فضل الطاعات والقربات و الصدقات مع الإقبال عليها في موسم رمضان

محمد البدر
1444/08/24 - 2023/03/16 01:50AM

الْخُطْبَةِ الأُولَى:

 إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾.فرض الله تعالى في المال حقوقاً كالزكاة وبين له فضائل كالصدقة وحدد المستحقين للصدقة ،فمن فضائل الصدقة التي بينهاﷺ،أن الله تعالى يضاعف لهم صدقاتهم جزاء ما أنفقوا في سبيل الله ولابد أن تكون الصدقة من أطيب المال قَالَ تَعَالَى:﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ﴾.وَقَالَﷺ:«مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» متفقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.وهؤلاء الفقراء المتعففين هم أولى من غيرهم،ولن تجدهم في الأسواق ولا في الإشارات ولا غيرها بل هم في البيوت لا يسألون غير الله برغم شدة فقرهم وعوزهم ،لهذا ينبغى لنا أن نتعاون في البحث عنهم ممن تنطبق عليهم الآية لنيل الأجر والثواب من الله جل وعلى ،ومن الصدقات المعتبرة قبل دخول شهر رمضان المبارك توزيع السلال الغذائية لسد حاجة هؤلاء الفئات خلال هذه الشهر المبارك قَالَﷺ:«إنّ لله تَعَالَى أقْواماً يَخْتَصُّهُمْ بالنِّعَمِ لِمَنافِعِ العِبادِ ويُقِرُّها فيهِمْ مَا بَذَلُوها فَإِذا مَنَعُوها نَزَعَها مِنْهُمْ فَحَوَّلها إِلَى غَيْرِهِمْ»حَسنهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِم ، لا يَظْلِمهُ ، وَلاَ يُسْلمُهُ . مَنْ كَانَ في حَاجَة أخيه ،كَانَ اللهُ في حَاجَته ،وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً ، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَومَ القِيامَةِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ تَجَاوَزُوا عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِﷺيُكْثِرُ الذِّكْرَ، وَيُقِلُّ اللَّغْوَ، وَيُطِيلُ الصَّلَاةَ، وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ، وَلَا يَأْنَفُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ أَوِ الْمِسْكِينِ، فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. إن خدمة الناس ومساعدة المستضعفين من دأب الصالحين،وإنّ الله يرحم من عباده الرحماء و من أفضل وأعجب الصور المشرقة الجميلة أن بعض الموسرين يقوم بسداد المديونيات في البقالات و سداد الديون على بعض المعسرين في السجون وخارجه وأسقاط الدين عن بعض المديونين سراً وعلانية ومن أفضلها ما كان سراً قَالَﷺ:«صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ»رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسنهُ الأَلبَانيُّ.

عِبَادَ اللَّهِ:ومن أعظم الصدقة ما تنفقه على أقاربك فكلما كان الإنسان إليك أقرب كانت الصدقة أعظم حتى كانت أفضل الصدقات ما تتصدق به على أهلك وأولادك وزوجك،قَالَﷺ:«دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِى رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.فالصدقة على الأقارب تجمع بين أجر الصدقة وأجر صلة الرحم قَالَﷺ:«إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فلتعاون على البر والتقوى والبحث عن هذه الفئات ويجب أن يتحرّى الجميع في دفع الزكاة الواجبة وبذل الصدقات والتحويلات المالية للجمعيات الموثوق بها والمصرح لها من قبل الدولة  أو عن طريق المنصات مثل منصة إحسان ومنصة فرجت .إلخ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.شهر رمضان المبارك شهر الصيام شهر التقوى والقيام والقرآن والتضرع والدعاء لله جل وعلى والمسارعة إلى الخيرات وهو فرصة للتقليل من الطعام والشراب وكبح جماح الشهوات ، والحذر من التباهي والتفاخر بالولائم والموائد، في البيوت وفي بعض المساجد ، فنرى تكدس الطعام والشراب تملأ السفر وتفيض وتزيد الفضلات وربما أن بعض الصائمين لا يهتم بالصلاة حتى وهو في فناء المسجد ويبقى يلتهم الطعام حتى تنتهي الصلاة ويترك الفضلات والأوساخ وغيرها ،حتى ظهرة البدانة والخمول والتكاسل عن العبادة ،وانتشرت الأمراض وغيرها، فاحذروا يا عِبَادَ اللَّهِ من المبالغة والاسراف في شراء وتكديس أصناف الأطعمة والمشروبات بحاجة وبغير حاجة والتي تستنزف الأموال وتملأ البطون ثم تلقى في الطرقات تؤذي المارة والجيران بالروائح الكريهة قَالَ تَعَالَى:﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...


الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾.وَقَالَﷺ:« لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ  بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ ، إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. في كل عام وفي نهاية شَهْرِ شَعْبَانَ يبدأ الجدل ويظهر المتعالمون والمتفيقهون عبر وسائل الاعلام المختلفة والتواصل الاجتماعي وغيرها ،ينشرون الإشاعات ويزعزعون الثقة بالعلماء ويشككون في أقوالهم حول صحة دخول شهر رمضان برؤية الهلال والجميع يعلم، أن صحة دخول شَهْرِ رمضان المبارك يكون بأقوال النبيﷺقَالَﷺ:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ ، فَأكمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ  ثَلاَثِينَ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَقَالَﷺ:«الشَهْرِ  تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ»رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ.فلا اعتبار بالحسابات فها هو شَهْر الخير والإحسان قد اقترب فَتَفَرَّغُوا فيه يا عِبَادَ اللَّهِ لِلْعِبَادَةِ والطاعة، وَتَقَلَّلُوا مِنْ أَعْمَالِ الدُّنْيَا ،واعمروا بُيُوتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَدَارَسُوا كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وافعلوا الخير.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المشاهدات 1387 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا