فضلُ يَوْم وصلاة الجمعة, وبيانُ سننها 8 /8 / 1446

أحمد بن ناصر الطيار
1446/08/07 - 2025/02/06 07:19AM

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيراً.  أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنَّ مِن أحب وأعظمِ الأيام عند الله تعالى, يومَ الجمعة, ويكفي في فضلِه وشرفِه قولُ النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ». رواه مسلم

ولهذا فقد خصَّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم, بمزيدِ عنايةٍ واهتمامٍ وعبادة, لأنه كلمَّا عظُم زمانٌ أو مَكانٌ, عظمت الطاعةُ والعبادةُ فيه.

وأعظم عبادةٍ نقوم بها في هذا اليوم: صلاة الجمعة, التي هي من آكد فروضِ الإسلام, ومن أعظم مجامع المسلمين, وهي أعظم مِن كلِّ مَجْمَعٍ يجمعون فيه, سوى مَجْمَعِ عرفة, ومن تركها تهاونًا بها طَبع الله على قلبه, وقُرْبُ أهل الجنة يوم القيامة وسَبْقُهُم إلى الزيارة يوم المزيد, بحسب قربهم من الإمام يوم الجمعة وتبكيرِهم. كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى.

ومن الأعمال العظيمة: التبكيرُ إلى الصلاة واسْتماع الخطبة, ويعظُم الأجر بحسب التبكير إليها, قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في الصحيحين: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ - أي الْمُبَكِّرِ إلى المسجد- كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي الْبَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الْبَيْضَةَ».

فهنيئاً للمبكرين في هذا اليوم الْمُبارك, كم سَتُثَقِّلُ ميزانَهم صدقاتٌ لا يعلم عددَها وعِظَمَها إلا الله, وأيُّ حرمانٍ لمن يجيءُ بعد طيِّ الملائكةِ صُحُفَهم, وانتهاءِ الفرصةِ السانحةِ في كونِه في عِدادِ الْمُتصدِّقين, كم يمرُّ علينا من أيامٍ طويلةٍ لا نتصدَّق فيها, ولو تصدَّقنا لتصدَّقنا بريالاتٍ قليلة, ولكن أنْ نعملَ عملاً يسيراً, ثم نُكتَبُ كمن تصدَّق بكبشٍ أو بقرةٍ أو بدنة, فهذا ما لا يخطر على بال, ولا يتكاسل عنه ويتهاون فيه إلا محرومٌ والعياذ بالله.

 

ومن سنن يوم الجمعة -يا أمَّةَ الإسلام-: ما ذكره النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ, وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ, وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ, أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ, ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ, ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ, ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ, إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى. رواه البخاري

فقد اشْتمل هذا الحديث على سبعِ سننٍ مِن سُنَنِ يَوْمِ الجمعة:

السنة الأولى: الغسل يوم الجمعة قبل الصلاة.

السنة الثانية: النظافةُ وإزالةُ الأوساخ.

السنة الثالثة: والادِّهان, وهو دَهْنُ شعرِ الرأس واللحية, مع تسريحِه وتمشيِطِه.

السنة الرابعة: الطّيب.

السنة الخامسة: أنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ, بأن يكون أحدُهما قُرْب الآخر, فيأتي رجلٌ ويجلس بينهما, أو يتخطاهما ويتعدَّاهما إلى صفٍّ متقدمٍ.

السنة السادسة: أنْ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ, ويُكثرَ فيه الدعاء والَّلجأ إلى الله تعالى, فهو يومٌ عظيمٌ عند الله تعالى, فحريٌّ أنْ تكون الصلواتُ والدعوات مُستجابةً مقبولة.

السنة السابعة: أن يُنْصِتَ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ, والإنْصات لخطبة الجمعةِ واجبٌ, ولا يجوز الكلام أثناء الخطبة.

هذه السُّننُ السبعة, من قام بها كلَّ جمعةٍ بإخلاصٍ وطلبِ الأجر: غُفرتْ ذنوبه وحُطَّتْ خطاياه, وفضلُ الله تعالى واسعٌ.

وممَّا ينبغي التنبّه له: أنَّ مَن دخل المسجد أثناء الأذان الثاني فإنه يصلي تحية المسجد؛ لأجل أن يستمعَ إلى الخطبة، لأنَّ استماع الخطبة واجب, وإجابة المؤذن ليست واجبة، والمحافظة على الواجب أولى من المحافظة على غير الواجب.

 

نسأل الله تعالى أنْ يتقبَّل منَّا في هذا اليوم العظيم, وأنْ يوفقنا للعمل فيه على الوجه الذي يُرضيه, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين..

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون: واعلموا أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي قبل الجمعة بعد الأذان شيئاً، وكذلك أصحابه رضي الله عنهم.

فليس للجمعة سُنَّةٌ راتبةٌ قبلها, وليس هناك سُنَّةٌ راتبةٌ بعد الأذان الأول أيضًا, وهو الأذانُ الذي سنَّه عثمانُ رضي الله عنه وأرضاه.

 

نسأل الله تعالى أنْ يُعلِّمنا ما ينفعُنا, وينفعَنا بما علَّمنا, وأنْ يُسهِّل علينا أسباب مرضاته ورضوانه, إنه على كلِّ شيءٍ قدير.

 

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

1738815492_فضلُ يَوْم وصلاة الجمعة

وبيانُ سننها.pdf

المشاهدات 714 | التعليقات 0