فضل الله تعالى على الناس في شعبان.

علي الفضلي
1431/07/28 - 2010/07/10 08:52AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له أما بعد:
عباد الله قد نزل بنا شهر كريم فيه خير عميم لمن أراد أن يستبق الخيرات ،ولكن كثيرا من الناس عنه غافلون ألا وهو شهر شعبان ,نعم إن كثيرا من الناس يغفل عن هذا الشهر الكريم فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك كما جاء ذلك عنه في سنن النسائي وعند البيهقي في شعب الإيمان من حديث أسامة عن النبي -صلى الله عليه و سلم- أنه قال :
(شعبان بين رجب وشهر رمضان ، تغفل الناس عنه ،ترفع فيه أعمال العباد ،فأحب ألا يُرفع عملي إلا وأنا صائم).
وهذا الحديث فيه أن بعض الأوقات التي فيها فضيلة ربما غفل عنها الناس ولم يتفطنوا لها لأنهم يشتغلون بالمشهور .
وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأن ذلك محبوب لله عز وجل ،كما كان طائفة من السلف يحيون ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون :هي ساعة غفلة،ذكر هذا ابن رجب -رحمه الله تعالى- بمعناه في كتابه "لطائف المعارف "،ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم أكثر شهر شعبان ،لأنه كما قال -صلى الله عليه وسلم- شهر يغفل عنه الناس ولأنه شهر ترفع فيه أعمال العباد ففي الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت :
(ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه و سلم- استكمل صيام شهر قط إلا رمضان ،وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ).
ففي هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه و سلم- كان يصوم أكثر أيام شعبان.
ومن فضائل شهر شعبان فضلٌ عظيم امتن الله به على عباده ألا وهو:
أن الله تبارك وتعالى يغفر لجميع خلقه في ليلة النصف من شعبان إلا لمشرك أو مُشاحن ،ففي سنن ابن ماجه من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه و سلم- قال:
(إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ،فيغفر لجميع خلقه ،إلا لمشرك أو مشاحن).
فيا لها من منحة جسيمة ، ونعمة عظيمة امتن الله بها على عباده ،والمردود فيها جبر الله مصيبته! فإنها مصيبة عظيمة أن يُحرم العبد المغفرة , ولذا ينبغي على كل مسلم اجتناب الذنوب كلها وخاصة هذين الذنبين العظيمين اللذين ذُكرا في الحديث :
الشرك بالله و الشحناء ؛
الشرك بالله صاحبه إن مات عليه فهو خالد مخلد في النار و لن تجد له وليا نصيرا ولا شفيعا , قال تعالى:
{ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار }.
و قال تعالى :
{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله قد ضل ضلالا بعيدا }.
كل من أشرك في عبادة من العبادات مع الله أحدا آخر سواء كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا أو وليا صالحا ، كل من أشرك في عبادة من العبادات : من طواف أو نذر أو استعانة أو استغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله وغيرها من العبادات فقد حبط عمله ،وإن مات على ذلك فهو خالد مخلد في النار ،نسأل الله العافية ؛
و أما الشحناء و هي حقد المسلم على أخيه بغضا له , لهوى في نفسه ،فهي مانع من المغفرة في أكثر أوقات الرحمة والمغفرة ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا :
(تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس ,فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا ألا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقول:انظروا هذين حتى يصطلحا) ،
و لا شك أيها الإخوة الأحبة أن سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها من أفضل الأعمال , وأنت أيها المشاحن الحاقد على أخيك المسلم يكفيك حرمان المغفرة في أوقات مغفرة الأوزار وإلا فإن الله سبحانه وتعالى يتوعدك بقوله تعالى :
{ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}.
خاب عبد بارز المولى بأسباب المعاصي
ويحه فيما جناه لم يخف يوم القصاص
يوم فيه ترعد الأقدام من شيب النواصي
لي ذنوب في ازدياد وحياة في انتقاصِ
فمتى أعمل ما أعلم لي فيه خلاصي.
واعلم يا رعاك الله أن ما يقوم به بعض الناس من تخصيص ليلة النصف من شعبان بالقيام والدعاء ، وتخصيص نهارها بالصيام ، اعلم أن هذا كله ليس من الأمور المشروعة ، بل هو عند أهل السنة من البدع ،داخل في عموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:
(و كل بدعة ضلالة )،ذلك:
أولا / لأن هذا لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- والعبادات مبناها على التوقيف , قال ابن عمر- رضي الله عنه- :
(كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة).
ثانيا / من استحسن مثل هذه البدعة اعتمد على حديث إسناده ضعيف جدا رواه ابن ماجه في سننه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(إذا كانت ليلة النصف منشعبان فقوموا ليلها و صوموا نهارها).
و هذا الحديث شديد الضعف عند أهل العلم ولا يجوز العمل به بل يعارضه الحديث الصحيح :
(إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى رمضان ).
هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المشاهدات 10220 | التعليقات 10

جزاك الله تعالى خيرا شيخ علي ونفع بك.. وليتك لم تسق أحاديث فضل ليلة النصف من شعبان فكلها معلولة لا يصح منها شيء..وليست سوى ليلة عادية مثل غيرها من الليالي على الصحيح..


بارك الله فيكم يا شيخ إبراهيم ، رأيٌ له وجاهة .
والمسألة -كما تعرف- اجتهادية ،من كان ناقدا فاختار ذاك أو هذا فلا تثريب ، أو قلّد مجتهدا معتبرا فلا تثريب.
وجزاكم الله خيرا على تنبيهكم.


