فَضلُ زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ – مَسْجِدَ قُبَاءٍ

محمد البدر
1443/11/22 - 2022/06/21 21:57PM

الْخُطْبَةِ الأُولَى:  

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾.وَقَالَﷺ:«لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ:المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِﷺوَمَسْجِدِ الأَقْصَى»متفقٌ عَلَيْهِ. زِيَارَةِ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ لها فضلها ومكانتها، فهي خير المدن بعد مكة المكرمة، وهي ملتقى المهاجرين والأنصار، ومأرز الإيمان، ومكان نزول الوحي جبريل عليه السلام، وهي محرمة حرمها النَّبيِّﷺكما حرمت مكة، وهي مدينة يأرز الإيمان إليها، قد رتب الله الأجر والثواب لمن صبر على للأوائها وشدتها.
فيسنُّ قصد الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ والسَّفر إليْه للصَّلاة فيه؛والزيارة مشروعة طوال العام وفي أي وقت وليس لها ارتباطاً بالحج, ولكن القادم إلى هذه الديار للحج قد لا يتيسر له المجيء إلى هذه البلاد مرة أخرى, فقد تمنعه ظروفه المادية أو الصحية وغيرها, لذلك يستحب له أن يزور المسجد النبوي. والمدينة بلد محرَّم،فيحْرُم قطع شجرها،ويحرم الصَّيد، وحرمها هو ما بين الحرَّتَين الشرقيَّة والغربيَّة وبين جبلي عير وثور، فعير جبلٌ جنوب المدينة عند الميقات، وثور جبل في شمال المدينة خلف جبل أُحُد؛قَالَﷺ:«الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ»متفقٌ عَلَيْهِ.وقَالَﷺ:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا لاَ يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلاَ يُصَادُ صَيْدُهَا »رَوَاهُ مُسْلِمٌ.قَالَﷺ:«الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ»متفقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا لاَ يُقْطَعُ عِضَاهُهَا وَلاَ يُصَادُ صَيْدُهَا»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.فيسنُّ لِمن دخله أن يدْعو الدُّعاء الخاصَّ بدخول المسجِد، عَنْ فَعَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺأَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ:«أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ومن فضائل الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ أنه لاَ يَدْخُلُها الدَّجَّالِ ؛ قَالَﷺ:«لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ، لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا، ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ بِأَهْلِهَا ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ؛ فَيُخْرِجُ اللَّهُ كُلَّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

فإذا دخل الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ  عليه أن يصلِّي تحيَّة المسجد إذا لم تكُن صلاة الفرض مقامة، والصَّلاة فيه أفضل من ألْف صلاةٍ فيما عداه من المساجد إلاَّ المسجد الحرام قَالَﷺ:«صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»متفقٌ عَلَيْهِ.وإن تيسر له أن يصلي في الروضة الشريفة بين منبره وبيتهﷺفذاك أفضل قَالَﷺ:«مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي»متفقٌ عَلَيْهِ.ثمَّ يزور الدَّاخل قبر النَّبيِّﷺوقبر صاحبيْه ،فيقف تِجاه القبْر فيسلِّم على النبيِّﷺفيقول:السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.قَالَﷺ:«مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ إِلاَّ رَدَّ اللَّهُ عَلَىَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.ثمَّ يسلِّم على صاحبيْه وينصرف.ويتجنَّب رفْع الصَّوت عند الحُجْرة خصوصًا، وفي المسجد عمومًا؛ لعموم قَولَه تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..


الْخُطْبَةِ الثّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:ومَن زار المدينة يسنُّ له زيارة مَسْجِدَ قُبَاءٍ والصَّلاة فيه؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّﷺيَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ سَبْتٍ، مَاشِيًا وَرَاكِبًا»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.وَقَالَﷺ:« مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ، فَصَلَّى فِيهِ صَلَاةً، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَةٍ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.ويستحب أيضا للزائر: أن يأتي مسجد قباء فيصلي فيه، فقد كان رسول اللهﷺيزور مسجد قباء راكباً وماشياً، ويصلي فيه، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاقَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺيَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا، فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ:توجد أخطاء في زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ  يجب الحذر من أبرزها الآتي: شد الرحال أو السفر بقصد زيارة قبر الرسولﷺ وهذا لا يجوز  لا لقبر الرسول ولا قبر غيره ،ومن الأخطاءاستقبال قبر النبيﷺفيدعوه ويطلب منه قضاء الحاجات وهذا محرم وقد يصل إلى الشرك, فلا يجوز للعبد أن يسأل أحداً أو يدعوه إلا الله عز وجل, لا رسول الله ولا غيره، قَالَ تَعَالَى:﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾. كذلك من الشرك الطواف بقبر النبيﷺوقياسه على الكعبة, فتلك بدعة منكرة وجرم عظيم.

فينبغي على من وفقه الله لزيارة المدينة النبوية أن يحمدالله على ذلك وأن يستغل وقته في طاعة الله والصلاة في مسجدهﷺاغتناماً للأجر ولكن البعض يشغل نفسه ويضيع وقته بزيارة مساجد أخرى في المدينة كمسجد القبلتين ومسجد الغمامة والمساجد السبعة وغيرها؛ مما لا يتعلق بزيارتها تحصيل مصلحة شرعية بل هو أمر مبتدع إن زارها على وجه العبادة؛ لأن هذا أمر محدث في الدين لا دليل عليه قَالَﷺ:« مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»متفقٌ عَلَيْهِ.

ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل:﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين،اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين،واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المرفقات

1655848629_فَضلُ زِيَارَةِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ – مَسْجِدَ قُبَاءٍ.pdf

المشاهدات 737 | التعليقات 0