فكّرْ بغيرِك..
احمد ابوبكر
1434/05/01 - 2013/03/13 04:44AM
خرج الفيلسوف اليونانيّ ديوجين ذات مرّة إلى السّوق حاملاً بيده مصباحًا في وضح النّهار، فأخذ يدور في السّوق، يبحث في الأماكن الضّيّقة وفي الزّوايا، عندما سألوه عن "ماذا يبحث"؛ قال: "أفتّش عن إنسان"!
إنّ صدمة هذه الإجابة تجعلنا نفكّر كثيرًا في الإنسان الذي في داخلنا؛ فما أحوجنا لذلك الكائن الذي أصبح يضمحلّ شيئًا فشيئًا.
إنّ مفردة (إنسان) لها دلالات عظيمة ومضيئة؛ فهو يدلّ على الأُنس، وحاجته للإيناس، وأنّه كائنٌ اجتماعيّ لا يستطيع أن يعيش بمفرده، له دور حيويّ في العلاقات، ومع النّاس والكائنات من حوله، وهو أيضًا إنسان له علاقة وطيدة بالنّسيان، ينسى البشاعة، ينسى المواقف المسيئة، وينسى الخذلان، ينسى الحروب والدّماء، ويتذكّر فقط الجمال..
إنّ ما تفعله السّمراء الرّائعة (أوبرا وينفري) من خدمات إنسانيّة، وما تقدّمه من تعليم وتبنٍّ، وإيواء للفقراء والمحرومين، واحتضان لليتامى والمقطوعين لهو عمل إنسانيّ عظيم وعميق، يشاركها في ذلك كثير من الفنّانين الذين يملكون ضميرًا حيًّا..
(Pay It forward ) في الفيلم الشّهير:
الذي يقوم بدور البطولة فيه الطّفل الأسطورة (هالي جويل) و الممثّل البارع (كيفن سبيسي). هذا الفيلم يكرّس فعلاً إنسانيًّا غاية في الرّوعة والإحسان؛ فالمعلّم يأمر طلابه بإيجاد أفكار تغيّر العالم، فكانت فكرة أحد طلابه (مرّره لغيرك) بحيث يسدي معروفًا لأشخاص، ويخبرهم أنّهم إذا أرادوا مكافأته فإنّ على كلّ واحد منهم أن يمرّر المعروف مضاعفًا إلى غيره، أي يصنعون معروفًا لأشخاص آخرين، وهكذا حتّى تعمّ الفكرة أرجاء المدينة، ثم تنتقل إلى العالم.
الطّالب (تريفور) بدأ فكرته بثلاثة أشخاص: أمّه، وصديقه، وأحد المشرّدين. أمّه لم تقتنع بالفكرة، لكنّها حاولت في السّر تمريرها، أمّا المشرّد فقد طردته أمّه عندما آواه، وهذا سبّب له إحباطًا في إكمال مشروعه، على الرّغم من أنّ أستاذه وعده بأن يعطيه الدّرجة كاملة، لكنّه كان مستاءً من ذلك؛ لأنّه يرغب بالفعل في تغيير العالم.
في إحدى المرّات رأى صديقه الذي قصده في مشروعه يُضرب أمامه، فقرّر أن يخلّصه من ذلك المأزق، لكنّه لم يعلم أنّه سيتلقّى طعنة ترديه قتيلاً..
مات (تريفور) ولم يعلم أنّ مدينته ستُضاء بشموع آلاف النّاس، آلاف البائسين، آلاف المحرومين،آلاف المعدمين الذين طالتهم فكرة تمرير المعروف!
الذي أريد قوله: إنّك لن تحقّق إنسانيّتك حتى تفكّر بغيرك، تساعد، تسامح، تبذل، تفكّر، وما أعظم الدّين وأجمله، وذلك عندما يحثّك المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ "أحبّ النّاس إلى الله أنفعهم"، "أن تحبّ لأخيك ما تحبّه لنفسك"، أنّ "تبسّمك في وجه أخيك صدقة"، حتى "إماطة الأذى عن الطّريق" تدلّ على أنّك تفكّر بغيرك، ونصوص غزيرة جدًّا في هذا الشّأن.
يقول محمود درويش:
وأنتَ تعدُّ فطورَك، فكّرْ بغيرك
لا تنسَ قوتَ الحمامْ
وأنت تخوضُ حروبَك فكّرْ بغيرك
لا تنسَ مَن يطلبون السّلامْ
وأنتَ تسدّد فاتورةَ الماء، فكّرْ بغيرك
مَن يرضعون الغمامْ
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتِك، فكّرْ بغيرك
لا تنسَ شعبَ الخيامْ
وأنتَ تنامُ و تحصي الكواكبَ، فكّرْ بغيرك
ثمّة مَن لم يجدْ حيّزًا للمنامْ
وأنتَ تحرّرُ نفسَك بالاستعارات، فكّرْ
بغيرك
مَن فقدوا حقّهم في الكلام ْ
وأنت تفكّر بالآخرين البعيدين، فكّرْ
بنفسك
قلْ: ليتني شمعةٌ في الظّلامْ
طاهر الزهراني - الاسلام اليوم
إنّ صدمة هذه الإجابة تجعلنا نفكّر كثيرًا في الإنسان الذي في داخلنا؛ فما أحوجنا لذلك الكائن الذي أصبح يضمحلّ شيئًا فشيئًا.
