فوائد المخدرات !

شعيب العلمي
1442/10/24 - 2021/06/05 21:36PM

عباد الله : فكّروا معي في جواب هذا السؤال؟ ما السرّ  في المخدرات التي جعلت شبابنا يتعلقون بها هذا التعلق الكبير؟ ما هذه الفائدة فيها، التي جعلت عدد المنضمين لصفوف إدمانها يزدادون يوما بعد يوم بشكل خطير؟ حتى صرنا نسمع عن فتيان على مشارف البلوغ يجربون المخدرات، وعن نخبة من مثقفي المجتمع وقعوا في تلك المستنقعات عباد الله : فعلا للمخدرات فائدة .. هي تلك النشوة واللذة التي ترحل بمتعاطيها لعالم آخرَ غير العالم الذي يعيش، تُنسيه همومه ومشاكله التي نغصت حياته وأفسدت عليه معيشته، هذه فائدة تعاطي المخدرات، وأحسبُ أن لا فائدة غيرها، غير أن هذه الفائدة فائدةٌ وهمية، يعيش متعاطي المخدرات نشوة وسعادة مؤقتة، ليستفيق من تلك النشوة، ويزول سراب تلك السعادة ليجد همومه ومشاكله لا زالت هي هي، بل يجدها تضاعفت وزادت وسبب زيادتها المسكرات والمخدرات ذاتها 

عباد الله : إن رجعنا بالتّأمل في المخدرات تأملا عميقا، سنجد أنّ هناك فوائدَ أخرى غير تلك التي ذكرنا، وفوائدُ عديدة أيضا، ولكن هذه المرة ليست فوائدَ لمن يتعاطى المخدرات كلا ، إنما هي فوائد للشيطان ضدّ بني الإنسان عباد الله: لقد أعلنها الشيطان صريحةً، وأقسم لربّ الجلالة، بكل حقد وحسد ووقاحة قائلا : (فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)، ولقد وجد الشيطان الرجيم أنّ المسكرات عموما والمخدرات خصوصا من أهم الوسائل التي تعينه على بلوغ غايته، وإرواء غليله، في غواية بني آدم وتحقيق فائدته ضدّه .

نعم عباد الله إن للشيطان فوائد وفوائد عديدة حينما يوقعك في شراك المخدرات، منها: أن يفسد بينك وبين فئات كثيرة من الناس أولهم والديك، ليوقعك الشيطان في واحدة من أكبر الذنوب والمعاصي والتي هي العقوق، مرةً بعصيانك أوامرَهم، وأخرى رفعا لصوتك عليهم، وثالثةً بسبّهم وشتمهم، بل يوصلك إلى الاعتداء عليهم وضربهم والسبب المخدرات، ولو لم يكن في المخدرات إلاّ ذلك الحزن والحيرة، والقلق والحسرة التي تصيب والديك بسبب إدمانك لكفى به مظهرا سيئا مشينا من مظاهر العقوق، قال رسول الله ﷺ : (أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟) قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ)(متفق عليه) . فائدة الشيطان من المخدرات ـ

عباد الله ـ أن يفسد بين الرجل وامرأته، ليملأ حياتهم بالخصومات والمهاترات، فتؤولُ العلاقة بينهما إلى الطلاق، وتنتهي الأسرة بالشتات والفراق، والضحية الكبرى هم الأولاد، إن بقوا مع أب يتعاطى المخدرات فما هم في خير، وإن تشتت شمل الأسرة فما هم في خير، أما الشيطان فسيكون في غاية الغبطة والسرور، قال رسول الله ﷺ : (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نِعْمَ أَنْتَ)(مسلم) سيفسد الشيطان بالمخدرات بينك وبين إخوتك، بينك وبين أرحامك، بينك وبين جيرانك، حتى بينك وبين أحبابك وأصحابك، فكم من علاقة طيبة ضاعت، وإلى العداوة تحولت، في الدنيا قبل الآخرة والسبب المخدرات، وياليتها توقفت عند مجرد العدواة بل تعدت، لتصل إلى القتل وإزهاق الأرواح، كما نحن نسمع ونرى، وإلى الله المشتكى

عباد الله : لقد أبان الله تبارك وتعالى ذلك حينما قال: ( إنما يريد أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر)، ويدخل في الخمر المخدرات، بل هي أولى، فكل مسكر خمرٌ، سواء كان سائلا يُشرب أو جامدا يبلعُ أو يدخن أو يشمّ أو يحقن، ليس هذا فقط عباد الله، فللشيطان فوائد أخرى، أشدّ و أشدّ وأخزى، وهي أن يفسد بينك وبين الخالق جل وعلا، كما قال سبحانه في تتمة الآية السابقة : ( إنما يريد أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة) ، يسعى الشيطان جاهدا ليبعدك عن ذكر الله تعالى الذي به حياة قلبك الحقيقية، ولذة نفسك السرمدية، (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، فبدل أن يكون اللسان رطبا من ذكر الله، تجده نجسا بالكلام البذيء والشتم والسبّ حتى على ربّ العالمين وبأقبح العبارات ومع ذلك أيضا يسعى الشيطان ليشغلك عن الصلاة التي هي عمود دينك، وراحة بالك، ومفتاح فلاحك ونجاحك في الدنيا والآخرة، كما كان النبي ﷺ يقول عنها : (أرحنا بها يا بلال)

