قِصَّةُ الثَّلَاثَةِ مِنْ بِنِي إِسْرَائِيلَ 20 جُمَادَى الآخِرَةِ 1444هـ
محمد بن مبارك الشرافي
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ وَانْظُرُوا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ مِنْ نِعْمَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَلِنَشْكُرَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا وَنَحْمَدُهُ ثُمَّ نَصْرِفَهَا فِي طَاعَةِ اللهِ، وَلْنَعْلَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}، فَمِمَّا يُنَافِي كَمَالَ التَّوْحِيدِ الْوَاجِبِ أَنْ يَزْعُمَ الْإِنْسَانُ اسْتِحْقَاقَهُ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ النِّعَمِ، فَكَمْ مِنَ النَّاسِ يَكْسَبُ مَالًا أَوْ يَتَفَوَّقُ فِي دِرَاسَةٍ أَوْ يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَزْهُو بِنَفْسِهِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ ذَلِكَ بِكَسْبِهِ نَفْسَهُ أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مِنَ اللهِ لَكِنَّهُ مُسْتَحِقٌ لِذَلِكَ، وَكُلُّ ذَلِكَ خَطَأٌ وَمِنْ أَسْبَابِ زَوَالِ تِلْكَ النِّعْمَةِ فِي نَفْسِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اسْمَعُوا هَذِهِ الْقِصَّةِ الْعَجِيبَةِ التِي حَصَلَتْ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ تُبَيِّنُ مَا نَحْنُ نَقْصِدُ، حَيْثُ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلاثَةٍ أُصِيبَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِعَاهَةٍ فِي الْجِسْمِ وَفَقْرٍ مِنَ الْمَالِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَخْتِبَرَهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلِيْهِمْ مَلَكًا مِنَ الْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ فَتَكَلَّمَ مَعَهُمْ وَاشْتُكُوا لَهُ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَرَضِ وَالْفَقْرِ، فَأَزَالَ اللهُ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْعَاهَاتِ وَأَدَرَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَمْوَالِ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْمَلَكَ بِهَيْئَتِهِ الْأُولَى مِنَ: الْبَرَصِ وَالْقَرَعِ وَالْعَمَى وَالْفَقْرِ, يَسْتَجْدِيهِ شَيْئًا يَسِيرًا، وَهُنَا تَكَشَّفَتْ سَرَائِرُهُمْ وَتَجَلَّتْ حَقَائِقُهُمْ، فَالْأَعْمَى اعْتَرَفَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ وَنَسَبَهَا إِلَى مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِهَا، فَأَدَّى حَقَّ اللهِ فِيهَا، فَاسْتَحَقَّ الرِّضَا مِنَ اللهِ، وَأَمَّا الآخَرَانِ فَقَدْ كَفَرَا بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِمَا وَجَحَدَا فَضْلَهُ فَاسْتَحَقَّا السَّخَطَ بِذَلِكَ، وَهَذَا بَيَّنَ حَالَ مَنْ كَفَرَ النِّعَمَ وَمَنْ شَكَرَهَا، فَانْظُرْ نَفْسَكَ مِنْ أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ (إِنَّ ثَلَاثَةً فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَبْرَصَ، وَأَقْرَعَ، وَأَعْمَى، فَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا، فَأَتَى الْأَبْرَصَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، وَيَذْهَبُ عَنِّي الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ قَذَرُهُ، وَأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وَجِلْدًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْإِبِلُ ... فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، قَالَ: فَأَتَى الْأَقْرَعَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ وَيَذْهَبُ عَنِّي هَذَا الَّذِي قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عَنْهُ، وَأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْبَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حَامِلًا، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا، قَالَ: فَأَتَى الْأَعْمَى، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: أَنْ يَرُدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرَ بِهِ النَّاسَ، قَالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إِلَيْهِ بَصَرَهُ، قَالَ: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شَاةً وَالِدًا، فَأُنْتِجَ هَذَانِ وَوَلَّدَ هَذَا, قَالَ: فَكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، قَدِ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، وَالْجِلْدَ الْحَسَنَ، وَالْمَالَ بَعِيرًا، أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي سَفَرِي، فَقَالَ: الْحُقُوقُ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ لَهُ: كَأَنِّي أَعْرِفُكَ، أَلَمْ تَكُنْ أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ؟ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللهُ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ، قَالَ: وَأَتَى الْأَقْرَعَ فِي صُورَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا، وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَى هَذَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللهُ إِلَى مَا كُنْتَ، قَالَ: وَأَتَى الْأَعْمَى فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ، انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِي الْيَوْمَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللهُ إِلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ شَيْئًا أَخَذْتَهُ لِلَّهِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ وَسُخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ) انْتَهَى الْحَدِيثُ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَفِي الْخُطْبَة ِالثَّانِيَةِ نَقِفُ مَعَ بَعْضِ الْعِبَرِ فِي الْحَدِيثِ بِإِذْنِ اللهِ.
وَلَكِنْ اعْلَمُوا أَنَّنَا فِي هَذِهِ الْبِلادِ نَتَقَلَّبُ فِي نِعَمٍ عَظِيمَةٍ، مِنَ اسْتِقَامَةٍ فِي الدِّينِ وَصِحَّةٍ فِي الْأَبْدَانِ وَأَمْنٍ فِي الْأَوْطَانِ، وَكَمِ مِنَ النَّاسِ يَتَمَنَّى بَعْضَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ، بَلْ بَعْضُهُمْ يَبْذُلُ الْأَمْوَالَ وَيَسْتَدِينُ لِشِرَاءِ الْفِيزَةِ لِيَقْدُمَ وَيَعْمَلَ عِنْدَنَا، وَيَتَمَنَّى بَعْضُهُمْ لَوْ يَسْتَقِرُّ فِي السُّعُودِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ عَمَلًا، لِمَا فِي بِلادِنَا مِنَ الْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ وَمِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ وَظُهُورِ الْخَيْرِ وَكَثْرَتِهِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ أَوَّلًا وَآخِرًا.
وَعَسَى اللهُ أَنْ يُعِينَنَا عَلَى شُكْرِ النِّعْمَةِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ لِتَدُومَ، قَالَ اللهُ تَعَالَى { اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
أَقُولَ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ يَتُبْ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوُ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
الْخُطَبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى رَسِولِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْحَدِيثَ الذِي سَمِعْنَا فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى فِيهِ عِبَرٌ وَعِظَاتٌ يَنْبَغِي أَنْ نَقِفَ عِنْدَهَا وَنَعْتَبِرَ بِهَا، فَإِنَّ هَذَا مِنْ فَوَائِدِ الْقِصَصِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ.
فَمِنَ الْعِبَرِ : أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْتَلِيَ عِبَادَهُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ تِجَاهَ السَّرَّاءِ الشَّكْرُ وَتِجَاهِ الضَّرَّاءِ الصَّبْرُ، عَنْ صُهَيْبٍ الرُّومِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رَوَاهُ مُسْلِم.
وَمِنَ الْعِبَرِ: بَيَانَ قُدْرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِإِبْرَاءِ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ وَالْأَعْمَى مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ التِي فِيهِمْ, بِمُجَرَّدِ مَسْحِ الْمَلَكِ لَهُمْ.
وَمِنْهَا: أَنَّ بَرَكَةَ اللهِ فَي الرِّزْقِ لا نِهَايَةَ لَهَا، وَلِهَذَا كَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلِهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَمِ.
وَمِنْهَا: بَيَانُ أَنَّ شُكْرَ كُلِّ نِعْمَةٍ بِحَسَبِهَا؛ فَشُكْرُ نِعْمَةِ الْمَالِ أَنْ يُبْذَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَشُكْرُ نِعْمَةِ الْعِلْمِ أَنْ يُبْذَلَ لِمَنْ سَأَلَهُ بِلِسَانِ الْحَالِ أَوِ الْمَقَالِ، وَالشُّكْرُ الْأَعَمُّ أَنْ نَقُومَ بِطَاعَةِ الْمُنْعِمِ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
وَمِنَ الْعِبَرِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ: فَضِيلَةُ الْوَرَعِ وَالزُّهْدِ، وَأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ صَاحِبَهُ إِلَى مَا تُحْمَدُ عُقْبَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى كَانَ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا؛ فَكَانَ شَاكِرًا لِنِعْمَةِ اللهِ, وَهَكَذَا يَنْبَغِي لَنَا مَعَ النِّعَمِ : أَنْ نُقِرَّ للهِ بِهَا بِقُلَوبِنَا وَنَشْكُرِ اللهَ بِأَلْسِنَتِنَا وَنَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى بِامْتِثَالِ آوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ.
وَأَمَّا الغَفْلَةُ وَالمعَاصِي وَالإِعْرَاضِ عَنِ الصَّلَاةِ وَالخَيْرِ فَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ زَوَالِ النِّعَمِ وَتَبَدُّلِ الحَالِ, وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}
اللَّهُّم اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فاَتَّبَعَ أَحْسَنَهُ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلا مُضَلِّينَ، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا ، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلامِ، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ للْهُدَى وَالرَّشَادِ ، وَجَنِّبْهُمُ الْفِتَنَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَما بَطَنْ ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن الغَلَا وَالوَبَا وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَلازِلِ وَالفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ.
المرفقات
1673453728_قِصَّةُ الثَّلَاثَةِ مِنْ بِنِي إِسْرَائِيلَ 20 جُمَادَى الآخِرَةِ 1444هـ.doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق