فضل صلاة الفجر
منديل الفقيه
1434/02/27 - 2013/01/09 20:39PM
فضل صلاة الفجر الخطبة الأولى
أيها المسلمون: مما لا يخفى أنَّ الصلاة عمود الدين بل هي الركن الثاني للإسلام بعد الشهادتين وهي صلة العبد برب العلمين فرضها الله من فوق سبع سموات على النبي بغير واسطة لأهميتها وعظيم مكانتها بل أمر بالمحافظة عليها جماعةً حتى المجاهدين وجعلها قرينة الإيمان في مواضع كثيرة من القرآن العظيم بل سماها إيمانا كما قال سبحانه (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ )) أي صلاتكم وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " أن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ " سنن النسائي ج1ص232برقم465 والترمذي ج2ص270برقم413 وصححه الألباني في المشكاة"1330. وأورث المحافظين عليها الفردوس الأعلى ووعد النبي صلى الله عليه وسلم من حافظ عليها بالجنة عهدا من رب العالمين عن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله على الْعِبَادِ فَمَنْ جاء بِهِنَّ لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شيئا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كان له عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ "المسند ج5ص315برقم22745وسنن النسائي ج1ص230برقم461وأبي داود ج2ص62برقم 142وصصححه ابن حبان ج5ص23برقم1732والألباني في صحيح الجامع 5554وغيره. لذلك كله حافظ عليها المسلمون جيلا بعد جيل ولم يتهاونوا بها حتى عند المرض والسكرات قال ابن مسعود رضي الله عنه " وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يؤتي بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَيْنِ حتى يُقَامَ في الصَّفِّ " وفي لفظ قال " لقد رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عن الصَّلَاةِ إلا مُنَافِقٌ قد عُلِمَ نِفَاقُهُ أو مَرِيضٌ إن كان الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بين رَجُلَيْنِ حتى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ " مسلم ج1ص453برقم654 وقيل لابن المسيب فلان يريد قتلك فالزم بيتك ولا تخرج فقال مستنكرا أدعى إلى الفلاح أو أسمع حي على الفلاح فلا أجيب . لقد حافظوا عليها حتى مع ضعفهم وتسلط الأعداء عليهم حتى جاء عصرنا الحاضر فعظم المصاب بتضييع الصلاة والتهاون بها ونسوا ما قال الله (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )) والغي قال ابن مسعود والبراء بن عازب واد في جهنم من قيح لأنه يسيل فيه قيح أهل النار وصديدهم وهو بعيد القعر خبيث الطعم . ونسوا وعيد الله بالويل لهم (( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ )) والويل قال عنه عطاء بن يسار " الويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت من حره " واختلفت أحوالهم في التهاون والتضييع بين مضيع لها بالكلية ومضيع لأركانها وواجباتها والخشوع فيها ومضيع لأوقاتها ومضيع لجماعتها في المساجد حيث ينادى بها . أيها المسلمون: وليكن حديثنا هذا اليوم مع المضيعين لصلاة الفجر والمتهاونين بها كم هو منظر يفرح المسلم ويثلج صدره حين تمتلئ الشوارع بحركة الناس شبابا وشيبا وهم يملؤون الشوارع متوجهين للمدارس ودور العلم لطلب العلم وارتشاف رحيقه الصافي أو للوظائف بحثا عن الرزق الحلال ولكن بقدر ما تفرح بقدر ما تتألم حين تسأل أين كانوا حين نادى المنادي حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم هل كانوا موتى أم أن أمر الدنيا أحب إليهم من أمر الآخرة " أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ " إن صلاة الفجر تشكو من قلة المصلين فيها مع أنها صلاة مباركة مشهودة أقسم الله بوقتها فقال : ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) وقال تعالى : (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) . أخي المسلم كم من أجور ضيعتها يوم نمت عن صلاة الفجر ؟ وكم من حسنات ضيعتها يوم سهوت عن صلاة الفجر أو أخرتها عن وقتها ؟ وكم من كنوز فقدتها يوم تكاسلت عن صلاة الفجر . استمع لشيء من فضائل المحافظة على هذه الفريضة التي ضيعتها من صلى الفجر في جماعة كتب له قيام ليلة كاملة فعن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ »مسلم ج2ص125. من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله وحفظه فعن أبي ذر رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِى ذِمَّةِ اللَّهِ فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَىْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ » مسلم ج2ص125. نعم إنها ذمة الله ليست ذمة ملك من ملوك الدنيا إنها ذمة ملك الملوك ورب الأرباب وخالق الأرض والسماوات ومن فيها ومن وصف نفسه فقال ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ذمة الله التي تحيط بالمؤمن بالحماية له في نفسه وولده ودينه وسائر أمره فيحس بالطمأنينة في كنف الله وعهده وأمانه في الدنيا والآخرة ويشعر أن عين الله ترعاه .
وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان
اللهم احفظنا بحفظك ورعايتك وكن لنا معينا ونصيرا ومؤيدا وظهيرا . من صلى الفجر ومشى إليها في الظلم فليبشر بالنور في الدنيا والنور التام وقت الظلمة يوم القيامة عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » أبو داود ج1ص220 والترمذي ج1ص435وصححه الحاكم ج1ص331وابن خزيمة ج2ص377والألباني. فهنيئا ثم هنيئا لأهل صلاة الفجر, الذين ما إن سمعوا النداء يدوي, الصلاة خير من النوم , إلا هبّوا وفزعوا وإن طاب المنام وتركوا الفراش وإن كان وثيرًا ملبين النداء يخرج الواحد منهم إلى بيت من بيوت الله تعالى وهو يقول فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا ) فما ظنك بمن خرج لله في ذلك الوقت لم تخرجه دنيا يصيبها ولا أموال يقترفها أليس أحرى بالإجابة ؟ والنور يوم القيامة على قدر الظلمة فمن كثر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعّم ضياءه يوم القيامة فَيُعْطَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ قَالَ : فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ فَوْقَ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى دُونَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ ذَلِكَ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً ، وَيُطْفِئُ مَرَّةً ، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَمُهُ ، وَإِذَا طُفِئَ قَامَ .. " المستدرك ج2ص376 وصححه الألباني في تخريج الطحاوية ص469 . قال تعالى ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) من صلى الفجر في جماعة ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والنجاة من النار عن أبي موسى رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ " البخاري ج1ص150ومسلم ج2ص114. والبردان هما الفجر والعصر ,عن عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْر » مسلم ج2ص114. من صلى الفجر في جماعة شهدت له الملائكة عند الله بأنه صلى الفجر مع الجماعة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ { عِبَادِي } فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ. يا له من تقرير مشرف يرفع لملك الملوك عنك يا من تصلي الفجر في جماعة وسيرفع اسمك إلى الملك جل وعلا ألا يكفيك فخرا وشرفا حتى تحافظ على صلاة الفجر في جماعة !!!؟؟ من صلى الفجر في جماعة فهو مؤهل لرؤية الله في الآخرة فعَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً ، يَعْنِي الْبَدْرَ فَقَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} البخاري ج1ص145 ومسلم ج2ص113. من صلى سنة الفجر كان ذلك خير من الدنيا وما فيها فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا »مسلم ج2ص160. الله اكبر إذا كانت سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها فكيف بأجر الفريضة لا شك أنه سيكون أكثر وأعظم . من صلى الفجر في جماعة أصبح طيب النفس نشيطا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلاَثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ.." البخاري ج2ص65ومسلم ج2ص187. هذا فضل المحافظة على صلاة الفجر وزد على ذلك أن الوقت وقت بركة في الرزق عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِىِّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِى فِى بُكُورِهَا ». وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ. وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِرًا وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ " أبو داود ج2ص340 والترمذي ج3ص517 وابن ماجه ج3ص346وصححه ابن حبان ج11ص63 والألباني.
