفَوَاحِشِ , وَكَمْ مِنَ النَّاسِ وَقَعَ فِي شُرْبِ الْمُسْكِرَاتِ بِسَبَبِ هَذِهِ السَّفَرِيَّاتِ, وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) وَقَالَ تَعَالَى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا), وَقَالَ فِي الْخَمْرِ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَال) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ (عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ) أَوْ (عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه , اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا, اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا, وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين, وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
(1) هو الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله الشبل حفظه الله
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : نَخْتِمُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى مَسْأَلَةٍ خَطِيرَةٍ صَارَ يَقَعُ فِيهَا بَعْضُ النَّاسِ حَتَّى مِمَّنْ هُمْ مِنَ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاحِ, أَلَا وَهِيَ كَثْرَةِ السَّفَرِ إِلَى خَارِجِ الْبِلَادِ بِقَصْدِ السِّيَاحَةِ وَالْفُرْجَةِ, وَهَذَا خَطَأٌ وَخَطَرٌ , لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْبُلْدَانِ التِي يَرْتَادُهَا النَّاسُ لِلسِّيَاحَةِ وَجُودُ الانْحِلَالِ وَكَثْرَةُ الْفِتَنِ, وَالْإِنْسَانُ لا يَأْمَنُ نَفْسَهُ, وَقَدْ يَذْهَبُ مَعَ أُنَاسٍ يَقَعُونَ فِي الْحَرَامِ ثُمَّ يَجُرُّونَهُ, فَكَمْ مِنَ النَّاسِ انْجَرَّ إِلَى الْفَوَاحِشِ , وَكَمْ مِنَ النَّاسِ وَقَعَ فِي شُرْبِ الْمُسْكِرَاتِ بِسَبَبِ هَذِهِ السَّفَرِيَّاتِ, وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) وَقَالَ تَعَالَى (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا), وَقَالَ فِي الْخَمْرِ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَال) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ (عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ) أَوْ (عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه , اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا, اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ فِي الغَضَبِ والرِّضَا, وَنَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَنَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين, وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
(1) هو الشيخ الدكتور خالد بن عبد الله الشبل حفظه الله
المرفقات
قِصَّتَانِ عَنِ الشَّيْخِ الْعُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ 3 رَجَب 1438هـ.doc
قِصَّتَانِ عَنِ الشَّيْخِ الْعُثَيْمِين رَحِمَهُ اللهُ 3 رَجَب 1438هـ.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق