فَقدُ العلماء
يحيى جبران جباري
الحمد لله قضاؤه على الخلق وقع ، أحمده سبحانه واشكره عددماخلق وصنع ، وأستعينه وأستهديه وأستغفره ، وهو الغافر لمنتاب إليه من كل تقصير ، ومن كل ذنب له العبد جَمع ، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له ، هدى الناس إلى العلم ورفع به من رفع ،وأشهد أن محمدا عبدالله ورسوله أقام الله به الدين ونفع ، صلى اللهوسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ، حتى الواقعة تقع .
ثم أما بعد : فأوصيكم إخوة الدين ونفسي المقصرة بتقوى الله ربالعالمين خلق البشر من طين ، ورزقهم من كل زوجين اثنين ، وأعطىكل من سأله من السائلين ، فاتقوه وعودوا إليه أيها المسلمون ،لعلكم تفلحون ، فما الحياة الدنيا إلا إلى حين ، ثم تموتون ، ثم إلىربكم ترجعون (﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍواحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَالَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾ [النساء: ١)
أيها المسلمون : إعلموا رحمني الله وإياكم ، بأن العلم ميراث عظيم ،وما قام هذا الدين إلا على قاعدة ، ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ١ خلقالإنسان من علق ٢ إقرأ وربك الأكرم ٣ الذي علم بالقلم ٤ علم الإنسانمالم يعلم ه (العلق) والأنبياء ، ورسل رب السماء ، لم يورثوا درهماولادينارا ، إنما ورثوا العلم ، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن سلَكَ طريقًايلتَمِسُ فيهِ علمًا ، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ ، وإنَّ الملائِكَةَ لتَضعُأجنحتَها لطالِبِ العلمِ رضًا بما يصنعُ وإنَّ العالم ليستغفِرُ لَهُ مَنفي السَّمواتِ ومن في الأرضِ ، حتَّى الحيتانِ في الماءِ ، وفضلَالعالمِ على العابدِ كفَضلِ القمرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العُلَماءَورثةُ الأنبياءِ إنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنَّما ورَّثوا العلمَفمَن أخذَهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ) رواه أبوداوود والترمذي وابن ماجةوأحمد ، وصححه الألباني . فعلماء الأمة ، لهم فضل عظيم علىأهلها بعد نبيها ، فلولاهم بعد الله ، مابلغ هذا الدين كل مكان ، ولاعرَف عمومه وخصوصه كل إنسان ، ولا اندثر الحق من سالفالزمان ، وقد أقر لهم بخشيته رب السماء ، فقال عز من قائل كريما ( ﴿إِنَّما يَخشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ …الايه﴾ [فاطر: ٢٨] فلن يعرفحقهم وقدرهم ، إلا من جالسهم ، وزار حياضهم ، واستقى من معينأنهارهم ، وشنف آذانه بجميل كلامهم ، فبيان الحلال من الحرام ،اختصاصهم ، وتمييز المستحب من المكروه ، ينالهم ، وإظهار المباحللسائلين يطالهم ، والمسؤولية العظمى فيما يخص الدين فيأعناقهم ، هم أقمار الليالي إن خسفت ، وهم ضياء النهار إن شمسهكسفت ، وبهم النجاة بإذن الله إن الأمة انتحبت ، وبموتهم وفواتهمينتهي هذا كله ، لأن موتهم ثلمة ، وعلى الأمة غمة ،قال أيوبالسختياني رحمه الله : إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأنيأفقد بعض أعضائي ) يريد العلماء منهم ، فالعلم أيها الأحبة : لايرفع من الكتب ولا ينزع من الصدور ، إنما يقبض بموت العلماء ،فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : سمعت رسولالله صلى الله عليه وسلم يقول : إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ منَ النَّاسِ ، ولَكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العُلماءِ ، حتَّى إذا لم يترُك عالمًا اتَّخذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا ، فسُئلوا فأفتوا بغيرِ عِلمٍ فضلُّوا وأضلُّوا) رواه البخاري . فموت العالم ، مصاب جلل ، ويسببكبيرخلل ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (﴿أ قُل هَل يَستَوِي الَّذينَيَعلَمونَ وَالَّذينَ لا يَعلَمونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلبابِ﴾ [الزمر: ٩] (الزمر) بارك الله لي ولكم في السنة والكتاب وهداني وإياكم لما فيهما منخير وصواب ، وأستغفرالله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلماتوالمؤمنين والمؤمنات من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور التواب... ...
الخطبه الثانيه
. الحمدلله له نُسلم ، أحمده سبحانه وأشكره هو المنعم ، وأشهد أنهالإله الحق المُكْرِم ، وأن محمدا عبده ورسوله بها نجزم ، صلى اللهوسلم عليه مابقي لله مسلم ، وبعد : يامن لربه يستسلم ، إتق اللهتُكفى وتَسْلم (ياأيهاالذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلاوأنتم مسلمون ١٠٢ (آل عمران)
عبادالله : إن العلماء لهم عظيم قدر ، وبصلاحهم يصلح بإذن الله كلأمر ، وإن كانوا في الحق مع ولاة الأمر ، سيتحد الصف ، وينزلعلى الخلق من الله اللطف ، وكل شر وسوء سيكف ، لذا محال أنيفي بحقهم كل وصف ، قال الإمام أحمد -رحمه الله- في وصفالعلماء: يدعون مَن ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى،يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم مِنقتيل لإبليس قد أحيوه، وكم مِن ضال تائه قد هدوه ) وقال ابن القيم-رحمه الله- عنهم: هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهميهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهمإلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض من طاعة الآباء والأمهاتبنص الكتاب) وكان الإمام أحمد -رحمه الله - كثير الدعاء للشافعي - رحمه الله- فسأله ابنه عبد الله: يا أبتِ، أي شيء كان الشافعي، فإنيأسمعك تكثر الدعاء له؟ فأجاب رحمه الله: "يا بنيّ، كان الشافعيكالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، فانظر هل لهذين من خلف، أومنهما عوض ) ليت شعري أباق مثل هذا أم تقض !!! حفظ الله علماءالأمة ورعاهم ، ورحم من مات منهم ، والفردوس الأعلى من الجنةأعطاهم ، وأختم بلسان حال الجميع إن مات عالم من سابق أولاحق، بقولي :
الموت كأس كل الناس شاربه ،،، والعلم إرث لمن أبقاه في الناس
قدمات فذ جميع الخلق تعرفه ،،، أعطى من الجد جهدا دون مقياس
إن مات شيخ فنحن اليوم نفقده ،،، لكن خيرا عظيما له! يبقىكنبراس
ثم الصلاة على المبعوث من مضر ؛؛؛ ما عم نور الدنا من بعد إغلاس.
اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد ....