فضلُ الصدقةِ-5-9-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد الشارخ

محمد محمد
1445/09/04 - 2024/03/14 14:27PM

فضلُ الصدقةِ-5-9-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد الشارخ

الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)، أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:

الصحابةُ-رضي الله عنهم-لما سمعوا النبيَ-صلى اللهُ عليه وسَلَّمَ-يقولُ: "اتقوا الشُحَ (البخلَ) فإنه أَهْلَكَ من كان قبلَكُم" كرهوا البُخْلَ، وتسابقوا في الصدقةِ في سبيلِ اللهِ سِباقًا عظيمًا، حتى ربما قَصَّر بعضُهم في النفقةِ على نفسِهِ وأهلِه، وأتى بمالِه كلِّهِ، كأبي بكرٍ الصديقِ، أو بنصفِ مالِهِ كعمرَ بنِ الخطابِ-رضي الله عنهما-.

هكذا كانوا، ولذلك اصطفاهم اللهُ واختارَهم وأحبَهم ورفعَ منزلَتَهم.

الصدقةُ سببٌ لمدحِ اللهِ، قال-تعالى-: (وَفِى أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لَّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).

الصدقةُ سببٌ للبركةِ، وزيادةِ المالِ، ومغفرةِ الذنوبِ، والأجرِ العظيمِ، قال-تعالى-: (مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). وقال: (وَالْمُتَصَدّقِينَ وَالْمُتَصَدّقَـاتِ...) وفي آخرِ الآيةِ قالَ: (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).

وقالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "ما نقصتْ صدقةٌ مِنْ مالٍ"، وقالَ: "ما مِنْ يومٍ يُصْبِحُ العبادُ فيه إلَّا ومَلَكانِ يَنْزِلان، فيقولُ أحدُهما: اللَّهُمَ أعطِ منفقًا خلفًا، ويقولُ الآخرُ: اللَّهُمَ أعطِ ممسكًا تلفًا".

الصدقةُ ولو بالقليلِ حجابٌ من النارِ، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: ما منكم مِنْ أحدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ ليس بينَه وبينَه تَرْجُمانٌ (مترجمٌ)، فينظرُ عن يمينهِ فلا يرى إلا ما قَدَّمَ، وينظرُ عن شمالِهِ فلا يرى إلا ما قَدَّمَ، وينظرُ بين يديهِ فلا يرى إلا النارَ تلقاءَ (قُبالَةَ) وجهِهِ، فاتقوا النارَ ولو بشق تمرة.

الصدقةُ تُظَلِّلُ صاحبَها يومَ القيامةِ، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "كلُّ امرِئٍ في ظلِ صدقتِهِ حتى يُقضى بينَ الناسِ".

الصدقةُ تقي من عذابِ القبرِ، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إنَّ الصدقةَ لَتُطْفِئُ عن أهلِها حرَّ القُبُورِ".

الصدقةُ يُؤْجَرُ عليها صاحبُها وكلُّ من ساهَم في توزيعِها أو عمَلِها، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إنَّ اللهَ-عزَّ وجلَّ-لَيُدْخِلُ باللقمةِ من الخُبْزِ، وقبضةِ التمرِ، ومثلِهِ مما يَنْتَفِعُ به المسكينُ ثلاثةَ: ربَّ البيتِ الآمرَ بهِ، والزوجةَ تُصْلِحُهُ (تطبَخُهُ وتـُهَيِئُهُ)، والخادمَ الذي ينادي المسكينَ".

الصدقةُ تُطْفِئُ لهبَ المعصيةِ، قالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "الصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئةَ كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ".

قالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ-رحمه اللهُ تعالى-: "الصلاةُ تُبَلِّغُكَ نصفَ الطريقِ، والصومُ يُبَلِّغُكَ بابَ الملكِ (اللهِ)، والصدقةُ تُدْخِلُكَ عليهِ".

وقالَ يـَحيـى بنُ معاذٍ-رحمه اللهُ تعالى-: "ما أَعْرِفُ حبةً تَزِنُ جِبَالَ الدنيا إلا الحبةَ مِنَ الصدقةِ".