يا قومنا هذي الفضائل جمّة *** فتخيروا قبل الندامة وانتهوا
اللهم زد في أرزاقنا وبارك لنا فيها ووفقنا للصلاة في جماعة يا رب العالمين بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وهدانا صراطه المستقيم ونفعنا بهدي رسوله الكريم أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين .
فضل صلاة الفجر الخطبة الثانية
عباد الله كما أن للمحافظ على صلاة الفجر جماعة أجور وكنوز فإن لمن ضيعها آثار مدمرة وعقوبات مخفية :
أولها: الاتصاف بصفات المنافقين قال تعالى : ((وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً )) رواه الشيخان عن أبي هريرة وها هو ابن مسعود يقول : لقد رايتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق ويقول بن عمر : كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن .
ثانياً : الويل والغي لمن ترك صلاة الفجر قال تعالى : (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)) وقال عز وجل : (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا )) مريم أضاعوها فأخروها عن وقتها كسلاً وسهوا ونوما وغي هو واد في جهنم تتعوذ منه النار في اليوم سبعين مرة . ث
ثالثها : يبول الشيطان في أذنيه كما روى أن بن مسعود قال ذكر رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم : نام ليلة حتى أصبح قال ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه .وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيطان قد استولى عليه واستخف به حتى جعله مكاناً للبول نعوذ بالله من ذلك . رابعها : الخبث والكسل طوال اليوم لمن نام عن صلاة الفجر
وبهذا روى مسلم ان النبي صلى الله قال(( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان )) ليس هذا فحسب بل وتعلن فضيحة على الملأ وتفوح معصية في الأرجاء : قال أحد التابعين ((إن الرجل ليذنب الذنب فيصبح وعليه مذلته ((
خامسها : كسر الرأس في القبر ويوم القيامة فقد ثبت في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رآى في رؤيا له أن رجلاً مستلقياً على قفاه وآخر قائم عليه بصخرة يهوي بها على رأسه فيشدخ بها رأسه فيتدهده الحجر فإذا ذهب ليأخذه فلا يرجع حتى يعود رأسه كما كان يفعل به مثل المرة الأولى وهكذا حتى تقوم الساعة فقال صلى الله عليه وسلم هذا جبريل ، قال هذا الذي يأخذ القرآن ويرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة
عباد الله كيف نأمل أن ينصرنا الله عز وجل وان يرزقنا ويهزم أعداءنا وان يمكن لنا في الأرض ونحن في تقصير وتفريط في حق الله
كيف نسمع نداءه في كل يوم حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم ونحن لا نستجيب هل أمنا مكر الله ؟ هل نسينا وقوفنا بين يدي الله ؟ فيا عبد الله قم عن الفراش وانهض من نومك واستعن بالله رب العالمين .
سادسها : يمنع الرزق وبركته قال ا بن القيم : ونومة الصبح تمنع الرزق لأنه وقت تقسم فيه الأرزاق رأى بن عباس ابناً له نائما نوم الصبح فقال له قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق .فيا عبد الله لا تفرط في الصلاة عامة وصلاة الفجر خاصة وشمر عن ساعد الجد وعليك بأمور .
أولها : نم مبكراً واترك السمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اخبرنا ان الجسم له حق علينا فإن اطالة السهر له تأثير على صحة الانسان فالنوم المبكر خير والكلام بعد صلاة العشاء ورد النهي عنه من نبينا صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح الا ما استثناه الدليل من مسامرة الزوج زوجته والجلوس مع الضيف ومدارسة العلم اما اذا خشي فوات صلاة الفجر فلا يجوز .
وثانيها : احرص على آداب النوم كالنوم على طهارة وأداء ركعتي الوضوء والمحافظة على أذكار النوم والاضطجاع على الشق الأيمن ووضع الكف الأيمن تحت الوجه وقراءة المعوذتين في الكفين ومسح ما أستطاع من الجسد بهما وغير ذلك من الاداب وادع الله أن يوفقك للقيام
ثالثها: ابذر الخير تحصد الخير فمن قام عقب أداء طاعة من صلة رحم أو بر والدين و إحسان إلى جار أو صدقة سر, أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو سعي في حاجة مسلم كافأه الله بأن يكون ممن يشهدون الفجر ثالثها عدم الإكثار من الأكل والشرب فأن كثرة الاكل تولد ثقلا في النوم بل حتى الطاعة تقل والخشوع يذهب لان من اكل كثيرا شرب كثيرا فتعب كثيرا فنام كثيرا فغفل كثيرا فخسر كثيرا
ورابعها : ابتعد عن المعاصي في النهار كي تستطيع أن تقوم للصلاة
وذلك بحفظ الجوارح عما لا يحل لها بالبعد عن النظر الحرام وكذلك اللسان والسمع وسائر الأعضاء فمن نام على معصية ارتكبها من غيبة مسلم أو خوض في باطل أو نظرة إلى حرام أو خلف وعد أو أكل حرام عوقب بالحرمان من شهود الفجر لأن من أساء في ليله عوقب في نهاره ومن أساء في نهاره عوقب في ليله اسأل الله أن يوفقنا لطاعته وأن يبعدنا عن معصتيه .
وخامسها: لا تنسى عاقبة الصبر فمن عرف حلاوة الأجر هانت عليه مرارة الصبر والعاقل الفطن له في كل ما يرى حوله عبرة فمن سهر الليالي بلغ المعالي ومن استأنس بالرقاد استوحش يوم المعاد ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة
أيها المسلمون: مما لا يخفى أنَّ الصلاة عمود الدين بل هي الركن الثاني للإسلام بعد الشهادتين وهي صلة العبد برب العلمين فرضها الله من فوق سبع سموات على النبي بغير واسطة لأهميتها وعظيم مكانتها بل أمر بالمحافظة عليها جماعةً حتى المجاهدين وجعلها قرينة الإيمان في مواضع كثيرة من القرآن العظيم بل سماها إيمانا كما قال سبحانه (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ )) أي صلاتكم وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " أن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ " سنن النسائي ج1ص232برقم465 والترمذي ج2ص270برقم413 وصححه الألباني في المشكاة"1330. وأورث المحافظين عليها الفردوس الأعلى ووعد النبي صلى الله عليه وسلم من حافظ عليها بالجنة عهدا من رب العالمين عن عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رضي الله عنه قال سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول " خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ الله على الْعِبَادِ فَمَنْ جاء بِهِنَّ لم يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شيئا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كان له عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ "المسند ج5ص315برقم22745وسنن النسائي ج1ص230برقم461وأبي داود ج2ص62برقم 142وصصححه ابن حبان ج5ص23برقم1732والألباني في صحيح الجامع 5554وغيره. لذلك كله حافظ عليها المسلمون جيلا بعد جيل ولم يتهاونوا بها حتى عند المرض والسكرات قال ابن مسعود رضي الله عنه " وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عنها إلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كان الرَّجُلُ يؤتي بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَيْنِ حتى يُقَامَ في الصَّفِّ " وفي لفظ قال " لقد رَأَيْتُنَا وما يَتَخَلَّفُ عن الصَّلَاةِ إلا مُنَافِقٌ قد عُلِمَ نِفَاقُهُ أو مَرِيضٌ إن كان الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بين رَجُلَيْنِ حتى يَأْتِيَ الصَّلَاةَ " مسلم ج1ص453برقم654 وقيل لابن المسيب فلان يريد قتلك فالزم بيتك ولا تخرج فقال مستنكرا أدعى إلى الفلاح أو أسمع حي على الفلاح فلا أجيب . لقد حافظوا عليها حتى مع ضعفهم وتسلط الأعداء عليهم حتى جاء عصرنا الحاضر فعظم المصاب بتضييع الصلاة والتهاون بها ونسوا ما قال الله (( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا )) والغي