فضل الصبر وأنواعه

عايد القزلان التميمي
1445/06/02 - 2023/12/15 08:24AM
الحمد لله الذي وعد الصابرين أجرهم بغير حساب وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وأشهد أن محمدا عبده وسوله أوصاه ربه بالصبر فقال: { واصبر وما صبرك إلا بالله ) صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
أما بعد فيا عباد الله:
اتقوا الله تعالى في جميع أحوالكم واصبروا على ما ينالكم، فإن الإنسان في هذه الدنيا يُبْتَلى بالخير والشر فهو بحاجة إلى الصبر .  وقد ذُكِر الصبر في القرآن الكريم ، في اثنان وثمانون موضعاً في المدح ، وموضعان في الذم ،
أما موضعا الذم فقوله تعالى ((  سواءٌ علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص)) في سورة إبراهيم ، وقوله تعالى ((أن امشوا واصبروا على آلهتكم )) في سورة ص.
وكذلك ورد ذكر الصبر في السنة النبوية في أحاديث كثيرة.
عباد الله ومن أشد الناس صبراً على البلاء الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فعَنْ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟ قَالَ :((الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ )) أخرجه الترمذي وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] ،
عباد الله لقد أمر الله عباده بالصبر ، وحثهم عليه في كثير من الآيات ، فقال سبحانه : " وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ " ،
وقال سبحانه (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))
واعلموا أن الصبر أنواع: صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على النوازل من أقدار الله تعالى،
فليلتزم المؤمن الصبر على أيّ حال، فعاقبته حميدة مهما كانت الأحوال.
فأما الصبر على الطاعة فأساسه أن كلّ ما أمر الله به من صلاة وزكاة وصيام وحج وغير ذلك مما أمر الله به، فكل هذا يحتاج للقيام به والمداومة عليه إلى تحمّل ومعاناة كما قال الله تعالى في الصلاة: (( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا ))، وقال تعالى : (( يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ )).
ومن صور الصبر على الطاعة : الصبر على الوضوء في اليوم شديد البرودة ، والصوم في اليوم شديد الحر .
وأما الصبر عن المعاصي فهو بالصبر عند الشهوات كما حصل ليوسف عليه السلام مع امرأة العزيز ، فمن أعظم أنواع الصبر ، الصبر على مجاهدة النفس وما يبثه الشيطان فيها ، فالشيطان عدو الإنسان ، وله خطوات في إيقاع العبد في المعصية وارتكاب الذنب ، كما قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ))
 ومن أنواع الصبر، هو الصبر على المصائب والأقدار، وعلى قضاء الله وقدره التي تصيب المؤمن في نفسه أو ماله أو أهله فتلك أقدار يجب أن تكون متوقَّعة من كل مؤمن؛  لأن الإيمان بقضاء الله وقدره ركن من أركان الإيمان، وما في الأرض من حركة أو سكون إلا بمشيئة الله وإرادته، قال الله تعالى في كتابه العزيز: (( وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْء مّنَ ٱلْخَوفْ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ ٱلأمَوَالِ وَٱلأنفُسِ وَٱلثَّمَرٰتِ وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ  ٱلَّذِينَ إِذَا أَصَـٰبَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رٰجِعونَ  أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوٰتٌ مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ )).
عباد الله عندما أمر الله عباده بالصبر لم يتركهم هكذا بل بين لهم ثماره اليانعة ، وثوابه الجزيل ، وعاقبته المفرحة ، قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )) وقال تعالى : (( إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ))، وقال تعالى : (( إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ )) ،
وقال تعالى (( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )) وقال تعالى (( وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا )) .
ربنا افرغ علينا صبراً وألحقنا بالصالحين.
أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله معين الصابرين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، سيد الصابرين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فاعلم أيها المسلم، أن الصبر عونٌ لك في كل أحوالك، ومن فقَدَ الصبر فقد الخير كلّه، فكن صابراً في أحوالك كلها. فالصبر عون للعبد على كل خير، صبرٌ يعينه على الاستقامة على الطاعة، وصبر يعينه على الكفّ عن المعاصي، وصبر يعينه على تحمل الأقدار والرضا بها والطمأنينة
 أسأل الله سبحانه أن يجعلني وإياكم من الصابرين المصابرين، وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن يثبتنا على صراطه المستقيم...
و صلوا ـ رحمكم الله ـ على نبيكم، كما أمركم بذلك ربكم قال تعالى:  إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً  ...
المرفقات

1702617829_فضل الصبر وأنواعه.doc

المشاهدات 472 | التعليقات 0