قابيل و هابيل

[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]الخطبة الأولى: قابيل و هابيل[/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله الذي حبّب الإيمان و زيّنه في القلوب، و ركّزه في البواطن. وهو وحده علاّم الغيوب. و الإيمان أسمى مطلب و أكبر نعمة و أنفس مرغوب.[/font]
[font="]أحمده أن هدانا للإيمان، و أسبغ علينا من فيوض النعماء و كريم الإحسان، فقد وجب له الحمد خالصا في كل زمان و مكان.[/font]
[font="]و أشكره معترفا بمننه الوافرة، و فيوض رحمته الواسعة الغامرة. اللهم اجعلنا بأنعمك من الشاكرين، و لما يجب لعليّ ذاتك من التقديس ذاكرين.[/font]
[font="]و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بتوحيده نطقت المخلوقات، و انتظم أمر الأرض و السماوات، و انسجمت فيما بينها كل الكائنات.. اللهم ربّنا وفّقنا للثبات على خالص التوحيد، اللهم اجعل نوره ينمو مع الأيام فلا يخبو و لا يبيد.. اللهم اجعله حجّتنا يوم نعرض عليك في جملة العبيد.[/font]
[font="]و نشهد أن سيدنا محمدا عبده و رسوله، أكرم به رسولا و نبيا حاز من الإيمان مكانا عليّا، فلا يدانيه أحد في بحار الإيمان، و لا يبلغ مبلغه أنس و لا جان، به شرح الله الصدور و نقّاها، و قادها إلى الأمن و أولاها من الفضل ما أولاها. اللهم فصلّ و سلم و بارك على سيدنا محمد، و على آله و صحبه كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.[/font]
[font="]أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، و أحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، و شرّ الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار. [/font]
[font="]يقول الله تبارك و تعالى: " نحن نقصّ عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن و إن كنت من قبله لمن الغافلين ".[/font][font="] ( يوسف الآية: 3 )[/font]
[font="]عباد الله، قابيل و هابيل ولدا آدم عليه السلام، روى القرآن قصّتهما لما فيها من عبر و حكم ينتفع بها المؤمنون، و تكون لهم نبراسا يضيء لهم الطريق، و يسهّل لهم كيفية التعامل بين الأشقّاء و فهم كنه الترابط الأسري و الإلمام بكلّ ما من شأنه أن يحقّق التوازن العائلي، و يمنع انحراف الأحداث، الذي يعتبر شغلنا الشاغل في تونس و قضيتنا المشتركة..[/font]
[font="]كان قابيل رجلا ذا شخصيّة مريضة، تمتزج بها عناصر الشرّ و تسيطر على تصرّفاتها دواعي الطمع و الإثم و العدوان و التمرّد على حكم الحقّ، و رفضه كصفة ملاصقة للحياة البشريّة.. و كان أخوه هابيل رجلا صالحا تقيًّا يطمئنّ للحقّ و يعتبره وثيقة لضمان السلم الاجتماعية.. و قد وقع بينه و بين أخيه خلاف و صراع يقع مثله عادة بين أفراد العائلة الواحدة في وقتنا هذا، و يتكرّر على مدى الحياة ما دامت أبدا، إنّه صراع بين الخير و الشرّ، الّذي انتهى بأن قتل قابيل أخاه هابيل.. [/font]
[font="]و في سبب وقوع النّزاع بينهما قولان: [/font]
[font="]* [/font][font="]الأوّل: [/font][font="]أنّ هابيل كان صاحب غنم، و قابيل كان صاحب زرع، فقرّب كلّ واحد منهما قربانًا، فاختار هابيل أحسن كبشٍ في غنمه و جعله قربانًا، و أخذ قابيل شرّ حنطة أنتجتها أرضه فجعلها قربانًا، ثمّ تقدّم كلّ منهما بقربانه إلى الله، و كان علامة قبول القربان، نزول نار من السّماء تحرقه، فنزلت على كبش هابيل فأحرقته، و تركت قربان قابيل، فعلم قابيل أنّ اللهَ قَبِلَ قربان أخيه و لم يقبل قربانه فحسده و قتله.. هذا السبب الأوّل..[/font]