إنّ مفردة (إنسان) لها دلالات عظيمة ومضيئة؛ فهو يدلّ على الأُنس، وحاجته للإيناس، وأنّه كائنٌ اجتماعيّ لا يستطيع أن يعيش بمفرده، له دور حيويّ في العلاقات، ومع النّاس والكائنات من حوله، وهو أيضًا إنسان له علاقة وطيدة بالنّسيان، ينسى البشاعة، ينسى المواقف المسيئة، وينسى الخذلان، ينسى الحروب والدّماء، ويتذكّر فقط الجمال..
إنّ ما تفعله السّمراء الرّائعة (أوبرا وينفري) من خدمات إنسانيّة، وما تقدّمه من تعليم وتبنٍّ، وإيواء للفقراء والمحرومين، واحتضان لليتامى والمقطوعين لهو عمل إنسانيّ عظيم وعميق، يشاركها في ذلك كثير من الفنّانين الذين يملكون ضميرًا حيًّا..
(Pay It forward ) في الفيلم الشّهير:
الذي يقوم بدور البطولة فيه الطّفل الأسطورة (هالي جويل) و الممثّل البارع (كيفن سبيسي). هذا الفيلم يكرّس فعلاً إنسانيًّا غاية في الرّوعة والإحسان؛ فالمعلّم يأمر طلابه بإيجاد أفكار تغيّر العالم، فكانت فكرة أحد طلابه (مرّره لغيرك) بحيث يسدي معروفًا لأشخاص، ويخبرهم أنّهم إذا أرادوا مكافأته فإنّ على كلّ واحد منهم أن يمرّر المعروف مضاعفًا إلى غيره، أي يصنعون معروفًا لأشخاص آخرين، وهكذا حتّى تعمّ الفكرة أرجاء المدينة، ثم تنتقل إلى العالم.
الطّالب (تريفور) بدأ فكرته بثلاثة أشخاص: أمّه، وصديقه، وأحد المشرّدين. أمّه لم تقتنع بالفكرة، لكنّها حاولت في السّر تمريرها، أمّا المشرّد فقد طردته أمّه عندما آواه، وهذا سبّب له إحباطًا في إكمال مشروعه، على الرّغم من أنّ أستاذه وعده بأن يعطيه الدّرجة كاملة، لكنّه كان مستاءً من ذلك؛ لأنّه يرغب بالفعل في تغيير العالم.
في إحدى المرّات رأى صديقه الذي قصده في مشروعه يُضرب أمامه، فقرّر أن يخلّصه من ذلك المأزق، لكنّه لم يعلم أنّه سيتلقّى طعنة ترديه قتيلاً..
مات (تريفور) ولم يعلم أنّ مدينته ستُضاء بشموع آلاف النّاس، آلاف البائسين، آلاف المحرومين،آلاف المعدمين الذين طالتهم فكرة تمرير المعروف!
الذي أريد قوله: إنّك لن تحقّق إنسانيّتك حتى تفكّر بغيرك، تساعد، تسامح، تبذل، تفكّر، وما أعظم الدّين وأجمله، وذلك عندما يحثّك المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ "أحبّ النّاس إلى الله أنفعهم"، "أن تحبّ لأخيك ما تحبّه لنفسك"، أنّ "تبسّمك في وجه أخيك صدقة"، حتى "إماطة الأذى عن الطّريق" تدلّ على أنّك تفكّر بغيرك، ونصوص غزيرة جدًّا في هذا الشّأن.
يقول محمود درويش:
وأنتَ تعدُّ فطورَك، فكّرْ بغيرك
لا تنسَ قوتَ الحمامْ
وأنت تخوضُ حروبَك فكّرْ بغيرك
لا تنسَ مَن يطلبون السّلامْ
وأنتَ تسدّد فاتورةَ الماء، فكّرْ بغيرك
مَن يرضعون الغمامْ
وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتِك، فكّرْ بغيرك
لا تنسَ شعبَ الخيامْ
وأنتَ تنامُ و تحصي الكواكبَ، فكّرْ بغيرك
ثمّة مَن لم يجدْ حيّزًا للمنامْ
وأنتَ تحرّرُ نفسَك بالاستعارات، فكّرْ
بغيرك
مَن فقدوا حقّهم في الكلام ْ
وأنت تفكّر بالآخرين البعيدين، فكّرْ
بنفسك
قلْ: ليتني شمعةٌ في الظّلامْ
طاهر الزهراني - الاسلام اليوم