قال ابن مسعود والبراء بن عازب واد في جهنم من قيح لأنه يسيل فيه قيح أهل النار وصديدهم وهو بعيد القعر خبيث الطعم . ونسوا وعيد الله بالويل لهم (( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ )) والويل قال عنه عطاء بن يسار " الويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت من حره " واختلفت أحوالهم في التهاون والتضييع بين مضيع لها بالكلية ومضيع لأركانها وواجباتها والخشوع فيها ومضيع لأوقاتها ومضيع لجماعتها في المساجد حيث ينادى بها . أيها المسلمون: وليكن حديثنا هذا اليوم مع المضيعين لصلاة الفجر والمتهاونين بها كم هو منظر يفرح المسلم ويثلج صدره حين تمتلئ الشوارع بحركة الناس شبابا وشيبا وهم يملؤون الشوارع متوجهين للمدارس ودور العلم لطلب العلم وارتشاف رحيقه الصافي أو للوظائف بحثا عن الرزق الحلال ولكن بقدر ما تفرح بقدر ما تتألم حين تسأل أين كانوا حين نادى المنادي حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم هل كانوا موتى أم أن أمر الدنيا أحب إليهم من أمر الآخرة " أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ " إن صلاة الفجر تشكو من قلة المصلين فيها مع أنها صلاة مباركة مشهودة أقسم الله بوقتها فقال : ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) وقال تعالى : (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) . أخي المسلم كم من أجور ضيعتها يوم نمت عن صلاة الفجر ؟ وكم من حسنات ضيعتها يوم سهوت عن صلاة الفجر أو أخرتها عن وقتها ؟ وكم من كنوز فقدتها يوم تكاسلت عن صلاة الفجر . استمع لشيء من فضائل المحافظة على هذه الفريضة التي ضيعتها من صلى الفجر في جماعة كتب له قيام ليلة كاملة فعن عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانٍ رضي الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِى جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ »مسلم ج2ص125. من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله وحفظه فعن أبي ذر رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِى ذِمَّةِ اللَّهِ فَلاَ يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَىْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ » مسلم ج2ص125. نعم إنها ذمة الله ليست ذمة ملك من ملوك الدنيا إنها ذمة ملك الملوك ورب الأرباب وخالق الأرض والسماوات ومن فيها ومن وصف نفسه فقال ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ذمة الله التي تحيط بالمؤمن بالحماية له في نفسه وولده ودينه وسائر أمره فيحس بالطمأنينة في كنف الله وعهده وأمانه في الدنيا والآخرة ويشعر أن عين الله ترعاه .
وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نم فالمخاوف كلهن أمان
اللهم احفظنا بحفظك ورعايتك وكن لنا معينا ونصيرا ومؤيدا وظهيرا . من صلى الفجر ومشى إليها في الظلم فليبشر بالنور في الدنيا والنور التام وقت الظلمة يوم القيامة عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِى الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » أبو داود ج1ص220 والترمذي ج1ص435وصححه الحاكم ج1ص331وابن خزيمة ج2ص377والألباني. فهنيئا ثم هنيئا لأهل صلاة الفجر, الذين ما إن سمعوا النداء يدوي, الصلاة خير من النوم , إلا هبّوا وفزعوا وإن طاب المنام وتركوا الفراش وإن كان وثيرًا ملبين النداء يخرج الواحد منهم إلى بيت من بيوت الله تعالى وهو يقول فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا ) فما ظنك بمن خرج لله في ذلك الوقت لم تخرجه دنيا يصيبها ولا أموال يقترفها أليس أحرى بالإجابة ؟ والنور يوم القيامة على قدر الظلمة فمن كثر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة عظم نوره وعّم ضياءه يوم القيامة فَيُعْطَوْنَ نُورَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ قَالَ : فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ الْجَبَلِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ فَوْقَ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَةِ بِيَمِينِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى دُونَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ ذَلِكَ مَنْ يُعْطَى نُورَهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ يُضِيءُ مَرَّةً ، وَيُطْفِئُ مَرَّةً ، فَإِذَا أَضَاءَ قَدَمُهُ ، وَإِذَا طُفِئَ قَامَ .. " المستدرك ج2ص376 وصححه الألباني في تخريج الطحاوية ص469 . قال تعالى ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) من صلى الفجر في جماعة ضمن له النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والنجاة من النار عن أبي موسى رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ " البخاري ج1ص150ومسلم ج2ص114. والبردان هما الفجر والعصر ,عن عُمَارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا يَعْنِى الْفَجْرَ وَالْعَصْر » مسلم ج2ص114. من صلى الفجر في جماعة شهدت له الملائكة عند الله بأنه صلى الفجر مع الجماعة فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَلاَئِكَةُ يَتَعَاقَبُونَ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ فَيَقُولُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ { عِبَادِي } فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ يُصَلُّونَ. يا له من تقرير مشرف يرفع لملك الملوك عنك يا من تصلي الفجر في جماعة وسيرفع اسمك إلى الملك جل وعلا ألا يكفيك فخرا وشرفا حتى تحافظ على صلاة الفجر في جماعة !!!؟؟ من صلى الفجر في جماعة فهو مؤهل لرؤية الله في الآخرة فعَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه قَالَ : كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً ، يَعْنِي الْبَدْرَ فَقَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} البخاري ج1ص145 ومسلم ج2ص113. من صلى سنة الفجر كان ذلك خير من الدنيا وما فيها فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا »مسلم ج2ص160. الله اكبر إذا كانت سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها فكيف بأجر الفريضة لا شك أنه سيكون أكثر وأعظم . من صلى الفجر في جماعة أصبح طيب النفس نشيطا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قال « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلاَثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ.." البخاري ج2ص65ومسلم ج2ص187. هذا فضل المحافظة على صلاة الفجر وزد على ذلك أن الوقت وقت بركة في الرزق عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِىِّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِى فِى بُكُورِهَا ». وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ. وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلاً تَاجِرًا وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ " أبو داود ج2ص340 والترمذي ج3ص517 وابن ماجه ج3ص346وصححه ابن حبان ج11ص63 والألباني.
يا قومنا هذي الفضائل جمّة *** فتخيروا قبل الندامة وانتهوا
اللهم زد في أرزاقنا وبارك لنا فيها ووفقنا للصلاة في جماعة يا رب العالمين بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وهدانا صراطه المستقيم ونفعنا بهدي رسوله الكريم أقول ما تسمعون واستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه فيا فوز المستغفرين .
فضل صلاة الفجر الخطبة الثانية
عباد الله كما أن للمحافظ على صلاة الفجر جماعة أجور وكنوز فإن لمن ضيعها آثار مدمرة وعقوبات مخفية :
أولها: الاتصاف بصفات المنافقين قال تعالى : ((وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً )) رواه الشيخان عن أبي هريرة وها هو ابن مسعود يقول : لقد رايتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلا منافق معلوم النفاق ويقول بن عمر : كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر أسأنا به الظن .