[font="]* [/font][font="]و الثّاني: [/font][font="]ما روي أنّ آدم عليه السلام، كان يُولد له في كلّ بطن من حوّاء ذكر و أنثى، و كان يزوّج البنت من بطنٍ بالولد من بطن آخر، فولد أوّلا قابيل مع توأم أنثى، و بعده وُلد هابيل و توأمه الأنثى، و كانت توأم قابيل أحسن الإناث وجهاً فأراد آدم عليه السلام أن يزوّجها من هابيل فأبى قابيل ذلك و قال: أنا أحقّ بها و هو أحقّ بأخته و ليس هذا من الله تعالى، و إنّما هو رأيك، فقال آدم عليه السلام لهما: قرّبا قربانا فأيّكما قُبِل قربانه زوّجتها منه، فقبل الله تعالى قربان هابيل بأن أنزل على قربانه نارًا، فالتهمته، فقتل قابيل أخاه حسدًا له.. و إلى عدم قبول قربان قابيل أشار القرآن بقوله تبارك و تعالى: " و اتْلُ عليهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بالحقِّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ من أحدِهِما و لَمْ يُتَقَبَّلُ مِنَ الآخَرِ قال لأقْتُلَنَّكَ قال: إِنَّما يتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يدك لتقتُلَني ما أنا بِبَاسِطٍ يَدَيَّ إليْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العالمينَ * إِنِّي أُريدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمي و إِثْمِكَ فَتَكُونَ من أصْحابِ النَّارِ و ذلك جزاء الظّالِمينَ * فَطَوَّعَتْ له نَفْسُهُ قتلَ أخيه فقتله فأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرينَ ".[/font][font="] ( المائدة الآيات: 27/30 )[/font][font="].[/font]
[font="]لنقف قليلا عند قوله تعالى: " فتُقُبِّلَ من أحدهما و لم يُتَقَبَّل منَ الآخر قال لأقْتُلَنَّكَ قال: إنَّما يَتَقَبَّل الله مِنَ المتَّقين "، لقد كانت كلمة التقوى الجارية على لسانِ هابيل وهو يخاطب أخاه قابيل جديرة بأن تقضي على إرادةالشرّ في نفسه، و لكن هيهات فقابيل ليس من أهل التقوى و الطّاعة، فلذلك لم يقبل الله قربانه، و الحسد الّذي غمر قلبه جعله طافحا بالعزم على قتل أخيه..[/font]
[font="]ثم ننتقل إلى قوله سبحانه وهو يحكي على لسان الأخ المظلوم: " لئن بسطت إليّ يدك ما أنا بباسطٍ يَدِيَ إليك لأقتلك إنّي أخاف الله ربَّ العالمين ". في هذه الآية تتراءى لنا نفسيّة هابيل الخيّرة التي خالتطها التقوى و سيطر عليها الخير، فهي تَأْبى أن تقابل السيّئة بمثلها، لأنّ القتل لا يتّفق مع صفاتها و شمائلها، فهي تخاف اللهَ ربَّ العالمين، و من يخاف الله لا يعتدي على أحد، فخيفة الله أعظم رادع عن الإجرام على هذه الأرض، فإذا عرف المربُّون و المصلحون أن يُوجِّهوا الناس إلى الإيمان بالله و مراقبته في أعمالهم و الخوف من معصيته حصلوا على المجتمع المتماسك الّذي يسوده السّلام و الأمن و الطمأنينة..[/font]
[font="]و لكن قابيل الّذي سيطر عليه الشرّ نفّذ فعلته الشنيعة: " فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ". نفهم من هذه الآية أنّ الصراع لم يكن بين قابيل و هابيل، و لكن الصراع بين قابيل و بين نفسه الأمّارة بالسّوء، و بينه و بين النوازع الشّريرة و الإرادات الخبيثة، و كان الواجب أن يعمد قابيل إلى هذه الأهواء فيكبح جماحها و يخلص من أسرها، و لكنّه عجز أمام ضعفه، و جبروت شهواته، و تحوّل إجرامه إلى قتل أخيه و هذا أعنف ضروب الحسد.. لقد كان الحسد أوّل ذنب عُصي الله به في السّماء، و أوّل ذنب عُصي به في الأرض، أمّا في السّماء فحسد إبليس آدم، و أمّا في الأرض فحسد قابيل هابيل..[/font]
[font="]
[/font]
[font="] [/font][font="]الندم و الــدّرس[/font]
[font="] [/font]
