في ذكرى الإسراء و العروج

الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
1433/07/13 - 2012/06/03 13:35PM
[font="] موضوع للنّقاش و التحقيق
[/font]




[font="]في ذكرى الإسراء و العروج[/font]


[font="]بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه..أمّا بعد:[/font]

[font="]عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه أنّه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: " لمّا فرغت ممّا كان في بيت المقدس، أُتِيَ بالمعراج، و لم أرَ شيئا قطّ أحسن منه، وهو الّذي يمدّ إليه ميّتكم عينيه إذا حضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتّى انتهى بي إلى بابٍ من أبواب السماء، يقال له: باب الحفظة، عليه ملكٌ من الملائكة، يقال له: إسماعيل، تحت يديه إثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كلّ ملك منهم إثنا عشر ألف ملك، قال: يقولرسول الله صلى الله عليه و سلم حين حدّث بهذا الحديث: و ما يعلم جنود ربّك إلاّ هو، فلمّا دخل بي، قال: من هذا يا جبريل؟ قال: محمّد. قال: أَوَ قَدْ بُعِثَ؟ قال: نعم، قال: فدعا لي بخير و قاله..[/font]
[font="]
* المحور الأوّل: قصّة المعراج[/font]


[font="]قال ابن إسحاق عن بعض أهل العلم عمّن حدّثه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، أنّه قال: " تلقتني الملائكة حين دخلت السّماء الدّنيا، فلم يلقني ملك إلاّ ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا و يدعو به، حتّى لقيني ملكٌ من الملائكة فقال مثل ما قالوا، و دعا بمثل ما دعوا به، إلاّ أنّه لم يضحك، و لم أرَ منه من البِشْرِ مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل: يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة و لم يضحك، و لم أرَ منه من البِشْرِ الذي رأيت منهم؟ قال: فقال لي جبريل: أمّ إنّه لو ضحك إلى أحدٍ كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحدٍ بعدك، لضحك إليك، و لكنّه لا يضحك، هذا مالك خازن النّار ". فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " فقلت لجبريل، وهو من الله تعالى بالمكان الذي وصف لكم " مُطاعٍ ثمَّ أمينٍ ".[/font][font="]( سورة التكوير الآية: 21 )[/font][font="] ألا تأمُرُه أن يُريني النّار؟ [/font][font="]فقال: بلى، يا مالك، أرِ محمّدًا النّار. قال: فكشف غطاءها، ففارت و ارتفعت حتّى ظننت لِتأْخُذَ ما أرى، قال: فقلت لجبريل: يا جبريل، مُرْهُ فليردّها إلى مكانها، قال: فأمره، فقال لها: اخبي، فرجعت إلى مكانها الّذي خرجت منه، فما شبهت رجوعها إلاّ وقوع الظلّ، حتّى إذا دخلت من حيث خرجت ردّ عليها غطاءها ". [/font]
[font="]قال أبو سعيد الخدريّ في حديثه: إنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " لمّا دخلت السّماء الدّنيا، رأيت بها رجلا جالسا تُعْرَضُ عليه أرواح بني آدم، فيقول بعضها إذا عرضت عليه خيْرًا و يُسَرُّ به، و يقول: روح طيّبة خرجت من جسدٍ طيِّبٍ، و يقول لبعضها إذا عرضت عليه: أف، و يعبس بوجهه و يقول: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك آدم، تعرض عليه أرواح ذريّته، فإذا مرّت به روح المؤمن منهم سُرَّ بها، و قال: روح طيّبة خرجت من جسدٍ طيِّبٍ، و إذا مرّت به روح الكافر منهم أفّف منها و كرهها، و ساءَهُ ذلك، و قال: روح خبيثة خرجت من جسدٍ خبيث ".[/font]

[font="]* * * [/font]


[font="]قال: " ثمّ رأيت رجالا لهم مشافر ( أي: شفّة الجمل ) كمشافر الإبل، في أيديهم قطع من نار كالأفهار، يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما ".[/font]

[font="]* * * [/font]


[font="]قال: " ثمّ رأيت رجالا لهم بطون لم أَرَ مثلها قطّ بسبيل آل فرعون، يمرّون عليهم كالإبل المهيومة ( أي: العطاش ) حين يعرضون على النّار، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحوّلوا من مكانهم ذلك، قال: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الرّبا ".[/font]
[font="]قال: " ثمّ رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثمين طيّب، إلى جنبه لحم غثّ منتن يأكلون من الغثّ المنتن، و يتركون الثمين الطيّب. قال: قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يتركون ما أحلّ الله لهم من النساء، و يذهبون إلى ما حرّم الله عليهم منهنّ ".[/font]
[font="]قال: " ثمّ رأيت نساء معلّقاتٍ بثُدِيِهِنَّ، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء اللاّتي أدخلن على الرجال مَنْ ليْس من أولادهم ".[/font]
[font="]و حدّث جعفر بن عمرو عن القاسم بن محمّد أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلّم قال: " اشتدّ غضب الله على امرأة أَدْخلت على قومٍ مَنْ ليس منهم، فأكل حرائبهم، و اطّلع على عوراتهم ".[/font]

[font="]* * * [/font]

[font="]ثمّ رجع إلى حديث أبي سعيد الخدريّ، قال: " ثمّ أصعدني إلى السّماء الثانية، فإذا فيها ابنا الخالة ( أمّ عيسى: مريم، و أمّ زكريا " إليا صايات " خالتها، و يقال بأنّ اسم أُمُّ مريم حَنَّة ). عيسى بن مريم، و يحي بن زكريا، قال: ثمّ أصعدني إلى السّماء الثالثة، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك يوسف بن يعقوب. قال: ثمّ أصعدني إلى السمّاء الرّابعة، فإذا فيها رجل فسألته: من هو؟ قال: هذا إدريس، قال: يقول رسول الله صلى الله عليه و سلّم: " و رفعناه مكانا عليّا ".[/font][font="]( سورة مريم الآية: 75 )[/font][font="]قال: ثمّ أصعدني إلى السّماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرّأس و اللحية عظيم العثنون ( اللحية )، لم أَرَ كهلا أجمل منه، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا المحبّ في قومه هارون بن عمران. قال: ثمّ أصعدني إلى السمّاء السّادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى ( المرتفع قصبة الأنف )، كأنّه من رجال شنوءة ( قبيلة من الأزد )، فقلت له: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران، ثمّ أصعدني إلى السّماء السّابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسيّ إلى باب البيت المعمور، يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة، لم أَرَ رجلا أشبه بصاحبكم، و لا صاحبكم أشبه به منه، قال: قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم. قال: ثمّ دخل بي الجنّة، فرأيت فيها جارية لعساء ( اللّعس في الشفاه: حمرة تضرب إلى السّواد )، فسألتها: لمن أنت؟ و قد أعجبتني حين رأيتها، فقالت: لزيد بن حارثة، فبشّر بها رسول الله صلى الله عليه و سلم زيد بن حارثة ".

[/font]
[font="]* المحور الثاني: الخلاف في رؤية الله تعالى.[/font]



[font="]أثبت ابن عباس رضي الله عنهما و غيره رؤيته صلى الله عليه و سلم لربِّه، و نفت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن تكون تلك الرؤية قد حدثت، فقد روى مسروق فقال: كنت متّكئا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلّم بواحدة منهنّ، فقد أعظم على الله تعالى الفرية، قلت: ما هنّ؟ قالت: من زعم أنّ محمّدا صلى الله عليه و سلم رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية، قال: و كنت متّكئا فجلست، فقلت: يا أمّ المؤمنين أنْظريني و لا تعجليني، ألم يقل الله تعالى: " و لقد رءاهُ بالأُفُقِ المبينِ ".[/font][font="]( سورة التكوير الآية: 23 )[/font][font="] " و لقد رءاه نزلة أخرى ". [/font][font="]( سورة النجم الآية: 13 )[/font][font="].[/font]
[font="]فقالت: أنا أوّل هذه الأمّة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال: " لا، إنّما هو جبريل لم أَرَهُ على صورته الذي خُلِقَ عليها غير هاتين المرّتين، رأيته منهبطا من السّماء سادًا عِظَمُ خلقه ما بين السماء إلى الأرض ".[/font]
[font="]و في رواية ابن مردويه من طريق أخرى، عن داود بن أبي هند، عن الشعبيّ، عن مسروق: فقالت: أنا أوّل من سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذا، فقلت: يا رسول الله هل رأيت ربَّك؟ فقال: " إنّما رأيت جبريل منهبطا " و لا يخفى أنّ جواب رسول الله صلى الله عليه و سلم ظاهر في أنّ الضمير المنصوب في ( رآه ) ليس راجعا إليه تعالى بل إلى جبريل عليه السلام، و شاع أنّها تنفي أن يكون صلى الله عليه و سلم رأى ربّه سبحانه مطلقا، و تستدلّ لذلك بقوله تعالى: " لا تُدْرِكُهُ الأبصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأبْصارَ ". [/font]
[font="]( سورة النعام الآية: 103 )[/font][font="] و قوله سبحانه: " و ما كان لبشرٍ أنْ يكلِّمَهُ اللهُ إلاّ وَحْيًا أو مِنْ وراءِ حِجابٍ أو يُرْسِلَ رَسولاً ". [/font][font="]( سورة الشورى الآية: 51 )[/font][font="]. صدق الله العظيم و صلّى الله على سيدنا محمّد و على آله و صحبه و التّابعين..[/font]


[font="]الشيخ محمّد الشاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب [/font]
المشاهدات 2453 | التعليقات 0