فوائد من حديث قصة جريج العابد (16/1/1434)
عايد القزلان التميمي
1434/01/15 - 2012/11/29 19:42PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فهذه
الحمد لله الحليم الرحيم؛ دافع البلاء، وكاشف الضراء، نحمده على الرحمة والنعماء، ونستعين به على البأساء والضراء، ونستغيث به لرفع الفتنة والبلاء؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أكثر الناس رجاء لله تعالى، وتوكلا عليه، ورغبة فيه، وثقة به ؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد :
فأوصيكم أيها المؤمنون ونفسي بتقوى الله، فهي خير زاد في الدنيا والآخرة، وبها النجاة يوم القيامة، يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
أيها المؤمنون ، لقد قَصَّ علينا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – في أحاديثه الشريفة قَصَصًا متنوعةً ، فيها العِبْرة والعِظَة ، كما أن فيها العلم الواسع والعقيدة الراسخة.
وإن من تلك القصص العجيبة التي ذكرها رسولنا صلى الله الله عليه وسلم – قِصَّة جُرَيْج ، وما ابْتَلَتْ به بنو إسرائيلَ جُرَيْجًا مِن الابتلاء بفِتْنَةِ النساء ، وما أنْقَذَه الله به من تلك الفتنة العظيمة ، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما أن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – قال : « لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ، قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ، فَوَلَدَتْ مِنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا.»
أيها المؤمنون/ إن جُرَيْجاً كان من بني إسرائيل ، وكان في ديانتهم جَوَازُ البعد عن الناس والتفرغ إلى العبادة ، كما قال تعالى : ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾
عباد الله / وفي هذه القصة فوائد منها :
أن عقوق الوالدين عظيم وأن عقوبته معجَّلةٌ في الدنيا قبل الآخرة ,وأن دعاءَ الوالدين على أولادهم مستجَاَبةٌ ، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : « ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ المَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ))،
فانظروا إلى دعوة الأم على هذا العبد الصالح بأن يُرِيَهُ اللهُ وُجُوهَ المومِسات ، فأجابَ اللهُ دَعْوَتها .
عباد الله ومن فوائد هذا الحديث : أن أهل الفُجورِ لا يَهْدَءُونَ إلا إذا أَفْسَدوا الناسَ ، وأفسدوا أهلَ الإيمانِ والصلاحِ بخاصةٍ ، فتارةً يتعرَّضُون لهم مباشرةً ، وتارةً بِنَشرِ الدَّعَايات ، وبَثّ الشائعات التي تَنْقُص مِن قَدْرِهم ، لكي لا يتأثر الناسُ بعبادتهم ، ولا يتأثر الناس بصلاحهم ، ولا يقتدي الناس بأولئك الصالحين ، فيَضْعُف نَشْر الحق والصلاح بين الناس .
أيها المؤمنون ، وفي هذه القصة أن العبد الصالح يُجْعَلُ له بتقواه من كل هَمٍّ أو ضِيقٍ فَرَجاً ومخرجا ، ومن كل بَلاءٍ عافيةٌ.
عباد الله ومن فوائد هذا الحديث : الفزع إلى الصلاة عند حدوث المكروه: فإن جُريجاً لما ضربوه وسبُّوه وشتموه واتهموه بأنه هو الذي زنى بالمرأة قال: (دعوني أصلي) فصلى حتى تقوى الصلة بالله، ويكون الدعاء أحرى بالإجابة، ثم دعا الله.
ثم اعلموا أن الفزع إلى الصلاة عند المصائب من الأمور المهمة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} و (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ، ولسائر المؤمنين من كل ذنب ، فاستغفروه ، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله على إحسانه ، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله ، صَلِّ اللهُ عليه وعلى آله وصَحْبه ، وسَلِّمْ تَسْليمًا كثيرًا إلى يوم الدين
أما بعد :
فيا عباد الله ومن فوائد هذا الحديث :أن بنو إسرائيل لما تذاكروا جُريجاً وعبادته حَسدوه، والبَغِيُّ كما في رواية لما قالت: (إن شِئتُم لأفْتِنَنَّه! قالوا: شِئْنَا) وذكر الله في كتابه حسد أهل الكتاب للمؤمنين {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} فحسد الصالحين على صلاحهم شيء موجود، وبعض الناس يُحْسَدون على أموالهم، ويُحْسَدون على ثيابهم، وعلى سياراتهم وبيوتهم، يعني: حسد على الدنيا، وبعض الناس يُحْسَدون على دينهم، فإن كان حسداً بمعنى الغبطة، يعني: أن يتمنى الإنسان أن يكون عنده إيمان قوي وعبادة مثل ما عند فلان من العبادة، أما إن كان حسداً كأن يتمنى أن هذا الصالح يُفْتَن ويَضِل، كما قال بنو إسرائيل للبغي: (شئنا) يعني: تعرضي له، فهذه من المصائب، وهي موجودة، وقد يُبْتَلى بها بعض عباد الله الصابرين، يبتلون بمن يريد أن تزول عنهم الهداية، أن تزول عن هذا العابد الهداية وعن طالب العلم العلم، والعياذ بالله، فليس إلا الصبر والاعتصام بالله عز وجل.
