قصة التدخل الإيراني باليمن يكشفها قيادي بالحراك

احمد ابوبكر
1435/03/05 - 2014/01/06 06:11AM
كشف القيادي بـالحراك اليمني الجنوبي عبد الفتاح جماجم عن تدخل إيراني كبير في الشأن اليمني، وفي حين أكد أن إيران لا تريد دعم الحراك "لاستعادة دولتنا وإنما لفرض سيطرتها على الجنوب" أوضح أن أطرافا داخل الحراك على تعاون وثيق مع إيران.

ويتحدث جماجم -العائد من طهران قبل ثلاث سنوات- للجزيرة نت عن مخاوف لديه من أن يؤدي استمرار التدخل المتصاعد في الاستقطاب السياسي لأنصار فصائل الحراك الجنوبي إلى تأجيج حالة الصراع والانقسامات في الجنوب، وبالتالي تحويل المنطقة إلى حلبة صراع داخلية لصالح قوى إقليمية.

ويعيش جماجم، وهو شاب متدين في العقد الرابع من العمر، مع أسرته في بلدة كريتر بمدينة عدن جنوب اليمن، ويلتف حوله الكثير من أنصار الحراك الجنوبي والذين يلقبونه بـ"غيفارا جنوب اليمن".

ويقود الناشط الجنوبي الاحتجاجات والمظاهرات منذ بداية انطلاقة الحراك الجنوبي في جنوب اليمن عام 2007 أثناء حكم الرئيس المخلوع على عبد الله صالح، تعرض خلالها للاعتقال والسجن سبع مرات ولأقسى أنواع التعذيب كما يقول.

وسيط يمني

وأوضح أن زيارته لإيران كانت بعد أسابيع من خروجه من آخر اعتقال تعرض له في يوليو/تموز 2011، وكانت عبر وسيط يمني مكلف من رجل قال إنه من دولة صديقة تعرف بدعمها للثورات.

وأضاف أن "الوسيط من أبناء عدن عرض علي الفكرة قائلا إن ثورتنا تحتاج إلى دعم دولي بالمال والسلاح من أجل إخراج الاحتلال اليمني وتحرير الجنوب وأن هناك دولة مستعدة لدعمنا وكانت هذه الدولة هي إيران".

وقرر جماجم عرض الفكرة على أصدقائه، وفي بداية الأمر عارض البعض من منظور ديني على اعتبار أن إيران دولة شيعية وأن هذا الأمر قد يغضب الكثير من الجنوبيين عوضاً عن كونه سيخلق عداء ومشكلات كثيرة مع دول سنية مجاورة في الخليج، لكن قراره الحاسم بالموافقة جاء خشية أن تذهب مجموعات أخرى "دون أن ندري علام اتفقوا".

ويقول في هذا الإطار "جرى الاتفاق بيننا على أن يكون الهدف من سفري إلى إيران هو تحريك المياه الراكدة من خلال الاطلاع على ما يريده الإيرانيون ومن ثم العودة لإعلان هذا الأمر وإطلاع دول الجوار وتحديداً السعودية بأن الجنوب سيصبح خطراً عليها إن لم تتول هي دعم مطلبنا بالانفصال".

وبكلمات تحسر، تحدث جماجم: كان لهذه الخطة أن تنجح لولا أن القادة الجنوبيين الذين ذهبوا حينها للتفاوض مع أمراء الخليج جعلوا من هذه القضية هدف لتحقيق مصالح شخصية لهم فقط وليس من أجل تحقيق الهدف الرئيس بالتحرير والاستقلال الذي يناضل من أجله الشعب الجنوبي.

حزم جماجم أمره بالسفر برفقة ثمانية من نشطاء الحراك الجنوبي بينهم أربع نساء، غادروا جميعاً عدن إلى صنعاء وفي اليوم التالي إلى سوريا حيث التقوا هناك بمسؤولين من السفارة الإيرانية بدمشق.

خيار الفدرالية

وأكد أنه في اللقاء الأول أبدى الإيرانيون استعدادهم لتقديم الدعم المالي مقابل تبني خيار الفدرالية والانحياز خلف الرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد، في محاولة على ما يبدو لجس نبض ميولهم، لكن جماجم قابل هذا الأمر بالرفض مطالباً بدعم من أجل استقلال وتحرير الجنوب.

وسأل الإيرانيون عن التيار الأقوى في الجنوب، فرد جماجم بأن تيار الرئيس الجنوبي الأسبق على ناصر كان هو الأقوى لكنه تراجع شعبوياً بعد أن تبنى خيار الفدرالية وأصبح تيار الرئيس الجنوبي السابق علي سالم البيض المطالب بالاستقلال هو الأقوى.

ويكمل جماجم "في اليوم التالي للقاء حضر شخص من طرف السفارة الإيرانية وطلب منا الاستعداد للسفر إلى إيران مع مجموعة أخرى من اليمنيين" كانت قد وصلت دمشق في وقت سابق.

وتابع "غادرنا دمشق دون جوازات أو تأشيرات، وإنما ببطاقات خاصة صرفت لنا من السفارة، وكان برفقتنا مسؤول إيراني يبدو أنه من المخابرات، وهو الذي قام بإجراء كل المعاملات لنا، ولم يكن هناك أي شخص آخر على متن الطائرة سوانا".

وفي طهران، أقاموا أربعة أيام تولى فريق إيراني تنظيم رحلات للمجموعة إلى مدينة قم ومقر إقامة الخميني وبعض الزيارات الأخرى للحدائق والمناطق الأثرية، قبل أن يجري ترتيب لقاءات لهم بمسؤولين إيرانيين.

دعم مشروط

ويوضح جماجم أن تلك اللقاءات كانت انفرادية وأنه لم يعلم ما تم خلالها من حديث مع باقي زملائه من أفراد المجموعة، غير ما أخبر به من أنهم وافقوا على دعمهم بالمال والسلاح لتحقيق مطالبهم بالتحرير والاستقلال مشترطين إشراف عبد الملك الحوثي زعيم جماعة الحوثي الشيعية باليمن على هذا الدعم.

وأضاف جماجم أن المسؤول الإيراني قال إنهم "يخشون دعمنا ونحن غير متفقين على قيادة واحدة، وإن دعموا طرفا فإن دولا أخرى في الخليج ستدعم طرفا آخر وسيشعلون نار الفتنة".

وتابع "كان ردي له أن أمر الفتنة أو القتال الداخلي محتوم لأنه لا يمكن لطرف أقوى أن يرضخ لطرف أقل قوة منه، وإننا لسنا بصدد أن نكون أعداء مع دول الجوار أو إيران وإنما نريد فقط تحرير واستعادة دولتنا في الجنوب".

وأضاف أنه رفض شرط إشراف الحوثي على هذا الدعم، مبرراً ذلك بالقول "ليس لأني متدين فقط ولكن لأني أيضا سياسي ووطني، ففي حال قبلنا الدعم الإيراني مقابل الوصاية سنكون تابعين ولن نتمكن من تحقيق هدف تحرير واستقلال الجنوب".

وعن حقيقة أهداف الإيرانيين في جنوب اليمن، قال إنهم "لا يريدون دعمنا لاستعادة دولتنا وإنما لفرض سيطرتهم على الجنوب لأن لديهم توقعات بأن جماعة الحوثي الموالية لهم في شمال اليمن سيتوسع نفوذها مثلما توسع حزب الله في لبنان".

وأشار إلى أن هناك كثيرا من أنصار وقيادات الحراك الجنوبي من أذعن ورضخ لهذا الشرط وقبل بالتبعية لهم، الأمر الذي اعتبره سبباً رئيسياً في تزايد الصراع وتعميق الانقسامات داخل فصائل الحراك الجنوبي.

وأضاف "في ظل هذا التدخل والارتهان للخارج لن نحقق شيئاً سوى المزيد من الصراعات والفشل، وأرى أن ضمانات النجاح لاستعادة دولة الجنوب العربي لن تكون سوى في وحدة الشعب الجنوبي".
المشاهدات 991 | التعليقات 0