عباد الله : حري بكم أن تعلموا أن الشيطان يستفيد؛ ويستمتع أيما استمتاع حين يرى نفسه قد ضيّع لك حاضرك ومستقبلك بالمخدرات، يضيع لك دراستك، يضيع لك عملك ووظيفتك، يضيع لك تجارتك وأموالك التي ستسأل عنها يوم القيامة، قال رسول الله ﷺ : (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه)(الترمذي)، وكم اضطرت المخدرات أصحابها أن يتعدوا على أموال الناس سرقةً ونهباً، بل اضطرت بعضهم لبيع عرضهم وشرفهم دياثةً وعهراً، كلّ ذلك في سيبل تحصيل المال، لشراء ذلك الوبال عباد الله : إنّ الشيطان سيفرح أيمّا فرح حين يرى نفسه قد ضيع لك بالمخدرات عمرك وشبابك ومن صور ضياع العمر والشباب أن يقضي العبد دهرا منهما وراء أسوار السجون بسبب المخدرات تعاطيا أو ترويجا أو ما انجر عنها من جرائم وجنايات، و(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن عمره فيما أفناه)

عباد الله : إن الشيطان سيبتهج أيما ابتهاج حينما يرى نفسه قد ضيع لك بالمخدرات عقلك فلا التركيز يبقى، ولا الذاكرة تقوى، الهلوسة والوسوسة  هي التي تطغى، وضيع لك صحتك بقائمة طويلة من الأمراض على القلب والكبد و الكلى وغيرها، و(لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن جسمه فيما أبلاه)، ومن أبشع صور تضييع الجسد، وضع الحد له بإزهاق روحه انتحارا عباد الله: المخدرات التي تخدع ضحاياها بتلك النشوة الآنية، والمتعة الوهمية، هي ذاتها التي تجعل كلّ شيء في حياتك مملا وسامجا، لا تجد لذة في عمل ولا رياضة، ولا مذاقا لعبادة ولا سياحة، لتعيش حياةً ملؤها التعاسة والقلق، والكآبة والأرق، اللذة الوحيدة يحصرها لك الشيطان في المخدرات لتزداد تعلقا بها يوما بعد يوم، وتغرق في قعرها ساعة بعد ساعة حتى تلقى رب العالمين على مظهر من مظاهر سوء الخاتمة  إلا أن يتداركك الله برحمة منه                                                  

عباد الله : هذا الذي سمعتموه هو موجز مختصر، وبيان معتصر لما سيحصل لكل من استجاب لشياطين الإنس والجن ومشى في طريق المخدرات.  تأكد أنّك إن سلمت منها الآن فالأيام ستريك تصديقَ ما سمعت، و إن عوفيت من شيء منها فلن تسلم من أخرى، ولن تخسر شيئا إن زرت المصحات النفسية ومراكز معالجة الإدمان لتجد الأعداد الهائلة من المبتلين، الذين  ترى ملامح الندم بادية على وجوههم، وسيما الألم والمعاناة من شرّ المخدرات ظاهرة على جفونهم  فيا عبد الله : خذ العبرة من غيرك خيرٌ من أن تكون أنت العبرة لغيرك، اقبل نصيحةَ من ينصحك، فإنّه ما نصحك إلا لمحبّته الخير لك ، واستجب لتحذير من وجّهك، فإنّه ما حذرك إلى مخافة الشّر عليك، في زمن قل فيه الناصح

  يا عبد الله تنجب المخدرات وأهلها من هذه اللحظة، وكن مستعدا فإنك لا تدري متى يفجأك الموت، جاهد واجتهد وصابر واصطبر ولا تيأسن، تعرّف على الوسائل المعينة على ترك المخدرات التي يضيق المقام عن بيانها، ونكتف منها بعد الدعاء وطلب العون من الله، أن تقترب من رفقة صالحة تعينك على الخير، وتبتعد عن رفقة السوء التي تدعوك للشرّ، فرّ منهم ومن مجالسهم، فرارك من صاحب الطاعون، فإن عدواهم إليك واصلة متى كنت قريبا منهم، ولذلك نهى النبي ﷺ عن مجرد مجالستهم فقال : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر) (الترمذي)، وكأنه ﷺ قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس مع قوم يتعاطون المخدرات، إذ الخمر والمخدرات سوا فاللهم يا حي يا قيوم احفظ علينا قلوبنا وإيماننا، واحفظ علينا عقولنا وإدراكنا، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيئاتنا، وتوفّنا مع الأبرار ..    

المرفقات

1623100065_فوائد المخدرات.pdf

المشاهدات 636 | التعليقات 0