هذا واعلموا رَحِمَني اللهُ وإياكم أن الله – جل جلاله – أَمَرَنَا بالصلاة على نبيه ، فقال سبحانه : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
فوائد من حديث قصة جُرَيج العَابِد
خطبة الجمعة 16/1/1434هـ
الحمد لله الحليم الرحيم؛ دافع البلاء، وكاشف الضراء، نحمده على الرحمة والنعماء، ونستعين به على البأساء والضراء، ونستغيث به لرفع الفتنة والبلاء؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ أكثر الناس رجاء لله تعالى، وتوكلا عليه، ورغبة فيه، وثقة به ؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد :
فأوصيكم أيها المؤمنون ونفسي بتقوى الله، فهي خير زاد في الدنيا والآخرة، وبها النجاة يوم القيامة، يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.
أيها المؤمنون ، لقد قَصَّ علينا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – في أحاديثه الشريفة قَصَصًا متنوعةً ، فيها العِبْرة والعِظَة ، كما أن فيها العلم الواسع والعقيدة الراسخة.
وإن من تلك القصص العجيبة التي ذكرها رسولنا صلى الله الله عليه وسلم – قِصَّة جُرَيْج ، وما ابْتَلَتْ به بنو إسرائيلَ جُرَيْجًا مِن الابتلاء بفِتْنَةِ النساء ، وما أنْقَذَه الله به من تلك الفتنة العظيمة ، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما أن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – قال : « لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ، قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ، فَوَلَدَتْ مِنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا.»
أيها المؤمنون/ إن جُرَيْجاً كان من بني إسرائيل ، وكان في ديانتهم جَوَازُ البعد عن الناس والتفرغ إلى العبادة ، كما قال تعالى : ﴿ وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ﴾
عباد الله / وفي هذه القصة فوائد منها :
أن عقوق الوالدين عظيم وأن عقوبته معجَّلةٌ في الدنيا قبل الآخرة ,وأن دعاءَ الوالدين على أولادهم مستجَاَبةٌ ، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : « ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَات لاَ شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ المَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ))،
فانظروا إلى دعوة الأم على هذا العبد الصالح بأن يُرِيَهُ اللهُ وُجُوهَ المومِسات ، فأجابَ اللهُ دَعْوَتها .
عباد الله ومن فوائد هذا الحديث : أن أهل الفُجورِ لا يَهْدَءُونَ إلا إذا أَفْسَدوا الناسَ ، وأفسدوا أهلَ الإيمانِ والصلاحِ بخاصةٍ ، فتارةً يتعرَّضُون لهم مباشرةً ، وتارةً بِنَشرِ الدَّعَايات ، وبَثّ الشائعات التي تَنْقُص مِن قَدْرِهم ، لكي لا يتأثر الناسُ بعبادتهم ، ولا يتأثر الناس بصلاحهم ، ولا يقتدي الناس بأولئك الصالحين ، فيَضْعُف نَشْر الحق والصلاح بين الناس .
أيها المؤمنون ، وفي هذه القصة أن العبد الصالح يُجْعَلُ له بتقواه من كل هَمٍّ أو ضِيقٍ فَرَجاً ومخرجا ، ومن كل بَلاءٍ عافيةٌ.
عباد الله ومن فوائد هذا الحديث : الفزع إلى الصلاة عند حدوث المكروه: فإن جُريجاً لما ضربوه وسبُّوه وشتموه واتهموه بأنه هو الذي زنى بالمرأة قال: (دعوني أصلي) فصلى حتى تقوى الصلة بالله، ويكون الدعاء أحرى بالإجابة، ثم دعا الله.
ثم اعلموا أن الفزع إلى الصلاة عند المصائب من الأمور المهمة، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} و (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ، ولسائر المؤمنين من كل ذنب ، فاستغفروه ، وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله على إحسانه ، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنَانِهِ ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله ، صَلِّ اللهُ عليه وعلى آله وصَحْبه ، وسَلِّمْ تَسْليمًا كثيرًا إلى يوم الدين
أما بعد :
فيا عباد الله ومن فوائد هذا الحديث :أن بنو إسرائيل لما تذاكروا جُريجاً وعبادته حَسدوه، والبَغِيُّ كما في رواية لما قالت: (إن شِئتُم لأفْتِنَنَّه! قالوا: شِئْنَا) وذكر الله في كتابه حسد أهل الكتاب للمؤمنين {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} فحسد الصالحين على صلاحهم شيء موجود، وبعض الناس يُحْسَدون على أموالهم، ويُحْسَدون على ثيابهم، وعلى سياراتهم وبيوتهم، يعني: حسد على الدنيا، وبعض الناس يُحْسَدون على دينهم، فإن كان حسداً بمعنى الغبطة، يعني: أن يتمنى الإنسان أن يكون عنده إيمان قوي وعبادة مثل ما عند فلان من العبادة، أما إن كان حسداً كأن يتمنى أن هذا الصالح يُفْتَن ويَضِل، كما قال بنو إسرائيل للبغي: (شئنا) يعني: تعرضي له، فهذه من المصائب، وهي موجودة، وقد يُبْتَلى بها بعض عباد الله الصابرين، يبتلون بمن يريد أن تزول عنهم الهداية، أن تزول عن هذا العابد الهداية وعن طالب العلم العلم، والعياذ بالله، فليس إلا الصبر والاعتصام بالله عز وجل.
هذا واعلموا رَحِمَني اللهُ وإياكم أن الله – جل جلاله – أَمَرَنَا بالصلاة على نبيه ، فقال سبحانه : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
المرفقات
فوائد من قصة جريج العابد.doc
فوائد من قصة جريج العابد.doc