أفضلُ الصدقةُ صدقةُ الفقيرِ قليلِ المالِ، سُئِلَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-عن الصدقةِ، فقالَ: "أنْ تَتَصَدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ، تخافُ الفقرَ وتَـأْمَلُ الغِنى".

الصدقةُ ليستْ محصورةً في شيءٍ معينٍ، فإنَّ الإنسانَ إذا احتسبَ الأجرَ فيما يُنْفِقُ على نفسِهِ وعيالِه أُجِرَ عليهِ، قال-تعالى-: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللَّهِ).

وقالَ الرسولُ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "إنَّك لنْ تُنْفِقَ نفقةً تتقي (تريدُ) بها وجهَ اللهِ-تعالى-إلا أُجِرْتَ بها، حتى ما تجعلُ في فِيْ (فَمِ) امرأتِك".

من أبوابِ الصدقةِ: إخراجُ الزكاةِ بطِيبِ نَفْسٍ، وإطعامُ الطعامِ، وكِسوةُ الفقراءِ، وسقيُ الماءِ لإنسانٍ أو حيوانٍ أو نباتٍ، وإقراضُ الناسِ، وإمهالُهم أو التخفيفُ عنهم...

إخواني: كثيرٌ منَ المسلمينَ يعلمُ ثوابَ الصدقةَ، وكيفيةَ صرفِها، ومن يستحِقُها، ولكنَّه يخافُ الفقرِ، ويريدُ تأمينَ مستقبلِه وأولادِهِ متوهمًا، ونسيَ أنَّ اللهَ قدْ ضَمِنَ رِزْقَ كُلِّ مخلوقٍ، ويقالُ له: لا تتركْ أولادَك عالةً فقراءَ، وأنفقْ باعتدالٍ عليهمْ، وتصدقْ باعتدالٍ، قالَ-سبحانه-: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا)

أستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:

فلما نزلَ قولُه-تعالى-: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، وسَمِعَها أبو طلحةَ-رضي الله عنهُ-وكان أكثرَ الأنصارِ مالًا، وكانَ أحبَ أموالِهِ إليهِ بَيْرُحاءَ (مزرعةُ نخلٍ)، وكانتْ مستقبلةً المسجدَ، وكانَ النبيُ-صلى اللهُ عليه وسَلَّمَ-يدخلُها ويشربُ من مائِها الطيبِ، لما سمعَ الآيةَ أبو طلحةَ قالَ: يا رسولَ اللهِ: إنَّ اللهَ يقولُ: (لنْ تَنَالُوا البِرَّ حتى تُنْفِقُوا مما تـُحِبونَ)، وإنَّ أحبَ أموالي إليَّ بَيْرُحاءَ، وإنـَّها صدقةٌ للهِ، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عندَ اللهِ-تعالى-، فَضَعْها يا رسولَ اللهِ حيثُ أراكَ اللهُ-تعالى-، فقالَ النبيُّ-صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُعْجَبًا ومادِحًا وراضِيًا: "بخٍ بخٍ، ذاكَ مالٌ رابحٌ، ذاكَ مالٌ رابحٌ".

اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ بأنَّ لَكَ الحمدُ، وأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ، لا إلَهَ إلَّا أنتَ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، المنَّانُ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ، ياذا الجلالِ والإِكرامِ، يا حيُّ يا قيُّومُ.

اللَّهُمَّ ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.

اللَّهُمَّ آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ.

اللَّهُمَّ الطفْ بنا وبإخوانِنِا المستضعفينَ في غزةَ وبلادِ الشامِ، وغيرِها من بلادِ المسلمينَ، الطفْ بنا وبهم على كلِ حالٍ، وبلغنا وإياهم من الخيرِ والفرجِ والنصرِ منتهى الآمالِ.

اللَّهُمَّ أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، ووفقهمْ لرضاكَ، ونَصرِ دِينِكَ، وإعلاءِ كَلمتِكَ.

اللَّهُمَّ أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.

اللَّهُمَّ اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها.

اللَّهُمَّ إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ.

اللَّهُمَّ صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمينَ.

المرفقات

1710415939_فضلُ الصدقةِ-5-9-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد الشارخ.docx

1710415939_فضلُ الصدقةِ-5-9-1445هـ-مستفادة من خطبة الشيخ خالد الشارخ.pdf

المشاهدات 934 | التعليقات 0