قتل زوجته ,,, وهو غاضب .. خطبة جمعة 26/3/1434
إبراهيم بن سلطان العريفان
1434/03/27 - 2013/02/08 05:10AM
قرأت خبر في موقع سبق الإخبارية بعنوان
في مكة .. خلاف بين زوجين ينتهي بمقتل الزوجة ودهس الزوج
فجاءت في خاطري أن أتحدث عن الغضب
خطبة الجمعة 26/3/1434هـ
الحمد لله رب العالمين، أمر عباده بالتسلح بالعلم، والتخلق بخُلُق الحلم، والعيش في ظلال الأمن والسِلْم، أحمده سبحانه بما هو له أهل من الحمد وأثني عليه، وأومن به وأتوكل عليه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، حثنا على حسن الأقوال والأفعال، ونهانا عن الغضب وسرعة الانفعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، أكثر الناس صبرًا، وأوسعهم صدرًا، وأغزرهم علمًا، وأعظمهم حِلْمًا، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه وعلى كل من اهتدى بهديه واستنَّ بسنته إلى يوم الدين.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة ... بالأمس – يوم الخميس - وقت العصر حصل خلاف بين الزوجين، انتهي بمقتل الزوجة ودهس الزوج .. بعد زيارة أقاربهما، وأثناء عودتهما لمنزلهما حصل خلاف بينهما؛ فقام الزوج بإخراج سكين، وطعن زوجته طعنات عدة في صدرها، كانت إحداها قاتلة، فأوقف الزوج سيارته وهو في حالة هستيرية تاركاً زوجته مضجرة في الدماء، وأثناء هروبه وقطع الشارع تعرض لحادث دهس. ونُقلت جثة المرأة لثلاجة الوفيات.
عباد الله ... إن الإنسان إذا أفرط في الغضب وغالى فيه وقع في الحال المذموم، وكان لغضبه نتائج وخيمة، وعواقب أليمة، كيف لا يكون كذلك وهو يوقع صاحبه في المآسي والمهالك !! إن الغضب مدخل من مداخل الشيطان الكبرى، ومكيدة من مكائده العظمى، إذا تمكن الشيطان من زرع بذور الغضب في قلب الإنسان أهاجه وأثاره، فزاد نار الغضب اشتعالاً وحرارةَ، فلربما خرج الغضبان تحت تأثير غضيه الشديد عن هدي الإسلام وطريقه الرشيد، عن سليمان بن صرد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إني لأعلم كلمة لو قالها ، لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فقالوا للرجل : ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني لست بمجنون. إن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في ذلك الوقت وقاية، وحصن وحماية، يقول الله تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ).
فالغضب هو ثورانٌ في النفس يحملها على الرغبة في البطش و الانتقام، لذا فإن الغضب جماع كل شر، والحذر منه جماع كل خير، جاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أوصني !! قال ( لا تغضب ) فردد ذلك مرارًا كل ذلك يقول ( لا تغضب ) قال الرجل : ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإذا الغضب يجمع الشر كله.
الغضب خُلُق عدواني مدمّر، وغالب الشرور والفتن والثارات والأحقاد من الغضب، وسفك النفس المعصومة إنما جاء بعد الغضب، والضرب والشتم واللعن هي ثمرة الغضب، والحرب والقطيعة والكيد والمكر من نبات الغضب.
فيا لله ما أسوأ الغضب وما أبشعه وما أمرّه! وإذا استولى الغضب على الإنسان شلَّ أخلاقه وأفسد ذوقه وأذهب مهابته وحلاوته وصار مكروهاً ممقوتاً مسخوطاً عليه مغضوباً عليه من الله ثم من الناس.
عباد الله ... إن شدة الغضب تسوق بالإنسان إلى مواطن الزلل والعطب، فيقول ما لا يعلم، ويفعل ما يورث الندم. فالشديد من يملك نفسه عند الغضب، ويجاهد على ترك الغضب، لأن الغضب إذا ملك الإنسان أصبح كالآمر الناهي للإنسان.
لا تغضب أيها الإنسان فإن مَنْ كفَّ غضبه كفَّ الله عنه عذابه، فهنيئاً للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. لا تغضب أيها الإنسان على أحد؛ لأن بيننا أخوّة من أمٍّ وأبٍ وابتلينا بحياة النكد والكد والكبد، فلا تزدها غمّاً وهمّاً وغضباً فما فيها يكفيها. وتذكر دائمًا قول الله ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ).
أقول ما تسمعون، ,استغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يأمر الغضبان أن يسكت إذا غضب، وأن يجلس إذا كان قائماً، ويتوضأ ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
فإن من عظمة الإسلام وكماله أن بيَّنت طرق الوقاية من الغضب ، وكيفية علاجه ، بطرقٍ مختلفة ، ووسائل متنوعة منها :
الاستعاذة بالله العظيم من الشيطان الرجيم عملاً بقوله تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه ) فالإنسان الغاضب عندما يستعيذ بالله تعالى من الشيطان إنما يعتصم بعظمة الله تعالى ويلوذ بها.
وعلى الغاضب التزام الصمت وعدم الكلام خشية وقوعه في ما لا تُحمد عُقباه من بذيء اللفظ وسيئ الكلام، ولهذا كان سكوت الغاضب و تركه للكلام علاجاً مناسباً للغضب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) قالها ثلاثاً.
ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للغاضب ، أنه قال عليه الصلاة والسلام ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) .
وعلى الإنسان أن يتذكر ما أعد الله للمتقين الذين يتجنبون أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب ولك الجنة ) وقال ( ومن كظم غيظاً ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة ) وقال ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء ) أليست هذه فضائل ومكارم تدعونا إلى تجنب الغضب وكظم الغيظ .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ).
عباد الله ... لقد مدح الله عباده المؤمنين وأثنى عليهم في كتابه ، وذكر من أوصافهم بأنهم ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، فهؤلاء من حسن أخلاقهم وجميل صفاتهم وأفعالهم أنهم ( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ )
ولا تنسوا الداء – يا عباد الله - فهذا سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من الشرور والآفات والأخلاق الرديئة ، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو الظلم بسبب الغضب ، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي ، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيماً لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرّ ة ولا فتنة مضلّة الله زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين )
وفي الختام ... هذا هو الغضب ، وتلك بعض آثاره ومضاره الخطيرة على الفرد والمجتمع ، وهذه طرق علاجه ووسائل الوقاية منه، وِفْق ما بيَّنه معلم البشرية وأُستاذ الإنسانية الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في تربيته النبوية التي اختصرت ذلك كله في وصيةٍ تربويةٍ واحدةٍ معجزةٍ ، نطق بها الفم الشريف قائلاً لمن طلبها ( لا تغضب ) فكانت بحق وصيةً تربويةً موجزةً في مبناها ، معجزةً في معناها لأنها جمعت في كلمةٍ واحدةٍ بين خيري الدنيا والآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد ....
أخوكم
خطيب جامع أبي عائشة
السعودية - محافظة الخبر - حي الثقبة
في مكة .. خلاف بين زوجين ينتهي بمقتل الزوجة ودهس الزوج
فجاءت في خاطري أن أتحدث عن الغضب
خطبة الجمعة 26/3/1434هـ
الحمد لله رب العالمين، أمر عباده بالتسلح بالعلم، والتخلق بخُلُق الحلم، والعيش في ظلال الأمن والسِلْم، أحمده سبحانه بما هو له أهل من الحمد وأثني عليه، وأومن به وأتوكل عليه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، حثنا على حسن الأقوال والأفعال، ونهانا عن الغضب وسرعة الانفعال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، أكثر الناس صبرًا، وأوسعهم صدرًا، وأغزرهم علمًا، وأعظمهم حِلْمًا، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه وعلى كل من اهتدى بهديه واستنَّ بسنته إلى يوم الدين.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة ... بالأمس – يوم الخميس - وقت العصر حصل خلاف بين الزوجين، انتهي بمقتل الزوجة ودهس الزوج .. بعد زيارة أقاربهما، وأثناء عودتهما لمنزلهما حصل خلاف بينهما؛ فقام الزوج بإخراج سكين، وطعن زوجته طعنات عدة في صدرها، كانت إحداها قاتلة، فأوقف الزوج سيارته وهو في حالة هستيرية تاركاً زوجته مضجرة في الدماء، وأثناء هروبه وقطع الشارع تعرض لحادث دهس. ونُقلت جثة المرأة لثلاجة الوفيات.
عباد الله ... إن الإنسان إذا أفرط في الغضب وغالى فيه وقع في الحال المذموم، وكان لغضبه نتائج وخيمة، وعواقب أليمة، كيف لا يكون كذلك وهو يوقع صاحبه في المآسي والمهالك !! إن الغضب مدخل من مداخل الشيطان الكبرى، ومكيدة من مكائده العظمى، إذا تمكن الشيطان من زرع بذور الغضب في قلب الإنسان أهاجه وأثاره، فزاد نار الغضب اشتعالاً وحرارةَ، فلربما خرج الغضبان تحت تأثير غضيه الشديد عن هدي الإسلام وطريقه الرشيد، عن سليمان بن صرد قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوس ، وأحدهما يسب صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إني لأعلم كلمة لو قالها ، لذهب عنه ما يجد ، لو قال : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فقالوا للرجل : ألا تسمع ما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني لست بمجنون. إن الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في ذلك الوقت وقاية، وحصن وحماية، يقول الله تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ).