ثانياً : الويل والغي لمن ترك صلاة الفجر قال تعالى : (( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)) وقال عز وجل : (( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا )) مريم أضاعوها فأخروها عن وقتها كسلاً وسهوا ونوما وغي هو واد في جهنم تتعوذ منه النار في اليوم سبعين مرة . ث
ثالثها : يبول الشيطان في أذنيه كما روى أن بن مسعود قال ذكر رجل عن النبي صلى الله عليه وسلم : نام ليلة حتى أصبح قال ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه .وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيطان قد استولى عليه واستخف به حتى جعله مكاناً للبول نعوذ بالله من ذلك . رابعها : الخبث والكسل طوال اليوم لمن نام عن صلاة الفجر
وبهذا روى مسلم ان النبي صلى الله قال(( يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان )) ليس هذا فحسب بل وتعلن فضيحة على الملأ وتفوح معصية في الأرجاء : قال أحد التابعين ((إن الرجل ليذنب الذنب فيصبح وعليه مذلته ((
خامسها : كسر الرأس في القبر ويوم القيامة فقد ثبت في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رآى في رؤيا له أن رجلاً مستلقياً على قفاه وآخر قائم عليه بصخرة يهوي بها على رأسه فيشدخ بها رأسه فيتدهده الحجر فإذا ذهب ليأخذه فلا يرجع حتى يعود رأسه كما كان يفعل به مثل المرة الأولى وهكذا حتى تقوم الساعة فقال صلى الله عليه وسلم هذا جبريل ، قال هذا الذي يأخذ القرآن ويرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة
عباد الله كيف نأمل أن ينصرنا الله عز وجل وان يرزقنا ويهزم أعداءنا وان يمكن لنا في الأرض ونحن في تقصير وتفريط في حق الله
كيف نسمع نداءه في كل يوم حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم ونحن لا نستجيب هل أمنا مكر الله ؟ هل نسينا وقوفنا بين يدي الله ؟ فيا عبد الله قم عن الفراش وانهض من نومك واستعن بالله رب العالمين .
سادسها : يمنع الرزق وبركته قال ا بن القيم : ونومة الصبح تمنع الرزق لأنه وقت تقسم فيه الأرزاق رأى بن عباس ابناً له نائما نوم الصبح فقال له قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق .فيا عبد الله لا تفرط في الصلاة عامة وصلاة الفجر خاصة وشمر عن ساعد الجد وعليك بأمور .
أولها : نم مبكراً واترك السمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اخبرنا ان الجسم له حق علينا فإن اطالة السهر له تأثير على صحة الانسان فالنوم المبكر خير والكلام بعد صلاة العشاء ورد النهي عنه من نبينا صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح الا ما استثناه الدليل من مسامرة الزوج زوجته والجلوس مع الضيف ومدارسة العلم اما اذا خشي فوات صلاة الفجر فلا يجوز .
وثانيها : احرص على آداب النوم كالنوم على طهارة وأداء ركعتي الوضوء والمحافظة على أذكار النوم والاضطجاع على الشق الأيمن ووضع الكف الأيمن تحت الوجه وقراءة المعوذتين في الكفين ومسح ما أستطاع من الجسد بهما وغير ذلك من الاداب وادع الله أن يوفقك للقيام
ثالثها: ابذر الخير تحصد الخير فمن قام عقب أداء طاعة من صلة رحم أو بر والدين و إحسان إلى جار أو صدقة سر, أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو سعي في حاجة مسلم كافأه الله بأن يكون ممن يشهدون الفجر ثالثها عدم الإكثار من الأكل والشرب فأن كثرة الاكل تولد ثقلا في النوم بل حتى الطاعة تقل والخشوع يذهب لان من اكل كثيرا شرب كثيرا فتعب كثيرا فنام كثيرا فغفل كثيرا فخسر كثيرا
ورابعها : ابتعد عن المعاصي في النهار كي تستطيع أن تقوم للصلاة
وذلك بحفظ الجوارح عما لا يحل لها بالبعد عن النظر الحرام وكذلك اللسان والسمع وسائر الأعضاء فمن نام على معصية ارتكبها من غيبة مسلم أو خوض في باطل أو نظرة إلى حرام أو خلف وعد أو أكل حرام عوقب بالحرمان من شهود الفجر لأن من أساء في ليله عوقب في نهاره ومن أساء في نهاره عوقب في ليله اسأل الله أن يوفقنا لطاعته وأن يبعدنا عن معصتيه .
وخامسها: لا تنسى عاقبة الصبر فمن عرف حلاوة الأجر هانت عليه مرارة الصبر والعاقل الفطن له في كل ما يرى حوله عبرة فمن سهر الليالي بلغ المعالي ومن استأنس بالرقاد استوحش يوم المعاد ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة