قتل المجرمين عدالة

إبراهيم بن سلطان العريفان
1437/03/28 - 2016/01/08 07:53AM
الحمد لله رب العالمين ، أفاض علينا أمنًا وإيمانًا ، وأسبغ علينا مَنًا وإحسانًا، أحمده تعالى وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأسأله اللطف والتوفيق في أمور ديننا ودنيانا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عز ربًا رحيمًا رحمانًا، وجل إلها كريمًا منانًا، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، بعثه رحمةً للعالمين وأيده بوحيه سنةً وقرآنًا ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان يرجو رحمة ورضوانًا ، وسلم تسليمًا كثيرًا.
فاتقوا الله - عباد الله - اتقوا ربكم تأمنوا في دياركم، ويهنأ عيشكم، ويقر قراركم، وتكثر خيراتكم ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ )
إخوة الإيمان والعقيدة ... اعلموا أن الله سبحانه وتعالى شرع لعباده شرائع ونهى أن يعتدى عليها (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا) وحرم على عباده أشياء ونهى أن يقترب منها (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا)
وقد وعد الله من أطاعه بالثواب والكرامة وتوعد من عصاه بالعقوبة في الدنيا ويوم القيامة كما قال تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ )
والمعاصي تتفاوت في القبح والشناعة لذا كان منها ما رُتبت عليه العقوبة في الدنيا مع وعيد أصحابها في الآخرة لشدة خطرها وبالغ أثرها
عباد الله .. جاء في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حَدٌّ يُعْمَلُ بِهِ فِي الأرْضِ خَيْرٌ لأَهْلِ الأرْضِ مِنْ أَنْ يُمْطَرُوا أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ).
أيها المسلمون: لقد شرع الله تَعَالَى القصاص والحدود والتعزيرات لحِكمٍ بالغة ومصالح عظمى؛ فهي من مظاهر رحمة الله تَعَالَى بعباده، ولطفه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بهم؛ إذ هي عامل من أكبر العوامل للحفاظ على الضروريات الخمس: الدينِ والنفس والعقل والعِرض والمال، والتي متى ما حُفظت استقر المجتمع وأمِنَ واطمأن، وهذا المقصد وهو أمن المجتمع مطلب لجميع البشر، يسعون إلى الظفر به وتحصيله مهما كلّفهم مِن ثمن
عباد الله: لقد شرع الله تَعَالَى حد الردة حماية لحرمة الدين، وشرع القصاص في النفس والأطراف حمايةً لحرمة النفس، وشرع حد الخمر حماية لحرمة العقل، وشرع تعالى حد الزنا وحد القذف حماية لحرمة الأعراض، وشرع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حد السرقة حماية لحرمة المال، وجاء حدُّ الحِرابة أغلظ الحدود؛ لأن الحرابة بها كل حُرمات المجتمع المتنوعة. وشرع قتل الخارج على الجماعة حفاظاً على وحدة المجتمع المسلم واجتماعه واستقراره وقوته.
وجاءت الشريعة بالعقوبات التعزيرية وهي العقوبات التي يراها ولي الأمر على الجرائم التي لم يرد فيها حد شرعي فيجوز له أن يعاقب صاحبها ولو بلغت العقوبة القتل إذا كانت المصلحة تقتضيه.
فإذا طُبّقت هذه الحدود عَمَّ النفعُ الأفرادَ والجماعات والبلاد ؛ لما في تنفيذها من امتثال أمر الله تَعَالَى وإقامة شرعه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ) ولما في تنفيذها من ردع وزجر وتخويف يُضَيِّق مجال الجريمة ويحد من انتشارها ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) فإن من أراد القتل وعلم أنه سيقتل انزجر وارتدع ؛ فلم يُقْدِم على جريمته، وبذلك تُحقنُ الدماءُ ويُكفُّ الأشقياء.
وهكذا - يا عباد الله - سائر الحدود الشرعية؛ فيها من النكاية والزجر ما هو كفيل بكف الناس عن الوقوع في موجباتها.
وفي تنفيذ الحدود حسم الفوضى واستتباب الأمن ودفع الفتن، يقول الله جلَّ ذِكْرُهُ بعد ذكر قصة ابني آدم: ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ).
عباد الله .. إنّ المجتمع الذي تُقام فيه الحدود تجده أكثر المجتمعات أمنًا وأقلها فتنًا؛ وها نحن في هذه الأزمان الرهيبة : قد علم القاصي والداني والمحب والمبغض أن هذه البلاد بحمد الله تَعَالَى آمنة مطمئنة؛ سُبُلها آمنة، مدنها على كِبَرِها آمنة، قُراها على بُعدها آمنة، الأمن بحمد الله عَمَّ الحاضر والباد، وغمر المدر والوبر، أما الجريمة فهي على قلّتها قد ضُيّق عليها الخناق، ووقف لها بالمرصاد.