فالغضب هو ثورانٌ في النفس يحملها على الرغبة في البطش و الانتقام، لذا فإن الغضب جماع كل شر، والحذر منه جماع كل خير، جاء رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أوصني !! قال ( لا تغضب ) فردد ذلك مرارًا كل ذلك يقول ( لا تغضب ) قال الرجل : ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ، فإذا الغضب يجمع الشر كله.
الغضب خُلُق عدواني مدمّر، وغالب الشرور والفتن والثارات والأحقاد من الغضب، وسفك النفس المعصومة إنما جاء بعد الغضب، والضرب والشتم واللعن هي ثمرة الغضب، والحرب والقطيعة والكيد والمكر من نبات الغضب.
فيا لله ما أسوأ الغضب وما أبشعه وما أمرّه! وإذا استولى الغضب على الإنسان شلَّ أخلاقه وأفسد ذوقه وأذهب مهابته وحلاوته وصار مكروهاً ممقوتاً مسخوطاً عليه مغضوباً عليه من الله ثم من الناس.
عباد الله ... إن شدة الغضب تسوق بالإنسان إلى مواطن الزلل والعطب، فيقول ما لا يعلم، ويفعل ما يورث الندم. فالشديد من يملك نفسه عند الغضب، ويجاهد على ترك الغضب، لأن الغضب إذا ملك الإنسان أصبح كالآمر الناهي للإنسان.
لا تغضب أيها الإنسان فإن مَنْ كفَّ غضبه كفَّ الله عنه عذابه، فهنيئاً للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين. لا تغضب أيها الإنسان على أحد؛ لأن بيننا أخوّة من أمٍّ وأبٍ وابتلينا بحياة النكد والكد والكبد، فلا تزدها غمّاً وهمّاً وغضباً فما فيها يكفيها. وتذكر دائمًا قول الله ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ).
أقول ما تسمعون، ,استغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يأمر الغضبان أن يسكت إذا غضب، وأن يجلس إذا كان قائماً، ويتوضأ ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
فإن من عظمة الإسلام وكماله أن بيَّنت طرق الوقاية من الغضب ، وكيفية علاجه ، بطرقٍ مختلفة ، ووسائل متنوعة منها :
الاستعاذة بالله العظيم من الشيطان الرجيم عملاً بقوله تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إذا غضب الرجل فقال أعوذ بالله ، سكن غضبه ) فالإنسان الغاضب عندما يستعيذ بالله تعالى من الشيطان إنما يعتصم بعظمة الله تعالى ويلوذ بها.
وعلى الغاضب التزام الصمت وعدم الكلام خشية وقوعه في ما لا تُحمد عُقباه من بذيء اللفظ وسيئ الكلام، ولهذا كان سكوت الغاضب و تركه للكلام علاجاً مناسباً للغضب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) قالها ثلاثاً.
ومن وصايا النبي صلى الله عليه وسلم للغاضب ، أنه قال عليه الصلاة والسلام ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع ) .
وعلى الإنسان أن يتذكر ما أعد الله للمتقين الذين يتجنبون أسباب الغضب ويجاهدون أنفسهم في كبته ورده لهو من أعظم ما يعين على إطفاء نار الغضب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب ولك الجنة ) وقال ( ومن كظم غيظاً ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة ) وقال ( من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء ) أليست هذه فضائل ومكارم تدعونا إلى تجنب الغضب وكظم الغيظ .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ).
عباد الله ... لقد مدح الله عباده المؤمنين وأثنى عليهم في كتابه ، وذكر من أوصافهم بأنهم ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، فهؤلاء من حسن أخلاقهم وجميل صفاتهم وأفعالهم أنهم ( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ )
ولا تنسوا الداء – يا عباد الله - فهذا سلاح المؤمن دائماً يطلب من ربه أن يخلصه من الشرور والآفات والأخلاق الرديئة ، ويتعوذ بالله أن يتردى في هاوية الكفر أو الظلم بسبب الغضب ، وكان من دعائه عليه الصلاة والسلام ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي ، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ، وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيماً لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، أسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرّ ة ولا فتنة مضلّة الله زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين )
وفي الختام ... هذا هو الغضب ، وتلك بعض آثاره ومضاره الخطيرة على الفرد والمجتمع ، وهذه طرق علاجه ووسائل الوقاية منه، وِفْق ما بيَّنه معلم البشرية وأُستاذ الإنسانية الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في تربيته النبوية التي اختصرت ذلك كله في وصيةٍ تربويةٍ واحدةٍ معجزةٍ ، نطق بها الفم الشريف قائلاً لمن طلبها ( لا تغضب ) فكانت بحق وصيةً تربويةً موجزةً في مبناها ، معجزةً في معناها لأنها جمعت في كلمةٍ واحدةٍ بين خيري الدنيا والآخرة.
وصلى الله على نبينا محمد ....
أخوكم
خطيب جامع أبي عائشة
السعودية - محافظة الخبر - حي الثقبة
الدكتور مراد دلالعه
بارك الله فيك خطبة رائعة
تعديل التعليق