[font="]و لمّا قتل قابيل أخاه تركه لا يدري ما يصنع به، فبعث الله غرابين اقتتلا، فقتل أحدهما الآخر فحفر له بمنقاره و رجليه ثمّ ألقاه في الحفرة، و لمّا رأى قابيل الغراب يدفن الغراب الآخر، رقّ قلبه و لم يرض أن يكون أقلّ شفقة منه، فوارى أخاه تحت الأرض وهو متحسّر متلهّف نادم على فعلته، قائلا في نفسه: أفأكون أقل شفقة من هذا الغراب، و هذا ما ذكره الحقّ تبارك و تعالى بقوله: " فبعث اللهُ غُرابًا يبحثُ في الأرضِ لِيُرِيَهُ كيفَ يُواري سَوْءَةَ أخيهِ، قال: يا ويْلَتَا أَعجزْتُ أنْ أَكون مثل هذا الغراب فأُوارِيَ سَوْءَةَ أخي فأصْبَحَ مِنَ النادمينَ ".[/font][font="] ( المائدة الآية: 31 )[/font][font="] [/font]
[font="]ثمّ يُعقِّب اللهُ على قصّة قابيل و هابيل ببيانِ الإثم العظيم لمن يعتدي على النّفْس الإنسانية بالقتل إذ يقول تعالى: " من أَجْلِ ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّه من قَتَل نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فسادٍ في الأرضِ فكأنَّما قَتَلَ النَّاسَ جميعًا ".[/font][font="] ( المائدة الآية: 32 )[/font][font="].[/font]
[font="]أقول ما تسمعون فإن كان صوابا فمن الله وحده، و إن كان غير ذلك فمن الشيطان و من نفسي و استغفر الله العزيز الحكيم لي و لكم و لوالديّ و لوالديكم و لجميع المسلمين من كلّ ذنب فاستغفروه و توبوا إليه إنّه هو التواب الرحيم، و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم..[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]* * * *[/font][font="][/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="]الثانية: الصراع الأزلي بين الخير و الشرّ[/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله الذي لم يجعل حاجبا على أبوابه.. الحمد لله الذي لم يجعل حائلا بينه و بين عباده.. الحمد لله الذي فتح أبواب التوبة لجميع عباده.. الحمد لله الذي فتح بالباقيات الصالحات جنّاته.. الحمد لله الذي أغلق برحمته أبواب نيرانه.. و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، شهادة نقية صافية صادقة أدّخرها لي و لكم ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم.. و نشهد أنّ سيدنا محمد عبدك و رسولك النبيّ الأميّ باني دولة الإسلام و محطّم دولة الأوثان و الأصنام.. اللهم فصلّ و سلّم و بارك عليه و على آله الأطهار الكرام، و على أصحابه الأبرار الأعلام، و من تبعهم و سلك نهجهم بإحسان إلى يوم النّور و الظلام..[/font]
[font="]أمّا بعد، عباد الله ما هي الدّروس و المواعظ و العبر التي خرجنا بها من خطبة اليوم؟[/font]!![font="] و ما هو مصير العالم إذا ما تغلّب الشرّ على الخير كما نشهد في يوم الناس هذا ؟[/font]!![font="] [/font]
[font="]أيها الناس،[/font]
[font="]لم يخل عصر من العصور منذ أن خلق الله تعالى السماوات و الأرض إلى قيام السّاعة من الخير و الشرّ، [/font][font="]" [/font][font="]و لن يخلو " [/font][font="]من فريقين من الجنّ و الإنس، هما: المؤمنون و الكافرون، أو أهل الخير و أهل الشرّ.. و لو تأمّلنا في قصص من قبلنا من المخلوقات الإنسيّة، لوجدنا المشهد نفسه يتكرّر بين الفريقين، فأهل الخير يعرفون أنّهم أهل الخير، و لكن أهل الشرّ لا يعرفون أنّهم أهل الشرّ، بل يظنّون أنّهم هم قوى الخير، و يقومون بمحاربة أهل الخير و يتّهمونهم بأنّهم قوى الشرّ، حتّى لو كانوا أنبياء و رسلا من عند الله تبارك و تعالى..[/font]![font="] و هذا ما كان يحدث مع كلّ نبيّ و رسول مع قومه الكفّار الأشرار الذين يحاربونه هو و أتباعه، و يتّهمونهم بأنّهم أشرار و أصحاب ضلال يستحقّون القتل أو السجن و التعذيب أو الطرد من الدّيار، كما قال الشّاذون القذرون فيما ذكره الله تعالى عنهم: أخرجوا آل لوط من قريتكم إنّهم أناس يتطهّرون[/font].![font="] فالطّهارة عن الشّذوذ و النجاسات التي يمدح الله عليها تصير شيئا مرفوضا سيّئا و شرّا بنظرهم يستحقّ الإخراج من البلد، أمّا الشذوذ و ارتكاب الرجل الفاحشة مع رجل مثله فهو بنظرهم خير و حرّية و حقّ من حقوق الإنسان يستحقّ عليها التقريب و الاحترام..[/font]