فقل لي بربك: ما الذي خَصَّنا بهذه النعمة دون أكثر العباد؟ وما الذي فضّلنا بهذه النعمة دون أكثر البلاد؟
إنه توحيد الله تَعَالَى، وإفراده بجميع العبادات، والطهارة من الشرك الذي حرَّم الله الجنة على صاحبه، فبلادنا بحمد الله من مظاهر الشرك سالمة ولمنائره هادمة ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) .
ومن آثار الأمن والأمان في هذه البلاد المباركة .. تطبيق حدود الله تَعَالَى، وإقامةُ شرعه بين الناس؛ فالحمد لله على هذه النعمة التي وفق الله تَعَالَى دولة التوحيد لها من بين سائر الدول في هذه الأزمان العصيبة نسأله سُبْحَانَهُ أن يزيدها عزة وقوة، وأن يوفقها لكل خير، وأن يجنبها كل مكروه وشر .
والمسلم السالم مِن الهوى يحفظ لولاة أمره هذا الفضل ، ويشكر لهم تطبيق هذا الشرع ؛ فيدعو لهم بالتوفيق والتسديد كما كان السلف يفعلون ويأمرون ، ورحم الله الإمامَ البربهاري إذ يقول: إذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سُنة إن شاء الله تعالى، وإذا رأيته يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى"، مع أننا نعترف أنهم بشر غير معصومين ، يُصيبون ويخطئون ، وهم يُقرّون بذلك ويعترفون ، ولذا فهم بحاجة ماسة للدعاء ، وبصلاحهم صلاح للبلاد والعباد.
فاللهم أصلحنا حُكاماً ومحكومين ، واجمعنا على حُكمك وشرعك أجمعين ، وتغمّدنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
أقول ما تسمعون ، واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... فإن من البشائر العظيمة البشارة بإقامة الحدود والتعزيرات على مجموعة من المتورطين في جرائم التكفير والقتل والإفساد في الأرض ونزع البيعة الشرعية والخروج على جماعة المسلمين.
إنها بشارة سارة إذِ الفرحُ بإقامة الحدود الشرعية فرحٌ شرعي، ففي أقامتها إقامة حكم الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل يحب أن يقام شرعه وأن يُنفذ حكمه.
ولأن في إقامتها ردعاً لأهل الشر والفساد ممن تسول له نفسه أن يسلك مسلكهم، فكم من مرتدع اليوم كان ينويَ أن يقتدي بهم ويفعلَ فعلهم، فلمّا رأى ما فعلت السيوف بالرقاب راجع نفسه وكف يده، فسملت بهذه الحدود الأنفس وثبت الأمن وازدادت الجماعةُ لحمةً والدولةُ هيبة.
نعم إن القصاص حياة للأنفس والأفراد والمجتمعات والأموال والأعراض. ولأن في إقامتها من فتح أبواب البركات ونزول الخيرات أكثرَ مما يكون بنزول الأمطار من السماء.
عباد الله .. إن هذه الفئة الضالة قد سلكت مسلك الخوارج فكفروا ولاة أمرنا وعلماءنا ورجال أمننا واستحلوا الدماء المعصومة من المسلمين والمعاهدين وسعوا في الأرض بالفساد من خلال القتل والتفجير والاغتيالات واستهداف المنشآت الاقتصادية الكبرى، وترويع الآمنين، وسلب الممتلكات غصباً وقهراً ، فلا جَرَم أن يحكم عليهم القضاء الشرعي النزيه بحد الحرابة على بعضهم وقتل البقية تعزيراً عقوبة لهم وردعاً لغيرهم وتخليصاً للمجتمع من شرورهم .. ( فقتل المجرمين عدالة )
والواجب علينا أن نشكر دولتنا وندعو لها ونشد من أزرها ونثني عليها بما هي أهله على تنفيذها حكم الله وعدمِ محاباتها لأحد في ذلك تنفيذاً لقول الله تعالى ( وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) واقتداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )
كما إن من أوجب الواجبات علينا أن نوعي أبناءنا وبناتنا بخطر هذه الأفكار التكفيرية الضالة وخطر الانتماء إلى الجماعات التي تتبنى هذه الضلالات وخطر الاستماع والإصغاء لكل من يروج لها أو يدافع عنها أو ينتقد الدولة بالتصريح أو التلميح في موقفها الحازم من هذه الجماعات الضالة وأهلها حتى لا يكون مصيرهم مصير هؤلاء والعياذ بالله.
اللهم احفظ بلادنا بحفظك، واكلأها برعايتك، واحفظ ولاة أمورنا من كل سوء، وزدهم عزاً وتوفيقاً وتأييداً يا سميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المشاهدات 1363 | التعليقات 0