علي الفضلي;3716 wrote:
بارك الله فيكم يا شيخ إبراهيم ، رأيٌ له وجاهة .
والمسألة -كما تعرف- اجتهادية ،من كان ناقدا فاختار ذاك أو هذا فلا تثريب ، أو قلّد مجتهدا معتبرا فلا تثريب.
وجزاكم الله خيرا على تنبيهكم.

إذا كنا عوام ولا نواجه الناس لنعلمهم فإننا نقلد، أما إذا كان الواحد يواجه الناس فإنه هنا ينظر في الأقوال ويعمل الاجتهاد قدر المستطاع.
وإذا لم يتوصل اجتهاده إلى شيء فإنه يقلد الأعلم والأوثق في المجال المجتهد فيه؛ والله أعلم

وكان السلف يتناقشون حول المسائل التي يختلفون فيها، ويحاولون الوصول إلى الحق ولو كان مع الغير، ولا يقولون هذه وجهة نظر أو أنا مقلد


مازن النجاشي;3718 wrote:

إذا كنا عوام(هل نقول: عواما أو عوام؟) ولا نواجه الناس لنعلمهم فإننا نقلد، أما إذا كان الواحد يواجه الناس فإنه هنا ينظر في الأقوال ويعمل الاجتهاد قدر المستطاع.
وإذا لم يتوصل اجتهاده إلى شيء فإنه يقلد الأعلم والأوثق في المجال المجتهد فيه؛ والله أعلم

وكان السلف يتناقشون حول المسائل التي يختلفون فيها، ويحاولون الوصول إلى الحق ولو كان مع الغير، ولا يقولون هذه وجهة نظر أو أنا مقلد
حياك الله يا شيخ مازنا :
ظننت أن الأمر واضح، ولكن سامحني ، وعلى كل حال :
ظاهر كلامك أنك تعلق التقليد والاجتهاد بمواجهة الناس وعدمها ، فهل مثل هذا مسلم ؟! كم من مجتهد قد اعتزل الناس ، وكم من مقلد يدعو الناس ويعلمهم ...أليس كذلك؟!
ومسألة الاجتهاد تختلف باختلاف المجتهدين وقدراتهم ، فلربما كان مجتهدا مطلقا وهذا نادر في هذه الأيام !، ولربما كان مجتهدا في باب دون باب ، وفي علم دون علم ، وفي مسألة دون مسألة ،ذلك أن الاجتهاد يتجزأ-كما هو معلوم- .
وفي كلا الحالين اللتين أشرتَ أنت لهما الخلاف واقع ما له من دافع ، وعلى أيٍّ فلستُ ولستَ ملزما خطيبا يؤلف خطبة أو ينقلها أن يسطر لك خطة ترجيحه في خطبته فقها أو حديثيا ،وأما مناقشة المسألة فلا تجاوز الحالين السابقين : إما أنك أعلم الموجود وأوثقهم فأقلدك وألقي بالعهدة عليك ، وإما أنك لست أعلم الموجود فأقلد غيرك ، وحينها لا ينفعك نقاش مقلد ، وإما أني ناقد لي اجتهادي فترجع المسألة اجتهادية تناقش في غير هذا المحل وهي محل مناظرة لا إنكار.
والله أعلم.


يرفع لمناسبته.


وها هي الخطبة صوتية! أعدتها في هذه الجمعة مع شيء من الإضافات! :
http://archive.org/details/Algzzawy_757


يرفع لمناسبته...


بارك الله فيك أستاذ علي و جعل خطبتك صدقة جارية على مرّ السنين والأعوام .
كم هو جميل هذا النقاش والتباحث و التواصل والتناصح و الأخذ والرد بين الإخوة الخطباء ! ، وكم نفتقد هذا اليوم في الملتقى !
كل خطيب كما ترى يقرأ ويحمّل و ويقتبس و ربما يسجل إعجابه ثم ينصرف .. أما التباحث والتناصح و المناقشة فأمر نفتقده للأسف ! ، هل نفتقد إلى الوقت .. ؟! هل هو عصر السرعة ..؟! هل هو .................................................. لست أدري ! .
بارك الله فيك وفي لسانك وقلبك وعلمك وعملك .


رشيد بن ابراهيم بوعافية;22065 wrote:
بارك الله فيك أستاذ علي و جعل خطبتك صدقة جارية على مرّ السنين والأعوام .
كم هو جميل هذا النقاش والتباحث و التواصل والتناصح و الأخذ والرد بين الإخوة الخطباء ! ، وكم نفتقد هذا اليوم في الملتقى !
كل خطيب كما ترى يقرأ ويحمّل و ويقتبس و ربما يسجل إعجابه ثم ينصرف .. أما التباحث والتناصح و المناقشة فأمر نفتقده للأسف ! ، هل نفتقد إلى الوقت .. ؟! هل هو عصر السرعة ..؟! هل هو .................................................. لست أدري ! .
بارك الله فيك وفي لسانك وقلبك وعلمك وعملك .

بارك الله فيكم أخي الحبيب! والأمر كما تفضلت! تغيرت الحال عما كانت عليه ومن أسبابها ما ذكرت،ومن أسبابها الرئيسة في ظني هو تعاظم المسؤولية المبنية على واقعنا!فما كنا نراه صغيرا لا تأثير له صرنا نهابه!وننتظر ظهورا لواقع أمتنا الإسلامية! فحالها لا يسر أهلها! من ذوي القلوب الحية!والله المستعان.


يرفع لمناسبته ...