فضل المداومة على الأذكار 1440/05/26

فضل المداومة على الأذكار[1]
الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون وأكثروا من ذكره ودعائه واتقوه حق تقاته فإنَّه سبحانه يحب المتقين, قال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35] قال الإمام السعدي رحمه الله عند قوله تعالى: "{وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا} أي: في أكثر الأوقات، خصوصًا أوقات الأوراد المقيدة، كالصباح والمساء، وأدبار الصلوات المكتوبات"( تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 665).
عباد الله: إنَّ في المداومة على الأذكار حياة للقلب قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ" (أخرجه البخاري في كتاب الدعوات, باب فضل ذكر الله عزوجل برقم (6407). وقال صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللهُ فِيهِ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ" أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها, باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد برقم (779). قال في فتح الباري: "الَّذِي يُوصَفُ بِالْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ حَقِيقَةً هُوَ السَّاكِنُ لَا السَّكَنُ وَأَنَّ إِطْلَاقَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ فِي وَصْفِ الْبَيْتِ إِنَّمَا يُرَادُ بِهِ سَاكِنُ الْبَيْتِ فَشَبَّهَ الذَّاكِرَ بِالْحَيِّ الَّذِي ظَاهِرُهُ مُتَزَيِّنٌ بِنُورِ الْحَيَاةِ وَبَاطِنُهُ بِنُورِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرَ الذَّاكِرِ بِالْبَيْتِ الَّذِي ظَاهِرُهُ عَاطِلٌ وَبَاطِنُهُ بَاطِلٌ" (فتح الباري لابن حجر (11/ 210).
معاشر المسلمين: هذه الحياة لا تخلو من أخطار, ولكن المؤمن يدافع تلك الأخطار عنه بحفظه لدينه وملازمة طاعة ربه عزوجل لتكون حياته طيبة, قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97] وصاحب الحياة الطيبة محفوظ بحفظ الله, ذلك أنَّه حفظ الله فحفظه الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: "احفظ الله يحفظك" (أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- برقم: (2803) والترمذي في أبواب صفة القيامة، برقم: (2516) وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في الصحيحة: (5/497).
معاشر المسلمين: من الناس من يخاف من العين خوفاً شديداً أكثر من المعقول, ولو اعتقد اعتقادا جازما بأن الله تعالى يحفظه من عيون الحسدة أو أذى المؤذين إذا حافظ على أذكار الصباح والمساء لما بلغت به الحال إلى الوسوسة خوفاً من إصابته بالعين.
إنَّ في المداومة على الأذكار يا عباد الله حفظ للمسلم من الشرور والمصائب, وفيها كذلك تنشيط للقيام بالعمل الشاق ودليل ذلك حديث علي رضي الله عنه أنَّ فاطمة رضي الله عنها اشتكت ما تلقى من الرحى مما تطحن, فبلغها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بسبي فأتت تسأله خادماً فلم توافقه, فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا، وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا». حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ» متفق عليه (أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس, باب الدليل على أنَّ الخمس لنوائب النبي صلى الله عليه وسلم...برقم (3113) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة, باب التسبيح أول النهار وعند النوم برقم (2727). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "الَّذِي يُلَازِمُ ذِكْرَ اللَّهِ يُعْطَى قُوَّةً أَعْظَمَ مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِي يَعْمَلُهَا لَهُ الْخَادِمُ أَوْ تَسْهُلُ الْأُمُورُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ تَعَاطِيهِ أُمُورَهُ أَسْهَلَ مِنْ تَعَاطِي الْخَادِمِ لَهَا هَكَذَا اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُهُمْ مِنَ الْحَدِيثِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ نَفْعَ التَّسْبِيحِ مُخْتَصٌّ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ وَنَفْعُ الْخَادِمِ مُخْتَصّ بِالدَّار الدُّنْيَا وَالْآخِرَة خير وَأبقى" (فتح الباري لابن حجر (9/ 506).
معاشر المسلمين: إنَّ المحافظة على الأذكار والمداومة عليها فيها اطمئنان للقلب وانشراح للصدر وقوة إيمان وفي كثرة الذكر والمداومة على الأذكار ابتعاد للشيطان عن ابن آدم فحافظوا على أذكار الصباح وأذكار المساء وحفِّظوها أبناءكم ومروهم بالمحافظة عليها وعلموهم إياها وبينوا معانيها لهم, اذكروا تلك الأذكار باستحضار المعنى بتدبر الآيات وفهم للأحاديث الصحيحة وما اشتملت عليه من تعظيم الله ونفي النقائص عنه سبحانه وتعالى.
عباد الله: من الأذكار قراءة آية الكرسي وهي أعظم آية في كتاب الله تُقرأ في الصباح والمساء وأدبار الصلوات وعند النوم فالله يحفظ قارئها من الشيطان لحديث أبي هريرة رضي الله عنه وجاء فيه: "إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ" (أخرجه البخاري في كتاب الوكالة, باب إذا وكل رجلا...برقم (2311). فاحفظوا أنفسكم بمداومتكم على قراءة هذه الآية العظيمة, ومن أذكار الصباح والمساء قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين فهي تكفي من كل شيء, عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، قَالَ: "خَرَجْنَا فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي لَنَا، قَالَ: فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ: قُلْ فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: قُلْ، فَلَمْ أَقُلْ شَيْئًا، قَالَ: قُلْ، فَقُلْتُ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: "قُلْ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ". أخرجه أبو داود في أبواب النوم, باب ما يقول إذا أصبح برقم (5082) والترمذي في أبواب الدعوات برقم (3575) وحسنه الألباني انظر صحيح الجامع الصغير وزيادته حديث رقم (4406). قال الإمام ابن القيم رحمه الله عن سورتي الفلق والناس: "لا يستغني عنهما أحد قط وأن لهما تأثيراً خاصاً في دفع السحر والعين وسائر الشرور وأنَّ حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس" (بدائع الفوائد (2/ 199).
معاشر المسلمين: ومن الأذكار أن يقول في المساء: «أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه...لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَسُوءِ الْكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ" وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا: "أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ" (أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار برقم (2723). ومن أذكار الصباح والمساء قراءة سيد الاستغفار, عن شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ " قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» (أخرجه البخاري في كتاب الدعوات, باب أفضل الاستغفار برقم (6306). وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" (أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق, باب صفة إبليس وجنوده برقم (3293) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة, باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2691). ومن الأذكار أن يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لحديث أبان قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، وَهُوَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ يَوْمِهِ أَوْ فِي أَوَّلِ لَيْلَتِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ، وَلا فِي السَّمَاءِ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ" (أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه برقم (474) وأبو داود في أبواب النوم, باب ما يقول إذا أصبح برقم (5088) والترمذي في أبواب الدعوات, باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى برقم (3388) وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته برقم (5745). وفي رواية أبي داود "لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ، حَتَّى يُصْبِحَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ" وَقَالَ: فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ، الْفَالِجُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: "مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَيَّ؟ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلَا كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا" ومن أذكار الصباح والمساء أن يقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ" متفق عليه وفي رواية عند مسلم "لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلَّا أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ" وهي أحب الكلام إلى الله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 
 
الثانية: فضل المداومة على الأذكار
الحمدلله حمدا طبيا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, خلق فسوى وقدر فهدى, وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً, أما بعد:
فيا معاشر المسلمين: ومن الأذكار أن يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق, جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: "أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ تَضُرَّكَ" (أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار, باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره برقم (2709). ومن الأذكار أن يستغفر الله ويتوب إليه في يومه أكثر من سبعين مرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً" أخرجه البخاري في كتاب الدعوات, باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة برقم (6307). فسل نفسك عبد الله كم مرة في اليوم تستغفر الله وتتوب إليه.
معاشر المسلمين: يبدأ وقت أذكار الصباح من طلوع الفجر إلى إشراق الشمس هذا هو الوقت الأفضل, ومن لم يمكنه هذا الوقت فله أن يذكرها إلى قبيل الظهر, ووقت أذكار المساء يبدأ من بعد صلاة العصر إلى وقت المغرب على الصحيح وإن لم يمكنه ذلك فله أن يذكرها إلى منتصف الليل, قال النووي رحمه الله: (يُستحبُّ الإِكثارُ من الأذكار بعد العصر، وآخر النهار أكثر، قال الله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} [طه: 130] وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ } [غافر: 55] . وقال الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] وقال تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 36-37] والآصال ما بين العصر والمغرب). (ينظر الأذكار للنووي ت الأرنؤوط (ص: 87).
معاشر المسلمين: من أراد أن يحفظه الله فليحافظ على أذكار الصباح والمساء وليكثر من ذكر الله وحفِّظوا أبناءكم تلك الأذكار وتعاهدوهم عليها.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن بقية الصحابة والتابعين لهم بإحسان, اللهم انصر من نصر الدين, اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك, اللهم أصلح ولي أمرنا وولي عهده وأرهما الحق حقا وارزقهما اتباعه وارهما الباطل باطلا وارزقهما اجتنابه وارزقهما بطانة صالحة ناصحة وأبعد عنهما بطانة السوء اللهم من أرادنا وأراد بلادنا ومجتمعنا بسوء فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره اللهم احفظ بلادنا وولاة أمرها واحفظ علماءها وأهلها وزدها قوة وأمنا وتمسُّكا بالدين وارزق أهلها شكر نعمك, اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان وول عليهم خيارهم اللهم عليك بمن يثيرون الفتن والحروب والمظاهرات في بلاد المسلمين اللهم أطفئ فتنهم واكف المسلمين شرهم, اللهم عليك بالمعتدين من أعداء الملة والدين اللهم عليك بالصليبيين والصهاينة والروس والصفويين والحوثيين المعتدين ارفع عنهم عافيتك وأنزل عليهم غضبك ورجزك إله الحق اللهم إنهم أكثروا في الأرض الفساد فصُبَّ عليهم سوطاً من عذاب ومزقهم وزلزلهم واشدد وطأتك عليهم واهزمهم بقوتك يا قوي يا عزيز اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود وانصر قوات التحالف العربي وأهلنا في اليمن سدد رميهم وثبت أقدامهم وانصرهم على الحوثيين وأعوانهم أجمعين اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين....
اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل: 90] فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
[1] 26/05/1440هـ جامع بلدة الداخلة في سدير, عمر المشاري.
المرفقات

المداومة-على-الأذكار

المداومة-على-الأذكار

المشاهدات 1629 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


وإياك.