قتل المجرمين عدالة ...
إبراهيم بن سلطان العريفان
1435/10/26 - 2014/08/22 07:40AM
الحمد لله العلي الأعلى ، خلق فسوى ، وقدر فهدى ، أحصى على العباد أفعالهم وأقوالهم ، في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، أحمده وأتوب إليه ، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تقدس وتعالى ، جلت عظمته ، وعمت قدرته ، وتمت كلمته صدقاً وعدلاً ، وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله ، صفياً مجتباً ، بعثه ربه بالحق والهدى ، فما ضل وما غوى ، وما نطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأزواجه أهل الخير والتقى ، وعلى صحابته مصابيح الدجى ، ونجوم الهدى ، والتابعين لهم بإحسان في الآخرة والأولى.
يقول ربكم جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
إخوة الإيمان والعقيدة .. كانت البشرية ، قبل البعثة المحمدية ، تعيش حياة غير مستقرة ، بل حياة مستعرة ، يسودها الخلاف ، وينعدم فيها الائتلاف ، عمها الاستخفاف ، واكتنفها الإسفاف ، قتال وتناحر ، قطيعة وتداحر ، صراع من أجل البقاء ، غثاء وجفاء ، لا محبة ولا إخاء ، ولا إيثار ولا صفاء ، تلكم كانت مجمل الحياة الوثنية ، والرغبات الإنسانية ، في وقت غابت فيه الدساتير الإلهية ، والنصوص الربانية ، فرحم الله البشرية ، حيث أرسل لها أرحم البرية ، محمد بن عبد الله صلى الله وسلم عليه ، حيث أماط لثام الأنانية ، وخلع قناع الجاهلية ، فأنارت الدنيا بالرسالة ، وأشرقت بالبشارة ، فتحول الظلام نهاراً ، وأصبح العلم مناراً ، فاشرأبت النفوس لهذا الدين العظيم ، فدخل الناس فيه أفواجاً ، طاعة وإقراراً ، لأنه دين رب العالمين ، القائل في محكم التنزيل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ ).
أيها الأخوة في الله .. الإسلام دين ليس فيه التباس ، صالح لكل الناس ، من آمن به سعد ، ومن دخل فيه رشد ، دين حفظ الأموال والأنفس والأعراض والدماء والعقول. إنه الإسلام يا أمة الإسلام ، الإسلام دين حب وسلام ، دين ألفة ووئام ، دين هدىً لا ضلال ، محفوظ من الزوال ، له البقاء إلى أمد ، وله الظهور إلى أبد ، دين حق لا باطل ، هو الدين الذي ارتضاه سبحانه للملأ الكرام ، ولا يُقبل من عبد ديناً غير الإسلام ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، فاللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، و احفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين.
أيها المسلمون : الإسلام دين التراحم ، وشريعة التلاحم ، كيف لا والله عز وجل هو أرحم الراحمين ، سبقت رحمته غضبه ، وغلبت مغفرته سطوته ، قال الحليم الرحيم ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ ، إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى ) وجاءت سنة الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، مليئة بصور الرحمة ، وقصص الرأفة ، فقد قُدِّم لرسول الله صلى الله عليه وسلم طفل وقد شارف على الموت ، ونفسه تقعقع ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : مَا هٰذَا يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ ( هٰذِهِ رَحْمَةٌ ، جَعَلَهَا اللّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ) وإذا أرسل جيشاً لقتال الكفار قال لهم : " انْطَلِقُوا باسْمِ الله ، وَبالله وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً ، وَلاَ طِفْلاً وَلا صَغيراً ، وَلا امْرَأةً ، وَلا تَغُلُّوا ، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُم ، وَأصْلِحُوا وَأحْسِنُوا إنَّ الله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ) ومن رحمته بالبهائم أَنَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ ( لَعَنَ اللّهُ الَّذِي وَسَمَهُ ) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخويف الآمن ، وترويع المستأمن ، وحذر أسباب القتل والتهديد فقَالَ صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ ، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ ، وإِنْ كانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمهِ ).