[font="]و يتّهمون رسول الله و أتباعه بأنّهم حاسدون لهم و كارهون، و أنّهم مفسدون في الأرض، كما قال فرعون الملعون عن موسى عليه السلام و قومه المؤمنين المسلمين من بني إسرائيل فيما ذكره الله تبارك و تعالى عنه: ذروني أقتل موسى، و ليدع ربّه، إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد.. ففرعون يعتقد بأنّ موسى و المؤمنين هم من أهل الشرّ، و يخاف أن يبدّلوا الدّين و يفسدوا في الأرض[/font]!!.[font="] لأنّ فرعون يظنّ نفسه و قومه على دينٍ صحيحٍ، و أنّهم أهل الخير و الرّشاد، و لهذا يقول لقومه بلهجة جبريّة " دكتاتورية " فيما ذكره الله عنه: ما أقول لكم و أشير عليكم إلاّ ما أراه لنفسي، و ما أدعوكم إلاّ إلى طريقِ الحقِّ و الصّدقِ و الرشدِ، و أنّ من لم يكن معنا و يتبعنا و يسلك سبيلنا فهو ضدّنا و عدوّنا [/font]!![font="] و لهذا لمّا كان موسى عليه السلام و قومه ضدّهم اجتهد فرعون في محاربتهم و تعذيبهم و إذلالهم، و لمّا رحلوا عنه لم يتركهم و شأنهم، بل خرج هو و جنوده في مطاردتهم، و أسرع إلى اللّحاق بهم وهو يحسب أنّه يحسن صنعا، و لم يدر هذا الكافر البغيض أنّه يُسرع إلى حتفه و الغرق في البحر، ليجعل الله تبارك و تعالى منه عبرة لمن خلفه من الحكّام الكفرة الظلمة الذين يسيرون على نهجه و يتبعون طريقته في الحكم و إرغام الناس على ما يرونه صحيحا و راشدا، في حين أنّه الكفر و الضلال، و الكذب و الإفك و البهتان..[/font]
[font="]و قد اتّهم المشركون محمّدا صلى الله عليه و سلم بالسحر و الكذب، لكونه دعاهم إلى عبادة الله الواحد الأحد و نبذ ما يعبدون من الآلهة التي يصنعونها بأنفسهم من الخشب و الحجارة..فقالوا: أجعل الآلهة إلها واحد، إنّ هذا لشيء عُجاب.. فالشرك و عبادة الأصنام و الآلهة المتعدّدة، هي باعتقادهم دين سليم صحيح، فظنّوا أنّهم هم أهل الخير دون غيرهم.[/font]!![font="] أمّا رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي بلّغهم بأنّ الله ربّ العلمين و فاطر السماوات و الأرض هو واحد و لا إله غيره، فهو بنظرهم قد اختلق هذا الأمر، لأنّه يريد الشرف و الاستعلاء، و أنّ ما جاء به هو شرٌّ و أنّ من يتبعونه من الناس هم أهل الشرِّ[/font]!![font="][/font]
[font="]هكذا كان الموقف دائما بين المؤمنين الأخيار و الكافرين الأشرار، و سيظلّ الموقف نفسه يتكرّر في كلّ عصر و في كلّ بلد إلى آخر الزمان، فمن سنّة الله سبحانه: " و تلك الأيّامُ نُداولُها بين الناسِ و ليعلم اللهُ الذين آمنوا و يتّخِذ منكم شُهداءَ و اللهُ لا يُحِبُّ الظّالمين [/font][font="]*[/font][font="] [/font][font="]و ليُمَحِّصَ اللهُ الذين آمنوا و يمْحَقَ الكافرين [/font][font="]*[/font][font="] [/font][font="]أمْ حسبتم أن تدخُلُوا الجنَّة و لمّا يعلمِ اللهُ الذين جاهدوا منكم و يعْلَمَ الصّابرين "[/font][font="]. [/font][font="]( سورة آل عمران الآيات: 140/142 )[/font][font="] [/font][font="].[/font]
