قبل أن نستسقي

راشد الناصر
1436/01/21 - 2014/11/14 08:02AM
الخطبة الاولى
أما بعد: أيها الناس إتقوا الله تعالى، واحذروا عقابه، وحاسبوا أنفسكم، وتوبوا من ذنوبكم، و تدبروا أحوالكم و أحوال أمتكم فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
عباد الله، إننا نشكو من امتناع المطر الذي به حياتنا وحياة مواشينا وزروعنا وأشجارنا، فتذكروا أنه ما حبس عنا إلا بذنوبنا، وأن الله غني كريم، قال تعالى(( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) وقد أمر الله عند إنحباس المطر بالاستغفار من الذنوب التي هي السبب في منعه، فقال تعالى على لسان نوح عليه السلام (( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا )) . وقال تعالى على لسان هود(( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ)) وليس الإستغفار مجرد لفظ يردد على اللسان، ، وإنما هو توبة وندم وعبادة وخضوع لرب العالمين

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا ثم قال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وإنقطعت السبل، فادعُ الله يغيثنا، قال: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: ((اللهم أغثنا)) ثلاث مرات، قال أنس: فلا والله، ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، قال: فطلعت من ورائه سحابة ، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال: فلا والله، ما رأينا الشمس سبتًا ـ أي: أسبوعًا، قال: ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: ((اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر))، فأقلعت وخرجنا نمشي في الشمس. فقد استجاب الله دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحال ، كذلك هو سبحانه قريب مجيب يستجيب لعباده إذا دعوه صادقين مخلصين له الدين، قال تعالى (( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
أما إذا دعوه بألسنة كاذبة وقلوب غافلة وأفعال فاسدة وهم مصرون على الذنوب والمعاصي لا يغيرون من أحوالهم و أحوال أمتهم فهؤلاء لا يستجاب لهم دعاء ولذلك ترون الناس اليوم يستغيثون ويستغيثون ولا يستجاب لهم، لا لقلة في خزائن الله، ولكن لذنوبهم ومعاصيهم،التي لايغيرونها او يحدثون توبة عليها أما ترون أن الصلاة و الأمانات قد ضِيعت؟! والمحرمات قد انتهكت؟! و المعاملات قد فسدت؟! اما ترون الربا قد فشا وإنتشر والرشوة كذلك ؟! أما ترون المعازف قد علت أصواتها في البيوت والأسواق والأعراس؟! أما ترون الغيرة قد ضعفت ؟! أما ترون أن الآباء قد أهملوا أولادهم والأولاد قد عقوا آباءهم؟! اما ترون الأودية وروافدها ومجاري السيول قد اعتدي عليها جهارا نهارا هل غيرنا من هذه الأمور شيئًا قبل أن نستسقي حتى يغير الله ما بنا؟!.هل تواصلنا مع ولاة امرنا حفظهم الله للتنبيه للمنكرات ؟؟ لا نقول: إن هذه الأوصاف السيئة عمت جميع المسلمين، فهناك من عباد الله الصالحين من هم سالمون منها في أنفسهم، لكنهم لا يحاولون إصلاح غيرهم، ولا يقومون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب إستطاعتهم، والعقوبة إذا نزلت عمت الجميع، عمت العاصين لمعصيتهم، والصالحين لسكوتهم، قال تعالى)) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ عن أبي الأحوص قال قرأ ابن مسعود: ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا))؛ فقال: (كاد الجُعَل يعذَّب في حجره بذنب ابن آدم) رواه الحاكم.


وجاء في تفسير قوله تعالى: ((وَيَلْعَنُهُمُ اللاَعِنُونَ)) أن الحشرات تلعن عصاة بني آدم وتقول: إننا منعنا القطر بمسيئهم. وقال تعالى ))وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ )) أي: أصابهم الله بالجدب والقحط، وأصاب ثمارهم وغلاتهم بالآفات والعاهات؛ ليتعظوا بذلك ويتوبوا.

أيها الناس إن القادر على منع نزول الأمطار قادر على تغوير المياه من الآبار، قال تعالى مخوفًا عباده من ذلك (( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا )) وقال: أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا ، وقال وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ؛ أي: لا تقدرون على حفظه في الآبار والغدائر والعيون، بل نحن الحافظون له فيها؛ ليكون ذخيرة لكم عند الحاجة إليه، وقال تعالى: (( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)) ، أي: كما قدرنا على إنزاله فنحن القادرون على سحبه من مخازنه في الأرض وتغويره في أعماقها، فلا تستطيعون الحصول عليه مهما بذلتم في طلبه والبحث عنه حتى يهلك الناس بالعطش وتهلك مواشيهم وحروثهم..".

فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من هذه التهديدات، وتوبوا إلى ربكم، وادعوه أن يغيثكم ويسقيكم، فإنه قريب مجيب، يجيب من دعاه، ولا يخيّب من رجاه ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛ بارك الله لي ولكم في القران العظيم


الخطبة الثانية

ذكر ابن قدامة في كتابه التوابين أن بنيإسرائيل .. لحقهم قحط على عهد موسى عليه السلام .. فاجتمع الناس إليه فقالوا : يا كليم الله .. ادع لنا ربك أن يسقينا الغيث ..فقام معهم .. وخرجوا إلى الصحراء .. وهم سبعون ألفاً أو يزيدون .. فقال موسى عليه السلام : إلهي .. اسقنا غيثك .. وانشر علينا رحمتك .. وارحمنا بالأطفال الرضع .. والبهائم الرتع .. والمشايخ الركع .. فما زادت السماء إلا تقشعاً .. والشمس إلا حرارة فقال موسى : إلهي .. اسقنا ..
فقال الله : كيف أسقيكم ؟ وفيكم عبد يبارزني بالمعاصي منذ أربعين سنة .. فناد في الناس حتى يخرج من بين أظهركم .. فبه منعتكم ..
فصاح موسى في قومه : يا أيها العبد العاصي .. الذي يبارز الله منذ أربعين سنة .. اخرج من بين أظهرنا .. فبك منعنا المطر .. فنظر العبد العاصي .. ذات اليمين وذات الشمال .. فلم ير أحداًخرج .. فعلم أنه المطلوب .. فقال في نفسه : إن أنا خرجت من بين هذا الخلق .. افتضحت على رؤوس بني إسرائيل .. وإن قعدت معهم منعوا لأجلي .. فانكسرت نفسه .. ودمعت عينه .. فأدخل رأسه في ثيابه نادماً على فعاله .. وقال : إلهي .. وسيدي .. عصيتك أربعين سنة ..وأمهلتني .. وقد أتيتك طائعاً .. فاقبلني .. وأخذ يبتهل إلىخالقه .. فلم يستتم الكلام .. حتى ارتفعت سحابة بيضاء ..فأمطرت كأفواه القرب.... فعجب موسى وقال : إلهي .. سقيتنا .. وما خرج من بين أظهرنا أحد فقالالله : يا موسى سقيتكم بالذي به منعتكم
..
فقال موسى : إلهي .. أرني هذا العبدالطائع .. فقال ياموسى .. إني لم أفضحه وهو يعصيني .. أأفضحه وهو يطيعني الله أكبر اين عشاق الفضائح ليسمعوا هذه الجمله
عباد الله من منّا لم يذنب؟؟ من منّا لم يبارز ربه بالمعاصي؟؟ إذا لنسارع كلنا للإستغفار.ولنحذر من ان نتلاعب بالالفاظ التي قد يقولها الواحد فتهوي به في قعر جهنم من تسخط على قضاء الله او تىآلي عليه اكثروا من الدعاء والاستغاثة في جميع احوالكم في صلواتكم وسجودكم وذهابكم وايابكم وقبل نومكم واحدثوا التوبة من المعاصي لعل الله ان يرحمنا ويتجاوز عنا وتذكروا أن الصدقه تطفئ غضب الرحمن
المشاهدات 2147 | التعليقات 0