قال الله : يا أرض زلزلي ...

الحمد لله رب العالمين. والعاقبة للمتقين. ولا عدوان إلا على الظالمين.
لا إله إلا الله الواحد الأحد. قاصم الجبارين، ومهلك الظالمين، وجامع الناس ليوم الدين، نحمده على القدر خيره وشره. وأشهد أن لا إله إلا الله هو وحده لا شريك له الملك الحق المبين، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا راد لقضائه ولا مبدل لحكمه، وهو على كل شيء قدير. له الآيات الباهرة ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. الرحمة المهداة البشير النذير والسراج المنير، أرسله ربه بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا .. صلوات ربي وسلامه عليه.
إخوة الإيمان والعقيدة ... أوصيكم ونفسيَ الخاطئةَ بتقوى الله تعالى، فهي العاصم من القواصم، وهي المنجية من المهالك ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )
عباد الله ... إن هذه الأرض، التي نعيش عليها من نعم الله جل وعلا علينا ( هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ ) ثم إن الله جعل الأرض ثابتة مستقرة لا تتحرك، فقد أرساها بالجبال ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ) لكن ما الذي يحدث للأرض حتى تتزلزل ..وتحدث الكوارث والدمار ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) فقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس، فتحدث فيها الزلازل العظام، حتى يحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة والإقلاع عن المعاصي والتضرع إلى الله سبحانه.
عباد الله .. شهدنا بالأيام الماضية أحداثاً عظيمة وأخبار مؤلمة، جديرة بالتذكر والاعتبار، ومنها زلزال جنوب إيران ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً ).
إن ما حدث قبل أيام من هزة أرضية أو زلزال ضرب إيران وتأثرت به دول الخليج: الكويت والمنطقة الشرقية بالسعودية والبحرين والإمارات وقطر، إنها رسالة من الله العظيم الكبير المتعال الجبار، الذي خضعت السموات والأرض لقدرته وإرادته، الواحد القهار الذي قهر كل مخلوقاته (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) إنها رسالة لأهل الخليج خاصة وللعالم عامة بأن الله هو القادر (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَر).
فالمسلم دائماً يتأثر قلبُه بالآيات الكونية التي يراها أمام عينيه، وهذه الآيات تذكره بالله، وتحيي في قلبه الإيمان، وتجعله متصلاً بالله ذاكراً له، شاكراً لنعمه، مستجيراً بالله من نقمته وسخطه.
فهذه الكوارث والزلازل والرياض آيات وعبرة للمعتبرين، وذكرى للذاكرين ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) يخوف اللهُ الناسَ بما يشاء من الآيات، لعلهم يعتبرون، لعلهم يذكرون، لعلهم يرجعون ( كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ).
عباد الله ... في كل آية عبرةوبلاغ وذكرى ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) قال بعض السلف وقد زُلزلت الأرض : إن ربكم يستعتبكم. وزلزلت المدينة في عهد عمر رضي الله عنه. فخطبهم ووعظهم ، فقال: يا أيها الناس، ما هذا !! ما أسرع ما أحدثتم! لئن عادت لا أساكنكم فيها أبدًا .
وقال كعب : إنما تُزلزَل الأرض إذا عُمل فيها بالمعاصي، فترعد الأرض خوفًا من الربّ جلّ جلاله أن يطّلع عليها.
قال عمر بن عبدالعزيز : إن هذا الرجف، شيء يعاقب الله به العباد... فلا إله إلا الله.
عباد الله ... لقد انشغلت وسائل الأعلام بالأخبار والأرقام والخسائر دون أن تبين أسباب تلك الزلزال التي جاء جوابها صريحاً ومتكرراً في كتاب الله العظيم ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ).
وقفت البشرية عاجزة أمام هذا الزلزال..و فشلت التخطيطات والتنبؤات والتكنولوجيا، لنعلم أن الله تعالى هو الملك المدبر القوي القهار الذي لا يعجزه شي في الأرض ولا في السماء ( وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ).
عباد الله ... من الذي أغرق قوم نوح؟ من الذي أرسل على ثمود الصيحة؟ من الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل؟ من الذي أغرق فرعون وقومه ؟ من الذي خسف بقارون وداره ؟ هل هي الطبيعة كما يزعمون !! والله جل وعلا يقول لنا في كتابه العزيز ( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه دخل على عائشة هو ورجل آخر، فقال لها الرجل : يا أم المؤمنين ! حدثينا عن الزلزلة؟ فقالت : إذا استباحوا الزنا ، وشربوا الخمور ، وضربوا بالمعازف ، غار الله عز وجل في سمائه، فقال للأرض : تزلزلي بهم ، فإن تابوا ونزعوا، وإلا أهدمها عليهم. قال : يا أم المؤمنين ! أعذابا لهم ؟ قالت : بل موعظة ورحمة للمؤمنين، ونكالاً وعذاباً وسخطاً على الكافرين.
إذًا - يا عباد الله – ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ *أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ) فما أحلم الله عنا.
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ، فاستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم.


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
معاشر المؤمنين ... إن المعاصي والذنوب ما ظهرت في ديار إلا أهلكتها، ولا فشت في أمة إلا أذلتها ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) فالله جل وعلا يغار في سمائه، فإذا غار في سمائه، قال للأرض تزلزلي. وإن الله ليغار وغيرة الله أن تؤتى محارمه.
يا مخطئاً ما أجهلك *** عصيت ربـاً عدَّلك .
( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ )
فاتقوا الله – عباد الله - واسألوه من فضله فإنه كريم، وخافوا من عقابه فإن عقابه أليم. فهل من توبة صادقة نطهر بها أنفسنا وواقعنا !! وهل من توبة صادقة نرضي بها ربنا !!.
اللهم يا غياث المستغثين, وجابر المنكسرين، وراحم المستضعفين. اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين.
اللهم أنت رب المستضعفين ، وأكرم الأكرمين ، وأرحم الراحمين ، اللهم أنصر إخواننا الموحدين في سوريا والعراق ، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم. اللهم يا فارج الهم ، ويا كاشف الغم ، مجيب دعوة المضطرين ، وجابر كسر المنكسرين ، اللهم اكشف البلاء عنا وعن إخواننا في كل مكان. اللهم ردَّنا ورد المسلمين إلى دينك ردًّا جميلاً. اللهم أجعل هذا البلد امن مطمئن وسائر بلاد المسلمين.
اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لما تحب وترضى، وخذ بهم للبر والتقوى، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، اللهم وفقه ونائبه وإخوانه وأعوانه لما فيه صلاح العباد والبلاد
المشاهدات 2538 | التعليقات 1

بارك الله فيك