[font="]عبادَ الرحمان، [/font][font="]ما للألسنِ عن الشكر قاصرةٌ ؟ و ما للعيونِ إلى زهرةِ الدّنيا الفانية ناظرةٌ ؟ و ما للقلوبِ عن طريق الهداية الواضحة حائرةٌ ؟ و ما للهمم عن العمل الصالحِ فاترةٌ ؟ و ما للنفوس لا تتزوّد وهي مسافرةٌ ؟ و ما لها لا تتأهّب للنقلةِ إلى الدّارِ الآخرة ؟ أَرُكُونًا إلى الدّنيا و قد كُسِّرتْ أعناق الأكاسرة؟ و قُصِّرت آمال القياصرة ؟ و أدارت على أهلها من تقلّبها الدّائرة ؟ أم اغترارًا بالإقامةِ و مطايا الأيام بكم في كلّ لحظة سائرة ؟ أم تسويفًا بالأعمال فهذه و الذي لا إله غيره الصفقة الخاسرة ؟ فاتّقوا الله حقّ تقاته و عظّموا نواهيه و أوامره و تدبّروا آياته، فما هذه الغفلة عن الاتّعاظ ؟ و ما هذه الرّقدة و أنتم أيقاظ؟ اتّقوا الله و كفّوا أيديكم و أمسكوا ألسنتكم و غضّوا أبصاركم، فإنّ النظرة سهمٌ من سهام إبليس، من تركها مخافة من الله أبدله بها إيمانا يجد حلاوته في قلبه.. و توبوا إلى الله أيّها المؤمنون، و صلوا و سلموا على نبيّكم الأمين المأمون الذي أُمرتم بالصلاة و السلام عليه قديما بقول الحقّ[/font][font="]:" إنّ الله و ملائكته يصلّون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما "..[/font][font="] اللهم فصلّ و سلم على عبدك و رسولك محمد النبيّ الهاشمي العربي الأوفى.. و ارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، و السادة الحنفاء، أبي بكر و عمر و عثمان و علي و عن سائر الصحابة أهل الصدق و الوفاء، و عن التابعين ومن تبعهم بإحسان و لطريقتهم اقتفى، و عنّا معهم بعفوك و كرمك و إحسانك يا خير من تجاوز و عفا.. اللهم أعزّ الإسلام و المسلمين، و أذلّ الشرك و المشركين، و احم حوزة الدين، و اجعل هذا البلد آمنا مطمئنّا و سائر بلاد المسلمين يا ربّ العالمين.. اللهم أرسل على اليهود الصهاينة الريح القواصف، و البراكين و العواصف و أملأ قلوبهم بالرعب و المخاوف.. اللهم نكّص لهم كلّ راية و حلّ بينهم و بين كلّ غاية.. اللهمّ اجعل تدبيرهم في تدميرهم.. اللهم شتّت اليهود و من والاهم في كلّ مكان، و دمّرهم في كلّ عصر و زمان، و اجعل كيدهم في خصر و وهن.. يا من قهرت الجبابرة، يا من قصمت القياصرة، يا من خضعت لك رقاب الفراعنة، اجعل رقاب اليهود تحت أقدام أمّة محمّد.. يا مغيث أغث أمّة محمّد.. يا مستجير أجر أمّة محمّد.. أغث المسلمين في كلّ مكان.. يا من ليس معه ربّ يدعى.. و لا إله يرجى.. و لا فوقه خالق يخشى.. و لا وزير يؤتى.. و لا حاجب يرشى.. يا من ضجّت بين يديه الأصوات، و سكبت الدّموع بالعبرات و الزفرات.. ملحين بالدعوات، فحاجتنا إليك يا ربّ، مغفرتك و رضى منك عنّا.. لا سخط بعده، و هدى لا ضلال بعده، و علم لا جهل بعده و حسن الخاتمة و النجاة من النار و الفوز بالجنّة.. يا أرحم الراحمين يا ربّ العالمين.. يا مالك الملك.. يا ذا الجلال و الإكرام.. [/font]
[font="]اللهم انشر رحمتك على هذه البلاد، و اقمع أهل الشرك و الريب و الفساد، يا من له الدنيا و الآخرة و إليه المعاد..اللهم إننا جئنا إلى بيتك نرجو ثوابك و فضلك و نخاف عذابك، اللهم حقّق لنا ما نرجو و أمنّا مما نخاف، اللهم تقبل منا و اغفر لنا و ارحمنا، اللهم انصرنا على عدوّنا و اجمع كلمتنا على الحقّ، و يسرنا لليسرى، و جنبنا العسرى، و اغفر لنا في الآخرة و الأولى إنّك كريم جواد يا أرحم الراحمين.. يا ربّ العالمين..[/font]
[font="]عباد الله إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعذكم لعلكم تذكرون، اذكروا الله يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم و لذكر الله أكبر و أعلى و أعظم و الله يعلم ما تصنعون.. و قوموا إلى صلاتكم فإنكم بين يدي الملك الديان..[/font]
[font="] [/font]

[font="] الشيخ محمّد الشاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] بالزّهور الرّابع - تونس [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="] [/font]
المشاهدات 3365 | التعليقات 0