عباد الله .. فإنه يسوؤنا والله ما يحصل اليوم من أحداث دامية ، ومشاجرات حامية ، مضاربات ، ومشاجرات ، نتائجها بين قتيل وجريح ، في تعد صريح ، وخروج عن تعاليم الشريعة ، وانتهاك لحدود الله فظيعة ، وقائعٌ قُتل فيها أبرياء مسالمين ، مؤمنين ومسلمين ، عصابات شللية ، ومجموعات إجرامية ، فأين يذهبون من رب البرية ، وخالق البشرية ، تخويف وهمجية ، وترويع ووحشية ، أعمال مشينة ، وأفعال مهينة ، تغيرت فيها الأوضاع ، وتبدلت فيها الطباع ، قتل وخنق ، وللتعاليم خرق ، سرقة واستيلاء ، وعتوٌ واستعلاء ، فيا لها من مصائب عظيمة ، ومثالب وخيمة ، عمل إجرامي فظيع ، وفعل إرهابي وضيع ، حوادث القتل التي تطالعنا بها الصحف اليومية ، التي راح ضحيتها أبرياء مسالمين ، من صغار وكبار ، ونساء ورجال ، وشيب وشباب ، أمر من قتلوهم في تباب ، قتل لكبار السن الرتع ، وجرائم بحق الأطفال الرضع ، إن هذه المآسي ، لدليل على نزع الرحمة ، من قلوب أولئك الظلمة القتلة ، إن ذلكم العمل الإجرامي الخطير ، والقتل المرير ، سيلقي بشرره على الأمة بأكملها ، وعلى الملة برمتها ، فرحماك ربنا رحماك ، اللهم حوالينا ولا علينا .
أيها المسلمون .. لقد فُجِع كلُّ ذي دينٍ ومروءَة ، وكلّ ذي عقلٍ وإنسانيّة ، بالعمل الإجراميّ ، والفِعل الإرهابي ، والتصرّف الهمجي ، خال ينحر رضيع شقيقته ، وأب يغرق زوجته وطفلته ، وآخر يقتل فلذة كبده ، ومختل يحرق زوجته وأطفاله ، أعمال نكراء ، وأفعال هوجاء ، وجرائم شنعاء ، لا يرتاب العقلاء ، ولا يتمارى الشّرفاء ، في تحريمها وإنكارها ، لا يُقِرّها دين ولا عقلٌ ، ولا يقبلها منطقٌ ولا إنسانية ، وهي بكلّ المقاييس أمرٌ محرَّم ، وفعلٌ مجرَّم ، وتصرّف مرذولٌ مقبوح ، وعملٌ إجرامي مفضوح ، وسابقةٌ خطيرة ، ونازلةُ شرٍّ مستطيرة ، سبحان الله العظيم ، إنَّ ما حدث ويحدث ، يعد أمر عظيم ، ومشهد مريع ، وخبر فظيع ، ذلكم الشاب الذي يضرب أمه حتى الممات ، وآخر يحرق والديه بالنار ، وثالث يمطرهما بوابل من الرصاص ، قَالَ صلى الله عليه وسلم ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيه ) فإذا كان من لعن والديه ، طرده الله من رحمته ، وألحقه بغضبه ومقته ، فما بالنا بمن يقتل والديه أو أحدهما ، لجزاؤه أكيد ، وعذابه شديد.
ما هذا يا أمة الإسلام ؟ وكأننا في غاب ، يفترس فيها بالضرس والناب ، ويروع من فيها بغير أسباب. اللهم رحماك رحماك.
اللهم آمنا في دورنا وبين أهلينا وفي أوطاننا ...
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... إنَّ هذه الأعمال التخويفية ، التي تستهدِف الآمنين المعصومين ، وتزهق أرواح المسلمين الوادعين ، مخالفة لشريعة ربّ العالمين ، إنه لأمر مؤلمٌ حقًّا ، ومؤسِفٌ صِدقًا ، يُعجز البيان ، ويُرجف الجنان ، ويهز البَنان ، فيالفظاعة القتل ، وياله من هول ، دماء تراق ، وأجساد للموت تساق ، جرائم سطّروها بمدادٍ قاتمة ، وعقول هائمة ، فأهلكوا أنفساً مسلمة بريئة ، وأزهقوا أرواحاً مطمئنة محترمة ، لم يرحَم هؤلاء المجرِمون أحداً ، لم يراعوا أيَّ قِيَم دينيّة ولا أخلاقية ، ولم يبالوا بشرعٍ ولا شرعية ، ولا عقلٍ ولا إنسانية ، فوا عجبًا لهم ، أَقُدَّت قلوبهم من صخر ، أم رُميت عقولهم في بحر ؟ فأين يذهب أولئك الأشرار ، من شهادة أن لا إله إلا الله ، إذا جاءت تحاجُّهم يوم القيامة ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد ( أقتلتَه بعد أن قال : لا إله إلا الله؟! ) وغضِب عليه الصلاة والسلام واحمرّ وجهُه وهو يقول لأسامة ( أقتلته بعد أن قال : لا إله إلا الله؟! ) قال : يا رسول الله ، إنما قالها تقيَّةً أي : خوفًا من القتل ، قال ( أشققتَ عن قلبه ؟ كيف تصنعُ يا أسامة بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجُّك يوم القيامة؟ ) قال أسامة رضي الله عنه : فوددتُ أني لم أكن أسلمتُ إلا يومئذ.
كيف يفعل أولئك القتلة بدم من قتلوهم يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم ( يجيء المقتول متعلقاً بالقاتل ، يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ ) إنها صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم ، والعدوان الغاشم ، والله لا يصلح عمل المفسدين ، ظلم واضح ، وعدوان فاضح ، سيصطلي بناره الإسلام وأهله ، فاللهم سلم سلم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الأديانُ السماويةُ متفقةٌ على تحريم قتل النفس المعصومة ، وفي إقامة الحد القتل حياة للأمة ، كما قال الحكيم سبحانه ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) فقتل المجرمين عدالة .. ولقد تناقل الناس ما قامت به حكومتنا الرشيدة من إقامة حد القتل في ثلاثة قاموا بقتل عسكري، لأن قتل المسلم عظيمة من العظائم ، وجريمة من الجرائم ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) وقَالَ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ )وقَالَ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( لَا يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ).
ألا فاعلموا - أيها الناس - أن أمر الدماء عظيم في الإسلام ، مهيب عند رب الأنام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ) وقال ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ ، وَأَهْلَ أَرْضِهِ ، اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ ) اللهم أصلح الأحوال ، والأفعال والأقوال ، واجعل لنا من الصالحات نصيباً ما له من زوال ، أنت خير عاصم ووال .
ألا وصلوا وسلموا على سيد ولد عدنان ، نبيكم المبعوث رحمة للإنس والجان ، كما أمركم بذلك ربكم الواحد الديان ( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً )
يقول ربكم جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
إخوة الإيمان والعقيدة .. كانت البشرية ، قبل البعثة المحمدية ، تعيش حياة غير مستقرة ، بل حياة مستعرة ، يسودها الخلاف ، وينعدم فيها الائتلاف ، عمها الاستخفاف ، واكتنفها الإسفاف ، قتال وتناحر ، قطيعة وتداحر ، صراع من أجل البقاء ، غثاء وجفاء ، لا محبة ولا إخاء ، ولا إيثار ولا صفاء ، تلكم كانت مجمل الحياة الوثنية ، والرغبات الإنسانية ، في وقت غابت فيه الدساتير الإلهية ، والنصوص الربانية ، فرحم الله البشرية ، حيث أرسل لها أرحم البرية ، محمد بن عبد الله صلى الله وسلم عليه ، حيث أماط لثام الأنانية ، وخلع قناع الجاهلية ، فأنارت الدنيا بالرسالة ، وأشرقت بالبشارة ، فتحول الظلام نهاراً ، وأصبح العلم مناراً ، فاشرأبت النفوس لهذا الدين العظيم ، فدخل الناس فيه أفواجاً ، طاعة وإقراراً ، لأنه دين رب العالمين ، القائل في محكم التنزيل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ ).
أيها الأخوة في الله .. الإسلام دين ليس فيه التباس ، صالح لكل الناس ، من آمن به سعد ، ومن دخل فيه رشد ، دين حفظ الأموال والأنفس والأعراض والدماء والعقول. إنه الإسلام يا أمة الإسلام ، الإسلام دين حب وسلام ، دين ألفة ووئام ، دين هدىً لا ضلال ، محفوظ من الزوال ، له البقاء إلى أمد ، وله الظهور إلى أبد ، دين حق لا باطل ، هو الدين الذي ارتضاه سبحانه للملأ الكرام ، ولا يُقبل من عبد ديناً غير الإسلام ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ، فاللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، و احفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين.
أيها المسلمون : الإسلام دين التراحم ، وشريعة التلاحم ، كيف لا والله عز وجل هو أرحم الراحمين ، سبقت رحمته غضبه ، وغلبت مغفرته سطوته ، قال الحليم الرحيم ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ لَمَّا قَضَى الْخَلْقَ ، كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ ، إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِى ) وجاءت سنة الحبيب المصطفى ، والنبي المجتبى ، مليئة بصور الرحمة ، وقصص الرأفة ، فقد قُدِّم لرسول الله صلى الله عليه وسلم طفل وقد شارف على الموت ، ونفسه تقعقع ، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : مَا هٰذَا يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ ( هٰذِهِ رَحْمَةٌ ، جَعَلَهَا اللّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ ) وإذا أرسل جيشاً لقتال الكفار قال لهم : " انْطَلِقُوا باسْمِ الله ، وَبالله وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً ، وَلاَ طِفْلاً وَلا صَغيراً ، وَلا امْرَأةً ، وَلا تَغُلُّوا ، وَضُمُّوا غَنَائِمَكُم ، وَأصْلِحُوا وَأحْسِنُوا إنَّ الله يُحِبُّ المُحْسِنِينَ ) ومن رحمته بالبهائم أَنَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَ ( لَعَنَ اللّهُ الَّذِي وَسَمَهُ ) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخويف الآمن ، وترويع المستأمن ، وحذر أسباب القتل والتهديد فقَالَ صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ ، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَلْعَنُهُ ، وإِنْ كانَ أَخَاهُ لأَبِيهِ وَأُمهِ ).
عباد الله .. فإنه يسوؤنا والله ما يحصل اليوم من أحداث دامية ، ومشاجرات حامية ، مضاربات ، ومشاجرات ، نتائجها بين قتيل وجريح ، في تعد صريح ، وخروج عن تعاليم الشريعة ، وانتهاك لحدود الله فظيعة ، وقائعٌ قُتل فيها أبرياء مسالمين ، مؤمنين ومسلمين ، عصابات شللية ، ومجموعات إجرامية ، فأين يذهبون من رب البرية ، وخالق البشرية ، تخويف وهمجية ، وترويع ووحشية ، أعمال مشينة ، وأفعال مهينة ، تغيرت فيها الأوضاع ، وتبدلت فيها الطباع ، قتل وخنق ، وللتعاليم خرق ، سرقة واستيلاء ، وعتوٌ واستعلاء ، فيا لها من مصائب عظيمة ، ومثالب وخيمة ، عمل إجرامي فظيع ، وفعل إرهابي وضيع ، حوادث القتل التي تطالعنا بها الصحف اليومية ، التي راح ضحيتها أبرياء مسالمين ، من صغار وكبار ، ونساء ورجال ، وشيب وشباب ، أمر من قتلوهم في تباب ، قتل لكبار السن الرتع ، وجرائم بحق الأطفال الرضع ، إن هذه المآسي ، لدليل على نزع الرحمة ، من قلوب أولئك الظلمة القتلة ، إن ذلكم العمل الإجرامي الخطير ، والقتل المرير ، سيلقي بشرره على الأمة بأكملها ، وعلى الملة برمتها ، فرحماك ربنا رحماك ، اللهم حوالينا ولا علينا .
أيها المسلمون .. لقد فُجِع كلُّ ذي دينٍ ومروءَة ، وكلّ ذي عقلٍ وإنسانيّة ، بالعمل الإجراميّ ، والفِعل الإرهابي ، والتصرّف الهمجي ، خال ينحر رضيع شقيقته ، وأب يغرق زوجته وطفلته ، وآخر يقتل فلذة كبده ، ومختل يحرق زوجته وأطفاله ، أعمال نكراء ، وأفعال هوجاء ، وجرائم شنعاء ، لا يرتاب العقلاء ، ولا يتمارى الشّرفاء ، في تحريمها وإنكارها ، لا يُقِرّها دين ولا عقلٌ ، ولا يقبلها منطقٌ ولا إنسانية ، وهي بكلّ المقاييس أمرٌ محرَّم ، وفعلٌ مجرَّم ، وتصرّف مرذولٌ مقبوح ، وعملٌ إجرامي مفضوح ، وسابقةٌ خطيرة ، ونازلةُ شرٍّ مستطيرة ، سبحان الله العظيم ، إنَّ ما حدث ويحدث ، يعد أمر عظيم ، ومشهد مريع ، وخبر فظيع ، ذلكم الشاب الذي يضرب أمه حتى الممات ، وآخر يحرق والديه بالنار ، وثالث يمطرهما بوابل من الرصاص ، قَالَ صلى الله عليه وسلم ( لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيه ) فإذا كان من لعن والديه ، طرده الله من رحمته ، وألحقه بغضبه ومقته ، فما بالنا بمن يقتل والديه أو أحدهما ، لجزاؤه أكيد ، وعذابه شديد.
ما هذا يا أمة الإسلام ؟ وكأننا في غاب ، يفترس فيها بالضرس والناب ، ويروع من فيها بغير أسباب. اللهم رحماك رحماك.
اللهم آمنا في دورنا وبين أهلينا وفي أوطاننا ...
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ... إنَّ هذه الأعمال التخويفية ، التي تستهدِف الآمنين المعصومين ، وتزهق أرواح المسلمين الوادعين ، مخالفة لشريعة ربّ العالمين ، إنه لأمر مؤلمٌ حقًّا ، ومؤسِفٌ صِدقًا ، يُعجز البيان ، ويُرجف الجنان ، ويهز البَنان ، فيالفظاعة القتل ، وياله من هول ، دماء تراق ، وأجساد للموت تساق ، جرائم سطّروها بمدادٍ قاتمة ، وعقول هائمة ، فأهلكوا أنفساً مسلمة بريئة ، وأزهقوا أرواحاً مطمئنة محترمة ، لم يرحَم هؤلاء المجرِمون أحداً ، لم يراعوا أيَّ قِيَم دينيّة ولا أخلاقية ، ولم يبالوا بشرعٍ ولا شرعية ، ولا عقلٍ ولا إنسانية ، فوا عجبًا لهم ، أَقُدَّت قلوبهم من صخر ، أم رُميت عقولهم في بحر ؟ فأين يذهب أولئك الأشرار ، من شهادة أن لا إله إلا الله ، إذا جاءت تحاجُّهم يوم القيامة ؟! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد ( أقتلتَه بعد أن قال : لا إله إلا الله؟! ) وغضِب عليه الصلاة والسلام واحمرّ وجهُه وهو يقول لأسامة ( أقتلته بعد أن قال : لا إله إلا الله؟! ) قال : يا رسول الله ، إنما قالها تقيَّةً أي : خوفًا من القتل ، قال ( أشققتَ عن قلبه ؟ كيف تصنعُ يا أسامة بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجُّك يوم القيامة؟ ) قال أسامة رضي الله عنه : فوددتُ أني لم أكن أسلمتُ إلا يومئذ.
كيف يفعل أولئك القتلة بدم من قتلوهم يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم ( يجيء المقتول متعلقاً بالقاتل ، يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني ؟ ) إنها صورة مخيفة من صور الإرهاب الظالم ، والعدوان الغاشم ، والله لا يصلح عمل المفسدين ، ظلم واضح ، وعدوان فاضح ، سيصطلي بناره الإسلام وأهله ، فاللهم سلم سلم ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الأديانُ السماويةُ متفقةٌ على تحريم قتل النفس المعصومة ، وفي إقامة الحد القتل حياة للأمة ، كما قال الحكيم سبحانه ( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) فقتل المجرمين عدالة .. ولقد تناقل الناس ما قامت به حكومتنا الرشيدة من إقامة حد القتل في ثلاثة قاموا بقتل عسكري، لأن قتل المسلم عظيمة من العظائم ، وجريمة من الجرائم ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) وقَالَ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ )وقَالَ عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ( لَا يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا ).
ألا فاعلموا - أيها الناس - أن أمر الدماء عظيم في الإسلام ، مهيب عند رب الأنام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ ) وقال ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ ، وَأَهْلَ أَرْضِهِ ، اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ ) اللهم أصلح الأحوال ، والأفعال والأقوال ، واجعل لنا من الصالحات نصيباً ما له من زوال ، أنت خير عاصم ووال .
ألا وصلوا وسلموا على سيد ولد عدنان ، نبيكم المبعوث رحمة للإنس والجان ، كما أمركم بذلك ربكم الواحد الديان ( إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً )
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق