فضل صدقة التطوع

عايد القزلان التميمي
1442/11/15 - 2021/06/25 03:44AM
الحمد لله الذي يجزي المتصدقين، ويُخلف على المنفقين، ويحب المحسنين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين، كان أجود الناس، وأكرم الناس، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين كانوا يسارعون في الخيرات، وينفقون مما يحبون، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
أما بعدُ :
فيا أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، وكونوا ممن يؤتي ماله يتزكى .
عباد الله يقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }   
   يحثنا ربنا سبحانه وتعالى على إنفاق المال والتصدق من قبل أن يأتينا الموت الذي يحول بيننا وبين فعل الخيرات ,
وقوله (أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم ) هي عبارة تحتوى على جميع أوجه البذل من المال والمجهود والوقت ,.
عباد الله والصدقات ثلاث أنواع : صدقة مفروضة : وهي الزكوات المفروضة , وهي ركن من أركان الإسلام  , من جحدها فقد كفر , وهي التي حارب عليها أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم المرتدين , ونزل فيها قول الله تعالى : {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
والنوع الثاني من الصدقات صدقة الفطر : وهي الصدقة الواجبة على جميع المسلمين , وتعطى بعد نهاية الصوم في شهر رمضان  وحتى قبل صلاة عيد الفطر  .
عباد الله وحديثنا اليوم عن النوع الثالث وهي الصدقات المستحبة : أي الصدقات غير المفروضة ؛ التطوعية , التي يهبها المسلم للغير من المحتاجين والفقراء والمساكين وغيرهم ,
وجاء في فضلها الكثير من الآيات والأحاديث النبوية؛
ومن الآيات قول الله تعالى:   الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ 
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( اثنان من الشيطان، واثنان من الله تعالى، ثم قرأ هذه الآية:   الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً   يعني: إن الله يأمركم بالطاعة والصدقة؛ لتنالوا مغفرته وفضله   وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ   يعني: واسع الفضل، عليم بثواب من يتصدق ).
عباد الله وقال الله تعالى  وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تصدَّقَ أحدٌ بصدَقَةٍ منْ طيِّبٍ ، ولا يقبَلُ اللهُ إلَّا الطيبَ ، إلَّا أخذَها الرحمنُ بيمينِهِ ، وإِنْ كانتْ تَمْرَةً ، فتربُو في كفِّ الرَّحمنِ حتى تَكونَ أعظمَ مِنَ الجبلِ ، كما يُرَبِّي أحدُكم فَلُوَّهُ أوْ فَصيلَهُ ((رواه البخاري ومسلم.
فتصدّق أخي المسلم وأنفق،، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (( اتقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ
رواه البخاري ومسلم.
قال يحيى بن معاذ: ( ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا من الصدقة! ).
عباد الله إن في الصدقة؛ خير وبركة؛ فإنك كلما أخرجت شيئاً لله تعالى، عوّضك الله خيراً منه، مع ما ادّخره لك من الحسنات والثواب العظيم.
واستمع إلى وصية النبي صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه.. فقد وصّاه صلى الله عليه وسلم بقوله ))  أنفِقْ بلالُ ولا تَخْشَ مِن ذي العرشِ إقلالًا  ((.
وقال النبي  صلى الله عليه وسلم (( ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا )).
ولتعلم يا عبدالله؛ أنك لكي تكون من المتصدقين؛ لا يشترط أن تكون كثير المال؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (( يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ ) قال: { جُهدُ المُقلّ، وابدأ بمن تَعُول )).
فتصدّق يا عبدالله في حال الصحة؛ قبل أن يُحال بينك وبين ذلك بالمرض قال ابن مسعود رضي الله عنه: (دِرهمٌ يُنْفقهُ أحدكُم في صِحَّتهِ وَشُحِّهِ أفضلُ من مائةٍ يُوصي بها عند المَوت )
) عباد الله: وإن من أبواب الخير العظيمة؛ أن يكون لك دين على أخيك؛ فتُمْهله حتى يتيسر له قضاؤه، أو تضع عنه بعضه، أو تتصدق عليه بجميعه. قال الله تعالى:   وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ   
وقال رسول الله  : { من سرّه أن يُظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ فليُيسر عن مُعسر، أو ليضع عنه } [صحيح الترغيب
عباد الله اعلموا أن فضائل الصدقة كثيرة وعظيمة.. ومنها الصدقة تطفئ الخطيئة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( والصدقةُ تُطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ ))
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ و الآفاتِ و الهلكاتِ ))
 والصدقة سبب في نماء المال وبركته , قال الله تعالى:   يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ 
وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم (( ما نقصَت صدقةٌ من مالٍ((.
وقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ((كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس ))
والصدقة تُطفئ حر القبور: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((  إنَّ الصدقةَ لَتُطْفِئُ عن أهلِها حَرَّ القبورِ ))
أيها  المسلم: تلك هي الصدقة.. وذلك هو شرفها وفضلها فاغتنم العمر في فعل الصالحات والصدقات قبل حلول هادم اللذات ومفرّق الجماعات  .
بارك الله لي ولكم ...
الخطبة الثانية /
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله  صلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين.
أمّا بعد: فيا عبادَ الله، إن الصّدقة لها معنًى واسع، فهِي تشمَل عملَ كلّ خير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ((عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ، فقالوا: يا نَبِيَّ اللَّهِ، فمَن لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يَعْمَلُ بيَدِهِ، فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ ويَتَصَدَّقُ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: يُعِينُ ذا الحاجَةِ المَلْهُوفَ قالوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قالَ: فَلْيَعْمَلْ بالمَعروفِ، ولْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ، فإنَّها له صَدَقَةٌ ))
 أخرجه البخاري
ولا تحقرَنَّ ـ أيها المسلم ـ من المعروف شيئًا؛ فإنَّ الله تبارك وتعالى يقول:  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه   وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه  
عبادَ الله، إنَّ الله أمرَكم بأمرٍ بدأ فيه بنفسِه فقال عزّ من قائل:  إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
المرفقات

1624592675_فضل صدقة التطوع 15-11-1442.doc

المشاهدات 1269 | التعليقات 0